استهدافات بالجملة.. طرف ثالث أم خطوة نحو “العنف”؟

أحداث عنف ظهرت خلال الساعات الماضية، تمثل باستهداف الجهات التي شاركت الكتلة الصدرية في مشوار…

أحداث عنف ظهرت خلال الساعات الماضية، تمثل باستهداف الجهات التي شاركت الكتلة الصدرية في مشوار الرئاسات الثلاثة، ما دفع الجهات المعارضة لها الى إدانة الاستهدافات بشكل عاجل بعد تصاعد الحديث عن “اتهامها”، وسط مخاوف من انزلاق الأمور نحو مرحلة عنف جديدة، كون الطرفين المتخاصمين مالكين للسلاح وقادرين على استخدامه خارج سلطة الدولة، في ظل الإشارة الى وجود “طرف ثالث” يعمل على خلط الاوراق.    

ويقول المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “طرفي الأزمة السياسية الحالية (التيار الصدري والإطار التنسيقي)، يملكان السلاح وقادران على استخدامه خارج السلطة، لكن هذا يتوقف على قدرة وعقلية المؤسسة الأمنية والمزاج الأمني، بشأن الاستعداد الاستباقي لأي حدث يمكن أن يحاول جر البلاد إلى الفوضى أو فرض إرادة جديدة“.

ويضيف البيدر، أن “هذه المهمة قد يتكفل بها القائد العام للقوات المسلحة تحسبا لأي شرارة تنتجها الخلافات السياسية، والتي قد تؤدي إلى انهيار الدولة وإحراق الأخضر واليابس”، مبينا أن “لدى هذه الجماعات استراتيجية ديناميكية إن صح الوصف، فهي عندما تجد الوضع ساخنا تتبرأ من الهجمات“.

ومنذ ليلة أمس الأول الخميس، جرت العديد من الاستهدافات، بدأت بإطلاق 3 صواريخ تجاه السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وسط بغداد، وتمكنت منظومة “السيرام” من صد اثنين منها، فيما سقط الثالث على مجمع القادسية القريب من السفارة، أدى الى إصابة مدنيين بينهما طفل.

وجرى فجر أمس الجمعة، استهداف لمكتب تحالف تقدم الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، في منطقة الأعظمية شمالي بغداد، ونفذ عبر قنبلتين، رميتا من قبل مجهولين ملثمين يستقلان دراجة نارية في باحة المقر، بحسب فيديو كاميرات المراقبة الذي تم نشره.

وتواردت أنباء عن تفجير آخر طال مكتب تحالف عزم برئاسة خميس الخنجر، المتحالف مع الحلبوسي،في منطقة اليرموك، لكن قيادة عمليات بغداد نفت التفجير، وأكدت استهداف الأعظمية.

الاستهدافات لم تتوقف، ففي صباح الجمعة، تعرض القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبدالكريم الى محاولة اغتيال، خلال مرور موكبه في طريق قناة الجيش شرقي العاصمة بغداد، حيث تم اعتراضه من قبل مجموعة مسلحة، وجرت مواجهة بينها وبين حمايته، ولم تسفر عن أي خسائر بشرية فقط اضرار مادية بالعجلات.

نفي وإدانة

هذه الاستهدافات جميعها قوبلت بردود سريعة من قادة الكتل السياسية بمختلف توجهاتها، وكان أولها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي نشر تغريدة بعد استهداف المنطقة الخضراء، قال فيها “هناك أطراف تدعي المقاومة وتدعي ضرب: (السفارة الامريكية) في المنطقة الخضراء وقد أصابت المدنيين والأطفال والنساء وهدمت صروح العلم والتربية، فلا ينبغي على الشعب أن تنطلي عليه مثل هذه الحركات، فهم يقومون بذلك من أجل تأخير إنسحاب القوات الامريكية من العراق لكي تبقى لهم ذريعة إستعمال السلاح“.

الى ذلك، شدد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، على أن ما حصل من اعتداءات هي من جهات اجرامية لا تريد الاستقرار للعراق، وتسعى لاثارة الفتنة وزعزعة امن البلد، داعيا القوى السياسية الى توحيد الصفوف وقطع الطريق امام تلك المخططات الخبيثة.

من جانبه، أكد رئيس تحالف عزم خميس الخنجر، أن من لا يريد وحدة الإخوة في العمل السياسي لايريد وحدة العراق، ومن يلوح بالقوة فلن يحصل إلا على المزيد من العزلة، وذلك في تغريدته بشأن الاستهدافات.

رئيس تحالف الفتح هادي العامري، أكد بدوره أن هذه الأعمال غير مبررة وعلى الأجهزة الأمنية أن تقوم بواجباتها في ضبط الأمن وحماية المواطنين وممتلكاتهم.

فيما أشار رئيس تجمع السند الوطني، احمد الاسدي، الى أن لسان حال رماة الفتنة هو (اين ما اصابت فتح) فاحذروا سهامهم وليعد الجميع الى مقتضيات العقل والمنطق وتغليب مصلحة الوطن، وأن الحوار الوطني الواعي والمسؤول هو بوابة الحل ومغلاق الفتن.

أما النائب مشعان الجبوري، فقد نشر تغريدة قال فيها إن “استهداف مقرات عزم– تقدم عمل إرهابي يهدف لإثارة الفتنة، نحتمي من فاعليه بالدولة ونطالب بتطبيق قانون مكافحة الإرهاب عليهم، مؤكدا أن الظلم الذي تعرض له أهلنا ومناطقنا هو من دفعنا للتحالف مع التيار الصدري، لأننا نظن أنه وعبر قيادته للدولة سيضع حداً لأفعال الخارجين عن القانون ونزع سلاحهم.

الطرف الثالث

الى ذلك، يوضح المحلل السياسي جاسم الغرابي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق مستهدف من كثير من الدول التي تريد أن تبقي يدها واستراتيجيتها في البلاد، وأن العمل جار على موضوع خلط الأوراق بما فيها الانتخابات والتقاطعات السياسية“.

ويلفت الغرابي، إلى أن “هناك خلط للأوراق من طرف ثالث، بهدف عدم استقرار العراق أمنيا وسياسيا”، متابعا أن “المشهد العراقي ذاهب إلى التعقيد، خصوصا بعد التقارب السياسي المفترض بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، فإن الطرف الثالث سينشط في افتعال المشاكل، ولا ننسى السنين السابقة التي كانت السيارات المفخخة حاضرة قبل كل عملية سياسية وتشكيل الحكومات“.

ويتابع أن “هناك تخريبا أيضا من الذين خسروا مراكزهم في السلطة، وهذا يجب أن يؤخذ بالحسبان“.

يشار إلى أن بغداد، كانت تشهد سابقا تفجير عشرات السيارات المفخخة وبشكل يومي، وخاصة في العام 2013، الذي شهد ذروة هذه التفجيرات، وذلك خلال الولاية الثانية لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وتعود أصل الخلافات السياسية الجلسة الأولى لمجلس النواب التي عقدت في 9 كانون الثاني يناير الحالي، حيث شهدت تعميق الخلاف بين الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية، حيث انسحب الإطار التنسيقي من جلسة البرلمان، فيما مضت الكتلة الصدرية بالتصويت على هيئة رئاسة البرلمان، ما دفع أعضاء الإطار التنسيقي الى التأكيد على أن الجلسة غير دستورية، نظرا لوجود خروق قانونية فيها بسبب الفوضى التي رافقتها.

وبعد الجلسة الأولى، أعلنت قوى الإطار التنسيقي، أن ما جرى هو شق لوحدة البيت الشيعي، وتفرد جهة على حساب أخرى، فيما حمل بعض أعضاء الإطار القوى الكردية والسنية على مسؤولية عدم توحيد الكتل الشيعية، عبر تحالفها مع التيار الصدري على حساب الإطار التنسيقي.

إقرأ أيضا