مسرح الرشيد.. 4 عقود من الإبداع تهددها “الإزالة”

تلقت الأوساط الفنية والثقافية، مطالبة وزارة الإعمار والإسكان بإزالة مسرح الرشيد بصدمة كبيرة، وفيما وصفوا…

تلقت الأوساط الفنية والثقافية، مطالبة وزارة الإعمار والإسكان بإزالة مسرح الرشيد بصدمة كبيرة، وفيما وصفوا المسرح بالصرح الثقافي والفني الذي يحمل ذكريات أجيال كاملة، وقفت على خشبته بينها قامات فنية أثرت الساحة العراقية والعربية، محذرين من محاولة المساس به أو تحويله لمشروع تجاري. 

ويقول الفنان إياد راضي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مسرح الرشيد يحمل ذكريات كثيرة لأغلب الفنانين، وخصوصا قامات الفن العراقي التي وقفت على خشبته على مدى أكثر من 40 عاما”.

وكانت دائرة الإسكان، التابعة لوزارة الإعمار والإسكان، قد وجهت إنذارا الى دائرة السينما والمسرح، عبر كاتب العدل، واصفة الأخيرة بالمتجاوزة على قطعة الأرض المرقمة 3/2 كرادة مريم.

ويصف راضي القرار، بأنه “نوع من أنواع الخراب المتعمد الذي يحصل في البلد الآن”، مستغربا “مطالبة وزارة الإسكان بإزالة هذا الصرح الفني في هذا الوقت بالتحديد، فلماذا تذكرت الوزارة الآن، فهو منذ 18 عاما أو أكثر كان عبارة عن خراب، فأين كانت كل هذا الوقت ولماذا لم تفتح هذا الملف”.

ويردف “نسمع اليوم في العراق الكثير من الأحداث والأخبار التي لا تمت إلى الواقع أو إلى العقل بصلة، ولكن تعودنا أن لا نستغرب لأن الصدمات كثيرة، وكل يوم نستمع إلى أعجب العجائب”، مبينا “عندما تضعف سلطة الدولة تبرز وتطفو الى السطح جميع القضايا التي لها علاقة بضعف وشلل القانون، ولذلك نجد من يستغل هذا الانفلات القانوني لتمرير مشاريعه غير القانونية، وهذا ما يحصل الآن جراء عدم وجود نظام حقيقي يعيد لهذا البلد هيبته وقانونه”.

يشار إلى أن مسرح الرشيد افتتح عام 1981 بتصميم فرنسي، وهو من أهم المسارح في بغداد وأكبرها، وكان الأكبر في الشرق الأوسط عندما افتتح، ويضم المبنى قاعات كبيرة للأزياء والاكسسوارات والملابس، ومعدات خاصة بالمؤثرات المسرحية والسينوغرافيا، وخشبة مسرح دوار، ويتكون المبنى من تسع طبقات وصالة عرض تتسع لنحو 650 شخصاً.

وأعيد افتتاح المسرح لأول مرة منذ 2003 في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، بالتزامن مع فعاليات مهرجان بغداد الدولي للمسرح، الذي أقيم في الفترة الممتدة بين 20 – 26 من ذلك الشهر، حيث حضر حفل الافتتاح فنانون عرب تم تكريمهم على خشبة “الرشيد”.

 

من جهتها، تقول الفنانة عواطف نعيم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحكومة عندما تقاعست عن إعادة إعمار وتأهيل مبنى مسرح الرشيد، قلت أن هناك من يسعى لتحويله الى مول (مركز تجاري)، وستبين لنا الأيام ذلك، وما هذا التجاهل من قبل المسؤولين لمبنى مسرح الرشيد وعدم إعماره الا دليل على ذلك”. 

وتضيف نعيم “في فعاليات بغداد عاصمة للثقافة تسربت أموال الإعمار الى مكانات لا نعلمها ولم يتم تعمير المسرح، رغم أنه كان موجودا على لائحة الإعمار، ومنذ العام 2003 وحتى الآن الكل يراوغ، ويتجنب الحديث عن إعمار هذا المبنى، والذي يُعد معلما ثقافيا وصرحا معرفيا وذاكرة للفنون، والآن وبعد 19 عاما من عمر الحكومات المتتالية على حكم العراق، جاء صاحب قطعة الأرض ليطالب بها ويزيل مبنى مسرح الرشيد”.

وتشير إلى أن “السؤال من هو صاحب قطعة الأرض والذي يدعي امتلاكها، وأين كان كل هذه السنوات، وهل أن من بنى مسرح الرشيد كان يجهل أن الأرض لها صاحب لم تعوضه الدولة حينها عن حقوقه، ولماذا تم طلب الإزالة بعد أن قام أبناء المسرح بإعماره وتأهيله، وعاد ليقدم العروض والفعاليات، واتجهت الأنظار اليه كحاضنة للفنون والثقافة تستعيد ألقها، من من المتنفذين وراء هذا القرار الخطير، أين الحكومة مما يجري ولمن تتبع وزارة الإسكان والإعمار قرارتها وهل هي وزارة للإعمار والإسكان أم للقلع والإزالة”.

وتؤكد “سنكون أمام مسرح الرشيد لندافع عنه، فقد مللنا التلاعب بمقدراتنا وحقوقنا وتهميشنا تحت أي ذريعة”.

وفي العام 2003 الذي شهد إسقاط نظام صدام حسين، تعرض المسرح للتدمير والنهب، وبقي على حاله دون أن تبادر الحكومة بإعادة ترميمه إلا مؤخرا، حيث شهد المسرح عملية إعادة إعمار جزئية بجهود ذاتية.

الى ذلك، يبين نقيب الفناني جبار جودي خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “هناك سوء فهم وتداخل تخصصات حصل في موضوع وثيقة وزارة الإعمار والإسكان فيما يتعلق بإزالة مسرح الرشيد، إذ ليس بمقدور أي أحد أو جهة إزالة هذا الصرح، وهو ليس بالأمر الهين كما يتصورون، خاصة وأن مسرح الرشيد إرث ثقافي كبير”.

ويضيف جودي “كائنا من يكون غير قادر على أن يخطو مثل هذه الخطوة، وإزالة المسرح تندرج ضمن موضوع التخبط الإداري الحاصل، ووزارة الإعمار هي من تتحمل مسؤولية هذا التخبط”.

يذكر أن وزير الثقافة حسن ناظم، أكد خلال افتتاح مسرح الرشيد مؤخرا، أن لإعادة افتتاح المسرح دلالات كبيرة على واقع العراق والثقافة فيه نحو استعادة بغداد دورها الرائد في الفنون، وأن العراقيين أول من بنوا المسارح ورافقتهم في تحولاتهم الاجتماعية والسياسية وجسدت أفراحهم وأحزانهم.

إقرأ أيضا