التوقيتات الدستورية.. مشوار طويل لتشكيل الحكومة المقبلة

مع اقتراب المصادقة على نتائج الانتخابات، تبرز مسألة التوقيتات الدستورية لمشوار تشكيل الحكومة المقبلة التي…

مع اقتراب المصادقة على نتائج الانتخابات، تبرز مسألة التوقيتات الدستورية لمشوار تشكيل الحكومة المقبلة التي تبدأ بالمصادقة النهائية على نتائج الانتخابات، مرورا بعقد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، والمتوقع امتدادها طويلا بسبب الخلافات العميقة بين الكتل السياسية.

ويقول عضو الإطار التنسيقي عن حركة عصائب أهل الحق سالم العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات لا تتضمن أي مهلة دستورية، ولكن بمجرد إعلانها (المصادقة النهائية) تبدأ التوقيتات الدستورية لحين انعقاد الجلسة الأولى، وكذلك من الجلسة الأولى الى موعد انتخاب رئيسي الجمهورية والوزراء“.

ويضيف العبادي، أن “رئيس البرلمان لا يمكن اختياره دون الاتفاق على اختيار رئيسي الجمهورية والوزراء، فهي حلقات مترابطة، وبالتالي لا يمكن لأي مكون أن يمضي بهذا الأمر دون توافق مع الآخرين“.  

وكانت مفوضية الانتخابات، أعلن مساء أمس الأربعاء، أن اليوم الخميس سيشهد آخر عملية عد وفرز يدوي للمحطات المطعون بها، وهي في نينوى، ومن ثم ستصدر الهيئة القضائية قرارها، وبعد ذلك سيتم إرسال النتائج للمصادقة عليها الى المحكمة الاتحادية.

يشار الى أن تقاسم الرئاسات الثلاث، أصبح عرفا في العملية السياسية العراقية، دون أن ينص عليه الدستور، وبدأ عقب انتخابات العام 2005، حيث تشكلت حكومة إبراهيم الجعفري (شيعي)، وتسلم منصب رئيس الجمهورية القيادي الكردي الراحل جلال الطالباني، فيما ترأس الجمعية الوطنية (البرلمان حاليا) حاجم الحسني (سني).

ولغاية الآن تمر الكتل السياسية بمرحلة جمود، حيث توقفت أغلب المفاوضات فيما بينها، نتيجة لإصرار قوى الإطار التنسيقي على رفض نتائج الانتخابات، وتلويحها بـ”تهديد السلم الأهلي” في حال المصادقة عليها كما هي الآن، دون أي تعديل.  

الى ذلك، يبين الخبير القانوني أحمد العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “انعقاد مجلس النواب، ووفق المادة 54، فانه يتم بدعوة من رئيس الجمهورية وفق مرسوم جمهوري، خلال 15 يوما بعد المصادقة على نتائج الانتخابات“.

ويوضح العبادي، أن “المصادقة على نتائج الانتخابات تجري بعد أن تصدر الهيئة القضائية قرارها، ويتم حسم موضوع الطعون، ويرسل قرار الهيئة الى المفوضية، التي ستقوم بدورها بعد الأسماء على ضوء القرارات القضائية الجديدة، ومن ثم ترسل النتائج الى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها“.

ويتابع “الجلسة الأولى للبرلمان تعقد برئاسة رئيس السن، وهو العضو الأكبر عمرا في مجلس النواب، ومهمته إدارة الجلسة لانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، وبعدها يفتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية ويتم التصويت على انتخابه”، مضيفا أنه “في حال لم يتم اختيار رئيس للبرلمان ضمن المدة المحددة، يتم الاستمرار في انعقاد الجلسات برئاسة رئيس السن، الى أن يتم اختيار أحد الأسماء المرشحة لرئاسة البرلمان، وتبقى الجلسة مفتوحة ولا ترفع“. 

ونص الدستور على أن مجلس النواب وبعد انتخاب رئيسه، فإن أمامه مهلة 30 يوما لانتخاب رئيس للجمهورية، ولرئيس الجمهورية مهلة 15 يوما لتكليف الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة.

وبالعادة فإن تشكيل الحكومة العراقية يتأخر لأشهر عدة، نتيجة لدخول الكتل السياسية بمفاوضات عديدة، لاسيما في ظل الانسداد السياسي الحالي، فإن أغلب القياديين في الكتل، أكدوا في أحاديث سابقة لـ”العالم الجديد”، أن الحكومة المقبلة ستكون الأصعب، وسيستغرق تشكيلها الفترة الأطول، مقارنة بالحكومات السابقة.

من جانبه، يبين عدنان الجميلي، القيادي في ائتلاف الوطنية برئاسة إياد علاوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التشكيلة تبدأ من رئيس البرلمان، وصولا الى رئيس الحكومة، وهذه الأمور ستسير بسلاسة إذا اتفقت الجهات الخارجية التي تدعم الكتل في العراق، فالموضوع بالنهاية مرتبط بتقاسم المصالح ولا علاقة له بإرادة المواطن“.

ويشار الى أن التوافقات الحكومية غالبا ما ترافقها تسريبات تكشف عن تدخلات خارجية، أمريكية وإيرانية لحسم الصفقات بين الكتل السياسية.

ويؤكد الجميلي “نحن كتنظيمات سياسية خاسرة ليس لدينا رأي بخصوص هكذا أمور، والموضوع أكبر من إرادتنا، لأن من تتقاسم الحكومة هي الكتل الثلاثة الأولى الفائزة وهي الكتلة الصدرية عن الشيعة وتقدم عن السنة والحزب الديمقراطي الكردستاني عن الكرد“.

يذكر أن ائتلاف اياد علاوي، حصل في انتخابات عام 2010، على أكثر عدد مقاعد نيابية، وحاول تشكيل الحكومة، لكن في حينها أصدرت المحكمة الاتحادية تفسيرا للنص الدستوري الخاص بالكتلة الأكبر، وأكدت أنها تلك التي تتشكل داخل البرلمان بعد الانتخابات وليس الفائزة بالنتائج، ما أدى الى ذهاب رئاسة الحكومة الى رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي شكل الكتلة الأكبر في حينها.

وما زال تفسير المحكمة الاتحادية قائما، وهو مثار جدل لغاية الآن، خاصة بعد فوز الكتلة الصدرية المرتبطة بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأكثر عدد المقاعد في الانتخابات، وتمسكها بتشكيل الحكومة، فيما يصر الإطار التنسيقي الذي يضم المالكي والكتل الشيعية الأخرى، على أن الكتلة الأكبر هي التي تتشكل داخل مجلس النواب وفق تفسير المحكمة الإتحادية.

إقرأ أيضا