هل نجحت إيران بسياسة “الكر والفر” قبل مفاوضات فيينا؟

فسر خبراء في الشأن السياسي، الانفتاح الإيراني على دول المنطقة، بأنها خطوة لتقليل ملفاتها المطروحة…

فسر مختصون في الشأن السياسي، الانفتاح الإيراني على دول المنطقة، بأنها خطوة لتقليل ملفاتها المطروحة على طاولة مفاوضات الملف النووي في فيينا، واصفين تلك المساعي بأنها “كر وفر دبلوماسي”.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “إيران ما زالت تواجه اشتراطات الإدارة الأمريكية في زمن حكومة دونالد ترامب التي لم تلغ بالكامل في إدارة جو بايدن”.

ويضيف الشمري، أن “جزءا من هذه الاشتراطات التي يبلغ عددها 13 شرطا، هو قضية الأذرع والعلاقات والنفوذ والتمدد والتهديد للدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، لذلك فإن إيران تريد أن تصل قبل الاتفاق في فيينا الى تفاهمات مع المملكة العربية السعودية في قضية تهدئة الفصائل المسلحة في العراق، كما أنها لا تريد الظهور بمظهر المتمرد”.

ويردف أن “هذا جزء من عملية حسم الملفات الإيرانية قبل الوصول إلى مرحلة الاتفاق النووي الإيراني، إذ تدرك إيران أن استمرار عدائها مع الدول الأخرى، أو زيادة نفوذها في المنطقة، فإن أوراقها التفاوضية في فيينا سوف تكون متعسرة جدا، وبالتالي فإذا تم حسم الخلافات مع السعودية وتخفيف تدخلها بالمنطقة، فإن ذلك سوف يعزز من فرص تسريع الاتفاق على وفق اشتراطاتها هي”.

ويستطرد “لذلك نجدها ساعية بشكل حماسي جدا لعقد هذه الاتفاقيات، والتي تشمل ملفات عديدة مع العراق وسوريا ولبنان، فهذه الدول جميعها موضوعة على طاولة إيران في فيينا”.

وتستعد طهران والقوى الكبرى التي ما تزال منضوية في الاتفاق النووي لعام 2015 (فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين وألمانيا)، لعقد الجولة الثامنة من المباحثات الهادفة لإحياء الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة منه في 2018، بعد ساعات من الآن في فيينا.

وكان وزير الخارجية فؤاد حسين، قد بحث يوم الأربعاء الماضي، في العاصمة الإيرانية طهران، مسألة نتائج الانتخابات العراقية والانسحاب الأمريكي، وفي اليوم التالي، عقد مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، مؤتمرا صحفيا، أكد الأخير خلاله، أن المحادثات مع السعودية والتي جرت بوساطة عراقية، سارت على ما يرام، وأن المسؤولين السعوديين ردوا بشكل إيجابي على المقترحات البناءة التي قدمتها طهران، كاشفا عن جولة جديدة من الاجتماعات مع المملكة العربية السعودية ستعقد قريبا في بغداد، من شأنها أن تضع الترتيبات للخطوات التالية في المحادثات.

وذكرت وكالة بلومبرغ، أن السعودية منحت تأشيرات لثلاثة دبلوماسيين إيرانيين، وهو ما سيمثل “إعادة بناء الروابط الدبلوماسية الرسمية بين الرياض السعودية”، وهو ما أكده عبداللهيان خلال المؤتمر أيضا، وبين أن تصاريح السفر للدبلوماسيين صدرت الأسبوع الماضي.

يذكر أن بغداد توسطت الأسبوع الماضي، بين طهران والرياض لنقل السفير الإيراني في اليمن عبر طائرة عراقية، سمحت لها السعودية بالهبوط والإقلاع من أراضيها، وذلك على خلفية إصابة السفير السفير حسن إيرلو بفيروس كورونا.

يشار الى أن بغداد استضافت في نيسان أبريل الماضي، أولى جولات الحوار بين السعودية وإيران، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرفاني، وبعد هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد الى طهران، ضمن إطار مفاوضات إيرانية مع الامارات، وذلك بحسب ما نقل مصدر عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد يوم 26 نيسان أبريل الماضي.

وزار مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، إيران مطلع الشهر الحالي، والتقى خلالها نظيره علي شمخاني، فضلا عن لقائه رئيس الجمهورية الإيرانية إبراهيم رئيسي الذي تسلم دعوة لزيارة أبوظبي، ونقلت عنه وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، تأكيده على ضرورة بناء علاقة جيدة مع دول المنطقة، وأنها من أولويات سياسته الخارجية.

من جانبه، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “إيران بعد أزمات ومراحل كثيرة من الصراع في المنطقة، تريد أن تبعث برسالة الى العالم بأنها تمتلك نوايا طيبة، وهذا الأمر نجده قبيل كل ضغوطات غربية عليها، أو حتى الجولات الخاصة بالمفاوضات النووية”.

ويتابع أن “إيران تحاول المماطلة لأطول فترة ممكنة من أجل الحصول على السلاح النووي والحصول على القنبلة الذرية، وذلك من أجل أن تصبح إحدى الأقطاب النووية في العالم ولا يمكن ردعها ومجابهة أسلحتها، إضافة إلى أنه سوف يتعامل العالم معها بنوع من الحذر”، مؤكدا “لذلك نجدها بين الحين والآخر تمارس عمليات كر وفر بالنسبة إلى سلوكها الدبلوماسي وحتى سلوكها داخل المنطقة”.

يذكر أن الاتفاق النووي، وقبل أن تنسحب منه الولايات المتحدة عام 2018، أدى الى رفع الكثير من العقوبات الاقتصادية عن إيران، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، لكن العقوبات عادت مجددا بعد انسحاب واشنطن.

فيما أبدى الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، عزمه على العودة للاتفاق النووي، لكن بشرط عودة إيران الى الامتثال لالتزاماتها بموجبه.

إقرأ أيضا