ضغط أم استنزاف.. لماذا يكرر الإعلام الإيراني مطالبة العراق بـ”تعويضات الحرب”؟

بين فينة وأخرى، يروج الإعلام الإيراني لضرورة مطالبة العراق بدفع تعويضات مالية عن حرب الثماني…

بين فينة وأخرى، يروج الإعلام الإيراني لضرورة مطالبة العراق بدفع تعويضات مالية عن حرب الثماني سنوات، الأمر الذي وصف من قبل خبراء في الشأن السياسي، بمحاولة “غير قانونية” من قبل “خط متطرف” داخل طهران، بهدف استنزاف ثروات العراق، مطالبين الخارجية العراقية بالرد على تلك المطالبات ومقابلتها بالمثل.

ويقول المحلل السياسي خالد المعيني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أحد شروط اتفاقية الإطار الستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية 2008، كان هو رفع العراق من البند السابع، ولكن الرفع حدث بشكل جزئي، وعليه فإن إيران والكويت وغيرها يستغلان هذه الفقرة، لأن العراق ما زال تحت البند السابع”.

ويضيف المعيني، أن “الإرادة السياسية في العراق ضعيفة، لذا تحاول الدول أن تنهش من ثرواته”، لافتا الى أن “مطالبة إيران بالتعويضات لا تستند إلى أساس قانوني، لأنه لم يتم حسم البلد المعتدي في الحرب حتى اللحظة، إضافة الى أن كلا البلدين تعرضا لأضرار كبيرة ومادية واقتصادية وبشرية”.  

ويؤكد أن “هذه المطالبات هي نوع من الضغط وإعمال السياسة الناعمة، بمعنى أن هذه الدول وكأنها تقول لدينا تعويضات، ولكننا صامتون عنها، وهو ما تجدد الآن بعد انتهاء تعويضات الكويت، أي أنها وجدت فرصة يمكن استغلالها لتجديد الحديث عن التعويضات”، مستدركا أن “مسألة تحديد البلد المعتدي يتم حسمه من قبل الأمم المتحدة، لأن تعريف العدوان بالقانون الدولي غامض، وقد صدر في سبعينيات القرن الماضي”.

وطالبت وسائل إعلام إيرانية، بالحديث عن ضرورة دفع العراق تعويضات لإيران عن حرب الثماني سنوات (1980– 1988)، من بينها صحيفة “سازندكي” التي نشرت على صدر صفحتها الأولى افتتاحية تحت عنوان “ما مصير تعويضات إيران؟”، حيث علقت على سداد العراق لآخر دفعة من التعويضات المترتبة عليه لدولة الكويت والمرتبطة بغزو العام 1990، وركزت على “مصير التعويضات المالية المترتبة على العراق بعد أكثر من 30 سنة من انتهاء الحرب بين البلدين”.

وتنص المادة السابعة من القرار رقم 598 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي أنهى الحرب، على دفع التعويضات من قبل الطرف البادئ بالحرب.

لكن، الخبير القانوني الراحل طارق حرب، كان قد أكد في وقت سابق، أن العراق غير ملزم بموجب القانون الدولي بدفع تعويضات مالية إلى إيران عن الحرب التي دارت بين البلدين، وأن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598 الذي صدر عام 1988 وأوقف الحرب بين البلدين، ولم يتطرق إلى أية تفاصيل خاصة بالتعويضات المالية سواء للعراق أو لإيران، كما أن أية مطالبة، سواء كانت من العراق أو من إيران لدفع تعويضات مالية جراء الحرب، لا يوجد أي أساس قانوني لها.

يذكر أن العراق سدد قبل أيام آخر دفعة من التعويضات للكويت، المترتبة عليه جراء اجتياحها من قبل النظام السابق عام 1991، والتي يبلغ مجموعها 52.4 مليار دولار.

وبحسب المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة مظهر محمد صالح، فانه اكد لـ”العالم الجديد” في كانون الأول ديسمبر 2021، أن إغلاق ملف التعويضات يمثل بداية لإغلاق بقايا البند السابع، ونتوقع بنهاية هذا الملف أن يصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بإخراج العراق من البند السابع بشكل كامل.

من جانبه، يبين رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الصحف الإيرانية لا تكتب من تلقاء نفسها، فهذه ضغوط إيرانية لا تستند للقانون، ولكن بالمقابل يجب أن تؤخذ في الحسبان بالنسبة للسياسة الخارجية، وعلى العراق أن يضع حدا لمثل هكذا ادعاءات، وهو بدوره، عليه أن يطالب بتعويضات عن ما ألحقته إيران بالجانب العراقي كدولة، وليس كنظام سياسي في حينها”.

ويؤكد الشمري، أن “هذا يؤشر وجود تيار متطرف داخل إيران، يسعى لاستنزاف العراق وإخضاعه بأية طريقة”، مبينا أن “هذا الموضوع يطرح بين فترة وأخرى، ولا علاقة له بقضية انتهاء التعويضات الكويتية المكفولة دوليا، بل هو رسائل ضغط إيرانية لاستنزاف العراق”.

يشار إلى أن الجانب العراقي، لم يصدر منه أي رد فعل رسمي على هذه المطالبات لغاية الآن، لكن سبق وأن صدرت في عام 2018، خلال وجود حيدر العبادي على رأس الحكومة العراقية، حيث أعلن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني “حشمت الله فلاحت‌ بيشه”، في حينها، أن التعويضات تعتبر التزامات لا يمكن تجاهلها في علاقات إيران والعراق، قائلا إن العراق قادر على دفع تعويضات الحرب لإيران، ونحن نتوقع أن يتم تنفيذ هذه القضية، وأكد التعويضات تشكل ملفا مفتوحا في العلاقات الإيرانية العراقية وعلي بغداد أن تدفعها.

إقرأ أيضا