تظاهرة الحشد.. رسائل متعددة وجدل قانوني

حمل إحياء الذكرى الثانية لحادثة المطار، رسائل عدة أطلقتها القوى السياسية المرتبطة بـ”فصائل المقاومة”، لكنها…

حمل إحياء الذكرى الثانية لحادثة المطار، رسائل عدة أطلقتها القوى السياسية المرتبطة بـ”فصائل المقاومة”، لكنها اشتملت على شبهة “خرق القوانين” من خلال حضور رئيس هيئة الحشد الشعبي، الممثل لجهة أمنية مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة.

ويقول القيادي في تحالف الفتح سعد السعدي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تظاهرة اليوم (السبت)، وجهت رسائل عدة، تتمثل في الرفض الشعبي للوجود الأمريكي العسكري، بعد انتهاء المهلة المحددة لهذا الوجود”.

ويضيف السعدي، أن “التظاهرات أظهرت أيضا التأييد الشعبي لفصائل المقاومة الإسلامية والحشد الشعبي الذي يعد اليوم حجر عثرة في طريق المشاريع الأمريكية في العراق والمنطقة، لاسيما بعد أن برهن استهداف أبومهدي المهندس هذه الحقيقة”، مؤكدا على أن “فصائل المقاومة لن تسكت على بقاء أي جندي أمريكي، وتحت أي عنوان أو مسمى، سواء كان بعنوان التدريب أو الاستشارة”.

وكانت القوى السياسية الشيعية، عقدت يوم أمس السبت، في منطقة الجادرية وسط العاصمة بغداد، تظاهرة كبيرة لإحياء الذكرى الثانية لاغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، عبر طائرة أمريكية مسيرة قرب مطار بغداد الدولي.

وطالب قادة الأحزاب والفصائل المناهضة لواشنطن، خلال التظاهرة، بخروج القوات الأمريكية بالكامل، مشيرين الى مقاومتهم المسلحة لإنهاء هذا الوجود، وقد كان من أبرز الحاضرين رئيس هيئة الحشد الشعي فالح الفياض ورئيس تحالف الفتح هادي العامري وزعيم حركة عصائب اهل الحق قيس الخزعلي، ورئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم وزعيم حركة بابليون ريان الكلداني وغيرهم.

من جانبه، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الغوص في عمق الشخصيات التي حضرت احتفالية الذكرى الثانية لحادثة المطار، يضعنا أمام نموذجين: أحدهما يعلن العداء للحكومة والجانب الأمريكي، وآخر حضر التجمع مجبرا، كونه لا يستطيع رفض الدعوة التي قدمت له من قبل الجهات المنظمة”.

ويوضح البيدر “عندما نلاحظ مواقف المشاركين في التجمع ونقارن بين وجهات النظر، سنجد أن هناك تباينا واضحا في الرؤى، يكشف عن جدية بعضهم بالتصدي للمشروع الأمريكي في العراق، من دون مراعاة الجانب الحكومي”.

ومنذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي، روجت فصائل مسلحة لاستعدادها شن هجمات على المصالح الأمريكية، في حال عدم انسحابها من العراق في 31 كانون الأول ديسمبر المقبل، فيما أعلنت إحداها عن فتح باب التطوع لتشكيل قواة كاملة لمهاجمة القوات الأمريكية.

ولم تتوقف الهجمات الصاروخية على مواقع القوات الأجنبية والدبلوماسية منذ سنوات، لكنها منذ مطلع 2020 وعقب حادثة المطار، ارتفعت وتيرة الهجمات في ظل تشكيل فصائل مقاومة “وهمية” وإعلان الفصائل الأساسية المنتمية للحشد الشعبي براءتها من هذه الفصائل الجديدة، وقد نفذت هذه الفصائل 76 عملية استهداف طيلة العام الماضي، بحسب احصائية أعدتها “العالم الجديد”.

الى ذلك، يظهر المحلل السياسي صلاح الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، جملة من الرسائل لتلك التظاهرات، بالقول إن “إحياء الذكرى الثانية ترك رسالة تشير الى أن فصائل المقاومة موجودة، وهي موجهة الى الجانب الأمريكي بخصوص ضرورة الانسحاب العسكري، وتأتي في ظل تشكيك علني لتلك الفصائل في جدية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حول هذه القضية”.

ويلفت الموسوي، الى أن “عمليات التعبئة الإعلامية أو الدعائية فيما يخص جمهور المقاومة، وما شاهدناه من تجمع سريع وكبير، هو عبارة عن رسالة أخرى بأن تلك القوى هي ذاتها قوى الإطار التنسيقي، وأن هذا التجمع يندرج ضمن محاولات إثبات القوة الذي ظهر عقب إعلان نتائج الانتخابات التشريعية”.

يشار إلى أن أغلب القوى السياسية التي نظمت وحضرت التظاهرة يوم أمس في بغداد، هي منضوية بشكل او بآخر بالإطار التنسيقي، الذي يضم أغلب الكتل السياسية الشيعية باستثناء التيار الصدري.

وقد دخل الإطار التنسيقي والتيار الصدري، بخلافات كبيرة حول تشكيل الحكومة الجديدة، بعد فوز التيار الصدري بنتائج الانتخابات، فيما لم تحصل قوى الإطار على عدد المطلوب من المقاعد للمنافسة السياسية.

ومؤخرا عقدت العديد من الاجتماعات بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، فضلا عن اجتماعات متسارعة داخل الإطار للوصول الى حلول للازمة السياسية القائمة منذ اعلان النتائج في تشرين الاول اكتوبر الماضي.

الفياض بين القانون وخرقه

أثار حضور رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض التظاهرة، إشكالية قانونية ظلت محل جدل في عراق ما بعد داعش، ففيما تعتبر الهيئة مؤسسة عسكرية رديفة خاضعة للحكومة ولا يحق لها التدخل في الأمور السياسية والعلاقات الخارجية، تعلن فصائل منضوية فيها، استعدادها لمقاومة الوجود الأمريكي العسكري الذي يشرعه اتفاق مع الحكومة العراقية.

ويرى المحلل السياسي علي البيدر، أن “الأمر ينطوي على ازدواجية في التعامل، فرئيس الهيئة فالح الفياض شخصية أمنية وفق مفهوم السلطة الحالية، كما أن الحكومة وجميع التوجهات متوافقة مع المشروع الأمريكي في العراق ولا تجابهه بقوة، وفي الوقت ذاته نجد أن الفياض وهو رئيس هيئة تابعة للقائد العام للقوات المسلحة يتصرف بشكل منفرد ويؤيد ما تذهب إليه فصائل المقاومة”.

الأمر الذي يصفه المحلل السياسي صلاح الموسوي، بأنه “يعود الى مفهوم الدولة الهلامي في العراق طوال الـ18 عاما الماضية، حيث تم حل الدولة السابقة، وظهرت بعدها هياكل دولة”.

ويعضد الموسوي رأيه بالقول، إن “هناك دولا إقليمية تستفيد من موضوع عدم وجود دولة حقيقية في العراق، وهنا لا نستغرب من وجود الفياض بمؤتمر مثل هذا، فهناك عدة أمور مارسها بعض الأشخاص باسم الدولة أكثر تناقضا من هذا المثال”.

لكن القيادي في تحالف الفتح سعد السعدي، ينظر الى مشاركة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، من زاوية مختلفة، إذ يقول إن “هيئة الحشد الشعبي والمنظومة الامنية تعرضت لأبشع جريمة وهي الاستهداف الذي طال أبومهدي المهندس، والذي كان يشغل منصب نائب رئيس الهيئة، وبالتالي فإن وجود رئيسها يأتي ضمن سياق رفض هذا الاعتداء”.

وقد شهدت العاصمة بغداد طيلة اليوميين الماضيين، تظاهرات حاشدة في ساحة التحرير وقرب أبواب المنطقة الخضراء، إحياءً للذكرى الثانية لحادثة المطار، بالإضافة الى الذكرى الثانية لاقتحام أسوار السفارة الأمريكية عام 2019، من قبل قادة الفصائل المسلحة، والتي جرت قبل أيام من عملية اغتيال المهندس وسليماني. 

ووفقا لرئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلحة، فإنه أعلن في 31 كانون الأول ديسمبر الماضي، عن خروج القوات الأجنبية بالكامل وإنهاء انسحابها، مع بقاء المستشارين فقط.

إقرأ أيضا