كم تبلغ.. ما سر امتناع الحكومة عن سداد الديون الداخلية رغم تنامي عائداتها؟

قلل خبراء اقتصاديون من أهمية عدم سداد الديون الداخلية للحكومة في الوقت الحاضر، على الرغم…

قلل خبراء اقتصاديون من أهمية عدم سداد الديون الداخلية للحكومة في الوقت الحاضر، على الرغم من تنامي الإيرادات المالية جراء تعافي أسعار النفط العالمية، والاكتفاء بسداد فوائدها، مؤكدين صحة توجه الحكومة نحو الديون الخارجية.

ويقول مصدر مطلع في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الدين الداخلي للحكومة بلغ ما يقارب 60 مليار دينار (نحو 45 مليون دولار)، وأن ثلثيه يعود للبنك المركزي العراقي، فيما يعود الثلث المتبقي الى المصارف الحكومية الثلاث (الرافدين والرشيد وTBI“.

ويضيف المصدر، أن “الدين عبارة عن حوالات خزينة، متوسط فائدتها السنوية يبلغ 3 بالمائة، وهذه الفائدة مستمرة منذ سنوات تدفعها الحكومة، دون إطفاء لأصل الدين في الوقت الحاضر”.

يشار الى أن مستشار رئيس الحكومة الاقتصادي مظهر محمد صالح، كشف في 15 تشرين الأول نوفمبر الحالي، عن انخفاض قيمة الديون الخارجية الواجبة السداد من 23 مليار دولار الى 20 مليار دولار.

والديون واجبة السداد، هي التي تخص اتفاقية نادي باريس، وتسمى ديون ما قبل العام 1999، بالاضافة الى ديون أضيفت لها خلال الحرب على داعش، وذلك بحسب تصريح سابق أدلى به صالح لـ”العالم الجديد”.

وكان نادي باريس، قد شطب في العام 2004، نحو 80 بالمائة من الديون المترتبة على العراق، خلال فترة النظام السابق، حيث كانت تبلغ 120 مليار دولار.

وقد تضمنت موازنة العام الحالي 2021، وضمن فقرة النفقات، تخصيص 9 ترليونات دينار (نحو 6.2 مليار دولار حسب سعر الصرف الجديد)، لسداد المديونية الداخلية والخارجية. 

وخلال الأشهر القليلة الماضية، ارتفعت أسعار النفط العالمية لنحو ضعف ما أقر عليه سعر برميل النفط في موازنة العام الحالي، حيث تجاوزت الـ80 دولارا، فيما أقرت بالموازنة عند 45 دولارا للبرميل الواحد، ما أدى الى انتفاء العجز الذي ورد فيها وقيمته كانت نحو 20 مليار دولار.

وتعليقا على هذا الأمر، يبين مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الحكومة الاقتصادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الدين الداخلي تراكم خلال السنوات الخمس الأخيرة بسبب الأزمتين الاقتصاديتين المزدوجتين اللتين ضربتا الاقتصاد الوطني بين الأعوام 2014 و2017، وهي الأزمة الأولى خلال الحرب على داعش وتدهور أسعار النفط، والثانية وهي الأزمة الاقتصادية في العام 2020 الحادة، جراء انغلاق الاقتصاد العالمي وتدهور أسعار النفط وتدني عائدات البلاد منه بشكل كبير”.

ويتابع صالح، أن “كلا الأزمتين دفعتا الى تشريع برلماني للاقتراض الداخلي حصرا، بغية مواجهة عجز الموازنة عبر الإمكانات المالية الداخلية الحكومية، وخصوصا استعمال قدرات الجهاز المصرفي الحكومي، الذي آزر المالية العامة في رفد نفقاتها عن طريق اقراض الحكومة نقداً، لقاء حيازته لحوالات الخزينة (مستندات مالية)، التي يبلغ أمدها عاما واحدا، وجرى تجديد حيازتها لعدة سنوات لاحقا”.

ويعد هذا الاقتراض من أكثر الاقتراضات أمانا وأقل خطرا، لكونه يقتصر على حقوق داخل النطاق المالي الحكومي حصريا، كما يقول مستشار رئيس الحكومة.   

وشهد العراق أزمة مالية في شهر حزيران يونيو 2020، حيث جرى أول اقتراض للحكومة بهدف لتمويل رواتب الموظفين والمشاريع لمدة 3 أشهر، وتجددت الأزمة في أيلول سبتمبر من ذلك العام، عندما عجزت الحكومة عن صرف الرواتب وتأخرت 45 يوما، ما دفع مجلس النواب الى الموافقة على القرض الثاني للحكومة.

من جانبها، تبين الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أغلب الدول عندما تكون عليها ديون، فانها تلجأ الى تسديد الفائدة السنوية، وبعد فترة تبدأ بتسديد أصل الدين، وهذا أمر اعتيادي، وبالنسبة للدين الداخلي العراقي، فأن العراق وجه جهده لتسديد الديون الخارجية”.

وتلفت سميسم، الى أن “العراق نجح بخطوة تسديد الديون الخارجية، والدليل تحسن أسعار السندات العراقية في بورصة نيويورك، وهذا يعني أن الناس بدأت تشتري هذه السندات بعد أن سددت الدولة ديونها”، متابعة أن “الدين الداخلي يقتصر على الأطراف الحكومية، والدولة هي الضامنة لأنها تتمكن في أي وقت من تسديده، لكن في الفترة الحالية هي تكتفي بدفع الفائدة حتى تحسن الأوضاع، وهذا أمر طبيعي”.

وتستطرد أن “الوفرة المالية التي تحصلت في الفترة الأخيرة جراء ارتفاع أسعار النفط، ذهب لسداد الديون الخارجية”، مبينة أن “الحكومة شبه متيقنة من أنها لن تحتاج الى الاقتراض مجددا، وذلك بسبب خفضها لسعر صرف الدينار أمام الدولار، وهذا وفر سيولة نقدية مكنها من تسيير الأمور دون الحاجة الى الاقتراض”.

وكانت الحكومة قد أعلنت في شهر كانون الأول ديسمبر 2020، عن تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، من 1182 دينارا لكل دولار، الى 1450 دينارا، وذلك قبيل إرسال موازنة العام الحالي الى البرلمان، التي تضمنت إقرار سعر الصرف الجديد، ما شهد معارضة واسعة في حينها من اغلب القوى السياسية.

إقرأ أيضا