جفاف هور الحويزة.. الموارد المائية تعده “طبيعيا” وخبير يحدد 3 أسباب

قللت وزارة الموارد المائية من أهمية جفاف هور الحويزة المدرج على قائمة اليونسكو، وعدته “جفافا…

قللت وزارة الموارد المائية من أهمية جفاف هور الحويزة المدرج على قائمة اليونسكو، وعدته “جفافا موسميا”، فيما كشف مسؤول في منظمة مختصة بالأهوار عن الآثار السلبية المترتبة على هذا الجفاف والتي تطال الوضع الاقتصادي والمعيشي للسكان، مستعرضا ثلاثة أسباب أدت الى جفاف الهور.

ويقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المتحدث عون ذياب خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هور الحويزة تعرض للجفاف، كسائر جميع الأهوار التي يمكن أن تتعرض الى جفاف موسمي، وهو ليس شيئا غريبا، فقبل أن توجد سدود أو خزانات، كانت الأهوار تجف صيفا وترفد بمياه إضافية شتاء”.

ويضيف ذياب، أن “هناك توقعات بوصول كميات من المياه الى هور الحويزة بعد موجة الأمطار الحالية، ومن الممكن أن تتغير مع الوقت في حال استمرار هطول الأمطار، وخاصة في المنطقة الجنوبية من محافظة ميسان، إذ من الممكن الاستفادة من هذه الأمطار لغرض تغذية الهور، إضافة إلى سقوط أمطار في الجانب الإيراني بمنطقة حوض الكرخ الذي يغذي هور الحويزة أيضا”.

ويتابع أن “هناك توجها للمحافظة على المناطق العميقة التي توجد في هذه الأهوار، مع إمكانية إدامتها، فلا يمكن حماية جميع المساحات الموجودة في الأهوار من الجفاف، لكن المناطق العميقة مثل بركة أم النعاج الموجودة في هور الحويزة تجب المحافظة عليها بشكل مستمر، ونحن الآن بصدد العمل على ذلك، كما أن موجة الأمطار هذه كانت تحتوي على فائدة نسبية لتغذية منافذ عديدة، سواء كانت لتعزيز المخزون المائي في السدود والخزانات أو حتى لرفد الأهوار بكميات إضافية من المياه”.

وكانت مديرة قسم الأهوار والإدارة المستدامة للنظم البيئية الطبيعية في وزارة البيئة نجلة الوائلي، حذرت أمس الاثنين، من سحب موقع هور الحويزة من لائحة التراث العالمي، بعد أن أدرج فيها عام 2016 مع ثلاثة أهوار أخرى بسبب الجفاف، مؤكدة أنه لا يمكن للعراق الانضمام الى الاتفاقيات الدولية ثم التخلي عنها بعد ذلك، إذ لديه مشاريع ممولة من قبل المنظمات الدولية بعد دخول تلك المناطق في لائحة التراث العالمي.

وفي 17 تموز يوليو 2016، أدرجت الأهوار على لائحة التراث العالمي، حينما صوتت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بإجماع أعضائها على ضم الأهوار إلى اللائحة.

يذكر أن الأمم المتحدة اعتبرت عمليات تجفيف الأهوار العراقية في تسعينيات القرن الماضي، من أكبر الكوارث البيئية التي حدثت في القرن العشرين، وتقارن بما جرى في البرازيل من قطع الأشجار بحوض الأمازون.

وسبق أن حذر مختصون عبر “العالم الجديد”، في تموز يوليو الماضي، أن تجفيف هور الحويزة يضع العراق بموقف سلبي لدى اليونسكو، لأنه عندما سجلت الأهوار على لائحة التراث العالمي كانت هناك التزامات على العراق القيام بها، وواحدة منها أن يوفر كميات المياه الملائمة للفعاليات البيئية وعليه أن يفي بالتزاماته.

ويتعرض العراق لمخاطر التصحر بسبب موجات الجفاف الناتجة عن قلة الحصة المائية لنهري دجلة والفرات بعد بناء عدة سدود عليهما من قبل دول الجوار على الرغم من وجود اتفاقيات ومعاهدات دولية تنظم ذلك مثل معاهدة “رامسر” للأراضي الرطبة التي انطلقت عام 1971 في إيران، وأصبحت سارية المفعول في العام 1975، وتتخذ من مدينة جنيف مقرا لها، وانضم إليها العراق عام 2007.

الى ذلك، يبين المهندس الاستشاري في منظمة طبيعة العراق جاسم الأسدي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مياه الأهوار، هي في الحقيقة، داخلية وإقليمية في نفس الوقت، وخاصة هور الحويزة الذي يعتمد على مياه من جهات متعددة، ترفده ثلاثة فروع هي الحسيجي وأم الطوس والزبير، وكلها قادمة من نهر دجلة النابع من تركيا، إضافة إلى المياه القادمة من منطقة المشرح شمالي هور الحويزة”.

ويلفت الأسدي، إلى أن “قسما من المياه كان يفترض أن تأتي من الجارة إيران عبر نهر الكرخة ورامشير والتفرعات الأخرى للهضبة الإيرانية، لكن من المؤسف أن إيران منذ بداية العام 2019 أقامت وبشكل نهائي سدة ترابية قاطعة للمياه لأكثر  من 64 كم وارتفاع ستة أمتار عن مستوى سطح البحر، كما أقامت ثلاثة سدود على نهر الكرخة، ما أدى إلى قطع المياه نهائيا على العراق”.

ويستطرد أن “إيران غيرت أيضا مجرى نهر الكارون باتجاه نهر رامشير، الذي يوازي شط العرب وحرمت مياه شط العرب من أكثر من 200 متر مكعب من المياه سنويا”، مبينا “نحن اليوم أمام ثلاث قضايا أثرت على نهر الحويزة وحتى هور الحمار الغربي والأهوار الوسطى بشكل متفاوت، أولا هي قلة المياه القادمة من الأقاليم المتشاطئة معنا تركيا وإيران، وثانيا التغيير المناخي، وثالثا سوء إدارة المياه في العراق فهور الحويزة وكل الأهوار العراقية الرئيسية هي ذنائب لدجلة والفرات”.

ويكشف أن “إطلاقات المياه لهور الحويزة وصلت في إحدى فترات هذا الموسم الى مترين مكعب في الثانية، علما أنه يجب أن لا تقل إطلاقات المياه للهور عن 30 مترا مكعبا في الثانية”، موضحا “لذلك نجد أن جزءا كبيرا من هور الحويزة جف تماما بعد أن غمر بالمياه في العام 2019، وهي سنة مائية ممتازة، وكذلك الجزء الشمالي من هور العظيم الذي يعتمد على المشرح وعلى الهضبة الإيرانية جف تماما ولم يبق لدينا سوى الجزء الأوسط من هور الحويزة والذي يضم أهم بركة وهي بركة ام النعاج، والتي تحتوي على مياه ضحلة ولا تمتلك مسالك عميقة”.

ويشير إلى أن “الموضوع الأساسي ليس بقاء الهور في اليونسكو أو الخروج منها، إنما الموضوع هو أن الهور مهم لملايين الناس التي تعتمد عليه مثلا في رعي الجاموس وحصاد الحشيش والقصب وصناعة الزوارق، إضافة إلى صيد الأسماك، والأهمية الكبرى هي أن الأهوار أراضٍ رطبة مهمة جدا، وهناك أكثر من دراسة تقول إن استخدام المتر المكعب من مياه الأهوار يعطي مساحة اقتصادية تساوي أربعة أضعاف من التي يعطيها استخدام نفس المتر المكعب من الزراعة في المياه الأخرى”.

وفي منتصف العام الحالي، قطعت إيران أنهرها الواصلة لمحافظة ديالى، ما أدى الى دخولها بأزمة مائية حالت دون زراعتها العديد من المحاصيل الزراعية، وسط تحذيرات بفقدانها للأراضي الزراعية في الموسم الشتوي المقبل في حال عدم حل هذه الأزمة وإعادة المياه للأنهر.

وتم تغيير مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر الأراضي الزراعية في محافظة البصرة.

إقرأ أيضا