لماذا ينشط داعش مؤخرا في العراق؟

هجمات متصاعدة ونوعية، شنها تنظيم داعش خلال الفترة الماضية، عائدا ببعضها الى صور وأساليب الخطف…

هجمات متصاعدة ونوعية، شنها تنظيم داعش خلال الفترة الماضية، عائدا ببعضها الى صور وأساليب الخطف والإعدام البشع الذي ظهر عليه في 2014 وحتى طرده من كافة الأراضي العراقية في 2017، ما عزاه خبراء في السياسة والأمن، الى الضعف الاستخباري وكثرة تغيير القيادات الأمنية من دون دراية، إضافة الى استغلال التنظيم المتشدد للأزمة السياسية الحالية في البلاد، ما مكنه من رفع وتيرة نشاطه.

ويقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الضعف الاستخباري واضح خلال الفترة الماضية، وهو ما شجع التنظيم على تكوين نفسه تارة، وتنفيذ عمليات نوعية تارة أخرى، حتى وإن كانت عملياته متباعدة”.

ويلفت أبو رغيف إلى أن “التنظيم عندما ينجح بتنفيذ عملية تفجير أو اغتيال أو خطف، فهو عامل مشجع له على الاستمرار بعملياته”، مبينا أن “كثرة التغييرات في المناصب الاستخبارية وضعف قاعدة البيانات والمعلومات وضعف الأداء كلها عوامل مساعدة”.

ويلفت إلى أنه “بالنسبة لديالى فهي محاطة بسلسلة جبال حمرين وحوض العظيم، فضلا عن ذلك، فإنها تعتبر أنشط ولاية للتنظيم في السابق، وكانت عبارة عن 7 قواطع هي الأشرس بين المحافظات الشمالية”، مبينا “أما كركوك، فهي لغاية اليوم وضعها غير طبيعي، بل هي نار تحت الرماد، وتعد مناطق خطرة ومعقلا خفيا للتنظيم، وهي الأخطر على الإطلاق في العراق”.

ويشير إلى أن “لدى التنظيم مجسات يضعها على الوضع السياسي، فكلما احتقن كلما دفع بفرق الموت، كونه تنظيما استغلاليا وانتهازيا ويضع هذه الأمور السياسية في حساباته، وبذلك فإن الاسنداد السياسي مشجع له لتنفيذ عملياته”.    

وخلال الأيام الماضية، جرت أكثر من عملية خطف، نفذت الأولى في حوض نهر دجلة بسامراء في محافظة صلاح الدين، ومن أعدمهم أمس الأول.

وجاءت هذه العملية، بعد أن خطف داعش في 13 كانون الأول ديسمبر الماضي، مدير جوازات الأعظمية ياسر الجوراني برفقة 3 أشخاص آخرين، كانوا في رحلة صيد عند بحيرة حمرين، ومن ثم نشر بعد 16 يوما على الاختطاف، تسجيلا فيديويا، يظهر اعدام التنظيم للجوراني نحرا.

وشهدت منطقة الراشدية في أطراف العاصمة بغداد، الأسبوع الماضي، قصفا من قبل طائرات الـF16، لمواقع تنظيم داعش، حيث تمركز فيها مؤخرا.

مصادر أمنية رفيعة المستوى كشفت لـ”العالم الجديد”، أن “وصول داعش الى منطقة الراشدية مؤشر خطير جدا، تنبهت له الأجهزة الاستخبارية، كون المنطقة جزءا من العاصمة بغداد، ما دفع السلطات الأمنية الى معالجة هذه الأوكار عبر طائرات الـF16 لتفادي أي خطر محتمل”.

وتؤكد المصادر، أن “مناطق حوض دجلة في سامراء وديالى، هي مناطق تخلو من القطعات الأمنية ويعتبرها تنظيم داعش خاضعة له منذ فترات طويلة، إذ أن هذه المناطق لا يوجد فيها سوى الشرطة النهرية”.

وتبين أن “مناطق جنوب كركوك، شهدت هدوءا نسبيا في الآونة الأخيرة، وذلك بعد فتح مقر للفرقة الخامسة في جنوب المحافظة وقرب المناطق الساخنة منها الرشاد والدبس وغيرها، كما جرت إعادة انتشار القطعات الأمنية في تلك المناطق”.

وكانت كركوك، في الربع الأخير من العام الماضي، قد شهدت وبشكل شبه يومي، هجمات مستمرة لداعش على القطعات الأمنية، ما أودى بأرواح عشرات المقاتلين من القطعات الأمنية المنتشرة هناك، وبحسب تقرير نشرته “العالم الجديد”، فإن الفساد والرشى تسيطر على القطعات الأمنية في كركوك ما تسبب بالانفلات الأمني واستغلال هذا الأمر من قبل داعش.

الى ذلك، يبين المحلل السياسي محمد نعناع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك خطة داعشية تم تنفيذها قبل الاحتقان السياسي والتوتر الحاصل الآن، وكانت تستهدف السيطرة على مدن في كركوك وغيرها، بالإضافة إلى إثارة النعرات الطائفية في ديالى التي يتم فيها تركيز كبير من التنظيم”.

ويردف نعناع “أما الآن، وبسبب الصراع السياسي والتراخي الأمني وعدم قدرة الحكومة على كشف أساليب داعش الجديدة، والانشغال بالمسار السياسي لتشكيل الحكومة، نجح داعش في بعض عملياته، وتحديدا الخطف واستخدام قوة السلاح لصناعة نصر، للتأكيد على وجوده”.

ويستطرد أن “عمليات داعش، على الخارطة السياسية لن تنعكس على نشاط الكتل السنية، لأن الطيف السياسي الذي حسم أمره في المشاركة بالحكومة يمتلك شعبية وعلاقات خارجية لن تتأثر بهذه العمليات الإرهابية، ولكن يمكن لبعض الأطراف الأخرى تستغل هذا النشاط الداعشي وأطرافا سنية غير مشاركة بالعملية السياسية قد تستغلها أيضا، لكن الطيف المشارك سيكون داعما للوضع الحكومي، ويمتلك فعالية يمكن توظيفها للسيطرة على هذه العمليات وعدم السماح بتفاقمها”.

ويشهد البلد حاليا، أزمة سياسية خانقة، بدأت بعد إعلان نتائج الانتخابات في تشرين الأول أكتوبر الماضي، واستمرت لغاية الآن، حيث دخلت الكتل السياسية بصراع كبير حول آلية تشكيل الحكومة وتوزيع الاستحقاقات الانتخابية، في ظل تحول الحكومة الى حكومة تصريف أعمال.

إقرأ أيضا