استهداف الخضراء.. رسالة مواجهة أم سعي لمكسب سياسي؟  

القصف الصاروخي الذي استهدف السفارة الأمريكية أمس الأحد، وجه رسائل عدة، من قبل الفصائل والجماعات…

القصف الصاروخي الذي استهدف السفارة الأمريكية أمس الأحد، وجه رسائل عدة، من قبل الفصائل والجماعات المناهضة للولايات المتحدة، بحسب مختصين، الذين أشاروا إلى أن أبرزها التأكيد على جدية “المواجهة”، فضلا عن سعيها لتحقيق مكسب سياسي، يتمثل بكونها السبب الرئيس لإخراج القوات الأمريكية وليس المفاوضات التي تجريها الحكومة بهذا الشأن، في تكرار لذات الموقف الذي أعلنته في العام 2011 مع حكومة نوري المالكي.

ويقول الخبير الأمني عماد علو خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التصريحات التي صدرت من قبل قادة بعض الفصائل، أشارت إلى أنهم غير مقتنعين بمخرجات الحوار الاستراتيجي وبإعلان أن القوات الأمريكية أو قوات التحالف الدولي ستتحول مهمتها من قتالية إلى تقديم الاستشارة أو التدريب، ويبدو أن الزيارة التي قام مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي برفقة معاون قائد العمليات المشتركة للفريق الأول الركن عبد الأمير الشمري إلى قاعدة عين الأسد للوقوف على خروج القوات الأمريكية القتالية من العراق ومغادرتها القاعدة لم تكن مقنعة لهذه الفصائل، لذلك بعثت بهذه الرسالة بأن تهديداتها السابقة ستكون جادة في استهداف المواقع التي تتواجد فيها المصالح الأمريكية سواء في المنطقة الخضراء أو في غيرها وسواء مقار القوات أو شركات الدعم اللوجستي”.

ويضيف علو، أن “عمليات أخرى من المتوقع أن تنفذ ضد المصالح الأمريكية، إذا لم يتم تغيير الموقف، وذلك سوف يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار، وسيكون هناك مبرر للمجتمع الدولي بالتدخل مرة أخرى لحماية المصالح الأوربية والغربية، على اعتبار أن هناك تهديدا أمنيا تتعرض له هذه المصالح، فيما إذا لم تتمكن القوات العراقية والأجهزة الأمنية من بناء الحماية لهذه المصالح أو إلقاء القبض على مطلقي الصواريخ أو منع الأسلحة وتقديمها للعدالة”.

ويلفت بالقول “لا يبدو أن القوات العراقية ألقت القبض بشكل واضح على من أطلق الصواريخ، وهو ما يدعى بالجرم المشهود، وبحسب ما يعلن من قبل الخطاب الإعلامي الرسمي بأنهم عناصر خارجة عن القانون، ولذلك فإنه سينعكس سلبا على الأمن والاستقرار في العراق، كما يؤدي إلى حالة من التوتر، خاصة بين البعثات الدبلوماسية وبالنسبة للشعب أيضا، كما أن هذا الأمر ينعكس على الاقتصاد والشركات الاستثمارية التي تأتي من خارج العراق، لذلك لابد من أن تكون هناك إجراءات واضحة من قبل الحكومة مثل الدخول في حوارات عميقة وجادة مع قادة الفصائل والجهات التي تسندها”.

وكانت المنطقة الخضراء، قد تعرضت فجر أمس الأحد، الى استهداف بصواريخ الكاتيوشا، ووفقا للمتحدث باسم القائد العام اللواء يحيى رسول، فإن صاروخين أطلقا باتجاه المنطقة الخضراء، الأول تم إسقاطه من قبل منظومة الدفاع الجوي (C-RAM) التابعة للسفارة الأمريكية، أما الثاني فسقط ضمن مقتربات ساحة الاحتفالات داخل المنطقة.

وقد أشار رسول في تصريحه، الى أن الأجهزة الاستخبارية تواصل البحث عن مطلقي هذه الصواريخ وملاحقتهم وإلقاء القبض عليهم، وتقديمهم للقضاء العراقي، كما أكد أن أجهزة الأمن العراقية ملتزمة بحماية السفارات والبعثات الدبلوماسية بشكل كبير.

يشار إلى أن القيادي في حركة عصائب أهل الحق سعد السعدي، قال في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، إن “فصائل المقاومة” ستذهب إلى استهداف كل المصالح الأمريكية من قواعد وثكنات وأرتال على أرض العراق في حال عدم انسحابها.

وقد عد المتحدث باسم كتائب حزب الله في العراق جعفر الحسيني في تصريح رسمي، استهداف السفارة الأميركية “خلطا للأوراق”، مشيرة إلى أن جهات مشبوهة نفذت العملية في توقيت مريب لتحقيق أجندات خبيثة، وأن أسلوب الاستهداف وقصف المدنيين بحجة ضرب السفارة يكشف أن المستفيد هو العدو الأميركي.

يذكر أن الصواريخ التي سقطت أمس الأحد، أدت الى أضرار مادية بعجلتين مدنيتين.

ومنذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي، روجت فصائل مسلحة الى استعدادها لشن هجمات على المصالح الأمريكية، في حال عدم انسحابها من العراق في 31 كانون الأول ديسمبر المقبل، فيما أعلنت إحداها عن فتح باب التطوع لتشكيل قواة كاملة لمهاجمة القوات الأمريكية.

ولم تتوقف الهجمات الصاروخية على مواقع القوات الاجنبية والدبلوماسية منذ سنوات، لكنها منذ مطلع 2020 وعقب حادثة المطار، ارتفعت وتيرة الهجمات في ظل تشكيل فصائل مقاومة “وهمية” وإعلان الفصائل الأساسية المنتمية للحشد الشعبي براءتها من هذه الفصائل الجديدة، وقد نفذت هذه الفصائل 76 عملية استهداف طيلة العام الماضي، بحسب احصائية أعدتها “العالم الجديد”.

من جانبه، يبين المحلل السياسي محمد نعناع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا الاستهداف هو عدم اعتراف بالاتفاقات التي عقدت بين الحكومة العراقية والقوات الأجنبية، وتحديدا الأمريكية منها، لأن الخروج القتالي النسبي الذي حدث هو خروج حقيقي، لذا كان من المفترض أن يكون هناك خفض لمثل هذه الهجمات وليس تصعيدا، لاسيما وأن الحكومة استطاعت أن تحرز تقدما في ملف إخراج القوات الأمريكية”.

ويتابع نعناع، أن “الهدف أو الرسالة الموجهة من هذه الفصائل والجماعات المسلحة هو استباق لإعلان خروج القوات الأمريكية من قبل الحكومة العراقية والإدارة الأمريكية، حتى تقول هذه الجماعات بأنها هي من أخرجت الأمريكان بقوتها، وليس بمفاوضات الحكومة، وذلك كما حدث مع رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، حيث أعلنت الفصائل أنها هي من أخرجت القوات الأمريكية، وليس التفاوضات الحكومية في حينها”.

ويشير إلى أن “من الممكن تكرار مثل هذه الاستهدافات خلال الأيام القليلة المقبلة، ما سينعكس سلبا على أجواء المفاوضات وسوف يتم استغلال هذه الضربات لصالح أطراف معينة لتأخذ بعض أوراق الضغط على الأطراف الأخرى التي تريد أن تشكل الحكومة، ومنها التيار الصدري تحديدا”.

ويوم 25 تموز يوليو الماضي، وصل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الى العاصمة الأمريكية واشنطن، والتقى في اليوم التالي الرئيس الأمريكي جو بايدن، وذلك بالتزامن مع مفاوضات الجولة الرابعة والأخيرة من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، التي كان ملف انسحاب القوات الأمريكية القتالية من العراق في مقدمتها، وبحسب البيان الختامي، فانه لن يكون هناك أي وجود لقوات قتالية أمريكية في العراق بحلول 31 كانون الأول ديسمبر المقبل

وكان قائد القيادة المركزية الأمريكية فرانك ماكنزي، أعلن في 10 كانون الأول ديسمبر الحالي، أن بلاده ستبقي قواتها الحالية البالغ عددها 2500 جندي في العراق، مبينا أن تصعيد العنف من قبل المليشيات المدعومة من إيران على القوات الأمريكية والعراقية قد يستمر خلال الشهر الحالي.

وكانت نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي دانا ستراول، أعلنت في 17 تشرين الثاني نوفمبر الحالي، أن الحكومة العراقية دعت القوات الأميركية للبقاء في البلاد، وذلك بحسب ما نقلته قناة الجزيرة.

فيما أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في 20 من الشهر الحالي، حرص بلاده على عدم عودة داعش الى العراق وسوريا، والتزامها بدعم الحلفاء في العراق وسوريا، مؤكدا أن الشركاء في العراق والسعودية يواجهون تهديدات الطائرات المسيرة الإيرانية.

إقرأ أيضا