سناء التكمجي: أدواري بـ”افتح ياسمسم” و”عدنان ولينا” الأقرب لي.. وأحداث 1980 اضطرتني للهجرة

يعرفها جيل الثمانينيات والتسعينيات جيدا.. إنها الممثلة والمدبلجة العراقية سناء التكمجي (مواليد 1952).. تخرجت من…

يعرفها جيل الثمانينيات والتسعينيات جيدا.. إنها الممثلة والمدبلجة العراقية سناء التكمجي (مواليد 1952).. تخرجت من الفنون المسرحية عام 1977، واشتهرت بدبلجة أفلام الكارتون، وكانت جزءا من مشروع “افتح يا سمسم”، لكنها ابتعدت عن المجال الفني في العام 1987، حيث تلتقيها “العالم الجديد” اليوم لتسترجع معها تجربتها التي ظلت عالقة في أذهان الأجيال عبر الحوار التالي:

ـ من هي سناء التكمجي وأين هي الان؟

الاسم الكأمل سناء طالب مهدي التكمجي، خريجة جامعة بغداد أكاديمية الفنون الجميلة، قسم الفنون المسرحية، فرع التمثيل، أعيش مع زوجي، وأولادي وأحفادي في المملكة المغربية منذ 35 عاماً تقريبا.

ـ في أعمالك الفنية للأطفال تنقلتِ بين الدوبلاج والتمثيل والترجمة.. أين وجدت نفسك؟

وجدت نفسي بالدرجة الأولى في التمثيل/ life لأنه تخصصي الأكاديمي بالدرجة الأولى، أما الدوبلاج فقد تعلمته بالتجربة والخبرة وبمساعدة زوجي الدكتور فائق الحكيم، وخبرة وتجربة زملائي في العمل.. الترجمة هواية أحببت خوض غمارها بعد أن وجدت متعة فائقة بترجمة العمل الكارتوني الأول (سنان).. أحببت التمثيل في البرامج التلفزيونية التربوية التثقيفية الهادفة مثل افتح يا سمسم، برنامج (قف) المروري، برنامج (أولادنا اكبادنا) ومسلسل درامي خليجي واحد/ سهرة من ثلاث حلقات (العمر محطات) مسرحية واحدة قدمتها مع زملائي من الأكاديمية، من على مسرح بغداد، فرقة المسرح الفني الحديث (العالم على راحة يد) للمخرج الفنان الاستاذ جواد الاسدي.

لينا أول تجارب التكمجي في الدبلجة

ـ بين “مريم” في افتح يا سمسم، و”لينا” في عدنان ولينا، و”ليدي أوسكار” الشخصيات المميزة التي أديتيها، كان لـ”لينا” وقع أكبر رغم كونها أول تجربة؟

كنت حينها مبتدئة في الدوبلاج.. ولأول مرة أتعامل مع المايكرفون والشخصية الكارتونية، والتناغم مع الشخصيات الأخرى وخاصة عدنان، والتي قام بتأديتها باقتدار بالغ الأخ والزميل الصديق الفنان والمخرج فلاح هاشم، كان المشاهد يسمع ذلك الصوت لأول مرة، ويتعرف على فنانة جديدة، تؤدي دور شخصية طيبة، تساعد الآخرين، تحب عدنان ببراءة الطفولة. طوال المسلسل قدمت هي وعدنان التضحيات تلو التضحيات، ونكران الذات، والتعرض الى المخاطر، والمغامرات الكارتونية المميتة، أليس ذلك سببا منطقيا وتفسيرا مقنعا للجميع ولكل من أعجب بالمسلسل، أن يتعلق به إجمالا وبشخصية لينا وعدنان على وجه الخصوص؟ أعتقد جازمة وبكل تواضع، أن أحب أي فنان الشخصية المسندة له، وتعأمل معها بصدق، وأتقنها وكأنها جزء من حياته، أي بمعنى آخر، تعايش معها.. حتى لو لم تكن خصالها مشابهة لخصاله، فإن الجمهور سيشعر بذلك ويتعاطف معه، ويحب الشخصية حتى لو لم تكن تدعو للخير والمحبة والتعاون، فما بالك إذا كانت هي لينا بكل ما تمتعت به من إيجابية من التعأمل مع الأحداث.

ـ أين هي أرض الأمل بالنسبة لسناء التكمجي؟

سؤال مهم يثير الكثير من الشجون والذكريات، الفرح، الحزن، لو أردت أن أجيبك جواباً مختصرا يكون الأمر سهلا جدا، سعى المسلسل في معظم حلقاته للحديث عن أرض الأمل، وهي الأرض التي جاهدت لينا للوصول إليها، أرض جدها وعمتها وأهل القرية التي تربت بين ظهرانيها، زرعت، غرست، تعلمت.. تعلقت بجدها، قاومت الأشرار من أجل أن تلتحق بجدها، عالم الطاقة. كما أرض الأمل هي رمز، لارتباط الإنسان بأرضه، بجذوره، بالتربة التي يتنسم رائحتها وأريجها كل يوم، بكل ما تحمل تلك الأرض من خير وشر، أخيار الناس وأشرارهم. تلك هي أرض الأمل بالنسبة لي أرض العراق، بغداد الحبيبة، مياه دجلة التي سقت روحي وسرت جنباً الى جنب مع دمي، طفولتي، مراهقتي، شبابي، ذكرياتي الجميلة حتى المحزن منها أراه الآن جميلاً، لافتقادي له يرى الغالبية العظمى من المغتربين أن بلدانهم ومدنهم حتى المتهالك منها هي أرض أملهم التي يتمنون العودة اليها ذات يوم، ألم أقل لك أن الحديث عن أرض الأمل ذو شجون.

ـ بعد سنوات قليلة من العمل بالدوبلاج، اختفيت عن المشهد في أوج تألقك.. أليس غريبا؟

حين انتقلنا للعيش في المغرب، قام زوجي (المخرج الدكتور فائق الحكيم) بتغيير عمله وافتتح شركة خاصة للإنتاج الفني، حيث بدأ بالسينمائي ثم اتجه للعمل مع الفضائيات العربية والأجنبية، فلم يكن هناك دوبلاج أو برامج تلفزيونية تربوية تثقيفية للأطفال، عندها كرست جهدي ووقتي لزوجي وأولادي وبيتي، فظن الجميع أنني اختفيت.

مع الكويتي جاسم النبهان والعراقي قائد النعمان في افتح ياسمسم

ـ هل ثمة أسباب سياسية لخروجك من العراق؟

كانت الأوضاع حينها حبلى بأحداث كثيرة، ولو عدت بالتاريخ الى العام 1980 وتذكرت أحداث الجامعة المستنصرية وما تلاها من قرارات ستكتشف مدى الضرر الفادح الذي أصاب الآلاف من العوائل الذين تم تهجيرهم أو تسفيرهم الى دول الجوار، والتضييق الذي طال العديد من أساتذة الجامعة عموما، عندها كان لابد من التفكير الجدّي في الابتعاد عن الخطر بأي طريقة، والتفاصيل بهذه المسألة يعرفها القاصي والداني (في إشارة الى مطلع نيسان أبريل 1980 حيث تم اعتقال العديد من أساتذة وطلاب الجامعة المستنصرية بتهمة التخطيط لاغتيال طارق عزيز نائب رئيس الوزراء آنذاك).

ـ هل هناك شخصية كارتونية تمنيتِ أداء دورها؟

نعم.. شخصية سنان في المسلسل الكارتوني الشهير، والذي قمت بترجمته في العام 1982، ويقع في 100 حلقة، كانت شخصية أحببتها جدا، وقد تمت الدبلجة في بغداد، فيما كنا حينها نعيش في الكويت، علماً أن الفنانة التي أدت الدور وببراعة فائقة هي السعودية سناء يونس، والتي أدت دور الممرضة ليلى في البرنامج الشهير “افتح يا سمسم”.

ـ ما الذي يفقتده المنتج لبرامج الأطفال في العالم العربي حاليا؟

للأسف.. المنتج الكارتوني الحالي يفتقد الكثير، بل أستطيع أن أجزم، بأنه لا وجود لمنتج جدي ومدروس ومفيد للأطفال، كالذي كنا نشاهده حتى قبل أن ندخل نحن ذلك الميدان، أقصد في الستينيات والسبعينيات، إذ كانت برامج الأطفال على قلتها، مؤثرة جدا، ويستثمرها الطفل بشكل إيجابي، أما ما يفتقده المنتج المقدم للأطفال الآن فهو كالتالي: انعدام اللغة السليمة، انعدام الأشكال والملامح اللطيفة، أغلب الصور والأشكال ممسوخة مع بعض التجارب الجيدة الخجولة، وجود الكثير من الألفاظ التي لا تليق بالطفل، الاستفادة المادية تلعب دورا كبيرا في المنتج للأطفال، كما هي للكبار، ليست هناك وحدة موضوع في المنتج، أي هناك تشوش في فكرة المواضيع، وليس كما كنا نشاهد في مسلسلات الزمن الجميل، ضياع أو انعدام طرح القيم الأخلاقية والمبادئ في برامج الأطفال الحالية.

سناء التكمجي بين الأمس واليوم

ـ ما هي نصيحتك لمن يرغبون بالعمل في مجال الدوبلاج؟

لا اظن أن الذين يرغبون بالدوبلاج حاليا بحاجة الى نصيحة من مدبلجة من الزمن القديم.. الزمن الجميل كما يسمونه، لكن عموما يجب أن يحب العمل كإبداع، وهذا ليس بالسهل أبدا، فهناك فنانون عالميون فشلوا في الدوبلاج، لأنهم وجدوا صعوبة في الأداء، إذ يجب أن يكونوا على دراية تامة بفن الإلقاء، وأن يكون لأصواتهم القابلية على التلوين وإظهار المشاعر، لأن الصوت هو الوسيلة الوحيدة المباشرة لإيصال الأحاسيس والمشاعر، حيث يجب أن تكون اللغة سليمة مع مخارج حروف واضحة، وأن يكثر من مشاهدة البرامج والمسلسلات القديمة المدبلجة لكي تكون الفكرة العامة سليمة نوعا ما، أما الآن وبعد دخول التقنيات الحديثة والأجهزة الإلكترونية، فأظن أن الدوبلاج أصبح أسهل.

إقرأ أيضا