خبراء قللوا من أثره على المواطن.. ما مصير الفائض من أسعار النفط؟

أدى ارتفاع أسعار النفط العالمية لمستويات لم يصلها منذ سنوات، الى طرح حكومي بإنشاء صندوق…

أدى ارتفاع أسعار النفط العالمية لمستويات لم يصلها منذ سنوات، الى طرح حكومي بإنشاء صندوق للحفاظ على الفائض في مواجهة المفاجآت المحتملة، في حال حدوث أي انخفاض غير متوقع لأسعار النفط، في حين أشر خبير اقتصادي، عدم شعور المواطن بهذا الفائض المالي، في ظل بقاء سعر الصرف على حاله.

ويقول مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الحكومة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الاستفادة المثلى من ارتفاع أسعار النفط، يجب أن تكون عبر حسابات مالية دقيقة، وفي مقدمة تلك الحسابات هي التحوط ماليا ضد مخاطر تقلب أسعارالسوق النفطية مستقبلا والمفاجآت السعرية التي تحصل دون سابق إنذار”.

ويضيف صالح، أن “هناك ضرورة لإنشاء مصدات مالية تهدف للحفاظ على توازن الاقتصاد بين استدامة عمليات الموازنة العامة في الإيرادات والمصروفات وبين التقلبات والمفآجات غير المعروفة في مستقبل استقرار أسواق الطاقة، وهذا مايستدعي توافر تحوط مالي احتياطي يمول من ارتفاع عائدات النفط لاغراض مواجهة التقلبات السعرية المستقبلية، ورفد الموازنات العامة بتدفقات من الموارد الاحتياطية، بدلا من اللجوء الى الاقتراض ضمن استراتيجية إدارة استقرار موارد المالية العامة وتدفقاتها في الأمد الطويل”.

ويؤكد أنه “بناء على ما تقدم، بالتأكيد فإن فرضية ارتفاع أسعار النفط الى معدلات سنوية ربما تزيد عن 100 دولار للبرميل الواحد وعلى مدى سنوات متعددة، يتطلب انفتاح الموازنة على  المشروعات المشغلة للعمالة والمدرة للدخل، سواء من جانب الموازنة الاستثمارية للدولة أو دعم نشاطات القطاع الخاص الاستثمارية والمنتجة، وبقروض ميسرة من عوائد الموازنة”.

ويلفت إلى أنه “مع التحوط لمخاطر تقلب الأسعار كما ذكرنا آنفا من خلال صندوق أو حساب، فهذا يعنى استقرار الموازنة ويغذى سنويا بنسبة من فائضات الريوع النفطية لمواجهة خطر انخفاض الأسعار، إذ يتولى صندوق الاستقرار أو حساب الاستقرار المذكور توفير عامل الاستدامة المالية ومد الموازنة بالأموال، بدلا من اللجوء الى الاقتراض، خارج الحدود المرسوم لها في قانون الإدارة المالية المسموح بها والبالغة نسبتها 3 بالمائة؜ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهنا سيتحقق تعزيز مالي أو انضباط مالي عالي يوفر نموا مستداما في الناتج المحلي الإجمالي”.

وسجلت يوم أمس الأربعاء، أسعار خام برنت قفزة كبيرة تجاوزت حدود 89 دولارا للبرميل الواحد، لأول مرة منذ 4 سنوات.

ويأتي هذا الارتفاع بعد سنوات من انخفاض أسعار النفط، وخاصة مع بدء تفشي فيروس كورونا عام 2020، والإغلاق الشامل الذي عصف بكل الدول وتوقف حركة التجارة والمصانع، هوت أسعار النفط العالمية لما دون الصفر، واضطرت الولايات المتحدة الى دفع 35 دولارا فوق البرميل لغرض تحميله، في حينها.

يشار الى أنه في أيار مايو 2020، بدأت دول التحالف الذي يضم الأعضاء الـ13 في منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” بقيادة السعودية و10 منتجين من خارجها بقيادة روسيا، تخفيضات قياسية في الإنتاج بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا، وجرى تقليص هذه التخفيضات تدريجيا إلى 5.8 ملايين برميل في اليوم خلال تموز يوليو الماضي.

ومنذ آب أغسطس 2021، زادت أطراف الاتفاقية، الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل في اليوم كل شهر، على أمل العودة إلى المستويات السابقة بنهاية سبتمبر 2022.

وبالنسبة للعراق، فإن موازنة 2022 المرتقبة، التي أعدتها الحكومة الحالية، بنيت على سعر 50 دولارا للبرميل الواحد، فيما كانت موازنة 2021 قد أقرت على سعر 45 دولارا للبرميل، وفي ظل الزيادة التدريجية لأسعار النفط، فإن عجز موازنة العام الماضي انتفى، بحسب تصريح سابق لمظهر محمد صالح لـ”العالم الجديد”.

الى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي همام الشماع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التأثير المباشر لارتفاع أسعار النفط، هو خفض العجز في الموازنة، حيث أصبح الآن هناك فائض في الموازنة، وتم حساب سعر البرميل الواحد بقيمة 45 دولارا، ما أدى إلى حدوث الفائض”.

ويردف الشماع، أن “الفائض اليوم يقدر بحدود 7 ترليونات دينار، وذلك رغم عدم استلام جميع المبيعات النفطية من قبل الحكومة، وذلك لتأخر بعض الدفعات”، مبينا أن “الانعكاس ظهر على الموازنة فقط، لكن المواطن لم ينعكس عليه ارتفاع سعر النفط، لأن سعر صرف الدولار ازداد حسب سعر الصرف الجديد”.

وينوه إلى أنه “ما يزال مستوى البطالة مرتفعا، بالإضافة إلى الركود الاقتصادي في البلد، وهنالك ديون مستحقة كبيرة على العراق، وبالتالي لا توجد آثار ملموسة على الأوضاع الاقتصادية في عموم العراق نتيجة ارتفاع أسعار النفط باستثناء الموازنة”.

وكانت الحكومة قد أعلنت في شهر كانون الأول ديسمبر 2020، عن تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، من 1182 دينارا لكل دولار، الى 1450 دينارا، وذلك قبيل إرسال موازنة العام الحالي الى البرلمان، التي تضمنت إقرار سعر الصرف الجديد، ما شهد معارضة واسعة في حينها من اغلب القوى السياسية.

وكان مستشار رئيس الحكومة، مظهر محمد صالح أعلن في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، عن خفض الدين الخارجي من 23 مليار دولار الى 20 مليار دولار، بسبب ارتفاع أسعار النفط وعدم تحقق ديون خارجية جديدة.

وقد شطب نادي باريس في العام 2004، نحو 80 بالمائة من الديون المترتبة على العراق خلال فترة النظام السابق، حيث كانت تبلغ 120 مليار دولار، لكن موازنة العام الحالي 2021، تضمنت تخصيص 9 ترليونات دينار (نحو 6.2 مليار دولار حسب سعر الصرف الجديد)، لسداد المديونية الداخلية والخارجية.

وأعلن العراق في كانون الأول ديسمبر الماضي، تسديد آخر دفعة من التعويضات للكويت، البالغة 52.4 مليار دولار.

إقرأ أيضا