ربط كهربائي وتكامل اقتصادي.. الدفع الأوروبي لحماية الدول الهشة في المنطقة

جاء الربط الكهربائي بين العراق والسعودية، وبين الأردن ولبنان وسوريا من جهة أخرى، ليعضد مسار…

جاء الربط الكهربائي بين العراق والسعودية، وبين الأردن ولبنان وسوريا من جهة أخرى، ليعضد مسار التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة بدفع من دول الاتحاد الأوروبي بهدف الحفاظ على الدول الهشة من الانهيار وفق محلل سياسي، في ظل تقليل خبراء اقتصاديين من نجاعة الربط الكهربائي في الحد من أزمة الطاقة، داعيا الى سلوك طرق أخرى لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

ويقول المحلل السياسي صلاح الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة خصوصا في مجال الطاقة ناتج عن جملة أسباب أبرزها الأزمات المتفاقمة التي تعصف ببعض الدول العربية والتي زادتها جائحة كورونا سوءا، لاسيما بين الدول التي تعتمد على المساعدات، فضلا عن توجيه وتشجيع الاتحاد الأوروبي الذي يرى مصلحة في استقرار دول الشرق الأوسط، ومنع انهيارها، لأن ذلك سينعكس سلبا على واقع دول الاتحاد من خلال الهجرة غير الشرعية”.

وتشهد المنطقة منذ نحو عامين حراكا كبيرا ودعما أوروبيا واضحا، إذ زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العراق ولبنان لأكثر من مرة، بجانب زيارة بابا الفاتيكان الحبر الأعظم فرنسيس للعراق.

يشار إلى أن العراق، سبق وأن منح مساعدات مختلفة الى لبنان، من بينها تزويدها بالوقود والأموال والطحين، الى جانب بيعه النفط للأردن بأسعار تفضيلية مع اتفاقات تجارية، توجت باتفاقية ثلاثية مع الأردن ومصر.

ويضيف الموسوي، أن “انفتاح العراق على الدول العربية ساهم في ربط دول المنطقة اقتصاديا، وهذا الانفتاح أصبح أمرا حتميا بعد أن كان محدودا وخجولا لاسيما مع السعودية التي ظهرت حريصة على توثيق العلاقة مع العراق وتقديم المساعدات، وخصوصا الربط الكهربائي مع العراق، بعيدا عن الصراعات المعروفة مع إيران”، منوها الى أنه “يدخل ضمن هذا التعاون تقديم العراق الدعم للأردن ولبنان”.

ووقع العراق مع السعودية أمس الأول، مذكرة تفاهم في مجال الربط الكهربائي بين البلدين، في الرياض بحضور وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، والأمين العام لمجلس الوزراء العراقي حميد الغزي، ضمن فعاليات ملتقى الأعمال السعودي-العراقي، لإنتاج غيغا واط واحدة كمرحلة أولى، إذ يأتي ذلك في وقت لا زال البلد يعاني من انقطاع كبير في الطاقة الكهربائية بسبب عجز إيصال الغاز الى المحطات.

وأعلن وزير وزير الكهرباء العراقي عادل كريم، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية خطوة أولى لتعاون أكبر سينجز خلال ما يقرب من عامين.

ويعود أصل مذكرة التفاهم، الى توقيع بغداد اتفاقية إطارية مع مجلس التعاون الخليجي للربط الكهربائي مع الشبكة الخليجية تنص على استيراد 500 ميغاواط من الطاقة الكهربائية لمناطق البصرة اعتبارا من الصيف المقبل كمرحلة أولى، وذلك بحسب كلام رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في العام الماضي.

الى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي ناصر الكناني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الربط الكهربائي مع السعودية جاء متأخراً، إضافة إلى أن الحكومة العراقية كانت متأخرة في الذهاب إلى السعودية أو إيران أو أية دولة أخرى”.

ويردف الكناني، أن “السعودية تتكلم اليوم عن 500 أو 100 ميغاواط من الكهرباء، والتي لا تساوي شيئا ولا تشغل حيا واحدا من أحياء بغداد أو من الأحياء التي تمر فيها”، مبينا أن “المسافة التي تمر فيها الكهرباء بين العراق والسعودية عبر منفذ عرعر ووصولا إلى المحافظات العراقية كبيرة وتحتاج إلى أبراج نقل طاقة، وهذه جميعها تحتاج إلى وقت، كما أن هذه الكمية من الطاقة يمكن أن تصل خلال عام أو عامين وليس بعد عدة أيام”.

وحول مدى أهلية العراق لإنتاج الطاقة وعدم الاعتماد على الاستيراد، يشير الى أن “العتب يقع على الحكومة العراقية، حيث أن هناك الكثير من الأمور التي تمكننا من إنتاج الكهرباء، والكلام عن عوائق خارجية أو أمريكية أمر غير صحيح، بل أعذار واهية”.

ويوضح “إذا أردنا إنتاج الكهرباء حاليا، فهناك ثلاث طرق بسيطة ورخيصة الثمن، وأولها الطاقة الشمسية، إذ توجد الكثير من الشركات التي تقدم ساعة من الكيلوواط بسعر 2.5– 3 سنتات فقط، وهي من تقوم بإحضار الخلايا وتقوم بالربط”، متابعا “ثانيها: الطاقة الهوائية، وذلك بوجود الهواء والصحراء، حيث توضع المراوح وتولد الكهرباء في كل محافظة”.

ويستطرد “أما الطريقة الثالثة، وهي الأفضل والأقل كلفة من جميع الطرق الأخرى، وهي تدوير النفايات، فخمسة آلاف طن من النفايات يمكنها توليد 1000 ميغاواط، وهي منظومة بسيطة لا يتجاوز سعرها 200 مليون دولار، وبهذه المنظومة يتم التخلص من النفايات والحصول على الكهرباء، بالإضافة إلى تشغيل الكثير من العمال، في حين أن الحكومة تقوم بشراء كل 1000 ميغاواط بمبلغ يتراوح بين مليون دولار ومليون ونصف”.

ويذكر أن “العراق منذ 2003 حتى اليوم، أنفق على الكهرباء 84 مليار دولار، وعلى المولدات الأهلية 24 مليار دولار، أي 108 مليارات دولار، فيما لا يملك العراق حاليا سوى 17 ألف ميغاواط”.

ويشير إلى أن “العراق سوف يستمر باستيراد الغاز من أجل تشغيل المحطات الكهربائية التي تعمل بالغاز، لا سيما وأننا لا نمتلك بنية تحتية لإنتاج الغاز، فكل ما نملكه هو الغاز المصاحب، ولا يوجد سوى مصنع متروك منذ العام 1991 في البصرة لإنتاج الغاز”.

ويعتمد العراق على الغاز الإيراني في تشغيل محطات الطاقة الكهربائية، حيث يحصل على استثناءات دورية من واشنطن لاستيراد الغاز الإيراني، نظرا للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

ويعاني العراق مؤخرا من أزمة انقطاع التيار الكهربائي، وبحسب وزارة الكهرباء فإن التوقف حدث في 4 خطوط إمداد إيرانية تجهز العراق بـ1100 ميغاواط من الطاقة، وأن تقليص إمدادت الغاز الوطني بنسبة 50 بالمائة بسبب سوء الأحوال الجوية، وبذلك تصبح القدرة المفقودة بسبب انخفاض ضغط الغاز حوالي 6500 ميغاواط، فضلا عن تقلص إمدادات الغاز الإيراني من 50 مليون متر مكعب يومياً إلى 8.5 ملايين فقط، فيما أكدت أن هذه العوامل أدت إلى الانقطاع في التيار الكهربائي.

وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، عقد يوم الأحد الماضي، اجتماعا طارئا ضم وزراء النفط والمالية والكهرباء وعددا من المسؤولين، أكد فيه أن الحكومات السابقة لم تنوع مصادر استيراد الغاز واعتمدت مصدرا واحدا، ما أدى الى تدهور في إنتاج الطاقة الكهربائية في حال نقص واردات الغاز أو توقفها، موجها وزارة النفط، بزيادة حصة المولدات الأهلية من وقود زيت الغاز في المناطق التي تشهد انقطاعات متعددة للتيار الكهربائي، متابعة ضمان توزيع الحصص المقررة للمواطنين من النفط الأبيض وتوفير كميات إضافية في منافذ البيع، توفير الوقود السائل لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية لتعويض النقص الحاصل في واردات الغاز المستورد من إيران.

يشار الى أن العراق وقع في العام 2020 اتفاقا مع الأردن ومصر، وبحسب المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى، في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، أنه سيتم إنشاء خط ريشة- قائم 400 K.V، وإنشاء محطة القائم التحويلية، حيث سينقل المشروع بمرحلته الأولى 150 ميغاواط للمحطات الغربية في حين يصل بمرحلته الثانية والثالثة إلى 900 ميغاواط، وأن المشروع من مشاريع الربط الكهربائي وليس للاستيراد، وإنما لتبادل منفعة الطاقة وخلق استقرار ومرونة للشبكة تحقق مصدر راحة لها، مشيرا الى أن الربط أحيل لشركة جنرال الكتريك بواقع 26 شهرا في مرحلته الأولى، وسيتم تمويل المشروع عبر القروض.

إقرأ أيضا