عام على تفجير ساحة الطيران.. لجان سائبة وقرارات ناضبة

مرت قبل أيام، الذكرى الأولى لتفجير “ساحة الطيران” وسط بغداد، الذي أودى بأرواح العشرات، وشهد…

مرت قبل أيام، الذكرى الأولى لتفجير “ساحة الطيران” وسط بغداد، الذي أودى بأرواح العشرات، وشهد استنكارا عربيا ودوليا واسعا، من دون إعلان لأية نتائج كاملة للتحقيق الذي انتهى “سائبا” في ظل انتقاد للمعالجات الأمنية التي أجراها رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، في حينها، واصفين التغييرات الأمنية بـ”قرارات انفعالية”.

ويقول العضو السابق بلجنة الأمن والدفاع النيابية علي الغانمي، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التحقيق في القضايا المهمة يحال في العادة إلى لجان تحقيقية، ولكن نهاياتها تكون سائبة غالبا، وهكذا الحال بالنسبة لحادثة تفجير ساحة الطيران قبل أكثر من عام، حيث شهدت استبدال قادة أمنيين بينهم قائد الشرطة الاتحادية (الفريق الركن جعفر البطاط) وعدد من ضباط الاستخبارات”

يذكر أن ساحة الطيران وسط العاصمة بغداد، شهدت في 21 كانون الثاني يناير 2021 تفجيرين انتحاريين بحزامين ناسفين، وتحديدا في سوق الملابس المستعملة ما أدى لمقتل 32 مدنيا على الأقل، وإصابة 110 أشخاص أخرين، ما أثار ردود أفعال مستنكرة محليا ودوليا.

وفور الحادث، أصدر رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي أوامر بإجراء تغييرات عديدة في مفاصل الأجهزة الأمنية، داعيا إلى اجتماع طارئ للأجهزة الأمنية والاستخبارية لبحث الهجوم وعواقبه.

ويضيف الغانمي “كان يفترض بلجنة الأمن والدفاع أن تعقد اجتماعات مستمرة بهدف الإسراع في إعلان النتائج، ولكن الظروف السياسية والاستعداد للانتخابات وقضية حل البرلمان حالت دون متابعة الأمر”.

ويردف أن “رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي وعد بإعلان النتائج، ولكن تم الاكتفاء بالوصول الى بعض المنفذين الذين تم اعتقالهم وقتل أحدهم خلال المداهمة في منافذ اليوسفية والطارمية جنوبي بغداد، ولكن لم يتم الإعلان عن الجهة التي تقف وراء الهجوم لحد الآن”.

ويستدرك العضو السابق بلجنة الأمن والدفاع النيابية، قائلا “صحيح أن العمليات الإرهابية قلت بنسبة كبيرة، إلا أنها تعد تهديدا للأمن القومي، وتشكل خطرا على حياة المواطنين، وبالتالي فإن أية عملية تحقيق أو تحرّ لابد أن تحسم حتى نهايته”، داعيا الى “إنشاء جهة قطاعية تواصل التحقيق في الجرائم الإرهابية، وجمع  الملفات التي لم تحسم، لتعزيز الأمن القومي ومعاقبة المتورطين والمجرمين وحماية المواطنين، وصولا الى نهاية تامة لظاهرة الإرهاب”.

وأجرى الكاظمى، سلسلة إقالات و”تغييرات كبرى”، شملت قادة قطاعات أمنية، كما الشرطة والاستخبارات ومكافحة الإرهاب والعمليات، بعد التفجير المزدوج، تضمنت إقالة وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات الفريق عامر صدام من منصبه، وتكليف الفريق أحمد أبو رغيف بدلا منه، وإقالة مدير عام استخبارات ومكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية (خلية الصقور) عبد الكريم عبد فاضل (أبو علي البصري) من منصبه، وتكليف نائب رئيس جهاز الأمن الوطني حميد الشطري بمهام إدارة خلية الصقور، وربط الخلية بالقائد العام للقوات المسلحة.

وشملت قرارات رئيس الحكومة نقل قائد عمليات بغداد الفريق قيس المحمداوي إلى وزارة الدفاع وتكليف اللواء الركن أحمد سليم بتولي مهام منصبه، الى جانب إقالة قائد الشرطة الاتحادية الفريق جعفر البطاط من منصبه وتكليف الفريق رائد شاكر جودت، مع إقالة مدير قسم الاستخبارات وأمن عمليات بغداد اللواء باسم مجيد من منصبه.

في الأثناء، يقول الخبير الأمني عدنان الكناني، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ساحة الطيران ومحيطها ممسوكة بقبضة من حديد، وفيها اللواء الرئاسي وقوة حماية المنطقة الخضراء، بالإضافة الى قوة من المخابرات والأمن الوطني، وما أعقبته من تغييرات أمنية لم تكن موفقة”.

ويضيف الكناني “لا يعقل أن يتم إجراء هكذا تغييرات غير مبررة لشخصيات حققت نجاحات أمنية، وواجهت الإرهاب ودمرته وقضت مضاجعه وألقت القبض على الكثير من الإرهابيين”، مرجحا “وجود تأثيرات سياسية على قرارت الكاظمي بتغيير تلك الشخصيات”.

ويتابع “ما علاقة الحدث بإقالة جعفر البطاط الذي كان يشغل منصب قائد الشرطة الاتحادية، وإذا كان مقصرا فما علاقة وكيل أو مدير الاستخبارات ومكافحة الإرهاب أو مدير الأمن في وزارة الدفاع”، متسائلا “لماذا لم يطل التغيير جهاز المخابرات الوطني، أو جهاز الأمن الوطني”.

وعلى الرغم من مضي ما يقرب من عقدين على تشكيل النظام السياسي الجديد، وأعوام على القضاء على تنظيم داعش، إلا أن المؤسسات الأمنية المتعددة لم تتمكن من حسم ملف الإرهاب، الذي لا تزال مشاهده عالقة بالأذهان بما أفرزته من خرق للقيم الإنسانية والوطنية والأخلاقية.

إقرأ أيضا