
"القوة الأكبر" تتحدى "الكتلة الأكبر".. تهديد أم إحباط؟
بغداد - العالم الجديد
"القوة الأكبر" والتلويح بـ"أيام عصيبة"، من قبل محسوبين على الإطار التنسيقي الذي يشكو من إقصاء عن المشهد السياسي، اعتبرت دليلا على "الإحباط" والشعور بـ"التهميش" من قبل بعض المحللين، فيما اعتبرها آخرون تهديدا للدول المتدخلة بالشأن العراقي.
ويقول المحلل السياسي خالد المعيني خلال حديث لـ"العالم الجديد"، إن "الأجواء متوترة منذ الانتخابات، وشهدت انقساما بين مؤيد ورافض أو مشكك لنتائجها، ومع ذلك فقد تقبل الفريق المعترض قرار المحكمة الاتحادية".
ويضيف المعيني، أن "الجلسة الأولى كانت جلسة فوضى بامتياز ولم تكن نظامية ولا أصولية، والنفوس كانت محتقنة قبل انعقاد الجلسة، ما جعلها تعبر عن نفسها بطريقة لا تليق ببرلمان دولة"، متابعا "كان هناك احتقان طائفي ومذهبي وقومي، إضافة إلى الخلافات (الشيعية) التي سيطرت على الجلسة، إذ أن جميع المحاولات التي سبقت الجلسة باءت بالفشل في أن يكون هناك توحد في الموقف من قبل هذه القوى".
ويستطرد "أما بخصوص تغريدة أبوعلي العسكري (الحساب الناطق باسم كتائب حزب الله)، فهي ليست بتلك الخطورة، بل هي تعبير عن حجم الإحباط والشعور بالتهميش من قبل قوى أخرى، خاصة وأنها المرة الأولى منذ 2003 التي تتوحد فيها القوى السنية والكردية، ما أدى إلى تعميق الشعور لدى بعض القوى السياسية لا سيما الفصائل المسلحة، والتي تعتقد بأنها هي المستهدفة بعزلها عن المشهد السياسي من هذا التوحد، ولذلك فإن هذا الشعور يعد الأساس في تصريحات الفصائل خلال هذه الأيام".
ويلفت إلى أن "الأمور سوف تسير باتجاه المحكمة الاتحادية، كون هذه القوى طعنت بالجلسة الأولى على أنها جلسة غير دستورية، والمحكمة هي التي تحدد إذا كانت هذه الجلسة غير دستورية، وإذا كانت كذلك فستعاد من جديد، أما بالنسبة للتصريحات فإنها أصبحت معتادة، حيث كان هناك أكثر من تصريح في الفترة الماضية".
يشار إلى أن الإطار التنسيقي، وفي الجلسة الأولى للبرلمان انسحب من عملية انتخاب هيئة الرئاسة، وحدثت فوضى كبيرة بينه وبين الكتلة الصدرية، التي مررت هيئة رئاسة البرلمان وجددت انتخاب محمد الحلبوسي، بالتوافق مع القوى السنية والحزب الديمقراطي الكردستاني.
ما جرى في الجلسة الأولى، دفع الإطار التنسيقي إلى إصداره بيانا أصدر فيه أنه قدم كل التنازلات خدمة للصالح العام وللسلم المجتمعي خلال الأسابيع الماضية، بغية عدم الوصول للانسداد السياسي، وحاول منع انزلاق الأمور الى هذا التخندق الذي حصل في الجلسة الأولى، كما حمل الجهات السياسية التي تقف خلف هذا التصعيد المسؤولية الكاملة لكل ما سيحدث من تداعيات على هذا التفرد واستخدام العنف والفوضى لفرض الإرادات.
وخلال الأيام الماضية، توجه الناشطون والمدونون المرتبطون بالإطار التنسيقي الى استخدام لغة التهديد والوعيد، تجاه التيار الصدري، وبدأوا بالدفع نحو استخدام القوة والسلاح لحسم المسألة، مؤكدين أن "القوة الأكبر" هي أفضل من "الكتلة الأكبر"، ويجب إثبات أن قوى الإطار التنسيقي هي "القوة الاكبر".
وبالتزامن مع هذا الخطاب، نشر الشخصية الافتراضية أبوعلي العسكري، والذي يحمل صفة المتحدث باسم كتائب حزب الله تغريدة أمس الأول، قال فيها "بحت الأصوات وهي تنادي بإرجاع الحقوق لأهلها، وحذرنا مرارا وتكرارا من خطورة مصادرة حق الأغلبية، والسير وراء الإرادة الخارجية، وبالأخص البريطانية والإماراتية، وبحسب المعطيات الميدانية، والتقديرات الأمنية، فإن أياما عصيبة ستمر على العراق، يكون الجميع فيها خاسرا".
وردا على هذه التغريدة، نشر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تغريدة يوم أمس، قال فيها "نحن ماضون بتشكيل حكومة أغلبية وطنية وبابنا مفتوح لبعض من مازلنا نحسن الظن بهم.. وإننا لن نسمح لأحد كائنا من كان أن يهدد شركاءنا أو يهدد السلم الأهلي، فالحكومة القادمة حكومة قانون، لا مجال فيها للمخالفة أيا كانت وممن كان.. فلا عودة للاقتتال الطائفي أو للعنف، فإن القانون سيكون هو الحاكم".
وفي ظل هذا التوتر، عقد الإطار التنسيقي اجتماعا في مكتب رئيس المجلس الأعلى الاسلامي همام حمودي، ضم كافة القوى المنضوية في الإطار لبحث مصيره في ما حدث في الجلسة الأولى.
الى ذلك، يبين المحلل السياسي المقرب من كتائب حزب الله هاشم الكندي خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "تغريدة أبوعلي العسكري كانت واضحة، فهي تحذير وتنبيه وتهديد لقوى الشر ولمن يريد أن يتدخل بالشأن الداخلي العراقي، سواء كان المتخل أمريكيا أو بريطاينا أو سعوديا أو إماراتيا أو تركيا، حيث أن التدخلات الخارجية أصبحت معلنة ومعترفا بها، وما خرج به مشعان الجبوري بالصوت والصورة، حيث قال إن الاتفاق بين الأطراف السنية كان بدفع إماراتي تركي وبرعاية أردوغان وبمباركة مسعود بارزاني، وهذا الأمر يراد به شق الصف الشيعي وإضعاف الشيعة كمكون أكبر".
ويلفت الكندي، إلى أن "التغريدة استهدفت بشكل واضح كل من يريد استهداف وحدة الصف العراقي ومن يريد ضرب حقوق المكون الأكبر، ومن يريد أن يضر بالوضع العراقي، فإن مخططاته لن تمر"، مؤكدا أن "الشعب العراقي والمقاومة الإسلامية التي أفشلت مخططات الاحتلال المباشر بوجود أكثر من 150 الف جندي محتل أمريكي، قادرة على إفشال مخططات جديدة أصبحت معروفة ومكشوفة بشكل كامل".
ويشير إلى أن "ما قاله أبوعلي العسكري هو جزء من واجب أي عراقي، لأن الواجب الوطني يرفض أن نسكت على وجود مؤامرات وتدخلات لضرب وحدة الصف العراقي".
وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، زار الإثنين الماضي، رئيس تحالف الفتح هادي العامري، وبحسب البيان الذي صدر من مكتب العامري فإن اللقاء بحث مجريات العملية السياسية الحالية، وبحسب محللين سياسيين، فإن هذه الزيارة ربما تكون بادرة لانشقاق العامري عن الإطار التنسيقي والتحاقه بالصدر.
وجرت العادة بدخول كتل المكونات (الشيعية والسنية والكردية) موحدة بتشكيل الرئاسات الثلاث، وهذا ما شدد عليه الإطار التنسيقي بيانه قبل عقد الجلسة الأولى للبرلمان، حيث حذر من ضياع حقوق المكون الشيعي، في حال دخول الكتلة الصدرية منفردة لقبة البرلمان أو تحالفها مع القوى الكردية أو السنية، على حساب الطرق الشيعي المقابل (الاطار).