قصر السلام.. بين “المجهول” و”الغامض”!

بات منصب رئيس الجمهورية، محاطا بـ”الغموض”، بعد عدم تقديم الحزب الديمقراطي الكردستاني المتمسك بالمنصب، أي…

بات منصب رئيس الجمهورية، محاطا بـ”الغموض”، بعد عدم تقديم الحزب الديمقراطي الكردستاني المتمسك بالمنصب، أي مرشح بديل لهوشيار زيباري، الذي استبعد من التنافس بقرار من المحكمة الاتحادية، وهو ما سيمنعه من تسنم أي منصب تنفيذي أو نيابي مستقبلا بحسب خبير قانوني، وسط تشديد الإطار التنسيقي “الشيعي” على ضرورة تقديم مرشح متوافق عليه كرديا، و”مستوفٍ للشروط”.

ويقول القيادي الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “موعد الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية انتهى، ولم يقدم الحزب أي مرشح آخر، وعليه فإن المنصب سيذهب للاتحاد الوطني الكردستاني”.

وكانت المحكمة الاتحادية، أصدرت يوم أمس الأحد، قرارا باستبعاد هوشيار زيباري من التنافس على منصب رئيس الجمهورية، وتضمن القرار كلمة “مستقبلا”، وذلك بناء على دعاوى رفعت ضده أمامها من قبل أعضاء في الاتحاد الوطني الكردستاني، بخصوص مسألة استفتاء إقليم كردستان وشبهات ملفاد الفساد وإقالته من البرلمان عام 2016، ما يتعارض مع شروط الترشح لرئيس الجمهورية التي تعتمد على النزاهة وصون الدستور.

ويضيف سلام، أنه “بالنسبة للتحالف الثلاثي (التيار الصدري الحزب الديمقراطي والسيادة)، ومسألة تصويته لصالح مرشح الاتحاد الوطني برهم صالح، فهو يحتاج الى مشاورة بين أطراف التحالف جميعها، ولا يقتصر الأمر على الحزب الديمقراطي فقط”.

ويتابع أن “قرار استبعاد مرشحنا هوشيار زيباري كان سياسيا، وزيباري هو ضحية، وكان متوقعا أن يصدر هذا القرار من المحكمة الاتحادية”. 

وبعد صدور القرار، اتهم زيباري في مؤتمر صحفي، قرار استبعاده بـ”السياسي”، فيما وصف الكثير من قادة الحزب الديمقراطي، زيباري بأنه “ضحية” وأن القرار حمل صبغة “سياسية” كبيرة.

وتزامن القرار مع الساعات الأخيرة قبل غلق باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، الذي فتحته رئاسة البرلمان للمرة الثانية بعد فشل الجلسة الماضية لانتخاب الرئيس، وهو الأمر الذي أثار في حينه لغطا قانونيا، على اعتبار أن جلسة الانتخاب فشلت وليس المرشحين، لكن رئاسة البرلمان أصرت في حينها على فتح باب الترشيح مجددا لمدة 3 أيام، انتهت في الساعة الثالثة من ظهر يوم أمس.   

في هذه الأثناء، وردت أنباء عن ترشيح رئيس البرلمان محمد الحلبوسي نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية، دون التأكد من صحتها أو إعلانها بشكل رسمي.

وبحسب ما تم تداوله، فإن الحلبوسي رشح نفسه للمنصب، وفي حال فوزه فإن نائبه شاخوان عبدالله المنتمي للحزب الديمقراطي الكردستاني، سيكون هو رئيس البرلمان.

يشار إلى أن الحديث عن تبادل رئاستي الجمهورية والبرلمان، بين المكونين الكردي والسني، طرح منذ منتصف العام الماضي، حيث صرح الحلبوسي برغبته في الحصول على منصب رئيس الجمهورية ومنح رئاسة البرلمان للكرد، وهو ما شهد انقساما في المواقف في حينها.

وقد أصبح تقاسم الرئاسات الثلاث، عرفا في العملية السياسية العراقية، دون أن ينص عليه الدستور، وبدأ عقب انتخابات عام 2005، حيث تشكلت حكومة إبراهيم الجعفري (شيعي)، وتسلم منصب رئيس الجمهورية القيادي الكردي الراحل جلال الطالباني، فيما ترأس الجمعية الوطنية (البرلمان حاليا) حاجم الحسني (سني).

الى ذلك، يبين عضو تحالف الفتح علي الجمالي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المكون الكردي إذا اتفق على مرشح واحد، فنحن سندعمه، مع الأخذ بضرورة أن يكون المرشح مستوفيا لشروط الترشيح الى منصب رئيس جمهورية”.

ويردف الجمالي “إما أن نذهب مع حزب كردي دون آخر، فهذه لا نقبلها كإطار تنسيقي، فنحن نحترم خصوصية المكونات، لأن الاتفاق داخلها ينتج تهدئة بالأوضاع داخل المكون أولا وداخل البلد ثانيا، فنحن مع الاتفاق داخل المكون”.

يذكر أنه منذ إجراء أول انتخابات في العراق بعد العام 2003، بات منصب رئيس الجمهورية من حصة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما يحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على وزارات سيادية في التشكيلة الحكومية.

لكن في هذه الانتخابات، أصر الحزب الديمقراطي الكردستاني على منصب رئيس الجمهورية، معتمدا على استحقاقه الانتخابي، حيث يمثل الكتلة الفائزة عن الكرد بفارق كبير بعدد المقاعد عن منافسه الاتحاد الوطني الكردستاني، وقد دخل الحزب الديمقراطي في تحالف مع التيار الصدري وتحالف السيادة، وهي المرة الأولى التي لا يدخل فيها الكرد متوحدين لقبة البرلمان، حيث دخل الاتحاد الوطني بصفته مقربا او متحالف ضمنا مع الإطار التنسيقي.

وحول طبيعة قرار المحكمة الاتحادية، يوضح الخبير القانوني عدنان الشريفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قرار المحكمة الاتحادية هو قرار بات دستوريا ولا يجوز الطعن فيه”.

ويوضح الشريفي، أن “قرار المحكمة الاتحادية، يشمل كافة المناصب ومن ضمنها رئيس الجمهورية، فقد أكدت أن هوشيار زيباري لا تنطبق عليه الشروط الرئاسية من حسن السمعة والسلوك، وهذا الشرط ينطبق على كافة المناصب سواء كانت وزارية أو غيرها، وحتى أنه يمنعه من الترشيح لعضوية البرلمان في الدورات المقبلة”.

ويؤكد “بحسب الدليل الذي استندت عليه المحكمة، فإن زيباري لم تكن ضده أحكام قضائية، وإنما كانت إقالته بسبب شبهات الفساد وهدر المال العام، فهذا الشرط دائما ما يكون من الشروط الواجب توفرها حتى في الموظف البسيط وحسب قانون الخدمة الوظيفية يجب أن يكون حسن السمعة والسلوك، وزيباري فقد هذا الشرط الرئيسي، وسيرته الوظيفية الآن أصبحت سيرة غير حسنة بقرار ثابت من المحكمة الاتحادية”.

يذكر أن المحكمة الاتحادية، كانت من أبرز الجهات التي تعاملت مع الأحداث والأزمة في البلد، منذ اجراء الانتخابات في تشرين الأول أكتوبر الماضي، حيث رفع أمامها الكثير من الدعاوى بشأن الانتخابات والجلسة الأولى للبرلمان ومسألة انتخاب رئيس الجمهورية، إذ ردت المحكمة الطعن المقدم بالانتخابات، ومن ثم ردت الطعن المقدم بجلسة انتخاب هيئة رئاسة البرلمان، ومؤخرا قررت إبعاد مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري عن سباق التنافس للحصول على منصب رئيس الجمهورية.

إقرأ أيضا