لماذا يرشح المحافظون للبرلمان ويزهدون في عضويته؟

تحول ترشيح المحافظين في الانتخابات التشريعية، الى “ظاهرة” وروتين، فهم يفوزون بالمقعد النيابي، لكنهم يتنازلون…

تحول ترشيح المحافظين في الانتخابات التشريعية، الى “ظاهرة” وروتين، فهم يفوزون بالمقعد النيابي، لكنهم يتنازلون عنه ويتمسكون بمناصبهم التنفيذية، وهو ما أرجعه مختصون الى أسباب عدة، أبرزها البحث عن الحصانة في حال خروجهم من مناصبهم، فضلا عن “المغانم” غير المتوفرة في البرلمان.

ويقول السياسي وائل عبداللطيف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المحافظين الذين يترشحون للبرلمان يطلق عليهم المدللون، فهم يتنعمون بمغانم وسلطة المحافظة، وهذا لا يجدونه في البرلمان، لكنهم يترشحون بهدف الحصول على الحصانة في حال إقالتهم”.

ويضيف عبداللطيف، أن “هناك ضرورة لإزاحة هؤلاء المحافظين والمجيء بجدد، فكفى سنوات من الفساد، لأن هذا يخالف القانون، فالمحافظ يجب أن يستبدل بعد 4 سنوات”.

ويلفت إلى أن “هؤلاء المحافظين تعودوا على التعامل مع حاشية خاصة وصفقات، وأغلقوا آذانهم أمام مطالب الشعب، وبالتالي فإن وجودهم في مناصبهم وترشيحهم للبرلمان كله خطأ بخطأ”.

يذكر أن الانتخابات التي جرت في 10 تشرين الأول أكتوبر الماضي، فاز فيها 4 محافظين وهم: محافظ الأنبار علي فرحان الدليمي، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، ومحافظ صلاح الدين عمار جبر، ومحافظ كركوك راكان الجبوري، وجميعهم تمسكوا بمناصبهم وتنازلوا عن مقاعدهم النيابية ولم يؤدوا اليمين الدستورية.

وقد اعتمدت الانتخابات النيابية الأخيرة، على نظام الدوائر المتعددة بعد أن كانت كل محافظة تشكل دائرة واحدة، وكان يجري اختيار النائب البديل من نفس الكتلة التي ينتمي إليها النائب الأصيل في حال استقالته أو وفاته أو عدم تأديته اليمين الدستورية أو تسنم منصبا تنفيذيا، وهو ما حال اختيار الكتلة للنائب البديل، على عكس ما كان معمولا به في الانتخابات السابقة.

ومن المقاعد التي غيرت معادلة بعض التحالفات، هو مقعد محافظ كركوك، الذي تنازل عنه وذهب لصالح مرشح عن تحالف عزم، فرفع رصيد التحالف بمقعد إضافي، بالإضافة الى فقدان كتلة محافظ البصرة لمقعد المحافظ وذهابه لإحدى القوى المنضوية ضمن الإطار التنسيقي.

وقد شهدت الدورة النيابية الماضية، عدم تأدية اليمين الدستورية من قبل العديد من الفائزين بمقاعد نيابية، أبرزهم رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، فضلا عن محافظ البصرة أسعد العيداني الذي تمسك بمنصبه كمحافظ رغم فوزه بعضوية مجلس النواب، ومحافظ كركوك راكان الجبوري، الذي تمسك أيضا بمنصب المحافظ رغم فوز الجميع بمقعد نيابي.

الى ذلك، يبين النائب المستقل باسم خشان خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك عبثا بالعملية الديمقراطية من قبل بعض المرشحين لمجلس النواب، فبعضهم رشح نفسه في الانتخابات التشريعية، وكان معتمدا على المادة 46 من قانون الانتخابات السابق، التي أتاحت استبدال النائب الفائز والمنسحب بالذي يليه في قائمته، لذلك رشح العديد من المحافظين، ومنهم محافظ كركوك، الذي حاول أن يمنح مقعده لشقيقه الذي حصل على 79 صوتا فقط، ولو تم تعديل هذه المادة أو إلغاؤها في القانون الجديد، لكان شقيق المحافظ دخل البرلمان”.

ويؤكد خشان، أن “منصب المحافظ مهم، وربما يكون أكثر أهمية من منصب النائب في البرلمان، فمهمة إدارة المحافظة هو منصب كبير، حيث أن المحافظين غالبا ما يفضلون منصب المحافظ على منصب النائب في البرلمان، وترشيحهم كان التفافا على القانون لتحقيق أهداف غير التي يأتي بها المرشح الحقيقي لمجلس النواب”.

وتعد قضية المحافظين، من القضايا الإشكالية التي لم تحل، وبحسب الخبير القانوني الراحل طارق حرب، فإن في ظل غياب مجالس المحافظات، فإن تعيين المحافظ “يعود للأصل العام، وهو رئيس الوزراء، إذ يجب أن يقوم بتعيين وكلاء يحلون محل كل محافظ تم تعيينه بصفة نائب أو خرج من منصبه.

وكان مجلس النواب، قد صوت في 26 تشرين الثاني نوفمبر 2019، على إنهاء عمل مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم ومجالس الأقضية والنواحي الحالية التابعة لها، ويكلف أعضاء البرلمان بمهمة مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في كل محافظة على حدة، وذلك استجابة للتظاهرات التي كانت منطلقة في وقتها، وجوبهت من قبل القوات الامنية بالعنف، ما ادى الى سقوط نحو 600 قتيلا ونحو 25 ألف جريح.

يشار الى أن المحكمة الاتحادية، قررت في حزيران يونيو الماضي، قرارا يقضي ببطلان تشريع نيابي بالغاء مجالس المحافظات، بالاضافة الى عدم قانونية استمرار عمل مجالس المحافظات بعد انتهاء دورتها الانتخابية، وذلك على خلفية دعوى رفعها أعضاء مجالس المحافظات للطعن بقرار مجلس النواب.

وجرت آخر انتخابات لمجالس المحافظات في العراق (الانتخابات المحلية) في 30 نيسان أبريل عام 2013، في 12 محافظة من أصل 18، حيث تم استثناء محافظات اقليم كردستان وكركوك المتنازع عليها بين بغداد والاقليم، فضلا عن استثناء نينوى والانبار، حيث كانتا تشهدان تظاهرات معارضة للنظام السياسي في العراق، وذلك قبل عام من سيطرة تنظيم داعش على ثلاث محافظات عراقية.

 وبحسب الدستور، فإن مدة مجالس المحافظات هي أربع سنوات، كما هو حال مجلس النواب، ومن المفترض أن تجري الانتخابات المحلية في عام 2017، لكنه تم تأجيلها، رغم إجراء الانتخابات التشريعية في العام 2018، ولغاية اليوم ما زال قانون إجراء انتخابات مجالس المحافظات بعيدا عن المباحثات السياسية.

إقرأ أيضا