كيف وقف قاآني وراء “مبادرة بارزاني”؟

تمر العملية السياسية في العراق بمنعطف صعب للغاية، استدعى تدخل الأطراف المؤثرة من أجل عبوره…

تمر العملية السياسية في العراق بمنعطف صعب للغاية، استدعى تدخل الأطراف المؤثرة من أجل عبوره بأقل الخسائر، وأبرز تلك التدخلات ما قام به قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاءاني خلال الأيام القليلة الماضية من خلال تواجده في أربيل، لتكليف زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، بدور الوسيط بين الصدر والإطار التنسيقي.

ويقول المحلل السياسي محمد نعناع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لم يلتق بقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، ولكن الأخير طلب منه عن طريق وسطاء إشراك الإطار التنسيقي والعمل على حكومة توافقية كما هو سائد، لكن المحاولات اصطدمت برغبة الصدر قي تنفيذ مشروع الأغلبية الذي يعد التراجع عنه بمثابة انتحار”.

ويضيف نعناع، أن “قاآني وبعد فشل محاولاته مع الصدر، لجأ الى زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، والذي أجرى اتصالات مع رئيس تحالف الفتح هادي العامري وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي من أجل إيجاد حل لمشاركة الإطار”، مشيرا الى أن “ما حدث في الحنانة (أمس الاثنين)، حيث جمع ممثلي الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة لقاء مع الصدر، تبعته تسريبات عن إظهار الأخير مرونة تجاه مشاركة الإطار، لكن ليس من المؤكد أن يقبل بجميع أطرافه”.

ويوضح أن “قاآني اختار بارزاني لهذه المهمة، لأنه الطرف الأقوى بين المتحالفين مع الصدر، خصوصا وأن لدى إقليم كردستان مصالح سياسية وتجارية مع الجمهورية الإسلامية، وهذا ما لا يتوافر مع حلفاء آخرين”، لافتا الى أن “الاتفاق ليس بالضرورة أن يتضمن مشاركة المالكي والعامري بشخصيهما”.

وشهدت النجف أمس الإثنين حدثا بارزا، تمثل بزيارة رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، للقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وفي خضم الاجتماع، نشر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، تغريدة أعلن فيها أنه صاحب مبادرة اللقاء، معربا عن أمله بأن يخرج بنتائج إيجابية.

وبحسب المعلومات التي تواردت خلال اللقاء، فإن هدفه تمثل في تقريب وجهات النظر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، والتوصل لحل يرضي جميع الأطراف، في ظل تمسك الصدر بموقفه الرافض لمشاركة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بأي تحالف أو بالتشكيلة الحكومية.

وسبق لقادة في الإطار التنسيقي، أن أكدوا في أحاديث سابقة لـ”العالم الجديد”، أن بارزاني يلعب دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر بينهم وبين التيار الصدري، لاسيما وأنه وجه دعوة للإطار لزيارة أربيل، وقد لباها رئيس تحالف الفتح هادي العامري، والتقى بارزاني في منتصف الشهر الماضي.

وحول أنباء وجود قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني في العراق، واجتماعه في أربيل مع بارزاني، فإن مصدرا سياسيا مقربا من الأخير، أكد خلال حديث لـ”العالم الجديد” حدوث الاجتماع، مبينا أن “إيران قد تضحي بحليفها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ومنصب نائب رئيس الجهمورية، كونها تعتبر الحكومة العراقية أهم بكثير من رد الاعتبار للمالكي”.

ويستدرك المصدر، أن “إيران ترى ضرورة أن تكون الحكومة بعيدة عن هيمنة التيار الصدري وحده، وعلى هذا الأساس طلب قااني من بارزاني أن يكون وسيطا لكي لا تبتعد الأطراف الشيعية الأخرى عن الحكومة”، موضحا أن “إيران تريد حكومة توافقية ذات أغلبية وطنية عامة وشاملة، وليس أغلبية صدرية”.

يذكر أنه خلال وجود زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في العاصمة بغداد، الأسبوع الماضي ظهرت مواقف مختلفة، أبرزها تأكيد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، اعتياده على “عدم الرد على من يتجاوز ويشخصن الخلافات السياسية الوطنية… وأن ردي عليهم في الميدان السياسي والأمني”، وذلك ردا على كلمة الصدر عقب رد المحكمة الاتحادية للطعن بانتخاب الحلبوسي يوم 25 كانون الثاني يناير الحالي، حيث قال فيها إنه طلب من رئيس تحالف الفتح هادي العامري التحالف معه “دون المالكي”.

ومن جملة المواقف، تغريدة زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، التي رحب فيها بزيارة الصدر الى بغداد، وتمنى أن تكون بداية لحل الخلافات، لكن محصلة المواقف، وفي ظل توارد الأنباء عن لقاء سيجمع الصدر ببعض قادة الإطار التنسيقي وعلى رأسهم رئيس تحالف الفتح هادي العامري، عاد الصدر الخميس الماضي، الى النجف دون إعلان عن أي لقاء.

الى ذلك، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، أراد أن يؤكد من خلال هذه الرسالة أن نوايا الكرد لا تهدف لشق البيت الشيعي، لذا فقد طرح مبادرة تفضي إلى مشاركة الجميع أو الراغبين بالمشاركة في إطار الاستحقاق الانتخابي”.   

ويؤكد البيدر، أن “المرحلة ماضية باتجاه فكرة حكومة الأغلبية التي دعا إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وفي نفس الوقت يكون هناك ما يسمى بالأغلبية الراغبة بالمشاركة، فهناك كتل سياسية أعلنت عن وقوفها في خانة المعارضة بشكل رسمي، وهنا بقيت الأطراف التي ترغب بمشاركة الإطار التنسيقي، والتي اتهمت في مرحلة من المراحل البيت الكردي بأنه هو المسؤول عن شق البيت الشيعي أو زعزعة أركانه، ولذلك أراد بارزاني أن يوضح للجميع بأنه مع وحدة البيت الشيعي والسني”.

ويتابع “هناك شخصنة في الأزمة الشيعية، وهي العلاقة بين الصدر وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، واذا حصلت أية ترضية بين الطرفين فمن الممكن أن نصل إلى تسويات، وقد تحسب هذه المبادرة التي دعا إليها بارزاني وتمضي جميع الأطراف ضمن الاستحقاقات والتوقيتات الدستورية وتتشكل الحكومة وتشرع في تنفيذ برنامجها”.

يذكر أنه جرى الإعلان سابقا من قبل قيادين في الأحزاب السنية، أن بارزاني قاد وساطة الصلح بين رئيس تحالف تقدم محمد الحلبوسي ورئيس تحالف عزم خميس الخنجر، وعلى إثرها دخلا بتحالف مشترك، قبل أن يتولى الحلبوسي رئاسة البرلمان والخنجر رئاسة التحالف المشترك الذي سمي لاحقا بتحالف السيادة.

جدير بالذكر، أن أغلب القوى السياسية زارت بارزاني في أربيل عقب إعلان نتائج الانتخابات، بما فيها الشيعية والسنية، وعلى مستوى قادة الصف الأول، ومنهم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بالإضافة الى الحلبوسي والخنجر والعامري، ووفد من التيار الصدري.

إقرأ أيضا