من سيخلف صالح.. وما سر تخلي الديمقراطي الكردستاني عن منصب الرئيس؟

كشفت معلومات مسربة من أجواء المفاوضات السياسية المغلقة عن تخلي الحزب الديمقراطي الكردستاني عن منصب…

كشفت معلومات مسربة من أجواء المفاوضات السياسية المغلقة عن تخلي الحزب الديمقراطي الكردستاني عن منصب رئيس الجمهورية لصالح الاتحاد الوطني الكردستاني، على الرغم من أنه يراه استحقاقا طال تأجيله، لكن غموضا يتعلق بالأسباب الحقيقية وراء هذا القرار، في ظل مشهد معقد داخليا، ففيما يفسره بعض المختصين، بأنه ضرورة أملتها المتغيرات السياسية، يرى آخرون بأنها جاءت لـ”حفظ التوازنات”.

ويقول الباحث السياسي باسل حسين خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مسألة تنازل الحزب الديمقراطي الكردستاني عن منصب رئاسة الجمهورية لصالح الاتحاد الوطني الكردستاني، باتت محسومة، لكنها مرت بسلسلة أحداث دفعته الى هذا الخيار”.

ويضيف حسين، أن “الديمقراطي الكردستاني هو الفائز الأول في الانتخابات بالنسبة للكرد، لكنه أيضا فرض قوته عبر وحدة صفه، على عكس الخلافات الداخلية التي ضربت الاتحاد الوطني الكردستاني وانقسام رئاسته بين بافل طالباني ولاهور شيخ جنكي، والتي أثرت على نتائجه في الانتخابات وانعكست لصالح حركة الجيل الجديد التي سحبت أصواته، واستفادت من هبوط شعبية حركة التغيير التي تحالفت مع الاتحاد الوطني”.

ويشير الى أن “الديمقراطي الكردستاني كان يعتبر منصب رئيس الجمهورية من حصته، وكانت لديه فكرة تتمثل بإسناد المنصب لرئيس إقليم كردستان العراق نجيرفان بارزاني، لأنه شخصية مؤثرة وممثل قوي للكرد”، لافتا الى أن “هذا الترشيح كانت له دوافع أبرزها الصراع الخفي بين مسرور ونجيرفان بارزاني، وهذا الصراع دفع الأول الى دعم ترشيح الآخر للمنصب بهدف إبعاده عن أجواء الحزب والإقليم بطريقة مثالية”.

ويستطرد أن “الفكرة اصطدمت بفتور في حماسة نجيرفان تجاه هذه الفكرة، رغم إظهاره رغبة شديدة في السابق، حتى أنه عمل على تحسين لغته العربية، لكنه تراجع بعد ذلك، لشعوره بأن المنصب سيفقده نفوذه داخل الإقليم، بالاضافة الى أن الوقت غير مناسب، لذلك جرى الحديث عن اختيار مرشح آخر من الحزب”، لافتا إلى أن “تحول المسارات مؤخرا داخل الاقليم، جعل الحزب الديمقراطي الكردستاني يعيد الحسابات، خاصة في ظل تراجع الاتحاد الوطني الكردستاني (انتخابيا وسياسيا)، وأن عدم احتفاظه بالمنصب، سوف يعني نهايته لصالح لاهور شيخ جنكي والجيل الجديد، وهما من وجهة نظره خصمان شديدان”.

ويوضح أن “منصب رئيس الجمهورية يضيف قوة للاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية التي يسيطر عليها، وأن فقدان المنصب سيضعفه كثيرا، خصوصا وأنه حليف له في حكومة الإقليم، وأن أي ضعف له سينعكس لصالح خصومه في الإقليم ممن لا يمكن الدخول في تحالف معهم، لذا ولكونه لا يريد أن يوجه ضربة قاصمة لحليفه، فإنه ارتأى الإبقاء على المنصب لصالح الاتحاد الوطني كنوع من الدعم له، شريطة أن يكون المرشح قريبا له، وهذا الشرط لا ينطبق على رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح، لانه ليس قريبا بما يكفي للديمقراطي الكردستاني وزعيمه مسعود بارزاني”.

ويؤكد “وفقا لهذه المعطيات، فإن المرشح الأبرز الآن هو القيادي في الاتحاد الوطني ملا بختيار، لكونه مقربا من الديمقراطي الكردستاني، ولكن في حال لم تتم الموافقة عليه، فسيأتى بمرشح آخر يمتلك نفس المواصفات”.

وسبق للحزبين الكرديين الرئيسيين (الوطني والديمقراطي)، أن اختلفا حول منصب رئاسة الجمهورية، في ظل تمسك كل منهما بأحقيته في المنصب، كان آخرها في 2018 حيث تم رفض مرشح أربيل (الديمقراطي الكردستاني) فؤاد حسين، وانتخاب مرشح السليمانية (الاتحاد الوطني الكردستاني) برهم صالح.

يشار الى أن تقاسم الرئاسات الثلاث، أصبح عرفا في العملية السياسية العراقية، دون أن ينص عليه الدستور، وبدأ عقب انتخابات عام 2005، حيث تشكلت حكومة إبراهيم الجعفري (شيعي)، وتسلم منصب رئيس الجمهورية القيادي الكردي الراحل جلال الطالباني، فيما ترأس الجمعية الوطنية (البرلمان حاليا) حاجم الحسني (سني).

وقد عصفت بالاتحاد الوطني الكردستاني، أزمة حادة، في تموز يوليو الماضي، تمثلت بخلافات كبيرة بين الرئيسين المشتركين للاتحاد الوطني الكردستاني الذي أسسه رئيس الجمهورية الراحل جلال طالباني، وهما لاهور شيخ جنكي وبافل طالباني، وانتهت بإبعاد الأول عن الرئاسة وصدور قرار بطرده من إقليم كردستان لم يمتثل اليه، وقد تخلل هذا الحدث توترات أمنية كبيرة، اقتربت من “انقلاب سياسي”، استدعى في حينها توجه رئيس الجمهورية برهم صالح الى الإقليم بشكل عاجل، وقد تطورت الأحداث مؤخرا ودخل فصيل من الحشد الشعبي على خطها، حيث عرض على شيخ جنكي حمايته عبر إرسال قوة مسلحة كاملة لمنزله في السليمانية، لكن الأخير رفض.

وقد حصل الاتحاد الوطني الكردستاني على 17 مقعدا في الانتخابات، فيما حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 31 مقعدا، وجاءت حركة الجيل الجديد في المرتبة الثالثة بالنسبة لإقليم كردستان بحصولها على 9 مقاعد نيابية.

وكانت النائب السابقة والمرشحة الفائزة مؤخرا عن حركة الجيل الجديد، سروة عبد الواحد، قد كشفت في تغريدة نشرتها عبر حسابها الرسمي، خلال تشرين الأول أكتوبر الماضي، عن صفقة سرية بين الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان عبر بيع الاتحاد الوطني منصب رئيس الجمهورية الى الديمقراطي الكردستاني بمبلغ 100 مليون دولار.

الى ذلك، يبين المحلل السياسي شاهو القره داغي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاتحاد الوطني دائما ما يعاني من مشاكل ونزاعات داخلية، ولكن الخلاف الأبرز كان الأخير والذي حدث بين القادة المشتركين للحزب، وتسبب بإبعاد لاهور شيخ جنكي وإخوته، وبقاء الحزب لعائلة الرئيس الراحل جلال طالباني، كان له تأثير على البنية الداخلية للحزب”. 

ويؤكد القره داغي، أن “طبيعة تقسيم المناصب بين الحزبين، كانت في البداية تتمثل بأن تذهب رئاسة الإقليم للديمقراطي الكردستاني ورئاسة الجمهورية للاتحاد الوطني الكردستاني، ولكن موازين القوى الآن تغيرت، حيث كان الحزبان متساويين بعدد المقاعد في البرلمان”.

ويستدرك “لكن على أرض الواقع لا زال الاتحاد الوطني الكردستاني يحتفظ بنفوذه على الأرض في محافظة السليمانية من حيث القوة العسكرية والسياسية، وهذا سيكون سببا لإسناد المنصب اليه، من أجل حفظ التوازنات”، مستبعدا “ضعفه في حال فقدانه المنصب”.

ومنذ إجراء أول انتخابات في العراق بعد العام 2003، بات منصب رئيس الجمهورية من حصة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما يحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على وزارات سيادية في التشكيلة الحكومية.

يشار الى أن المادة (70) من الدستور، نصت على: أولا: ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه، ثانياً: إذا لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلوبة يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات ويعلن رئيساً من يحصل على أكثرية الأصوات في الاقتراع الثاني.

إقرأ أيضا