التحالفات السياسية.. “صنيعة إقليمية”؟

أجمع خبراء في الشأن السياسي، أن التحالفات السياسية التي تجري في البلد، هي نتاج التدخلات…

أجمع خبراء في الشأن السياسي، أن التحالفات السياسية التي تجري في البلد، هي نتاج التدخلات الإقليمية، وأبرزها إيران وتركيا، مؤكدين أن المساعي الدولية هدفها الخروج بحكومة “تمثلها”، والطريق لها يمر عبر هذه التحالفات، ولا يمكن أن تخرج عن “أعين” الدول الإقليمية، وسط الإشارة الى أن نتائج مباحثات الملف النووي الإيراني ستكون حاسمة لنفوذ إيران في العراق، سواء بتقويته أو إضعافه. 

ويقول المحلل السياسي خالد المعيني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العراق بعد الاحتلال الامريكي فقد سياسته، وذلك حسب صفقة وترتيبات بين الولايات المتحدة الأمريكية وايران، ورئيس الوزراء العراقي دائما ما يكون متقبلا لتقسيم الإرادة الأمريكية والإيرانية، وذلك أصبح أشبه بعرف سياسي واجب في العراق”.

ويضيف المعيني، أن “هذه الدورة الانتخابية كانت الأرجحية فيها تعود للجانب الإيراني، أما في الدورة السابقة فكانت تعود للجانب الأمريكي”، مبينا أن “التحالفات الحالية يجب أن تقبل القسمة، فرئيس الوزراء العراقي يمر عبر أربع مراحل اثنتان منها خارجية واثنتان داخلية، والخارجية تتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية وايران، أما الداخلية فتتمثل بمباركة المرجعية والخروج من رحم الأحزاب الشيعية”.

 

ويشير إلى أن “التهديد في العراق للقوى السياسية يأتي من قبل القوات الخارجية قبل القوات الداخلية، إذ أنه عادة تتعرض الدول إلى ثلاث تهديدات، إما تهديد خارجي أو تهديد داخلي أو تهديد مركب”، موضحا أن “التهديد المركب يتمثل بالطبقة السياسية التي تلتقي مصالحها الضيقة مع الأطماع الخارجية على حساب مصالح الشعب، وهذه الطبقة السياسية في العراق تمثل ذلك النوع من التهديدات، والتي انعكست على نظام محاصصة طائفية وعرقية”.

ويؤكد أن “نتائج الانتخابات لا علاقة لها بنظام المحاصصة، فهي مجرد شكليات لأن النظام في العراق هو توافقي، وليس نظاما برلمانيا حقيقيا تكون فيه كلمة الفصل للأغلبية أو الحزب الحاكم، كما حصل في بريطانيا وحتى في حالة فوز جهة معينة فإن هذه الجهة ملزمة بإرضاء باقي الأطراف ومنحهم حصصا داخل الحكومة، وذلك هو النظام السائد في العراق”.

ومنذ إعلان نتائج الانتخابات المبكرة التي جرت في تشرين الأول أكتوبر الماضي، والتي أفرزت فوز الكتلة الصدرية بـ73 مقعدا نيابيا، فيما لم يحصل تحالف الفتح إلا على 16 مقعدا، برزت الى الواجهة العديد من الإشكالات السياسية وأبرزها مسألة الكتلة الأكبر، التي تعد وفقا لقانون الانتخابات الجديد، الكتلة الفائزة بالانتخابات ووفقا لتفسير المحكمة الاتحادية في العام 2010، تلك التي تتشكل داخل مجلس النواب بعد الانتخابات، ما أدى الى صراع حول المفهومين.

وقد تمسك التيار الصدري بأحقيته في تشكيل الحكومة، فيما تسعى قوى الإطار التنسيقي، الذي يضم كافة الكتل الشيعية، الى تشكيل الكتلة الأكبر، وبحسب أحد أعضاء الإطار الذي تحدث سابقا لـ”العالم الجديد”، فإن عدد مقاعده الآن تجاوز الـ80 مقعدا.

وخلال الفترة الماضية القليلة، شكلت العديد من التحالفات فضلا عن انضمام العديد من الكتل والنواب لتحالفات أخرى، ولعل أبرزها تحالف عزم، الذي حصل في الانتخابات على 16 مقعدا، لكنه أعلن مؤخرا عن انضمام عشرات الكتل والمستقلين له، ليصبح عدد مقاعده 34 مقعدا، وسط ترجيح الإطار التنسيقي بانضمام “عزم” له، خاصة وان رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي زار رئيس تحالف عزم خميس الخنجر في مقر إقامته.

 

من جانبه، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك نفوذا ودورا إيرانيا واضحا في المشهد العراقي، لا يمكن تجاهله وهو فاعل أساس في تشكيل الحكومة، كما أن المشهد السياسي العراقي يتوقف على ما ستؤول اليه نتائج مباحثات الملف النووي الايراني، فهذه نقطة مركزية يمكن أن تخلق تحولا، إذ قد يتراجع نفوذ ايران لصالح النفوذ الأمريكي أو قد يزداد أكثر، وكل ذلك متوقف على المباحثات النووية”.

ويؤكد البيدر، أن “الفترة التي سبقت إجراء الانتخابات، شهدت تدخلا كبيرا وواضحا للدول الاقليمية، ومناورات جرت على أرض العراق”، مضيفا أنه “قد يكون هناك توافق تركي إيراني على كتل سياسية تشكلت أو قد تتشكل في الفترة الحالية، بما يتلاءم مع الوجود الإيراني والنفوذ التركي”. 

وقد دخل الإطار التنسيقي والتيار الصدري، بمشادات حادة وخلافات كبيرة حول مسألة تشكيل الحكومة، ولتهدئة التوتر، اجتمع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بقادة الإطار في الثاني من كانون الأول ديسمبر الحالي، في منزل رئيس تحالف الفتح هادي العامري، لكن الاجتماع لم يفض إلى توافق بين الطرفين، حيث تمسك كل منهما بمواقفه المعلنة.

وتعد مسألتا “التوافق” و”الأغلبية” أبرز معرقلات العملية السياسية، حيث يصر التيار الصدري على الأغلبية الوطنية التي يقصد بها حكومة تشكلها الكتلة الفائزة بالانتخابات، فيما تتجه قوى الإطار التنسيقي بالإضافة الى القوى السنية الى الدعوة للتوافق، وهو ما شكلت على أساسه كافة الحكومات السابقة، وخاصة حكومة العام 2018 التي ترأسها عادل عبد المهدي، ومضت دون الإعلان عن الكتلة الأكبر.

الى ذلك، يبين المحلل السياسي هاشم الجبوري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “إيران تسعى إلى تكوين حكومة ائتلافية تضم كتل البيت الشيعي كمرحلة أولى، اضافة إلى المكونين الأبرز وهما السنة والكرد، بهدف منع قيام حكومة أغلبية”. 

ويشير الحبوبي، إلى أن “ايران، وبعيدا عن صراع المؤسسات الداخلية فيها، فأنها تركت الحرية لجيش القدس لاتخاذ ما يراه مناسبا بالشأن العراقي، دون تدخل أي جهة من جهاتها الداخلية الاخرى”، مؤكدا ان “التدخل الإقليمي موجود في العراق وبشكل كبير، ولا نستبعد وجود اتفاق إيراني تركي، للتحكم بشكل الحكومة المقبلة أو على أقل تقدير التحالفات السياسية الحالية”.

يذكر أن رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، كشف في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، أن الكتل الشيعية ليس أمامها سوى محاولة خلق قوة جديدة امام الثلاثة الأقوياء مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي ومسعود بارزاني، وذلك خلال تعليقه على التحالفات الجديدة التي ظهرت مؤخرا.

إقرأ أيضا