الفنون الإسلامية تتغلب على الجائحة في الشارقة

بعد توقف الفعاليات الفنية والثقافية والرياضية في العالم أجمع في العام 2020 بسبب جائحة الكوفيد…

بعد توقف الفعاليات الفنية والثقافية والرياضية في العالم أجمع في العام 2020 بسبب جائحة الكوفيد 19 بدأ العالم يستعيد نشاطه من خلال العودة المشروطة للفاليات الفنية والثقافية في دول متعددة، ومن الفعاليات الفنية التي لها خصوصيتها في الوطن العربي والتي أعادت إطلاق نسخة جديدة منها بعد الجائحة كانت النسخة الرابعة والعشرين من (مهرجان الفنون الإسلامية) في إمارة الشارقة الذي تقام أعماله المتنوعة بين الحضوري في الإمارة والافتراضي على وسائل التواصل الاجتماعي، وتمتد أعمال المهرجان على مدى أربعين يوما في شهري ديسمبر 2021 و يناير 2022، مقسمة فعالياته التي تجاوزت المئة وخمسين فعالية على أماكن متنوعة من الإمارة فضلا عن الفعاليات الافتراضية، والقوة التي عادت بها فعاليات مهرجان الفنون الإسلامية في الشارقة هي خطوة أخرى في اتجاه اليوبيل الفضي للمهرجان الذي يحل في العام المقبل.

عدد الدول والأعمال المشاركة في الدورة 24

في الدورة الثالثة والعشرين التي أقيمت عام 2019 قبل جائحة كورونا تراوح عدد الأعمال المسجلة للاشتراك فيها بين 300 الى 350 عملا فنيا وقُبل 200 عمل فني منها، ثم توقف المهرجان عام 2020 مع توقف جميع الفعاليات في العالم كله بسبب تفشي الفايروس، وعن إعادة اطلاق الدورة الجديدة من المهرجان أشار الأستاذ (محمد إبراهيم القصير) مدير إدارة الشؤون الثقافية، مدير المهرجان إلى أنه “في العام 2021 في بدايته بادرنا بأخذ موافقة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة ومباركته لعقد الدورة الرابعة والعشرين من المهرجان، وحظينا بمشاركات كبيرة عربية وغير عربية كذلك، فصار عدد الأعمال التي سجلت في المهرجان 400 عمل فني وقبل منها 285 عملا فقط  من الاعمال التي تعبر وتنسجم مع شعار المهرجان (تدرجات) ومع الفنون الإسلامية” والاعمال التي شاركت في الدورة الرابعة والعشرين كانت تتوزع على 27 دولة من مختلف القارات وكانت الغلبة العددية للدول العربية وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة.

الوضع الصحي وتحديات الانطلاق

عن خصوصية تنظيم الفعاليات الثقافية في العالم العربي ابان انتشار الفايروس وإسهامات الشارقة ودائرة الثقافة فيها أشار الأستاذ (عبد الله العويس) رئيس دائرة الثقافة في الشارقة إلى أن “لكل وقت نوع من التنظيم، ولكل مناخ ثقافي ودولي مجموعة من الأنشطة الثقافية، كما شهدتم وشهدنا الأزمة الوبائية التي شهدها العالم وأغلقت المراكز والمسارح في دول العالم، فصارت بهذا هما إنسانيا دوليا مشتركا، لكن الدول  الحريصة على استمرارية الفعل  الثقافي تستغل أحيانا الفرص المواتية لتفعيل النشاط الثقافي ما أمكن ذلك، وقد لاحظتم في عامنا الحالي 2021 ونحن نشارف على نهايته بدأنا بالتفعيل الثقافي من خلال نشاطات متعددة وأضفنا إليها أنشطة جديدة لم تكن موجودة مسبقا، وأود الإشارة إلى ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي، هذا الملتقى أقره صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة لتكريم القامات الثقافية العربية في دول العالم، ورغم ظروف الوباء استطعنا بالاعتماد على الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية تنظيم سبع دورات وسنستمر على هذا المنوال مع اخذنا بالتدابير الاحترازية“.

وتنوعت التدابير الاحترازية التي اتخذتها إدارة المهرجان بين إجراء الفحوصات الإلزامية لضيوف المهرجان جميعا من فنانين وإعلاميين، فضلا عن توزيعهم على أماكن متعددة للسكن للمحافظة على محدودية الاختلاط، فضلا عن اختصار عدد الحضور في المكان الواحد، واتجاه المهرجان إلى اعتماد الأماكن المفتوحة لعرض الاعمال التي يمكن أن تستوعبها الفضاءات الخارجية في المدينة، هذا ما شهدناه، وصرح في هذا الخصوص مدير المهرجان قائلا: العالم كله تأثر بالوباء، فتوقفنا سنة وبعد ذلك بدأنا تدريجيا بالعودة مع مراعاة التباعد الاجتماعي وأخذ الاحتياطات الاحترازية وتقليل عدد الحضور في الأنشطة، ودافعنا لإعادة النشاطات في هذه الفترة أن المجتمع حصل على ثقافة لابأس بها فيما يخص الفايروس، ونرى هذه الثقافة متجلية في أيام المهرجان، فالجمهور بالكمامات ويراعي التعليمات الصحية” وعن تحديات إقامة هذه النسخة من المهرجان أشار (القصير) إلى ان “بدء العمل والتجهيز لهذه الدورة جاء بعد أن أخذنا مباركة صاحب السمو حاكم الشارقة لإقامتها، لكننا واجهنا في البدايات بعض التخوف من دول العالم من كيفية حضور الفنانين وإجراء الفحوصات، ثم تغلبنا على كل الصعوبات واجرينا التسهيلات للفنانين للحضور من الدول العربية وغير العربية، وشحنَّا الأعمال الفنية كذلك، وهذا تطلب منا دراسة الوضع العام للدول واختيار الفنانين من تلك الدول“.

وفي سؤال وجهناه الى خالد مسلط، رئيس اللجنة الإعلامية في المهرجان عن بعض الأعمال الفنية التفاعلية التي اعتمدت التفاعل اللمسي والوجود والتجوال داخل مساحتها المحدودة، إلى أي مدى يتنافى هذا مع الشروط الصحية والتباعد، وهل وضعت اللجنة المنظمة شروطا لنوع التفاعل مع الأعمال؟ أجابنا السيد (مسلط) قائلاً: “أخذنا كل هذه الأمور بعين الاعتبار والإجراء الأهم الذي فرضناه هو الفحص قبل 48 ساعة من حضور الفعاليات فضلا عن الاحترازات الوقائية مع الجمهور والإعلاميين والمنظمين في دائرة الثقافة”، وهذا ما أثبت فاعليته وفقا لملاحظتنا إذ خضع جميع الضيوف الذين غادروا الشارقة مع مغادرتنا وابان وجودنا هناك لفحوصات اثبتت سلامتهم من الإصابة بالفيروس أو تلقي العدوى به.

المستوى الفني للأعمال المشاركة

عادة ما يواكب الفن ما هو سائد في العالم، لكن المهرجان اختار له المنظمون شعار (تدرجات) فقدمت الاعمال الفنية كلها لتجسيد الشعار وترجمته، وهذا الشعار “يحيل إلى البنى والتركيب والتكوين، فأي عمل فني إنتاجي ناجح يبدأ من التدرج” كما أشار لنا السيد مدير المهرجان، وأضاف “لم تؤثر الوضعية الصحية في العالم على المستوى الفني للأعمال المشاركة، على العكس، فالمهرجان عاد بقوة بعد سنة من التوقف، من خلال الأعمال الفنية التي أخذت مفهوم التدرج وقدمته لنا من وجهة نظر الفنان”، أما الآنسة (فاطمة المحمود) القيِّمة الفنية على مركز 1971 للتصاميم الذي شهد معرضا تصميميا مشتركا بين الفنان العراقي (ليث مهدي) والإماراتي (عمر القرق/ مودو ميثود) بعنوان (الصراط)، فأشارت إلى أن هذا العمل والأعمال التي حضرت بعد الجائحة “صارت مفاهيمية أكثر، وصارت كأنها تتحدث إلينا أكثر من السابق، وأتوقع ان يكون السبب في ذلك العزلة التي أُجبرنا عليها لمدة سنتين ما عمقت علاقتنا بالاشياء“.

الاهتمام الإعلامي بالمهرجان بعد الجائحة

عن الحضور الإعلامي والتغطيات التي شهدتها الدورة 24 من مهرجان الفنون الإسلامية في الشارقة قال رئيس اللجنة الإعلامية لـ”العالم الجديد”: “أود القول من خلال منبركم، أن الفعاليات الثقافية لم تتوقف ابان جائحة كورونا وهذا من خلال مشروع شمس الثقافة، من خلال مجموعة من بيوت الشعر التي ترعاها دائرة الثقافة في الشارقة وتتوزع في دول مختلفة في الوطن العربي، ومن خلالها استمرت الفعاليات، برعاية دائرة الثقافة وبالتعاون مع جهات تنظيمية محلية في الدول نفسها”.

وأضاف “أما مهرجان الفنون الإسلامية فقد توقف في العام 2020 وعاد هذا العام بقوة تحت شعار (تدرجات) الذي تجلى في العديد من الاعمال التي انتشرت في مواضع مختلفة من إمارة الشارقة، من متحف الشارقة للفنون وساحة الخط و مدرج خور فكان وبيت الحكمة ومول زيرو6 وغيرها، وجذبت الأعمال الفنية تفاعل الجمهور، الذي لم يقتصر على الفنانين، وإنما كان مزيجا من محبي الفن والعوائل والفنانين، فرأينا الأطفال بمختلف الاعمار تفاعلوا مع الاعمال أيضا”، وعن حضورنا وحضور الإعلام العراقي لتغطية الفعاليات قال السيد (خالد مسلط) “اهتمام الاعلام والحضور كان من مختلف دول العالم، وحضور العراق كان مميزا هذه السنة، ومن هنا اود أن أشكركم وأشكر منبركم بشكل خاص، وأقول لولا الإعلام لم يكن المهرجان ليظهر بالشكل الذي ظهر فيه، وهذا يتضح لنا من خلال رغبة الكثير بالمشاركة في المهرجان سواء بالتغطيات الإعلامية او المشاركة بالأعمال الفنية”.

كوثر جبارة: ناقدة أدبية وفنية حاصلة على الدكتوراه في الأدب العربي
 

إقرأ أيضا