قاآني في بغداد لبيعة الصدر.. هل وجه الأخير ضربته القاضية للإطار التنسيقي؟

جاءت زيارة قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني أمس الثلاثاء الى العراق، بالتزامن مع رد…

جاءت زيارة قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني أمس الثلاثاء الى العراق، بالتزامن مع رد المحكمة الاتحادية دعوى الطعن بالجلسة الأولى للبرلمان، لمباركة انتصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وإعلان تأييد طهران لنهجه، والتضحية بالأطراف الأخرى المقربة منها، حفاظا على مصالحها الستراتيجية، كما رأى محللون، اعتبروا أيضا أن كلمة الصدر جاءت كضربة تهدف لتفتيت الإطار التنسيقي.

ويقول المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مسألة إحراج زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لرئيس تحالف الفتح هادي العامري والإطار التنسيقي في كلمته، ربما تكون واقعية وحقيقة، لاسيما وأن هناك نوايا ورغبات من بعض أطراف الإطار التنسيقي بالتواجد تحت عباءة الصدر، وأن تكون تحت ضمانات معينة”.

وشهد أمس الثلاثاء، أحداثا عديدة ومتسارعة، فبعد أن ردت المحكمة الاتحادية دعوى الطعن بشرعية انتخاب هيئة رئاسة البرلمان، ظهر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بكلمة متلفزة كشف فيها كل ما دار بينه وبين قادة الإطار التنسيقي، وخفايا اللقاءات التي جمعته معهم، وخاصة هادي العامري.

وبحسب الصدر، فإنه أعلن عن رفضه لاشتراك زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بأي تحالف معه، واشترط على قادة الإطار التنسيقي التحالف معه دون المالكي، مؤكدا أن العامري أبلغه بأنهم موافقون على إبعاد المالكي، وبحسب الصدر فإنه ما يزال ينتظر الرد النهائي على الأمر لغاية الآن.

ويستدرك البيدر “لكن على ما يبدو، فإن الصدر لم يمنح أية ضمانات لأحد، ولم يوفر لهم الحماية، ما جعلهم يتراجعون عن التواجد ضمن التكتل السياسي الذي يرأسه أو الذي يتبناه، خاصة وأن هناك الكثير من الأطراف التي تناقض الصدر فكراً وسياسةً وعقيدة، وأنها متهمة بالفساد وتوجه إليها أصابع الاتهام باستهداف المتظاهرين والناشطين، وبالتالي فإن الصدر قد يتحرك لمحاسبة تلك الأطراف على نهجها الذي شهدته البلاد خلال المراحل السابقة”.

ويضيف أن “الصدر عازم على وضع شروط، ربما تكون تعجيزية لجناح الإطار التنسيقي، وهذه الشروط قد تتسبب بهدم ما يسمى بالبيت الشيعي وانفراده بالقرار، خاصة وأن هناك تحالفا يتبع نفس المنهج ويرغب بأحداث مساحة إصلاحية في المرحلة الجديدة، حيث يوجد الى جانب الصدر الحزب الديمقراطي الكردستاني والعزم تقدم (تحالف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وخميس الخنجر)، وكل هذه العناوين السياسية ترغب بالظفر في المرحلة المقبلة والهيمنة عليها، من أجل تأسيس تكتل إصلاحي جديد، خصوصا وأن تلك الأطراف تحاول جاهدة القيام باستراتيجية إصلاحية، سواءً على مستوى أدائها الحزبي أو السياسي والوظيفي والحكومي”.

وبشأن زيارة قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني إلى بغداد، يبين البيدر، أن “ما تريده إيران حرفيا هو الوصول إلى ضمانات وتطمينات من قادة المرحلة الجديدة بعدم المساس بمصالحها داخل العراق، ومن الممكن أن تعقد صفقات جديدة وتفاهمات معهم، بعيدا عن الأصدقاء السابقين، ولذلك نجد أن الأطراف السياسية تتمكن من احتواء النفوذ الإيراني إذا ما أرادت تقديم مصلحة العراق”.

ويؤكد أن “إيران اليوم تتعامل بطريقة مختلفة مع العراق، بعد أن استطاع أن يحقق الكثير من التقدم في كافة المستويات، وخصوصا السياسية منها، كما أنها اليوم ربما تتعامل مع عراق الصدر بطريقة أكثر براغماتية، وقد تمنحها المزيد من المساحة كي لا يذهب بعيدا عن نفوذ الجارة ويتجه إلى غرب العراق والمحيط العربي وكذلك الحضن الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية، وكل هذا سوف ينعكس سلبا على مصالح طهران في البلاد”، موضحا أن “الصدر يمتلك فرصة كبيرة لتقديم المزيد من الامتيازات للبلاد، إذا ما أحسن التصرف والتعامل بحكمة مع المرحلة الجديدة التي سوف يتسيدها”.

ومن ضمن ما جرى في الساعات الحافلة بالأحداث يوم أمس، هو وصول قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني الى العاصمة بغداد، صباحا وعقد اجتماعات مع بعض أطراف الإطار التنسيقي، وذلك بالتزامن مع عقد جلسة النطق بالحكم للمحكمة الاتحادية بقضية الطعن في انتخاب محمد الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب.

وكانت “العالم الجديد” قد تناولت في تقارير سابقة إصرار الصدر على إبعاد المالكي عن أي تحالف سياسي يرتبط به، فيما توقع محللون سياسيون سابقا، أن العامري هو الأقرب للتحالف مع الصدر على حساب المالكي والتضحية به، خاصة بعد الجولات المكوكية التي أجراها العامري والتقى فيها مختلف القوى السياسية.  

وعد قرار المحكمة الاتحادية رد دعوى الطعن اليوم، انتصارا للتحالف المكون من الكتلة الصدرية وتقدم والحزب الديمقراطي الكردستاني، فهم من تسنموا مناصب هيئة الرئاسة، وقد قدمت الكتلة الصدرية والصدر، شكرهم الى القضاء وأكدوا على المضي نحو حكومة الأغلبية الوطنية.    

 

يشار إلى أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أعلن في تغريدة  22 كانون الثاني يناير الحالي، أن من يسأل عن الإطار بدافع الحرص، نقول إن الإطار التنسيقي قوي متماسك وموقفه موحد، وأفكاره العملية لتشكيل الحكومة وإدارة الدولة تقوم على أساس الشراكة وتكامل المكونات فيها جميعا تحت سقف الدستور، وانه مجمع على التمسك بموقف واحد في (المشاركة أو عدمها) وهو حريص على أن تجتمع الأطراف جميعها في تشكيلات ائتلافية توافقية لمنع أي حالة تداعٍ للعملية السياسية.

وجاءت هذه التغريدة في ظل تنامي الحديث عن أنقسام قد يشهده الإطار، ويتمثل بخروج بعض قادته والإنضمام الى التيار الصدري، الذي يتجه الى تشكيل الحكومة، سواء بمشاركة الإطار أو بدونه. 

من جانبه، يبين المحلل السياسي خالد المعيني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ثابت، حيث أنه منذ البداية كان مرحباً بالجميع حتى في تغريداته، وبعد قرار المحكمة الاتحادية رحب بعدالة القضاء العراقي وصرح أن الباب مفتوح لجميع القوى في حكومة الأغلبية”.

ويردف المعيني، أن “النظام التوافقي يجب أن يحصل فيه الجميع على حصة معينة سواء كبرت الحصص أم صغرت، ومع وصول قائد فيلق القدس الايراني اسماعيل قاآني الى بغداد، فإن التسوية سوف تتم بعيدا عن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وستتم التضحية به على حساب بقاء السلطة قريبة إلى حد ما من إيران، ولكن بصورة نسبية وليس كما كانت سابقا”.

وبالنسبة لكلمة الصدر يوم أمس، فإن المعيني يرى أنه “انه لا توجد إحراجات وعواطف في السياسة، فالصدر يريد أن يثبت واقع الحال بالنسبة لحواراته مع الإطار التنسيقي أمام جمهوره، في أن الحنانة أصبحت هي مركز القرار، ولتثبيت مرجعيته وقوته، إذ أن هذه المرحلة تمثل لحظة تشييد النصر الخاص بالتيار الصدري في الانتخابات”.

ويلفت إلى أن “هذا لا يعني ان الامور ستكون انفرادية، ولا يمكن لهذا النظام إلا ان يكون نظام توافقي حتى من الناحية العلمية، فالنظام في العراق مصمم على ان يكون توافقي ومحاصصاتي، والشيء الجديد فيه هي نسب الحصص، فمن الممكن أن تكون مختلفة، حيث ان حصص الإطار في هذه الجولة سوف تكون قليلة مقارنة بالمحور الساري الذي يقوده التيار الصدري”.    

يشار إلى أن الأسبوع الماضي، شهد أيضا وصول قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني الى العراق، إذ بدأ زيارته من النجف، حيث مرقد الإمام علي بن أبي طالب، ومراقد كل من المرجع الديني الراحل محمد صادق الصدر (والد مقتدى)، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس.

ومن جملة الأحداث التي رافقت المفاوضات السياسية الجارية بين مختلف الكتل السياسية للتوصل الى حل حاسم بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، هو استهداف مقار وأعضاء الكتل التي تحالفت مع التيار الصدري، وهي تقدم والحزب الديمقراطي الكردستاني، إذ جرت العديد من الاستهدافات.

وكان أحدث استهداف هو سقوط صورايخ كاتيوشا يوم أمس على مقر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في قضاء الكرمة مسقط رأسه بمحافظة الأنبار، بعد أن انطلقت من جهة ذراع دجلة باتجاه مركز القضاء، وذلك بحسب خلية الاعلام الأمني.

كما جرت سابقا العديد من الاستهدافات منها، محاولة اغتيال قيادي في “الكردستاني”، واستهداف مصرفي جيهان وكوردستان المرتبطين بشكل مباشر أو غير مباشر بالحزب الديمقراطي الكردستاني، ويوم أمس استهدف منزل النائب الثاني لرئيس مجلس النواب شاخوان عبدالله في كركوك بقنابل يدوية، بالإضافة الى استهداف مقار حزب تقدم ومكاتب نوابه.

إقرأ أيضا