قرار “الاتحادية” بإلغاء المادتين 24 و25.. هل سيعيد عقارات الدولة؟

قوبل قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء المادتين 24 و25 من قانون بيع وإيجار عقارات الدولة،…

قوبل قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء المادتين 24 و25 من قانون بيع وإيجار عقارات الدولة، بشيء من الارتياح، بعد أن خسرت الدولة الكثير من عقاراتها لصالح المتنفذين من المسؤولين والمقربين منهم، منذ تشريعه قبل 9 سنوات، وفيما عزا خبير قانوني الأمر الى إيقاف عمليات الاستحواذ على أملاك الدولة لحين تأسيس مسار قانوني صحيح دون “فساد واستغلال”، رحب نائب مستقل بالقرار، لكنه وصفه بـ”الخطوة المتأخرة”.

ويقول الخبير القانوني سيف الشرع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قانون بيع وإيجار عقارات الدولة، ونتيجة للإشكالات الواردة فيه وسطوة الأحزاب والأشخاص المتنفذين على هذه العقارات، فإن المحكمة الاتحادية قررت إلغاء المادتين 24 و25 من القانون”.

ويوضح الشرع، أن “هاتين المادتين، تختصان ببيع عقارات الدولة بمزايدة علنية، وبعد قرار المحكمة الاتحادية أصبحت صلاحية بيع وتأجير عقارات الدولة بيد وزارة المالية فقط، وبالاشتراك مع أمانة بغداد، أي أن قرار المحكمة الاتحادية ألغى المواد التي تجيز بيع العقارات عبر المزاد العلني”.

ويتابع أن “هذا القرار يوقف عملية الاستحواذ لحين تأسيس مسار صحيح، لأن الإلغاء لم يأت بمادة أخرى تحل مكان المادتين 24 و25، ونظرا لعدم وجود بديل لهما يكون خاليا من الفساد والمحسوبية وعدم الاستغلال، فإن المحكمة الاتحادية اكتفت بالمنع”، لافتا الى أن “الكثير من العقارات بيعت في زمن ما قبل هذا القانون، وبالتالي فإن هذه الخطوة متأخرة، لأن أغلب العقارات بيعت وتم تأجيرها وفق سطوة هذه المادة وتحت غطائها”.

وكانت المحكمة الاتحادية، أصدرت أمس الأول الأحد، قرارا بشأن قانون بيع وإيجار أموال الدولة، وقالت فيه “نظرا للاستحواذ على العقارات المملوكة للدولة بدون وجهة حق مستغلين احكام المادة (24/ثالثا) من قانون بيع وايجار اموال الدولة رقم (21 لسنة 2013) وحفاظاً على اموال الشعب قررت المحكمة الاتحادية العليا بموجب قرارها بالعدد (213/اتحادية/2021) في 9 /2 /2022 الحكم بعدم دستورية والغاء المادة (25/ ثالثاً) في اصل القانون، واصبحت المادة بعد التعديل وفقا للمحكمة “تحمل الرقم (24/ثالثاً) من قانون بيع وايجار اموال الدولة رقم (21 لسنة 2013) المعدل والتي نصت على أن يكون للبلدية المختصة بعد موافقة وزير البلديات والاشغال العامة ولأمانة بغداد، بيع الأراضي المخصصة للإسكان ببدل حقيقي وحسب الأسعار السائدة لمثيلاتها والمجاورة تقدره لجنة التقدير المنصوص عليها في هذا القانون وبدون مزايدة علنية الى العراقيين الذين لا يملكون هم او ازواجهم او اولادهم القاصرون دارا او شقة او ارضا سكنية على وجه الاستقلال ولم يكونوا قد حصلوا على وحدة سكنية او قطعة ارض سكنية من الدولة او الجمعيات التعاونية للإسكان”.

وكان التعديل الأول على القانون سنة 2016، قد نص على حذف المادة (24) من القانون، وذلك بحسب بيان المحكمة الاتحادية. 

يشار إلى أن مدير دائرة عقارات الدولة أحمد الربيعي، كشف في عام 2019، أن عدد التجاوزات في بغداد على عقارات وأراضي الدولة تعدت الأربعة آلاف حالة، فيما وصلت التجاوزات الى أكثر من 100 ألف حالة تجاوز سكني وزراعي وصناعي وتجاري في عموم البلاد، من قبل المتنفذين والعصابات الخارجة عن القانون، وبعض الأحزاب وأعضاء مجلسي النواب والمحافظات، وأكد في حديثه السابق، أن دائرته فاتحت دائرة الأحزاب في الأمانة العامة لمجلس الوزراء لتبليغهم بضرورة تسديد أجر المثل بالنسبة للعقارات المتجاوزين عليها، لكن لم يتخذ أي إجراء.

يشار إلى أنه لم تنجح أي من الحكومات السابقة في إخراج الأحزاب والقوى المتنفذة من عقارات الدولة في بغداد وبقية المحافظات، كما لم يضمن هذا الملف في البرامج الوزارية لرؤساء الحكومات، وخاصة رئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي، حيث لم يتطرق لهذا الأمر.

ويقدر مراقبون، وفقا لتقارير صدرت في السنوات السابقة، قيمة العقارات والممتلكات التابعة للدولة، التي تم الاستيلاء عليها من قبل قوى سياسية مختلفة بعد عام 2003، بأكثر من 20 مليار دولار تشمل مبانيَ ومواقع مختلفة.

وكانت عضو اللجنة المالية في الدورة السابقة النائب إخلاص الدليمي، أكدت في حديث متلفز، أن عقارات الدولة ذهبت للأحزاب، وهي لا تدر على الدولة أية أموال منذ العام 2003، مشيرة إلى وجود وزراء استولوا على عقارات تقدر قيمتها بمبالغ مالية كبيرة منذ عام 2010. 

الى ذلك، يبين النائب المستقل باسم خشان خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك مثل يقول أن تأتي متأخرا، خير من أن لا تأتي، وهذا ينطبق على قرار المحكمة الاتحادية، فهو متأخر جدا، لكن التأخير ليس ذنب المحكمة، بل عدم تقديم طعن بالقانون، إذ كان يجب أن يقدم الطعن بمواده منذ زمن طويل”.

ويلفت خشان، إلى أن “القانون ترك ولم يطعن فيه أحد، وبسببه تمت سرقة عقارات الدولة بشكل سافر، إذ أن نسبة كبيرة منها سجلت بأسماء مسؤولين وأقاربهم وأبنائهم، وبتقدير أثمان سيء جدا”، مبينا أن “ما جرى سرقة واضحة قادتها وزارة البلديات والإسكان والمحافظون الذين تم تخويلهم صلاحيات الوزير في مواقف كثيرة، ومجموعة من اللصوص استولوا على عقارات الدولة وأموالها”.

يذكر أن مدير دائرة عقارات الدولة احمد الربيعي، ومن ضمن بيانه في العام 2019، أشار إلى أن دائرته هي الحلقة الأضعف، كونها تفتقر لامتلاكها قوة خاصة من شأنها رفع التجاوزات على أملاك الدولة، أسوة بأمانة بغداد، ما يعرض منتسبي الدائرة الى التهديد في حال إقدامهم على رفع حالات التجاوز، لاسيما وأن معظم المتجاوزين مدعومون من جهات مختلفة وعليه طلبت الدائرة من وزارة الداخلية بمنحها قوة ترتبط تنفيذيا بعقارات الدولة وإداريا بوزارة المالية، وتكون جاهزة لرفع أي تجاوز، لكن وزارة الداخلية رفضت ذلك لقلة الملاك الأمني لديها، بحسب بيانه.

وتشمل عقارات الدولة المستولى عليها، مباني وقصوراً وبساتين واستثمارات ومصانع ومنشآت كانت تابعة للمسؤولين في النظام السابق، أو الأجهزة الاستخباربة فيه وحزب البعث المنحل ودائرة التصنيع العسكري، فضلاً عن مواقع عسكرية وأمنية وسياسية مختلفة جرى.

إقرأ أيضا