وثائق سويسرية.. “كريديه سويس” بخدمة مديري مخابرات بينهم متاجر بالنفط العراقي (تحقيق)

منذ أواخر سبعينات القرن الماضي بدءاً من الحرب في أفغانستان إلى ما بعد الحرب على…

منذ أواخر سبعينات القرن الماضي بدءاً من الحرب في أفغانستان إلى ما بعد الحرب على الإرهاب في 11 أيلول سبتمبر، اعتمدت استراتيجية حرب الظل الأميركية على شخصيات استخباراتية بارزة من أنظمة متهمة بالفساد والتعذيب. القاسم المشترك بين عدد من هؤلاء الرجال وعائلاتهم هي العلاقات مع بنك “كريدي سويس”.

في فيلم الجاسوسية الاستخباراتية “جسد الأكاذيب” Body of Lies لعام 2008، قام الممثل البريطاني الصارم كالامساك ان الامساك بالارهابيين. لعب دور العملاء في هذا الفيلم الممثلين راسل كرو وليوناردو دي كابريو. ما لم يدركه رواد السينما على الأرجح، هو أن هاني سلام كان مبنيًا على شخصية حقيقية: رئيس جهاز مخابرات اردني أسمه سعد خير. 

ترأس المشير خير “دائرة المخابرات العامة في الأردن بين عامي 2000 و2005 ، حيث عمل حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب. ولكن على الرغم من الاحتفاء به في قاعات السينما كبطل استخباري يساعد الولايات المتحدة في القبض على الأشرار، إلا أن أنشطة خير في الحياة الواقعية كانت موضع شك من الناحية الأخلاقية. بالإضافة إلى مزاعم قيامه بالتربح غير المشروع من تجارة النفط العراقي، أشرف المشير خير على دور الأردن في برنامج التسليم الاستثنائي الأمريكي ، حيث كان يدير وكالة أمنية متهمة بتعذيب السجناء “والإشراف على محاكم صورية. 

وفي عام 2003، فتح أيضاً حساباً شخصيا في بنك كريدي سويس. ونما الحساب على مدى سبع سنوات ليبلغ في نهاية المطاف مبلغ 28.3 مليون فرنك سويسري، قبل إغلاقه بعد أشهر من وفاته في عام 2009. 

لم يكن المشير خير رجل المخابرات الوحيد الذي خبأ ثروته في بنك كريديه سويس .وجد الصحفيون أن 15 من كبار الشخصيات المخابراتية البارزة من جميع أنحاء العالم ، وبعض أفراد أسرهم ، كانوا أيضًا عملاء للبنك.

تأتي هذه الاكتشافات من مجموعة ضخمة من البيانات المصرفية المسربة الخاصة ببنك كريدي سويس .وتغطي البيانات المصرفية لهذا البنك من الأربعينات حتى نهاية العقد الماضي.

 

تحقيق الاسرار السويسرية

اسرار سويسرية هو مشروع صحافي تشاركي قام على تسريبات خاصة ببيانات حسابات مصرفية من البنك السويسري العملاق “كريديه سويس”. 

قام مصدر غير معرف بمنح هذه المعلومات لصحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانية التي شاركتها مع مشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود OCCRP.ORG و46 مؤسسة إعلامية شريكة في المشروع. قام صحافيون يعملون في خمس قارات بتمشيط آلاف الحسابات البنكية، وقابلوا مصادر داخلية ومنظمين للسوق المصرفية وأعضاء في سلك النيابة الجنائية وبحثوا داخل أوراق المحاكم وفي إشهارات الذمم المالية لمقاطعة ما سرب إليهم مع ما خلصوا إليه. تغطي البيانات أكثر من 18,000 حساب بنكي فتحت منذ أربعينيات القرن الماضي لغاية العقد الأخير، حملت هذه الحسابات أموالا بقيمة 100 مليار دولار على الأقل.

وقال المصدر الذي سرب البيانات في بيان “اعتقد ان قوانين حماية السرية المصرفية في سويسرا غير أخلاقية”. وأضاف المصدر: “استخدام ذريعة حماية الخصوصية المالية هي مجرد ورقة توت تغطي الدور المخزي للبنوك السويسرية كمتعاون مع المتهربين من الضرائب. ويسمح هذا الوضع بالفساد ويحرم البلدان النامية من الإيرادات الضريبية التي تشتد الحاجة إليها”.,حيث أن بيانات كريديه سويس التي حصل عليها الصحفيون غير كاملة، هناك عدد من المحاذير المهمة التي يجب مراعاتها عند تفسيرها.

 أنقر هنا لتقرأ المزيد عن المشروع ، من أين أتت البيانات ، وماذا تعني.

غالبية العملاء الـ15 كانوا يحتلون مناصب كبيرة في أجهزة المخابرات العامة في دولهم. تضمنت البيانات اسماء لعدد آخر من كبار الشخصيات الاستخبارية لكن `occrp  قررت عدم ذكر أسمائهم لأن فريق الصحفيين لم يستطع تأكيد هويتهم بشكل يقطع الشك باليقين.

بالاضافة الى المشير خير هناك ثلاث مديري أجهزة مخابرات يظهرون في البيانات وتتقاطع حياتهم المهنية بمراحل مماثلة: اللواء عمر سليمان من مصر والجنرال أخطر عبد الرحمن من الباكستان وغالب القمش من اليمن.

هؤلاء الأربعة أداروا أجهزة وكانت تحت سيطرتهم موازنات “سوداء” ضخمة كانت خارج إطار رقابة السلطات التشريعية والتنفيذية. هذه الشخصيات جميعا أو أعضاء من أسرهم كان لهم حسابات شخصية مليئة بمبالغ كبيرة من الأموال دون أن تكون هناك مصادر واضحة لتفسير الثراء.

وفي وقت من الأوقات عمل الاربعة مع جهاز الاستخبارات الامريكي ال سي اي ايه. ارتبطت أسماؤهم بصراعات سياسية بدأت مع تدخل الاستخبارات الامريكية في افغانستان بداية ال ١٩٧٠ مرورا بحرب الخليج الأولى في ١٩٩٠ وما سمي بعدها “بالحروب اللامتناهية” التي سادت أفغانستان والعراق منذ ٢٠٠١.

ثلاثة منهم: اللواء القمش واللواء سليمان والمشير خير كانوا يديرون مؤسسات عرف عنها أنها انخرطت في التعذيب.

وثمانية أعضاء في أسرهم كان أيضا لهم حسابات في بنك كريديه سويس

كأشخاص مكشوفين (معروفين) سياسيا وأقاربهم من الدرجة الأولي كان ينبغي أن تثير تلك الحسابات أسئلة كثيرة تتعلق بالعناية والتدقيق الواجبة لبنك كريدي سويس. ووفقا لخبيرة الامتثال السويسرية مونيكا روث، تعتبر البنوك عادة عملاء المخابرات السرية عملاء حساسين بشكل خاص.

قالت روث “لن أخذهم عملاء- فهذا أمر محفوف بالمخاطر للغاية”، مضيفةً أن رؤساء المخابرات غالباً ما يكونون “أشخاصا لهم قدر كبير من السلطة وعلاقات مشكوك فيها ومصادر أموال غامضة للغاية .

وقال أحد التنفيذيين السابقين في بنك كريدي سويس لـ OCCRP في حال جاء رئيس مخابرات مثل المشير خير، فإن مجرد فتح حساب في البنك يجب أن يرفع علما أحمر وعديد البنوك في سويسرا كانت لن تقبل بالحساب. لكن كريديه سويس يقبل“.

من غير الواضح ما هي الطريقة التي اتبعها البنك للتعامل مع هذه الحسابات بعناية وتدقيق أكثر.

ورفض بنك كريديه سويس التعليق على الأفراد متذرع بالسرية المصرفية التي يوفرها القانون السويسري والتي تمنع البنوك من توفير أية معلومات أو التعريف بعملائه وإعطاء معلومات عنهم. وقال البنك إنه “يدير أعماله بإمتثال مع كافة القوانين والتعليمات الواجبة محليا ودوليا” إضافة إلى قيامه بتقوية “إطر إدارة المخاطر وأنظمة التحكم“.

أخطر عبد الرحمن وتدفقات الأموال السرية

قبل ان يفتح المشير خير حسابه في كريديه سويس قامت شخصيات استخبارية عملت على مساعدة أمريكا في حربها بالوكالة ضد القوات السوفياتية في أفغانستان على بناء علاقاتها مع كريدي سويس. في نهاية السبعينيات من القرن الماضي قامت الولايات المتحدة بدعم سبع مجموعات مختلفة من المجاهدين كانوا يقاتلوا الحضور السوفياتي في أفغانستان.

قامت المملكة العربية السعودية بمضاهاة هذا التمويل الأمريكي (على اساس دولار من السعودية مقابل دولار من أمريكا) وغالبا ما أرسلت الأموال إلى الحساب المصرفي السويسري الخاص بوكالة الاستخبارات المركزية. وكان المستفيد النهائي من هذه العملية هو “وكالة الاستخبارات الباكستانية”، بقيادة الجنرال أخطر عبد الرحمن.

بحلول الوقت الذي تم فيه فتح حسابات بنك كريدي سويس بأسماء أبنائه الثلاثة في منتصف الثمانينيات، كان الجنرال أخطر بارعاً في إيصال أموال وكالة الاستخبارات المركزية إلى أيدي المتمردين الأفغان. كما كتب محمد يوسف، زميل أخطر في الاستخبارات الباكستانية الذي ألف لاحقاً كتاباً عن تلك الحقبة أن “الأموال الأمريكية والسعودية مجتمعة التي تصل إلى عدة مئات الملايين من الدولارات سنويًا ، تم تحويلها من قبل وكالة المخابرات المركزية إلى حسابات خاصة في باكستان تحت سيطرة المخابرات الباكستانية“.

يزعم كل من يوسف وستيف كول – مؤلف كتاب “حروب الأشباح” الحائز على جائزة بوليتزر لعام 2005 – أن أخطر كان الرجل الذي يقرر إلى أين ستذهب هذه الأموال بعد ذلك

لتدريب المجاهدين على الأسلحة المتطورة، وثقت وكالة الاستخبارات المركزية به وسلمته مبالغ بالملايين. وبحلول عام 1984، كانت ميزانية وكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان، حتى قبل أخذ التمويل السعودي في الحسبان، تبلغ نحو 200 مليون دولار.

قال مصدر استخباراتي من جنوب آسيا لـ OCCRP “كان من السهل في تلك المرحلة من الزمن فتح حسابات مصرفية سويسرية بأي شكل أو نوع لتحويل الأموال العلنية“.

وقال المصدر إن “الجنرال اخطر كان يفعل ذلك لكي بملأ جيوبه”. “الكثير من الأموال تم اختلاسها من حرب أفغان لتجد طريقها إلى حساباته المصرفية“.

أحد حسابي عائلة الجنرال أخطر في بنك كريدي سويس – الذي يشترك في إدارته أبناء أخطر الذين كانوا في بدايات العشرينيات من العمر وهم أكبر وغازي وهارون – فتح في 1 يوليو 1985، كا وهو نفس العام الذي أثار فيه الرئيس الأمريكي رونالد ريغان مخاوفه حول الوجهة النهائية للأموال التي كان من المفترض أن تصل للمجاهدين.

وبحلول عام 2003، عندما أصبح أبناء الجنرال أخطر رجال أعمال، كان هذا الحساب يملك أكثر من خمسة ملايين فرنك سويسري. أما الحساب الثاني، الذي فتح في كانون الثاني/يناير 1986 تحت اسم الجنرال أكبر وحده، فقد كان يحتفظ بأكثر من 9 ملايين فرنك سويسري بحلول تشرين الثاني/نوفمبر 2010

وتوفي الجنرال أخطر في حادث تحطم طائرة عام 1988 أودى أيضا بحياة رئيسه الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق

لم يرد أكبر وهارون على طلبات للحصول على تعليق منهم. وقال غازي خان في رسالة إلى OCCRP أن المعلومات التي وصلته لم تكن “صحيحة”. وقال: أنفي ذلك”. وأضاف قائلا: “هذا السياق تخميني“.

غالب القمش: ‘الصندوق الأسود’ لصالح

بينما كانت وكالة الاستخبارات المركزية والجنرال أخطر تتعاونان في أفغانستان، بدأ اليمني غالب القميش صعوده المهني

وبحلول عام 1980، ترأس اللواء القمش جهاز الأمن الوطني اليمني، المعروف باسم جهاز الأمن السياسي. وكما كان يفعل الجنرال أخطر من باكستان، فقد نسق اللواء القمش عملية تجنيد اليمنيين الجهاديين في الحرب الأفغانية ضد السوفييت.

كانت شخصية اللواء القمش تطغى على جهاز الأمن اليمني لعقود، كمنفذ رئيسي للمهام المطلوبة من الرئيس القوي علي عبد الله صالح، الذي حكم البلاد من عام 1978 إلى عام 2012. عندما قصفت القاعدة المدمرة الأمريكية يو اس اس كول الأمريكية في ميناء عدن اليمني عام 2000، كلف الرئيس صالح اللواء القمش الذي كان متردداً في البداية بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية في ملاحقة المشتبه بهم.

وفقاً لثلاثة ضباط عملوا تحت قيادة اللواء القمش في جهاز الأمن السياسي اليمني، كان اللواء القمش هو المسؤول الأمني الأكثر إثارة للرعب في البلاد. و وصفوه بأنه “الصندوق الأسود” للرئيس صالح. المصادر الثلاثة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها خوفاً ، أبلغت OCCRP وشركائها أن اللواء القمش كان لديه “ميزانية أولية تتكون من ملايين الدولارات” للتصرف بها كما يحلو له.

وبحلول الوقت الذي أصبح فيه اللواء القمش كبير رجال المخابرات في اليمن، ومساعداً للأميركيين على تفكيك الخلايا الإرهابية في أوائل القرن الحادي والعشرين، كان لديه ملايين الدولارات التي لا يمكن تفسير أسبابها مخبأة في بنك كريدي سويس.

كان أحد حساباته، الذي تم فتحه في عام 1999، أي قبل عام من الهجوم على المدمرة كول، يحتوى ما يقرب من خمسة ملايين فرنك سويسري بحلول عام 2006، وهو نفس العام الذي فر فيه بعض المشتبه بهم في حادثة كول من سجن يمني.

غالب القمش

اتُهم القمش بانتهاكات مختلفة، بما في ذلك المشاركة في برنامج التسليم الاستثنائي الأمريكي (الترحيل السري)، الذي شهد إنفاق الملايين من أموال وكالة الاستخبارات المركزية على المسؤولين في الدول الحليفة لتعذيب واستنطاق مشتبه بهم بالإرهاب. وتظهر الوثائق الرسمية أن مبالغ ضخمة دفعت إلى البلدان التي استضافت المواقع السوداء، وإلى الشركات التي قامت برحلات جوية، و أولئك الذين قاموا بالتعذيب والاستجواب.

وقالت روث بلاكلي من مشروع الترحيل السري – مشروع يضم مجموعة من الأكاديميين البريطانيين الذين حققوا في البرنامج الأميركي – “إذا كان هناك دليل على أن كبار مسؤولي الاستخبارات كانوا يتكسبون ماليا ً من التواطؤ في برنامج الترحيل والاعتقال والاستجواب الذي قادته وكالة الاستخبارات المركزية، فإن ذلك يستدعي إجراء تحقيق شامل“.

تسليم استثنائي 

بعد أحداث 11 أيلول/أيلول، أنشأت وكالة الاستخبارات المركزية “مواقع سوداء” في البلدان الحليفة حول العالم -سجون سرية حيث يحتجز فيها المشتبه في أنهم إرهابيون بمعزل عن العالم الخارجي. كما أسند الأمريكيون مهام الاستجوابات إلى أنظمة قمعية مثل مصر والأردن واليمن، حيث تعرض المحتجزين للتعذيب للحصول على معلومات لتعزيز الحرب على الإرهاب. كشف التحقيق التاريخي الذي أجراه مشروع الترحيل السري بقيادة الأكاديميين بالتعاون مع مكتب الصحافة الاستقصائية في العام 2019 ، عن أدلة مستفيضة حول 60 “مسار” لطائرات الترحيل السري شملت أكثر من 120 عملية تسليم فردية 

إذا كان بنك كريدي سويس قد شكك في مصدر أموال اللواء القمش أو ملاءمته كعميل، فإن ذلك لم يمنع البنك من التعامل معه. استمرت حساباته لفترة طويلة بعد تورطه في برنامج التسليم السري وقمع المعارضين السياسيين اليمنيين. 

قال أحد كبار الضباط ممن خدم مع اللواء القمش: “من خلال جهاز الامن السياسي ، كان (القمش) مسؤولاً عن اعتقال جميع العناصر التي كان يُنظر إليها على أنها معارضة لنظام صالح”، في حين أضاف آخر: “لم يكن أحد يعرف كيف أنفقت أموال جهاز الأمن السياسي“.

تراجعت علاقة اللواء القمش مع الرئيس صالح عندما بدأ الرئيس في إعداد ابنه لتولي مسؤولية البلاد. كما أنشأ صالح وحدة استخبارات محلية جديدة، هي جهاز الأمن القومي في عام 2002، تحت قيادة ابن أخيه، والذي سرعان ما طغى على جهاز الأمن السياسي. ببطء، بدأ الزعيم في سحب البساط من تحت قدمي اللواء القمش. نجا اللواء القمش حين تمت الإطاحة بصالح في عام 2012، ولكن يبدو أنه أدرك أن الكتابة كانت على الحائط وأنه كان في طريقه لفقدان منصبه. 

كان القمش قد سحب آخر أمواله من كريديت سويس – 3,834,643 فرنك سويسري – في يناير/كانون الثاني 2011، بينما كانت الحشود تنزل إلى شوارع عدن عشية إطلاق أول شرارة للربيع العربي. أقيل من منصبه كرئيس لجهاز الأمن السياسي في عام 2014 من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي كان قد وصل إلى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس على صالح. الرئيس منصور عين اللواء القمش برتبة سفيراً في الخارجية. لغاية اليوم لم يتم تعيينه رسمياً في أي مكان ، إلا أن اسمه يظهر على قائمة السفراء العاملين ، حسبما ذكرت مصادر دبلوماسية يمنية لـ OCCRP.

في الوقت الحاضر، يعيش القمش في اسطنبول في عقار قام بشراءه. وفي السنوات الأخيرة، بقي بعيداً عن الأضواء، لكن أبناءه لا يزالون نشطين في الأعمال التجارية في اليمن والبحرين والبرازيل وتركيا.

عش الطير المصري 

في برقية دبلوماسية سربت الى موقع وكيليكس في كانون الثاني/يناير 2009 ، قالت مارغريت سكوبي، السفيرة الأميركية لدى مصر، إن رئيس المخابرات اللواء (أركان حرب) عمر سليمان كان يتم استخدامه كمنفذ من قبل نظام الرئيس حسني مبارك الديكتاتوري. وأضافت أن مبارك “لم يفقد النوم” بسبب أساليبه”.

كما لم يبد بنك كريدي سويس قلقا مفرطا بشأن اللواء سليمان أيضا. وعلى الرغم قيام ضحايا الترحيل القسري الأمريكي بربطه شخصيا بالتعذيب الذي أحاط هذا البرنامج. على الرغم من ذلك احتفظت عائلة اللواء سليمان بالكثير من ثروتها لدى البنك.

في شباط/فبراير 2003، وبينما كانت الولايات المتحدة تخطط لغزو العراق، كان أفراد الأسرة المقربين من اللواء سليمان تقوم بالاستعدادات المالية الخاصة بها . في ذلك الشهر، تم فتح حساب كريدي سويس باسمائهم، وتضخم في وقت لاحق بالملايين . 

على غرار اللواء أخطر والمشير خير واللواء القمش من قبله، كان ينظر إلى اللواء سليمان على أنه حليف موثوق به للولايات المتحدة.

 

قبل أسابيع من فتح حساب عائلة اللواء سليمان، أوضح وزير الخارجية الأمريكي كولن باول، في حديثه إلى الأمم المتحدة، سبب الحاجة الملحة للإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين في العراق. وعندما قال باول للأمم المتحدة إن لديه أدلة على تدريب العراق لتنظيم القاعدة على الأسلحة الكيميائية، ربما كان المصدر الذي اعتمد عليه هو الضحية الأكثر شهرة لنظام اللواء سليمان الاستخباراتي: ابن شيخ الليبي.

وكان الليبي قد اعتقل في باكستان في عام 2001 قبل أن تسلمه وكالة الاستخبارات المركزية إلى مصر. قال له المسؤولون المصريون إنه سيعترف، لأن “ثلاثة آلاف شخص كانوا على الكرسي قبله”، وقد فعلوا ذلك جميعاً. بعد أن تم حشره داخل صندوق صغير، قال الليبي لاحقا إنه أخبر المصريين “ما يريدون سماعه”.

عادة ما كان اللواء سيلمان يحصل على ما يريد.

عمر سليمان

وبعد أن تحولت الحرب العراقية من معارك متقطعة الى ضارية لمحارب التمرد تنامت ثروة عائلة اللواء سليمان. وبحلول عام 2007، أي بعد أربع سنوات من سقوط نظام صدام حسين، كان حساب عائلة اللواء سليمان في بنك كريدي سويس 63 مليون فرنك سويسري.

امتنعت عائلة اللواء سليمان الرد على محاولات مستمرة ل OCCRP لطلب التعليق على هذه الحسابات.

استمر هذا الحساب حتى بعد ديكتاتورية مبارك في مصر، التي سقطت في عام 2011 تحت وطأة الربيع العربي. بعد الإطاحة بمبارك، تحركت السلطات السويسرية ضد 12 من المقربين من الديكتاتور، وجميعهم استثمروا بكثافة في النظام المصرفي في البلاد. لكن الحملة لم يتم تطبيقها على عائلة اللواء سليمان. وواصل مصرف كريدي سويس الاحتفاظ بحساباتهم على الرغم من المخاوف المتعددة التي أثيرت في أماكن أخرى بشأن هذه الجرائم.

وإلى جانب الإشراف على التعذيب، تضمنت جرائم اللواء سليمان جرائم مالية. 

وفي محاكمة مبارك، نقل قاض عن اللواء سليمان وغيره من المسؤولين قولهم أن حسين سالم – رجل أعمال بارز وواجهة معروفة لجهاز الاستخبارات – يمتلك عدة شركات في مجال النفط وقطاعات أخرى لصالح الجهاز الأمني. وكتب القاضي أن اللواء سليمان اعترف بأن وكالة استخباراته أنشأت شركات واجهة لأسباب تتعلق “بالأمن القومي”، وقامت باستخدام سالم في كثير من الأحيان.

كان سالم أيضا عميل كريدي سويس. كان لديه عديد الحسابات واحتفظ أحدها بـ 105 مليون فرنك سويسري بحلول عام 2003. وورد هذا الحساب ضمن الإجراءات القانونية عندما زعم المحققون أنه استخدم للدفع وتلقي ما يشبه العمولات الفاسدة للمديرين التنفيذيين في شركة “فلو تكس” FlowTex، وهي شركة ألمانية تمت مقاضاتها بتهمة الاحتيال واسع النطاق.

قد لا يكون مصدر ثرواتهم معروفًا نهائياً ، لكن الخبراء يقولون إن حالات مثل الجنرال أخطر اللواء القمش والمشير خير وعائلة اللواء سليمان تثير تساؤلات حول كيفية استفادة قادة الاستخبارات من أمور مخالفة القانون. 

وقال روبرت باير العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي إيه) الذي خدم في الشرق الأوسط في مقابلة: “لا تنسوا أن مبارك أراد من جنرالاته ورؤساء الاستخبارات أن يسرقوا الأموال”. “لأنه لا يمكن الوثوق بأي شخص لا يجني أموالاً في مناصب كهذا. فهؤلاء هم الأشخاص الذين يقومون بانقلابات”.

جسد الأكاذيب 

تم إنتاج شخصية المشير الأردني سعد خير للشاشة الكبيرة. وقد وصفه ديفيد إغناطيوس من صحيفة واشنطن بوست، الذي قابله عديد المرات وكتب الرواية التي استند إليها فيلم “جسد الأكاذيب“، بأنه شخص “رائع ولكنه مجروح عاطفيا”.

ولكن الاستجوابات التي أجرتها دائرة المخابرات العامة التي كان يرأسها المشير خير غير قانونية إلى حد كبير، وفقا لتقارير منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش.

أفادت هيومن رايتس ووتش أن دائرة المخابرات العامة كانت بمثابة “سجان بالوكالة” لوكالة الاستخبارات المركزية، “حيث تحتجز السجناء الذين يبدو أن وكالة المخابرات المركزية تريد بقائهم خارج التداول”، تماما كما فعلت قوات استخبارات سليمان في مصر. وثقت المنظمة الحقوقية ما لا يقل عن 14 سجينا أرسلتهم الولايات المتحدة إلى السجون الأردنية للتعذيب المحتمل بين عامي 2001 و2003. 

وذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها الذي اعتمد على شهادات الضحايا أن دائرة المخابرات العامة حصلت على أكثر من ١٠٠ اعتراف عن طريق التعذيب، ثم أحيلت هذه القضايا إلى محكمة أمن الدولة الأردنية التي أصدرت تهم إعدام بحق البعض.

في سنوات لاحق، أنكر كبار مسؤولي دائرة المخابرات العامة احتجاز سجناء للولايات المتحدة، أو أن التعذيب حدث.

كما طاردت المشير خير شائعات عن الفساد تتعلق بتجارة النفط لكن لم يتم توجيه أية تهم إليه. 

 

وفقا لبرقيات دبلوماسية سرية حصل عليها موقع وكيليكس، وضع رئيس الوزراء الأردني السابق علي أبو الراغب (2000-2003) المشير خير في قلب صفقات النفط التي تشمل المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة لدعم احتياطيات النفط الأردنية قبل بدء حرب عام 2003 على العراق. كانت العراق وقتها تزود المملكة المجاورة بغالبية احتياجاتها من النفط بأسعار تفضيلية لسنوات ضمن إطار النفط مقابل الغذاء الأممي.

  

نفط عراقي رخيص

المشير سعد خير، رئيس المخابرات الأردني السابق، اتُهم مرارا بالتربح من شركة واجهة كانت تعمل في مجال تجارة النفط تجارة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين فصاعدًا. 

 

حتى أن بعض نواب المعارضة طالبوا بمحاكمة المشير خير ورئيس الوزراء الأردني علي أبو الراغب آنذاك في قضية النفط العراقي. بينما كانت القصة تلاحق المشير خير ، لم يتم تقديم أي دليل ضده أو ضد أبو الراغب على الإطلاق.

 

بحث مراسلو OCCRP وشركائها في المشروع عن أدلة. ما وجدوه كان مثيرًا للاهتمام لكنه ليس قاطعا. كرر عدد قليل من المصادر القريبة من الوضع والتي وافقت على التحدث بشرط عدم الاقتباس أن المشير خير ودائرة المخابرات العامة أشرفوا على شركة واجهة كانت تتاجر في النفط من العراق، لكن أيا من هذه المصادر يظهر أي دليل قاطع لذلك من خلال الاطلاع على السجلات التجارية والسير خلف التسريبات، حدد الصحفيون شركة تدعى “حرانة” ويديرها رجل الأعمال الأردني، عبد الرحمن (عبود) أبو حسان ، وهو صديق قديم للمشير خير. نفى أبو حسان بشكل قاطع في مقابلة مسجلة مع OCCRP وشركائها تورط المشير خير في شركته ، لكنه قال إنه سمع منذ فترة طويلة نفس الشائعات: أنه أصبح ثريًا بسبب المشير خير ودائرة المخابرات العامة.

 

اعترف أبو حسان أنه حصل بالفعل على زيت الوقود من العراق “بالمجان تقريبًا” وباعه في الخارج بأسعار السوق الدولية. وقال إن رئيس الوزراء العراقي آنذاك، إياد علاوي ، زود النفط بثمن بخس لرد الجميل لأن الأردن منحته ملاذا آمنا بعد محاولة اغتيال من قبل حكومة صدام حسين.

 

قال أبو حسان إن شحنات شركته من زيت الوقود كانت تأتي بواسطة الشاحنات، – حوالي 300 في اليوم. كانت هذه الشاحنات ترفق بحماية عند عبور الحدود من قبل دائرة المخابرات العامة التي كان المشير خير يديرها. لكن هذا كان قدر ما وصلت إليه العلاقة مع الدائرة بحسب ما قال. وبدلاً من أن يستفيد المشير خير من الأعمال التجاري، قال أبو حسان إن قدرًا كبيرًا من الأرباح منح إلى مؤسسة العسكريين المتقاعدين في الاردن. وقال أيضا إن وزارتي المالية والطاقة في الأردن جنتا مئات الملايين من هذه التجارة لقاء السماح للشركة تخزين الامدادات في خزانات شركة البترول الوطنية الأردنية.

 

لم يعثر الصحفيون قط على دليل على تورط المشير خير في تجارة النفط، أو أنه ناقش هذا الأمر مع أي شخص قبل وفاته. بالنسبة لأبو حسان، ما تردد عن “الحرانة كواجهة لدائرة المخابرات العامة ما هو إلا محض هراء.

 

قال أبو حسان: “اتهم الجميع دائرة المخابرات الأردنية لأنها كانت تسهل (التجارة) لنا”. “(لكن) أنا من طلبت منهم ذلك”. 

قال سياسي أردني لـOCCRP وشركائها أن “المشير خير إلى جانب رئيس الوزراء آنذاك أبو الراغب قاما بمأسسة الفسادً على أعلى المستويات وهو الآمر الذي ما زال يطارد الأردن حتى اليوم”. (اشتهرت حكومة أبو الراغب بالتشديد على الإعلام الرسمي والخاص وبتعليق البرلمان لما يقرب من عامين وإصدار أكثر من 200 قانون مؤقت). 

ومع كل ذلك، تلاشي نفوذ المشير خير في نهاية المطاف. في أيار/مايو 2005، أقاله الملك عبد الله من منصبه في دائرة المخابرات العامة. توفي المشير خير وحيدا في غرفته في فندق فخم في فيينا في ديسمبر من ذلك العام. 

قبل ذلك بثلاث سنوات، كان حسابه في البنك يحتفظ بـ 28.3 مليون فرنك سويسري. وأحتفظ حساب بنك كريدي سويس الذي افتتحه سعيد، شقيق المشير خير في عام 2006، ، بـ 13 مليون فرنك سويسري بحلول عام 2011، قبل إغلاقه في عام 2014. (سعيد خير خدم مهندس طيران أرضي ل طائرتي الراحل الملك حسين الخاصتين). وكانت زوجة المشير خير وقت وفاته، النرويجية يانيكه فريح ، تملك حسابها الخاص الذي كان فيه 6 ملايين فرنك سويسري في عام 2010. ليتم إغلاقه بعد ذلك في عام 2014.

 

في رسالة إلى OCCRP، قالت السيدة فريح إن الأسئلة حول حسابات العائلة في بنك كريدي سويس كانت “عجيبة، غريبة ومشينة”.

ووصفت خير بأنه “رجل شريف حارب الإرهاب طوال حياته حتى يتمكن أشخاص مثلي ومثل جماعتكم من العيش بأمان في هذه الحياة”. وأصرت إنها لم تفتح حساباً في بنك كريدي سويس، ولم يكن لديها “أي فكرة” عن أي أموال هناك، وكانت مجرد “ربة منزل”.

“شيء ثمين جدا” 

بالنسبة لشخصيات الاستخبارات العالمية، فإن العمل مع بنك كريدي سويس قدم خدمة كان من الصعب تقديمها في من العولمة المتنامي.

قال ضابط استخبارات أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته أن “هذه المصارف تمثل شيئاً ثميناً جداً بالنسبة لمجتمع الاستخبارات الا وهو السرية. وهذه السرية المصرفية تجعل خدماتها مفيدة جدا للعمليات السرية” التي يقومون بها.

قال مدير مخابرات ألماني سابق خدم في الشرق الأوسط لـ OCCRP وشركاءها إنه لم يفاجأ بأن موظفين رفيعي المستوى في جهاز المخابرات من بلدان غير ديمقراطية يتعاملون مع سويسرا. وأشار المصدر إلى أن مثل هذه الحسابات يمكن أن تكون بمثابة دعم احتياطي لهم، إذا ما تم الإطاحة بالأنظمة التي يخدمها هؤلاء ، أو أنهم هم أنفسهم يصبحوا غير مرغوب بهم. 

هذا التقييم ردده أيضا باير، العميل السابق لوكالة الاستخبارات المركزية. 

قال باير: “في العالم العربي، أنت في وظيفتك لفترة طويلة فقط”. “يتعين عليك أنت وعشيرتك سرقة ما تستطيع وإنشاء عش بيض (لرعاية ذلك) . سويسرا هي المكان الأكثر أماناً، بمجرد الانتهاء من إعداد عملية فتح حساباتك”

يبدو أن فقدان دعم الرسمي هو أحد المخاطر الرئيسية لعالم الاستخبارات . بعد سقوط مبارك في عام 2011، ألقى اللواء سليمان بقبعته في الحلبة لقيادة مصر، لكنه استبعد كمرشح. 

توفي اللواء سليمان في مستشفى كليفلاند كلينك المرموقة في ولاية أوهايو بعد أشهر، في يوليو 2012 لأسباب طبيعية.

وقال الضابط السابق في جهاز الموساد الإسرائيلي افنر افراهام ان “اجهزة الاستخبارات والمنظمات الارهابية تعمل في بعض الأحيان بنفس الطريقة”. وقال “لديهم نفس المشاكل. عليهم تحويل الأموال من النقطة ألف إلى النقطة باء، لدفع المال لشخص ما، ولا يريدون أن يعرف أي شخص من هو الذي يدفع وكيف يتم التحويل، أو من أين يأتي”.

قال غراهام بارو، خبير الجرائم المالية ويقيم في المملكة المتحدة، إن المبالغ الهائلة الموجودة في حسابات بنك كريدي سويس المرتبطة بشخصيات استخباراتية كان ينبغي أن ترفع “أعلاما حمراء” – وهو مصطلح في المجال المصرفي يشير إلى التحذير من مخاطر عالية بشكل استثنائي.

قال بارو لـ OCCRP: “يجب أن تخضع هذه الحسابات بالتأكيد لتدقيق معزز”. 

وقال “لا يوجد سبب يمنع ضابط مخابرات كبير من فتح حساب مصرفي ، لكن يتعين عليهم تقديم سبب لرغبتهم في فتح هذا الحساب وما الذي سيستخدم من أجله. إذا كان هناك تناقض في أي وقت ، فيجب أن يرفع البنك إشارات التحذير الحمراء”. 

مربع مفتوح: مدراء استخبارات آخرين 

وجدت OCCRP وشركاؤها في تحقيق “أسرار سويسرية” ما يقرب من 40 حساباً في بنك كريدي سويس مملوكة لأكثر من اثني عشر شخصية استخباراتية من جميع أنحاء العالم.

وكان من بينهم النقيب السابق في الجيش الفنزويلي كارلوس لويس أغيليرا بورخاس – المعروف باسم الرجل “الخفي” والذي عمل حارسا شخصيا مع الرئيس هيوغو شافيو في التسعينيات من القرن الماضي. 

بصفته مديراً لأجهزة المخابرات الفنزويلية لمدة عامين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، عُرف أغيليرا باعتقاله السياسيين المعارضين. استقال في عام 2002 ، بعد أن فشل في منع محاولة انقلاب كادت أن تطيح بالرئيس.

ثم ركز أغيليرا بعد ذلك على الأعمال التجارية، ويقال إنه جمع حوالي 90 مليون دولار من صفقة فاسدة لإصلاح خط مترو في كاراكاس . في عام 2013 تم تسريب مقطع صوتي سُمع فيه مذيع تلفزيوني شهير يتهم أغيليرا بـ “استنزاف البلاد” مع شركات وهمية مرخص لها بالحصول على دولارات أمريكية كان يصعب الحصول عليها.

فتح أغيليرا حساباً واحداً في يونيو 2011 وفي غضون بضعة أشهر نقل ما يقرب من 8 ملايين دولار إليه. وافتتح في تموز/يوليه 2011 حساب آخر مرتبط بكيان قانوني يسيطر عليه، وكان رصيده الأقصى يبلغ نحو 5 ملايين دولار. 

في مصر، كان هناك حساب بنكي لرجل المخابرات ذي الولاءات الغامضة أشرف مروان. ولاءاته كانت غير واضحة حال حساباته. وعرف عنه أنه وأثناء عمله كمستشار استخباراتي لوالد زوجته، الرئيس جمال عبد الناصر، سرب معلومات استخباراتية إلى القوات الإسرائيلية خلال حرب يوم الغفران عام 1973 – لكن البعض يزعم أن المعلومات كانت كاذبة.

أشرف مروان (أرشيف)

فتح مروان حسابه في بنك كريدي سويس في عام 2000. وبحلول ذلك الوقت كان قد ترك العمل الاستخباراتي وراءه وانتقل إلى المملكة المتحدة حيث توسع في الأعمال التجارية. وبحسب ما ورد إنه اشترى حصة في نادي تشيلسي لكرة القدم. مات أشرف مروان بعد سبع سنوات إثر سقوط غامض من شرفة في لندن. وقالت زوجته للصحافة أن وفاته كانت انتقاماً لخيانته المخابرات الاسرائيلية. ولم ترد السيدة ناصر على محاولات OCCRP التواصل معها لأخذ تعليق.

 

ومن ألمانيا، كان ضابط الشرطة السرية السابق يورغن سيلينسكي يملك حسابا فيه نحو 150 مليون يورو في كانون الثاني/يناير 2010. وكان سيلينسكي قد غادر ألمانيا بعد انهيار الشيوعية، ووصل إلى الكونغو، حيث أنشأ شركة لإدارة النفايات. لم تنجح المحاولات المستمرة للتواصل معه للحصول على تعليق .

كما تتضمن البيانات روايات تخص شخصيات لها صلات بأجهزة الاستخبارات الأوزبكية، التي اتهمتها منظمات حقوقية متعددة بالتعذيب والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي. في عام 2009، قال ضابط الاستخبارات السابق إكرام يعقوبوف ل “بي بي سي نيوزنايت” إنه شهد هذه الانتهاكات مباشرة، وادعى أنه أُجبرعلى تلفيق أدلة ضد أشخاص يعرف أنهم أبرياء.

ارتبطت حسابات أخرى بشخصيات استخباراتية من العراق والجبل الأسود ونيجيريا وباكستان واليمن. 

اقرأ أيضا:

جمال وعلاء مبارك.. علاقات سرية مع “كريديه سويس” قبل وبعد الربيع العربي (تحقيق)

وثائق سويسرية: الليبيون المرتبطون بصندوق القذافي للتنمية المثقل بالكسب غير المشروع والمودع في بنك كريدي سويس

وثائق “كريديه سويس”.. صفقات مشبوهة لمقرب من نظام حسني مبارك

إقرأ أيضا