الاختناقات المرورية في بغداد.. شوارع محدودة وحلول مفقودة

خرج صباحا من منزله شرقي العاصمة بغداد، بحماس كبير مع بدء مرحلته الدراسية الجامعية الأولى…

خرج صباحا من منزله شرقي العاصمة بغداد، بحماس كبير مع بدء مرحلته الدراسية الجامعية الأولى في ظل عودة الدوام الحضوري وإلغاء الإلكتروني، لكن الاختناقات المرورية وازدحامات الشوارع صدمته وهو في طريقه الى جامعة بغداد بمنطقة الجادرية وسط العاصمة بغداد، الأمر الذي قتل حماسه وأنهى لديه الرغبة بالدوام.

ويروي الطالب الجامعي قاسم علي (19 عاما) خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، معاناته مع الطريق الى جامعته، قائلا “كنت فرحا جدا بدوامي في جامعة بغداد، وبدأت العام الدراسي بشكل طبيعي وكان لدي حماس كبير، كأي طالب في مرحلته الأولى، لكن خلال الأيام الماضية تحول الطريق الى الجامعة لمأساة حقيقية“.

أخرج من منزلي في منطقة الأمين شرقي العاصمة بغداد، وأستقل سيارات النقل العمومية (الكيات)، وصولا الى جامعة بغداد في منطقة الجادرية، لكن وبدلا من أن أصل بكامل أناقتي، بت أصل للجامعة وأنا أتصبب عرقا، خاصة في الأيام التي تكون فيها درجات الحرارة مرتفعة، بسبب الفترة الطويلة التي أقضيها في السيارات، والأتعس من هذا، بدلا من أن أخرج للدوام قبل ساعة، بدأت مؤخرا أخرج قبل أكثر من ساعة ونصف”، كما يبين قاسم.

المسألة لا تتوقف هنا، بل طريق العودة هو الأقسى، إذ تروي هدى علي، وهي موظفة في إحدى وزارات الدولة، أن عودتها لمنزلها في منطقة البياع تحول الى “كابوس”، مبينة خلال حديثها لـ”العالم الجديد”: “أخرج يوميا من الدائرة التي أعمل فيها عند الساعة الثالثة ظهرا، وهنا تبدأ رحلة طويلة وشاقة، حيث يقع منزلي في الجهة الغربية من العاصمة، ويجب عبور أحد الجسور وسط العاصمة، حيث يشهد اختناقات كارثية“. 

وبين منطقتي الأمين شرقي العاصمة والبياع غربها، تقع العديد من الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسا والشركات الأهلية، فضلا عن مكاتب عدد من الأحزاب والفصائل المسلحة.

وقد عزت العديد من وسائل الإعلام الإختناقات المرورية، الى الانتشار الأمني المكثف في العاصمة، على خلفية الاعتصام القائم أمام المنطقة الخضراء من قبل أنصار قوى الإطار التنسيقي، المحتجة على نتائج الانتخابات.

لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا، أكد قبل أيام، أن الازدحامات المرورية ليست مرتبطة بالسيطرات بشكل خاص او القطوعات، بل بعملية التخطيط لاستيراد السيارات، مشيرا الى أن شوارع بغداد لا تستوعب سوى 200 الف سيارة في حين تشهد نحو 4 ملايين سيارة فعليا.

وقد تداول العديد من الناشطين صورا تظهر حجم الاختناقات المرورية في بغداد، لاسيما طريق محمد القاسم “السريع” الذي غص بمئات العجلات المتوقفة دون أي حركة لفترات طويلة بسبب الزخم المروري.

العالم الجديد”، تواصلت مع مديرية المرور العامة حول أسباب تلك الاختناقات والحلول التي تقترحها، لكن مدير إعلامها حيدر محمد، قلل من أهمية ما يجري في طرقات العاصمة، وأكد أن “موضوع الاختناقات المرورية قديم وهو نفسه منذ سنوات ولم يحدث فيه أي تطور“.

وفيما رفض محمد الحديث لمراسل الصحيفة عن الخطوات أو المقترحات التي قدمتها مديريته للتخفيف من هذه الاختناقات، أشار الى أن “قضية المعالجات وفتح الطرق الثانوية، هو ما تقوم به عمليات بغداد بشكل مستمر، وبالنسبة لإنشاء الطرق الجديدة فالى الان لا يوجد شيء بخصوصه“.

يشار الى أن “العالم الجديد”، فتحت في نيسان أبريل الماضي، ملف أموال الجباية التي تستحصلها مديرية المرور العامة لغرض تأهيل وتطوير الطرق، ومصير الأموال التي بلغت وفق ما توصلت اليه الصحيفة أنها بنحو 6 مليارات دينار شهريا، لكن ووفقا للتصريحات الرسمية والمصادر فإن أموال الجباية تذهب لخزينة الدولة، ومنها توزع الى وزارة الإعمار والإسكان ومديريات البلديات.

الى ذلك، يبين عضو مجلس محافظة بغداد المنحل سعد المطلبي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة غير مسؤولة عن استيراد السيارات، بل إن الاستيراد يجري عبر القطاع الخاص، وبحسب الدستور فمن حق كل مواطن عراقي، أن يستورد سيارة، ولكن مسؤولية الحكومة أن تهيئ الطرق“.

ويلفت المطلبي، الى أن “المطلوب هو استحداث طرق جديدة، إضافة الى تسقيط السيارات القديمة رغم أنه تجاوز على حقوق المواطنين، لكن يمكن أن تشتريها الحكومة وتسقطها”، مبينا أن “مهمة استحداث الطرق تقع على عاتق أمانة بغداد، فهي تمتلك الرؤية الاقتصادية والعمرانية التي تتناسب مع مدينة فيها ثمانية ملايين نسمة تقريبا، لكننا في المجلس كان عملنا سابقا يقتصر على أطراف بغداد وغير مسموح لنا التدخل في عمل الأمانة، لكن في المجمل إن ما يجري الآن هو سوء إدارة فقط“.   

ويوضح أن رحلة الوصول الى موقع العمل أو الدراسة، هي الأشد في الحياة اليومية، بحسب ما أكد المتحدثان، حيث اتفقا على أن “فترة النهار في العاصمة بغداد، أصعب مرحلة في اليوم، فهي المرتبطة بالتنقل بين العمل وإكمال الإجراءات والمعاملات إن وجدت، لكنها في ظل هذه الاختناقات باتت تشكل هما يضاف الى هموم حياتنا“.

إقرأ أيضا