منحة وزارة الثقافة.. طوابير غاضبة و”إذلال” مستغرب

أثارت آلية توزيع المنحة التشجيعية للصحفيين والأدباء والفنانين الكثير من اللغط، نظرا لما اتبعته وزارة…

أثارت آلية توزيع المنحة التشجيعية للصحفيين والأدباء والفنانين الكثير من اللغط، نظرا لما اتبعته وزارة الثقافة من حصر التوزيع بمقرها الرئيس ولأيام محددة، ما أدى الى زخم كبير وتسبب بطوابير طويلة عند سور الوزارة الخارجي، وهو ما وصف من قبل صحفيين وإعلاميين بـ”الإذلال” لشريحة مهمة داخل المجتمع، في ظل شروط “مستغربة” من قبل الوزارة.

ويقول الإعلامي حسام الحاج خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “فكرة منح الصحفيين معونة مالية عليها ملاحظات من الأصل، لأن المعونة يحتاجها الفقراء وذوو الاحتياجات الخاصة، والعاملون بمجال الصحافة يفترض أن يكونوا مكتفين ماديا على الأقل”.

ويضيف الحاج، أن “وزارة الثقافة لم تضع أي خطة لاستيعاب الصحفيين وعملية التوزيع، وكان يجب على الوزارة اتخاذ إجراءات تليق بها وبالصحفيين من خلال البطاقات الذكية أو مراجعة فروع مصارف بما يرتقي لمستوى الوزارة والصحفيين انفسهم”، مبينا أن “ما جرى هو صدى لحالة الفوضى التي نعيشها في العراق”.

ويلفت إلى أن “قبول الصحفي على نفسه أن يعطى بهذه الطريقة وأن تتعامل الوزارة مع شريحة مهمة بهذه الطريقة، أمر مؤسف، ويدل على أنها غير قادرة على تنظيم أبسط الأمور”.

وبدأت وزارة الثقافة أمس الأول الإثنين، بتوزيع المنحة التشجيعية للصحفيين والأدباء والفنانين، وبقيمة 600 ألف دينار، وهي منحة سنوية كانت تبلغ قيمتها سابقا مليون دينار، لكن تم تخفيضها نظرا لزيادة أعداد المسجلين عليها.

يشار إلى أن المنحة كانت توزع سابقا عبر البطاقات الذكية (الكي كارد)، حيث يصل إشعار للمستحق بوضع المبلغ في بطاقته، لكن تم إيقاف هذه البطاقات قبل فترة.

وقد حددت الوزارة آلية توزيع تمثلت بـ3 أيام لكل فئة، وكانت أولى الفئات تمثل الصحفيين، كما حددت الاستلام بمقر الوزارة حصرا، ومنعت التخويل، واشترطت حضور المستحق شرطا للاستلام.

ومنذ بدء التوزيع، جرى لغط كبير، نظرا لوصول آلاف المستحقين لمقر الوزارة في ظل عدم وجود آلية جيدة للتوزيع، ما أدى الى انتظار بعضهم لساعات طويلة وقوفا وأغلبهم عاد لمنزله دون استلام في اليوم الأول، ويوم أمس، وهو اليوم الثاني للتوزيع شهد زخما كبيرا ايضا، أدى الى وقوف مئات المستحقين تحت المطر في طوابير طويلة عند السور الخارجي للوزارة.  

الى ذلك، يروي أحد الصحفيين الذي ذهب لاستلام المنحة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما حصل تنطبق عليه كلمة المهزلة بكل معناها، حيث أن طوابير الصحفيين وهم يقفون بالشارع أمر مخز على هذه الشريحة التي تمثل السلطة الرابعة والمهمة بالبلاد”.  

ويشير الصحفي، الذي رفض الكشف عن اسمه، إلى أن “هناك غيابا تاما للتنظيم من قبل وزارة الثقافة، حيث لا يوجد أي ترتيب، وحتى عدد الموظفين قليل جدا قياسا بإعداد الصحفيين، حيث لا توجد سوى 4 منافذ للتوزيع فقط”، مبينا أن “ما شاهدناه يدل على وجود تعمد من قبل الوزارة في إذلال الصحفيين، خاصة وأن غالبيتهم من كبار السن ومعروفين محليا، وقد تعرض بعضهم الى الإغماء من شدة التعب والوقوف لساعات طويلة”.

يذكر أن مركز حقوق لدعم حرية التعبير، أصدر أمس الثلاثاء، بيانا طالب فيه رئيس الوزراء بالتدخل لإعادة النظر بإجراءات صرف المنحة التشجيعية للصحفيين، واصفا إجراءات وزارة الثقافة بـ”المذلة”.

من جانبه، يبين مدير مكتب قناة الميادين في العراق عبدالله البدران خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “السياقات مفاجأة وغريبة والمنهجية أيضا، فإن حصر الوقت يثير الاستغراب، حيث كانت المنحة توزع سابقا على البطاقات الذكية (الكي كارد) ولكن لا نعلم أسباب تعطيلها الآن”. 

ويردف أن “تحديد المنافذ أيضا مستغرب، حيث يوجد صحفيون من المحافظات، وهذا يشكل صعوبة كبيرة بوصولهم، كما أن من الأمور التي تثير الاستغراب أيضا هو توجيهات وزارة الثقافة فيما يتعلق بمنع استخدام التخويل، لاسيما وأنه سياق عالمي”، مؤكدا أن “مشهد وجود الصحفيين مؤلم، وخاصة وقوفهم بطوابير طويلة في الشارع، وطريقة تعامل الوزارة لا تنم عن أي ذوق أو اعتبار للصحفي”. 

وكان الناطق الرسمي باسم اتحاد الادباء والكتاب العراقيين عمر السراي، قد كتب منشورا مطولا في صفحته على فيسبوك، أكد فيه أن “الهدوء كان سيد الموقف في كل طرحٍ سابق، كما كان التنبيه قائماً بأن ما جرى اليوم من مواقف أقلّ ما يمكن أن يقال عنها إنها مهينة، فوقوف جمهرة من الصحفيين بهذه الصورة أمر لا يليق بأي بلد، والسبب الرئيس هو الآلية المريضة التي اتّبعتها وزارة الثقافة بتوزيع المنحة المُذلّة.. أن وزارةً فشلت في أول اختبار لها هي وزارة لا تستحق اسمها، وإن عجز كوادر كبيرة تتقاضى رواتب جمّة عن خدمة الشريحة الموكولة بها أمرٌ يجب الوقوف عنده طويلاً”.

وتابع في منشوره “باختصار.. ما نفع وزارة حازت درجةً عليا في تحقيق أقصى مراتب الامتعاض منها؟.. ما نفع وزارة نائمة في ركاب أجندةٍ تدميرية للثقافة.. الأجدى بالدولة أن تلغي من حساباتها وجود وزارة للثقافة في كابينتها المقبلة، فالثقافة التي يقودها الكادحون من الأدباء والفنانين وحملة الرأي الحرّ هي الوزارة الحقيقة، وزارة الشعب، لا وزارة السلطة”.

إقرأ أيضا