تحذير واستعداد لشكوى مضادة في أربيل.. كيف سيطبق قرار “الاتحادية” حول نفط الإقليم؟

بعد قرار المحكمة ببطلان قانون النفط والغاز الذي شرعته حكومة إقليم كردستان العراق دون العودة…

بعد قرار المحكمة ببطلان قانون النفط والغاز الذي شرعته حكومة إقليم كردستان العراق دون العودة الى الحكومة المركزية في بغداد، وقيامها منفردة بتعاقدات البيع، لا تزال آلية تطبيق هذا القرار “مجهولة” في ظل افتقار بغداد للسيطرة على ثروات الإقليم، في ظل استعداد أربيل الرافضة للقرار الى إقامة دعوى مضادة أمام المحكمة الاتحادية بهذا الشأن، مع تحذير من فرض القرار دون تفاهم معها، كونه سيوقف أي حركة استثمار في عموم العراق وليس داخل الإقليم فحسب، فيما حددت عضو سابقة بلجنة الطاقة النيابية الخطوات العملية أمام الحكومة الاتحادية لإدخال القرار حيز التنفيذ.

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني صباح صبحي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مسألة تطبيق قرار المحكمة الاتحادية بشأن عدم دستورية قانون النفط والغاز في الإقليم، يتوقف على الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي والحكومة المقبلة، فهذا الأمر في غاية الحساسية ومسألة تطبيقه يمكن أن تكون لها تبعات خطيرة”.

ويوضح صبحي، أن “تطبيق القرار سيؤدي الى زعزعة الاستثمار بل توقفه، وانعدام ثقة المستثمرين، وبالتالي انهيار الاقتصاد العراقي والعملة الوطنية، خاصة وأن الإقليم يعتبر منطقة جذب كبيرة لهم، وأن تواجدهم يشيع انعكاسا إيجابيا على اقتصاد البلد بشكل عام وليس للإقليم فقط”، لافتا الى أن “كثيرا من المستثمرين في الوسط والجنوب، يسكنون داخل الإقليم ومكاتبهم متواجدة فيه، لشعورهم بالأمان والاستقرار هناك، أي أن تطبيق القرار بكل الأحوال سيؤثر سلبيا على عموم البلد”.

ويردف “هناك اتفاقات مسبقة أبرمت بين بغداد وأربيل، وأهمها الاتفاق الذي أبرم مع حكومة نوري المالكي عام 2007، وعلى أساسه أقر قانون النفط والغاز في الإقليم حينها، وبالتالي فإن هذا القانون الذي أقرت المحكمة الاتحادية بعدم دستوريته، له أسباب وحثيثيات ولم يقر اعتباطا”.

ويتابع “كانت هناك ضرورة لإجراء تفاوض في مسألة الاستحقاق المالي بين بغداد وأربيل، كون الأموال التي دخلت الإقليم كعائدات من النفط، جاءت بصورة رسمية ودخلت لحساباته، وتم صرفها لتمويل رواتب الموظفين، وهذا الأمر، أي توجه الإقليم لتصدير النفط بصورة مستقلة، جاء نتيجة لعدم إيفاء بغداد بتعهداتها بدفع رواتب الموظفين”، مبينا أن “موازنة العام الماضي تضمنت إقرارا من البرلمان بإمكانية تصدير الإقليم للنفط لتغطية الرواتب، وقد أوفت الحكومة بدفع 200 مليار دينار لتكملة المصاريف”.

ويكشف صبحي، أن “الإقليم يبحث الآن رفع دعوى أمام المحكمة الاتحادية بشأن كافة التجاوزات التي حصلت على الدستور سابقا، وهي التي أدت بنا الى تشريع قانون النفط والغاز”.

وبشأن آلية تطبيق القرار، يشدد على “ضرورة أن يكون هناك تفاوض حقيقي لتطبيق القرار من منظور سياسي وليس وفق منظار قانوني وبحذافيره، أي بمعنى أن يكون لدى الحكومة المركزية علم أو سيطرة على مبيعات النفط، لكن هناك استحقاقات بالمقابل يجب أخذها بعين الاعتبار، وبالتالي لا يوجد ضير من بيع الحكومة للنفط، في حال تم صرف تلك الأموال على الرواتب”.

يشار الى أن الحكومة الاتحادية برئاسة نوري المالكي عام 2007، توصلت الى اتفاق شبه نهائي مع إقليم كردستان بشأن تصدير النفط، وقد كتبت مسودته برعاية أمريكية، لكن لم يصل الاتفاق الى مراحله النهائية، حيث سرعان ما أصدر الإقليم قانون النفط والغاز الخاص به، وأتاح لنفسه التعاقد مع شركات أجنبية، وفق صيغة المشاركة في الإنتاج حصرا، لحقول داخل محافظات أربيل والسليمانية ودهوك ونينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين، وفق مقال لوزير النفط الأسبق عصام الجلبي.

ومنذ ذلك العام، يتجدد الخلاف سنويا حول تصدير إقليم كردستان للنفط، وخاصة في الفترة التي تشهد إقرار الموازنة، حيث دائما ما يوضع في قانون الموازنة كشرط يقضي بتسليم أربيل النفط لبغداد، مقابل دفع رواتب موظفي الإقليم، لكن لم يتحقق.

وأبرمت بغداد وأربيل عشرات الاتفاقيات المؤقتة بهذا الصدد، وهي الأخرى سرعان ما تشهد خرقا وينتهي دورها، لتبدأ جولة مفاوضات أخرى وتواجه ذات المصير.

وكانت المحكمة الاتحادية، أصدرت الثلاثاء الماضي، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، بل يجب أن يكون التصدير عن طريق بغداد، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية مؤخرا.

ومن ضمن قرار المحكمة الاتحادية، فانه في حال عدم التزام إقليم كردستان بتطبيق القرار، فإن هذا سيؤدي الى استقطاع مبالغ تصديره النفط من نسبته في الموازنة الاتحادية. 

يشار إلى موازنة العام 2021، كانت نسبة إقليم كردستان فيها اكثر من 14 بالمائة بقليل، وذلك بعد مفاوضات استمرت لأشهر عدة، أدت الى تأخر إقرار الموازنة لغاية شهر آذار مارس من ذلك العام. 

يذكر أن رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني، أكد أن قرار المحكمة الاتحادية “أثار انزعاجاً كبيراً” في الإقليم، وأن القرار قائم على قانون يعود إلى عهد النظام السابق، أغفل مبادئ الفدرالية والحقوق الدستورية لإقليم كردستان، ولا ينسجم مع روح الدستور والنظام الاتحادي، ولا يمكن أن يكون قابلاً للتنفيذ على أرض الواقع.

الى ذلك، تبين النائب زهرة البجاري، وهي عضو بلجنة النفط والطاقة النيابية السابقة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “جميع موازنات العراق وخاصة موازنة 2021، كانت تشدد على تسليم أربيل النفط لبغداد، وليس الأموال الى الحكومة المركزية، وتكون بغداد هي المسؤولة عن التصدير، لكن اتضح أن هناك عدم التزام من حكومة الإقليم بهذا الموضوع”.

وتشير إلى أنه “لطالما وقع إقليم كردستان ضمن الحدود العراقية واعترف أن هناك حكومة مركزية ومشارك فيها، ونحن اليوم في طور تأسيس الحكومة، ونرى أن رئاسة الجمهورية هي للكرد، لذلك فإنه يفترض أن يمتثل الإقليم لقرارات المحكمة الاتحادية، فهي قرارات ثابته لا رجعة فيها”، مؤكدة أن “الموانئ تحت سيطرة الحكومة المركزية والمنافذ الحدودية أيضا، ومن المفترض أن يكون نفط الإقليم تحت سيطرتها أيضا، وذلك عبر وضع عدادات تبين كم يصدر ولمن، وأيضا تقوم كل من وزارة الخارجية مع وزارة النفط ورئاسة الوزراء بإكمال إجراءات منع التصدير، عبر التواصل مع الشركات والدول التي تشتري نفط الإقليم”. 

وتنوه الى “ضعف الحكومة المركزية هنا، وأنها كانت في الفترة السابقة تحت الضغط، حتى في قرارات الموازنة، كما أنها لم تتابع تنفيذ بنود الموازنة، لذا نتمنى أن تكون حكومتنا الاتحادية قوية وتفرض تطبيق قرار المحكمة الاتحادية”. 

وكانت “العالم الجديد” قد سلطت الضوء على هذا القرار في تقرير لها يوم أمس، وبحسب مختصين، فإن سيطرة الحكومة الاتحادية على تصدير نفط الإقليم سيرفد العراق بمنفذ جديد ويعظم إيراداته بدلا من ذهاب الأموال لصالح حكومة إقليم كردستان العاجزة عن تأمين الرواتب، وبالمقابل فإن بغداد ستكون قادرة على توفير حصة الإقليم من الموازنة بما فيها رواتب موظفيه. 

يشار إلى أن رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، كان قد رفع دعوى في المحكمة الدولية ضد تركيا، بسبب شراء الأخيرة النفط من إقليم كردستان، ووصلت الدعوى لمراحلها الأخيرة، لكن بعد تولي عادل عبدالمهدي رئاسة الحكومة وبتدخل من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، تم تأجيل الدعوى لمدة 5 سنوات بناء على طلب الحكومة العراقية.

جدير بالذكر أن قيمة الدعوى التي رفعها العراق تبلغ 26 مليار دولار، كتعويض عن شراء تركيا للنفط دون علم الحكومة الاتحادية.

وكان الرئيس التركي أعلن مطلع الشهر الحالي، عن نية بلده استيراد الغاز من العراق، وبعد أيام فقط، نشرت وسائل إعلام تركية نقلا عن رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في برلمان إقليم كردستان علي حمه صالح، أن حكومة الإقليم ستبدأ عملية بيع الغاز الطبيعي إلى تركيا في عام 2025، وأشار الى أنه من المخطط إتمام مد خط أنابيب للغاز الطبيعي إلى تركيا، وأن المرحلتين الأولى والثانية من إنشاء خطوط أنابيب الغاز المذكورة قد بدأت.

إقرأ أيضا