البيشمركة والفصائل.. جدل الدستور والقانون

بعد دعوات لحل قوات البيشمركة، أسوة بالدعوة لحل الفصائل المسلحة الأخرى، هاجمت جهات كردية سياسية…

بعد دعوات لحل قوات البيشمركة، أسوة بالدعوة لحل الفصائل المسلحة الأخرى، هاجمت جهات كردية سياسية ورسمية مطلقي تلك الدعوات، واعتبرته مخالفة دستورية، في ظل رفضها أي مقارنة بالحشد الشعبي، في مقابل من يؤكد تمردها وعصيانها لقوانين الدولة وعدم انصياعها لأوامر القائد العام للقوات المسلحة،

ويقول الأمين العام لوزارة البيشمركة جبار ياور خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “كل جهة أو كتلة تعبر عن آرائها، كما أن قضية حل البيشمركة غير مرتبطة بالحكومة أو البرلمان، فهي قوات شرعية وليست وليدة حرب داعش أو الفترات القليلة الماضية، وإنما هي موجودة منذ عام 1992 مع ولادة أول حكومة في إقليم كردستان، ولها وزارة وأربعة قوانين تعمل وفقا لها بشكل شرعي في الإقليم”.

ويضيف ياور، أن “الدستور العراقي المصوت عليه من قبل جميع العراقيين، فيه باب يخص الأقاليم، وأعطى الحق لكل إقليم أن تكون له قوات شرطة وأمن وحرس، والبيشمركة تمثل قوات حرس الإقليم”.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دعا الخميس الماضي، الى حل الفصائل المسلحة وتنظيف الحشد الشعبي من القوات “غير المنضبطة”، ووضعه كشرط للمضي بتشكيل الحكومة، وذلك بعد طرح أكثر من مبادرة لحلحلة الأزمة السياسية، سواء من قبل تيار الحكمة أو من رئيس الجمهورية.

وردا على دعوة الصدر، نشر أبوعلي العسكري، وهو شخصية افتراضية تمثل كتائب حزب الله على مواقع التواصل الاجتماعي، الى حل قوات البيشمركة أيضا، وعدم التركيز فقط على الفصائل، ومن ثم جدد يوم أمس الأول الجمعة، الدعوة ذاتها، بعد أن أعلن عن حل “سرايا الدفاع الشعبي” المرتبطة بالكتائب، استجابة لدعوة الصدر، وحل “لواء اليوم الموعود”. 

وتأتي هذه الدعوات في ظل جمود سياسي، بدأ منذ إعلان النتائج الأولية للانتخابات، وجرى رفضها من قبل قوى الإطار التنسيقي المكون من الكتل الشيعية باستثناء التيار الصدري. 

الى ذلك، يبين القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني سعدي بيرة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الدعوات لحل البيشمركة، هي نكران للجميل، وإلا كل العراقيين مدينيين للبيشمركة، التي ناضلت ضد النظام البائد، كما أن اقليم كردستان كان الملاذ الآمن للمعارضة العراقية”.

ويؤكد أن “مقارنة البيشمركة مع الميلشيات خطأ كبير، إذ لا يجوز أن تقارن مع الحشد الشعبي وبقية المسلحين في حاشية المسؤولين”.

ومنذ إعلان نتائج الانتخابات، برز صوت الفصائل المسلحة، كأبرز الجهات المعترضة على النتائج، وقد تصدى زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، لأغلب الأحداث التي جرت عند أبواب المنطقة الخضراء، حيث تجمع جمهور الإطار التنسيقي للمطالبة بعد وفرز النتائج بشكل يدوي في كل العراق.

يذكر أن هيئة الحشد الشعبي، مؤسسة عسكرية تضم فصائل مسلحة قاتلت تنظيم داعش، وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، إذ صوت مجلس النواب على قانونها في العام 2016، أي خلال عمليات تحرير المدن من سيطرة داعش التي كانت قائمة آنذاك.

وقد ضمت هيئة الحشد الشعبي كافة الفصائل المسلحة التي ترفع شعار “المقاومة”، وسبق لبعض هذه الفصائل المنضوية في الهيئة، أن دخلت بإشكالات كبيرة مع القائد العام للقوات المسلحة، بعد أن امر بتنفيذ أكثر من عملية لاعتقال عناصر وقادة فيها، بتهة استهداف المصالح الاجنبية في العراق، ومنها حادثة “البوعيثة” وحادثة اعتقال القيادي في لواء الطفوف قاسم مصلح، وفي الحادثتين، تحركت عجلات الفصائل داخل المنطقة الخضراء ونفذت استعراضات قرب مقر القائد العام للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية. 

من جانبه، يبين عضو المكتب السياسي لحركة عصائب أهل الحق سعد السعدي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحشد الشعبي هو منظومة أمنية رسمية تأتمر بأوامر الدولة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة وشرعت بقانون وهي صمام أمان لهذا البلد”.

ويلفت السعدي، الى أنه “لا توجد مقارنة بين البيشمركة والحشد لشعبي، الذي هو يأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة ويقوم بواجباته ومهامه بالتنسيق مع باقي صنوف القوات المسلحة، أما البيشمركة فلا تخضع الى أوامر الدولة العراقية أو أوامر القائد العام، بل هي خاضعة للأحزاب الكردية، ولا علاقة رسمية لها بالدولة العراقية لهذه اللحظة”.     

وتم تسريب وثيقة تسربت في تشرين الأول اكتوبر الماضي، تفيد بإصدار القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، أمرا بفك ارتباط اللواء 20 من وزارة البيشمركة وإلحاقه بوزارة الدفاع، على أن تتولى الأخيرة توفير كافة التخصيصات المالية للواء والأمور الإدارية، وذلك بالتعاون مع وزارة المالية. 

ووفقا لقيادي كردي لـ”العالم الجديد”، فان هذا القرار (إلحاق لواء بيشمركة بوزارة الدفاع) يأتي تمهيدا لتشكيل قوة مشتركة لمسك زمام الأمور في مناطق خانقين وسنجار وكركوك، ومن المفترض أن ينضم لهذا اللواء تشكيلات من الأجهزة الأمنية الأخرى.  

يشار الى أنه في العام 2017، نفذت عملية عسكرية بأمر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، لفرض سيطرة الحكومة الاتحادية على كركوك، وإبعاد الاحزاب الكردية المهيمنة عليها وقوات البيشمركة، وذلك عقب إجراء إقليم كردستان استفتاء الانفصال عن العراق وشمل فيه محافظة كركوك.

وحاليا تجري محاولات عديدة لإعادة البيشمركة الى كركوك، وقد تناولت “العالم الجديد”، هذا الأمر بتقارير عديدة، كشفت عن المساعي التي تقودها الاحزاب الكردية للسيطرة من جديدة على كركوك والمناطق المتنازع عليها. 

 

الى ذلك، يبين الخبير القانوني علي التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المادة 121 خامسا من الدستور تخص الاقاليم، وقد منحت حكومة الاقليم الحق بإنشاء قوة من الشرطة والأمن وحرس الاقليم، وهم حاليا البيشمركة، وبالتالي فان وجودهم رسمي ودستوري”.

ويؤكد التميمي، أن “وجود البيشمركة دستوري، وهم بالأساس ومن الناحية القانونية، أقوى من هيئة الحشد الشعبي الذي نظم بقانون، بينما البيشمركة وجودها وفقا للدستور، وهو أفضل من القانون، وهنا لا يمكن حل البيشمركة إلا بتعديل الدستور”.  

وكانت “العالم الجديد”، قد كشفت في 16 ايار مايو الماضي، في تقريرها المعنون: (هل أعاد الكاظمي قوات “البيشمركة” الى كركوك؟) عن وجود “صفقة سياسية” أبرمها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي مع القوى الكردية، تتمثل بإعادة قوات البيشمركة الى كركوك، عبر تفعيل مركز التنسيق المشترك الذي طرح في زمن حكومة عادل عبد المهدي وتم رفضه لوجود قيادة العمليات المشتركة، وتضم كافة صنوف القوات العراقية.

وبحسب التقرير فان الهدف الأساس للمركز، هو فرض سيطرة مشتركة على المناطق التي انسحبت منها البيشمركة خلال العام 2017، عندما فرضت الحكومة الاتحادية سيطرتها على المحافظة، لكن في الخفاء يجري الاعداد لفرض سيطرتها على المناطق والتقدم أكثر وإعادة نفوذها في المدينة، خاصة وأن بعض مقار الأحزاب الكردية عادت مؤخرا الى رفع علم إقليم كردستان فوق مقارها.

إقرأ أيضا