التحرش بالأطفال.. آثار نفسية وفقدان للقيم الاجتماعية

باتت لا تفارق شقيقتها في المدرسة ولا تتحدث مع الغرباء، وتخاف الخروج من المنزل، هكذا…

باتت لا تفارق شقيقتها في المدرسة ولا تتحدث مع الغرباء، وتخاف الخروج من المنزل، هكذا أصبحت الطفلة (فاتن) بعد تعرضها للتحرش من قبل عامل قرب منزلها.

وتروي شقيقة (فاتن) لـ”العالم الجديد” قصتها، قائلة، إن “شقيقتي الصغيرة تعرضت للتحرش من قبل عامل طلب منها ملامسته قرب منزلنا، حيث كانت تلعب في الخارج”.

وتستطرد “لقد هربت فاتن للمنزل مسرعة، وهي ترتعش خوفا، ومنذ تلك اللحظة تغيرت حياتها بالكامل، حتى أصبحت قليلة الكلام مع الآخرين ومحدودة الحركة داخل المدرسة”.

هذه القصة ليست الوحيدة، بل ربما تكون أخف وطأة من أطفال تعرضوا لاغتصاب تام وليس للتحرش فقط، فقد تم اغتصاب الطفلة حوراء، مؤخرا شمالي بغداد من قبل منتسب في وزارة الداخلية، وأًخذت حيزا داخل الرأي العام في البلد.

وحول هذا الأمر، يوضح الطبيب النفسي علي أحمد، أن “التحرش بالأطفال يطلق عليه البيدوفيليا، وهو عبارة عن استغلال الأطفال من قبل البالغين والمراهقين لإشباع الرغبات الجنسية، حيث تتضمن غالبا التحرش بالطفل وملامسته”.

ويعزو أحمد، أسباب هذا السلوك المنحرف، الى انخفاض الوازع الأخلاقي واختفاء القيم الدينية لدى بعض أفراد المجتمع والذهاب وراء الشهوات، دون النظر الى ما هو حرام، بالإضافة الى عمر الأطفال وعدم قدرتهم على الدفاع عن نفسهم وانتشار حالات الطلاق والتفكك الأسري”.

ويضيف “كذلك انتشار ظاهرة التسول التي تجعل الأطفال عرضة لأن يكونوا ضحايا لهذا السلوك بسبب وجودهم في الشوراع بمفردهم، وعدم وجود قانون رادع، بالإضافة الى انتشار الآفات الاجتماعية الخطيرة كالإدمان على المخدرات”.

 

وبشأن الآثار النفسية التي يتركها التحرش على الطفل، يؤكد أحمد أن “الطفل سيشعر بنقص الثقة والإحباط والحزن والذنب والغضب والقلق، وفي أحيان أخرى قد يصاب بالاكتئاب والانطوائية وصعوبة تكوين العلاقات الاجتماعية”.

ويلفت إلى أن “طرق الحل تبدأ بتفعيل قانون رادع وتأسيس مراكز تأهيل لمساعدة الأطفال على التكيف من جديد مع أنفسهم، ويجب أيضا إنشاء مؤسسات خاصة للعناية بمرتكبي جرائم الاغتصاب ومساعدتهم على التغلب على النزوات، وأن تحتوي على برامج لتهذيب النفس، فضلا عن توفير أرقام الخط الساخن وإعلام المجتمع بها لتلقي البلاغات الخاصة بالتحرش والاغتصاب فقط”.   

ومن بين ضحايا التحرش (سلوى)، وهو اسم مستعار لفتاة في بداية عقدها الثالث، إذ تروي لـ”العالم الجديد” تعرضها للتحرش في مناسبة اجتماعية عامة، حيث كانت مع عائلتها ضمن تجمع كبير، وتؤكد “كنت صغيرة في حينها، حيث اقترب مني رجل في الخمسينيات من عمره، فاستغل الفوضى والزخم البشري، ولمس الجزء العلوي من جسدي”.

وتتابع “لقد شعرت بسوء كبير، ودخلت في حالة اكتئاب استمرت لسنوات عديدة، أدت بي لعدم الخروج من المنزل لفترة طويلة جدا”. 

الى ذلك، ترى الناشطة سارة جاسم، خلال حديثها لـ”العالم الجديد”، أن “هذه الجريمة بشعة بحق الطفولة، ويجب تفعيل قانون حماية الطفل ومنع انتشار المخدرات، وبعدها يأتي دور التوعية الاجتماعية

وتضيف جاسم “يجب تنبيه الأهل وتعليم الأطفال وسائل الدفاع عن النفس وتعليمهم أيضا الثقافة الجنسية”.

يشار الى أن العالم لم يشهد وجود دراسات تذكر عن التحرش الجنسي ضد الأطفال حتى العام 1920، وقد بدأت بعد تزايد تلك الحالات في مختلف المجتمعات، حيث بدأ الرأي العام العالمي يوجه أنظاره اليها بالاهتمام والدراسة بهدف الحد منها، ومع حلول العام 1968 قامت 44 دولة من أصل 50 بسن قوانين تلزم الأطباء بالإبلاغ عن حالات إساءة المعاملة المشتبه بها ضد الأطفال.

من جانبه، يشير المحامي عبد العزيز الجبوري، خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، حول هذا الأمر، الى أن “المادة 393 من قانون العقوبات العراقي، تنص على الحبس المؤبد أو المؤقت لكل من واقع أنثى أو لاط بذكر أو أنثى بغير رضاه أو رضاها، مع تشديد العقوبة إذا كانت الضحية لم تبلغ الثامنة عشر”.

ويشدد الجبوري، على “ضرورة نشر الشرطة المجتمعية بشكل مكثف وتخصيص لجنة استخباراتية والسعى إلى تعديل القانون وجعل العقوبة هي الإعدام بدل السجن”.

إقرأ أيضا