تغريدة الصدر.. خطوة للإصلاح أم “ضربة” للإطار؟

أثارت تغريدة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حول سعر صرف الدولار، جدلا واسعا داخل الأوساط…

أثارت تغريدة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حول سعر صرف الدولار، ردود أفعال محسوبة أو غير محسوبة داخل الأوساط السياسية والحكومية، ففي وقت رآها بعض المحللين السياسيين “ضربة” موجهة الى الإطار التنسيقي لـ”تورط” بعض أعضائه بملف “المصارف الأهلية”، واعتبرها حلقة ضمن مسلسل السجال المستمر بين الطرفين، نفاه آخرون، مستبعدين أي دوافع ثأرية لدى الصدر تجاه قرار المحكمة الاتحادية، والذي استهدف مصالح اقتصادية لحليفه القوي في أربيل، لتأتي الرسالة “الحادة” لوزير المالية علي علاوي والموجهة الى رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لتحرج الأخير الباحث عن ولاية ثانية.

وفي واحدة من ردود الأفعال المتوقعة من قبل الإطار التنسيقي، يقول النائب عن كتلة صادقون والتابعة لعصائب أهل الحق، محمد البلداوي، إن “عملية تغيير سعر صرف الدولار كانت غير مدروسة وغير واقعية، حيث كان الهدف المفترض منها هو الحد من تهريب العملة للخارج، وهذا لم يحصل أبدا، لأن القائمين عليها حققوا غايات وأهدافا لبعض المصارف، والصدر أشار إليها بالاسم، وهذا دليل على أن تحالف الفتح كان على حق باعتراضه على رفع سعر الدولار، كونه سيلحق الضرر بالشريحة الضعيفة من أبناء الشعب، خلافا للكتل الأخرى التي أيدت تلك الخطوة”.

ويضيف البلداوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة تفتقر للرؤية الاستراتيجية، وعاجزة عن إدارة الأزمة الاقتصادية والمالية، بل زادت المشهد سوءا”.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد نشر تغريدة أمس الأول الخميس، حول سعر صرف الدولار، وطالب فيها بـ”إيقاف تهريب العملة”، و”النظر في أمر بعض البنوك العائدة لأحزاب”، و”استدعاء مدير البنك المركزي ووزير المالية تحت قبة البرلمان فوراً”.

وسرعان ما أعلن نائب رئيس البرلمان حاكم الزاملي، عن تحديد اليوم السبت، موعدا لحضور محافظ البنك المركزي ووزير المالية، بعد إبلاغهم بقرار الاستدعاء.

يذكر أن سعر صرف الدولار، قد تم تغييره في أواخر 2020، بقرار من البنك المركزي، ودعم حكومي لسد العجز والحد من تهريب العملة من البلد، وأثار في حينها لغطا كبيرا. 

وجاءت هذه الخطوة، في ظل مشهد معقد، وبالتحديد بعد يومين من إصدار المحكمة الاتحادية قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعه من تصدير النفط بشكل منفصل عن الحكومة الاتحادية، الأمر الذي اعتبره الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني قرارا “سياسيا” له علاقة بالتحالف الثلاثي مع الصدر ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

الى ذلك، يبين المحلل السياسي صلاح الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “توقيت القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية بشأن نفط إقليم كردستان، إشكالي ومثير للجدل، خاصة وأن له تداعيات على الوضع الاقتصادي للإقليم، لاسيما وأن المحكمة الأمريكية حكمت ضده سابقا وأكدت أن إسرائيل إحدى مشتريه، كما أن هناك دعوى مرفوعة أمام المحكمة الاتحادية منذ 2012 ضده، وبالتالي فكل هذه العوامل قد تظهر محاولة قلب الطاولة على التحالف الثلاثي (الصدر وبارزاني والحلبوسي)”.

ويرجح الموسوي، أن “تكون خطوة الصدر الأخيرة بشأن الفواتير المزورة، وذكره لأسماء بعض المصارف، ردا على الإطار التنسيقي، فقرار المحكمة الاتحادية في جوهره يشكل ضربة لأحد أضلاع التحالف الثلاثي، وربما تكون خطوة الصدر قد أتت للرد”.

ويستدرك “أما قضية تغيير سعر صرف الدولار فهي قضية شائكة، حيث أن نواب التيار الصدري وافقوا على تغييره في الدورة النيابية السابقة، ما أدى الى غلاء المعيشة وتسبب بمعاناة المواطنين، لكن هذه القضايا تتعلق عادة بالمواقف السياسية الآنية”.

ويردف أن “العراق يشهد صراع امتيازات بين الكتل وتسجيل نقاط، فقرار نفط الإقليم شكل ضربة للطرف الآخر جعله يعيد ترتيب حساباته”.

في هذه الأثناء، تداولت وسائل التواصل الاجتماعي، رسالة حادة ومطولة منسوبة لوزير المالية علي علاوي، الى رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، عصر أمس الجمعة، رفض فيها استدعاءه للبرلمان، من قبل نائب رئيس مجلس النواب حاكم الزاملي (عن التيار الصدري) لبحث سعر الصرف، فور تغريدة للصدر، بهذا الشأن، معللا ذلك بالحفاظ على “كرامة الحكومة”.

وفيما تضمنت الرسالة تأكيده على أن “الحكومة ليست مسؤولة أمام أي حزب سياسي.. إنها مسؤولة فقط أمام الشعب العراقي من خلال مجلس نوابه.. إذا لم نرفض كحكومة، هذه التدخلات الشائنة من قبل الأحزاب السياسية، فقد نتنازل عن استقلال الحكومة”، أعلن عن رفضه “إدارة الحكومة من خلال تغريدات القادة السياسيين” أو معاملته “كواحد من أتباعه”، واصفا انتقاد تغيير سعر صرف الدولار بـ”الكذبة المتعمدة”.

في الأثناء، يشير المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “خطوة الصدر، إذا كانت لتنفيذ برنامجه الإصلاحي فهي إيجابية حتى لو فسرت على أنها استهداف أو ضربة للخصوم، وسط شيوع حالات التخوين لأية خطوة إصلاحية”.

ويؤكد البيدر، أن “التحالف الثلاثي الذي يضم الصدر والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، بدأ يتعرض لتسقيط واضح وممنهج”، نافيا “أي ربط بين قرار المحكمة الاتحادية بشأن نفط إقليم كردستان وبين ما طرحه الصدر”.

وبشأن عرقلة الصدر لاستجواب محافظ البنك المركزي خلال الدورة النيابية السابقة، ودعوته الآن لاستجوابه، يرد بأن “المواقف تتغير بالنسبة للتيار، وقد تكون عملية استجواب محافظ البنك المركزي مضرة بمصالح التيار الصدري في تلك المرحلة، لكنها الآن قد تكون خطوة إصلاحية من وجهة نظره”.

وحول رسالة وزير المالية علي علاوي التي هاجم فيها الصدر ورفضه الحضور للبرلمان، يبين البيدر، أن “الرسالة أحرجت الموقف الحكومي، ولكنها تميل للواقعية، كون الأحزاب الحاكمة تتحكم بالسلطة ويجب تغيير هذه المفاهيم أيا كانت المرجعية السياسية، ويجب أن لا يكون الوزير خادما لبعض الأحزاب وأن يأخذ دوره الحقيقي، خصوصا في التفاصيل الاستراتيجية والمالية والاقتصادية ويمنح الفرصة المناسبة”.

ويتابع “شاهدنا في أكثر من حكومة، وزراء ظل، حيث يصبح دور الوزير شكليا لا أكثر، وما انفجار وزير المالية بهذه الرسالة إلا بسبب التراكمات والإهانات التي يتلقاها المسؤولون”، لافتا الى أن “شخصية مثل وزير المالية لا تعرف الرضوخ لقرارات تطلق من رجل دين أو شيخ عشيرة”.

وفي مسلسل الجدل الذي أحدثته تغريدة الصدر، أصدر ائتلاف دولة القانون بزعامة غريم الصدر التقليدي، رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، بيانا اعتبر فيه الحديث عن إعادة سعر الصرف تأكيدا لرؤية الائتلاف الرافضة منذ البداية، خلافا لأغلب الأطراف السياسية التي اقتنعت بالمسوّغات التي ساقتها وزارة المالية آنذاك.

يشار الى أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، طالب في آذار مارس 2021 الأحزاب السياسية بـ”الابتعاد عن المزايدات في قضية سعر صرف الدولار، فالقرار اتخذ من البنك المركزي وفق رؤية واستراتيجية هادفتين”.

إقرأ أيضا