وثائق “كريديه سويس”.. صفقات مشبوهة لمقرب من نظام حسني مبارك

على مدى عقدين ونصف العقد، ظل صاحب الحساب 750.191 في فرع بنك “كريدي سويس” في…

على مدى عقدين ونصف العقد، ظل صاحب الحساب 750.191 في فرع بنك “كريدي سويس” في جنيف سراً. تم فتحه عام 1974. وكان مجرد واحد من بين حسابات كثيرة “مرقمة” تجعل النظام المصرفي السويسري سيئ السمعة بسبب سريته.

ثم عام 2000، اهتمت السلطات الألمانية بهذا الحساب بعدما ربطته بواحدة من أكبر عمليات الاحتيال في تاريخ البلاد. وكان أصحاب شركة لصناعة معدات الحفر تسمى FlowTex “فلو فليكس”، قد اعتقلوا للتو لتأمين قروض بقيمة تفوق ملياري يورو لمعدات  لم يصنعوها أبداً. وأظهرت سجلات الشركة أن شريكها المؤسس تلقى أكثر من 4 ملايين فرنك سويسري من حساب كريدي سويس في ما يشتبه انه عموله.

عندما ضغط المحققون على بنك كريدي سويس لمعرفة صاحب هذا الحساب، قادهم المسار بعيدا عن ألمانيا: الى حسين سالم، قطب أعمال مصري له علاقات عميقة مع النخبة الحاكمة ومؤسسة الاستخبارات في البلاد ويحتفظ بحسابه.

يعود اسم حسين سالم إلى الثمانينيات، وارتبط بفضائح واتهامات كبرى بالفساد. وفي مصر، تحول اسمه كلمة مرادفة لصفقات المحسوبية والعلاقات الحميمة التي ميزت حكم الرئيس حسني مبارك ودفعت كثيرين إلى الشوارع خلال انتفاضة الربيع العربي عام 2011.

أظهرت السجلات التي حصل عليها المحققون الألمان أن سالم استخدم الحساب رقم 750.191 لدفع ملايين الدولارات من الرشاوى المشتبه بها لشركة FlowTex ومديريها التنفيذيين، والتي يعتقدون أنها تتعلق بصفقة توفير آلات لمصفاة في الإسكندرية كان شريكاً فيها. كان لديه على الأقل 12 حساباً مصرفياً في البنك السويسري ما بين عام 1974 و2010. بعضها ظل مفتوحاً عام 2015 بعدما وجهت له تهماً بقضايا فساد متعددة في مصر.

كان سالم عميلاً مع البنك منذ زمن. لم يعرف أحد عن وجود الحساب رقم 750191 إلا عندما طفت قضية فلوتكس على السطح وقام الصحافي الألماني مينارد هيك بالكتابة مطولاً على حساب سالم عام 2011. لكن التفاصيل الخاصة بحسابات سالم وشركائه لم تعلن على الملأ قبل الآن.

رفض بنك “كريدي سويس” التعليق على أي أسئلة تتعلق بسالم. وقال البنك في تصريح أنه يرفض بشدة الادعاءات والاستنتاجات حول الممارسات التجارية المزعومة للبنك في تحقيق “أسرار سويسرية” وأنه تم اتخاذ الإجراءات بما يتماشى مع السياسات المعمول بها والمتطلبات التنظيمية في الوقت المناسب، وأنه تمت بالفعل معالجة القضايا ذات الصلة.

وقال البنك في بيان: “القضايا الواردة هنا تاريخية نسبياً وفي بعض الحالات تعود الى سبعينات القرن الماضي والحسابات ذات الصلة تعتمد على معلومات منقوصة أو متحيزة اخذت خارج سياقها، ما أدى إلى تفسيرات صعبة حيال ممارسات البنك”.

توفي سالم عام 2019. محاولات OCCRP وشركائه في هذه المشروع الصحافي الاستقصائي التواصل تلفونياً وعبر رسائل مع أقاربه ومحاميه السابق وشركائه في العمل، لم تأتِ بنتيجة. رفعت ضده قضايا فساد في مصر وتم الحكم عليه غيابياً بالتكسب وغسيل الأموال وغيرها بعد هروبه الى اسبانيا.

واجه سالم محاسبةً بعد احتجاجات الربيع العربي عام 2011 واستقالة الرئيس حسني مبارك، صديقه والمنعم عليه منذ فترة طويلة. وجهت له تهم بقضايا فساد وصدرت بحقه أحكاماً بالسجن وبدفع أكثر من 4 مليارات غرامةً، لكن تمت تبرئته في الغالب بعدما أبرم سالم صفقة عام 2016، لإعادة مئات ملايين الدولارات إلى الدولة.

جمدت أصول سالم في وقت من الأوقات. لكن من غير الواضح ما هي حساباته المجمدة في مصرف “كريدي سويس”، إن وجدت هكذا حسابات. لكن الوثائق تظهر أنه استخدم بعض الحسابات في البنك السويسري بنشاط لتحويل ملايين الدولارات من مصر، وذلك في ظل الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

ولم يواجه سالم أي اتهامات في مصر، إذ كان لديه أصدقاء أقوياء.

كما لم يكن لهذه المعلومات أي تأثير لافت في وضع سالم كعميل في بنك “كريدي سويس”. ولم يقتصر الأمر على أن الحساب 750.191 ظل مفتوحاً لأكثر من عقد بعد الفضيحة، بل يبدو أنه تم استخدامه لمواصلة تحويل عشرات الملايين من الفرنكات السويسرية في السنوات الثلاث التي تلت التحقيق الألماني.

وجد تحقيق “أسرار سويسرية” Swiss Secrets، الذي نسقه مشروع تعقب الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود OCCRP، استناداً إلى مجموعة من البيانات المصرفية التي تم تسريبها إلى “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية  Süddeutsche Zeitung ، أن الحساب 750.191 كان بعيداً من آخر حساب فتحه سالم في “كريدي سويس”. هذا الحساب كان ضمن ما لا يقل عن 12 حساباً، كان الملياردير يحتفظ بها ما بين عامي 1974 و2010. بقي الكثير منها مفتوحاً في وقت متأخر من عام 2015، وواحداً على ما يبدو حتى في وقت لاحق.

يُظهر تحليل للبيانات، التي تمتد من أربعينات القرن المنصرم وحتى العقد الماضي، أن الكثير من حسابات سالم تم الاحتفاظ بها بالاشتراك مع أفراد الأسرة. كما كانت لكثر من شركائه التجاريين حسابات في بنك “كريدي سويس”، ما يشير إلى أن علاقاته بالبنك تجاوزته شخصياً.

لطالما عُرف سالم منذ فترة طويلة للبنك كريدي سويس، وتم الإبلاغ عن  وجود حساب 750.191 عندما ظهرت قضية FlowTex إلى النور عام 2000. لكن تفاصيل نشاط الحساب بعد عام 1999، والحسابات الأخرى الخاصة بسالم وشركائه، لم يتم الإعلان عنها سابقاً.

بيع الأسلحة وفضائحها

ولد سالم في القاهرة عام 1933، وجاءت مسيرته لتلخيص العلاقة الحميمة بين الأعمال والسياسة وعائلة مبارك.

بعد تخرجه من كلية التجارة في جامعة القاهرة، عمل في سلسلة من الوظائف المتواضعة في الوكالات التي تديرها الحكومة داخل مصر وخارجها إلى أن أقام اتصالات كافية لإطلاق مشروعه الخاص.

ووفقاً لكتاب حسنين هيكل، أحد أبرز الصحافيين المصريين، عمل سالم في الإمارات العربية المتحدة في شركة “نصر” للاستيراد والتصدير، وهي واجهة معروفة لأجهزة المخابرات المصرية، طوال السبعينات. وقد سمح له ذلك بتعزيز علاقات وثيقة مع العائلات المالكة في الخليج وعائلة مبارك.

عام 1979، بعد خمس سنوات من فتح أول حساب له في “كريدي سويس”، انتقل سالم إلى واشنطن العاصمة، للعمل مسؤولاً تجارياً في السفارة المصرية. وكان الرئيس أنور السادات قد وقع للتو على اتفاق سلام مع إسرائيل، أعاد رسم الخريطة السياسية الإقليمية، ما أتاح فرصاً تجارية جديدة.

في العام الذي وصل فيه، أسس سالم شركة تسمى شركة خدمات النقل المصرية الأمريكية (EATSCo) مع توماس كلاينز، وهو عميل سابق لوكالة الاستخبارات المركزية “سي أي ايه”. وعلى رغم امتلاكها خبرة في هذه الصناعة، فازت الشركة بعقد حصري بقيمة أكثر من 50 مليون دولار لشحن الأسلحة الأميركية التي تم شراؤها بمساعدة عسكرية أميركية لمصر.

في عام 1982، بدأت وزارة العدل الأميركية التحقيق في الشكاوى التي تفيد بأن شركة EATSCo كانت تضخم التكاليف عن طريق التلاعب وتقديم فواتير مزيفة. وظهرت تقارير إعلامية في صحف بارزة تشير إلى سالم على أنه مالك الشركة، على رغم أن وزير خارجية مصر نفى ارتكاب أي مخالفات.

وعلى رغم الغضب العام حول التحقيق، فتح سالم حساباً ثانياً في “كريدي سويس” في كانون الثاني/ يناير 1983، كان في وقت من الأوقات يحتوي 18 مليون فرنك سويسري، بحسب ما تظهر البيانات المصرفية المسربة. ويبدو أنه ظل مفتوحاً حتى بعدما اعترفت شركة EATSCo، بالذنب في فواتير كاذبة في شهر تموز/ يوليو، وذكرت وسائل إعلام أميركية أنها دفعت 3 ملايين دولار غرامات لتسوية القضية.

كما أظهر التحقيق أن سالم كان على صلة بمبارك، الذي تولى السلطة عام 1981. وأظهرت التحقيقات الإعلامية والرسمية أن من بين شركائه منير ثابت- شقيق زوجة مبارك- وعبد الحليم أبو غزالة، وزير الدفاع السابق الذي كان يعمل ملحقاً عسكرياً في واشنطن. وفي وقت لاحق، أشارت شهادات مسؤولين أميركيين إلى أن مبارك نفسه ربما كان شريكاً في شركة EATSCo.

لا شيء من هذا يبدو أنه يضر بعلاقة سالم مع “كريدي سويس”. حيث واصل فتح حسابات جديدة في أعوام 1985 و1986 و1989 و1990 و1997، وبقيت جميعها تقريباً نشطة بعد ثورة الربيع العربي في مصر. لن تكون هذه آخر الحسابات التي فتحها، تماما كما  لن تكون EATSCo الفضيحة الأخيرة التي نجا منها.

الانجراف مع التيار

في السنوات التي تلت فضيحة شحن الأسلحة، استمر نجم سالم في الارتفاع.

توسعت أصول هذا الملياردير تدريجاً في قطاعات متنوعة مثل السياحة والطاقة والعقارات. ووفقاً لتقرير صدر عام 2016 عن هيئة الرقابة السويسرية “العين العامة” والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن السمة المميزة لهذه الصفقات هي أن “سالم حقق مئات الملايين من الدولارات من دون مبرر واضح”.

خلال تعاملاته التجارية، أظهر سالم ولعاً واضحاً بسويسرا، باعتبارها مكاناً لتخزين ثروته والمساعدة في إدارة عملياته. إضافة إلى كريدي سويس، تم ربطه بحسابات في بنوك يو بي إس  UBS و رايفايزن  Raiffeisen في تقارير إعلامية، كما أنه سجل الكثير من الشركات السويسرية.  وكان من بينها شركة تسمى “مسكة”  Maska، التي استخدمها سالم للمشاركة في تأسيس مصفاة الإسكندرية التي جاءت في قلب فضيحة “فلوتكس” FlowTex.

أنشأ سالم المصفاة، المعروفة باسم ميدور، مع المستثمر الإسرائيلي يوسي ميمان عام 1994، ثم بعد بضع سنوات باعا معظم أسهمهما إلى بنك حكومي مصري لتحقيق أرباح كبيرة. عام 1998 وهو العام الذي بدأ فيه البيع، ذهب سالم وابنه إلى جنوب ألمانيا للقاء المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “فلوتكس”، مانفريد شميدر، لحشد فرص مربحة أخرى للمصفاة.

ووفقاً للتحقيقات الألمانية، ناقش الرجلان عقداً بقيمة 150 مليون مارك ألماني (85 مليون دولار) لشركة “فلوتكس”، لتوفير المعدات لمصفاة “ميدور”. وبعد فترة وجيزة، قام حساب كريدي سويس الخاص بسالم بتحويل نحو 4 ملايين فرنك سويسري إلى شميدر، وبعد ذلك، بمجرد توقيع العقد، حصل على نحو 8 ملايين مارك من FlowTex.

زعم المحققون الألمان أن سالم أجرى التحويل الأولي لتسهيل توقيع العقد ثم تلقى العمولات بنفسه بشأن الصفقة. وأشار تقرير صدر عام 2011 في صحيفة “دي تاغس زيتونغ” Die Tageszeitung، إلى أنه لم يتم تحديد أي غرض واضح للمدفوعات.

ولكن هذه لم تكن التحويلات الوحيدة التي تم إجراؤها عبر الحساب 750.191 في ذلك الوقت. وتظهر نسخ من البيانات المصرفية أن سالم استخدم حسابه لإرسال نحو 52 مليون دولار والحصول على نحو 42 مليون دولار طوال عام 1999. وتظهر السجلات أن الحساب أنهى العام برصيد مكشوف يبلغ حوالي 10 ملايين دولار، على رغم أنه من غير الواضح كيف حصل ذلك. ورفض “كريدي سويس” تفسير ذلك.

وأفادت الأنباء بأن الفضيحة رفعت راية تحذير حمراء في البنك السويسري. ولكن يبدو أن الحساب ظل نشطاً، إذ وصل الى رصيد أقصى يزيد على 104 ملايين فرنك سويسرى فى أيلول/ سبتمبر 2003 وفقاً لبيانات مصرفية من تحقيق “أسرار سويسرية” Suisse Secrets. وهذا يعني أنها تلقت أكثر من 100 مليون فرنك سويسري بعدما أشارت السلطات الألمانية إلى صلتها بفضيحة “فلوتكس”.

ظل الحساب 750.191 مفتوحاً حتى آذار/ مارس 2013، بعد بدء التحقيقات مع سالم في سويسرا ومصر وإسبانيا، عندما تم إغلاقه مع بقاء أربعة فرنكات فقط في رصيده. وحتى بعد اندلاع فضيحة “غلوتكس”، واصل سالم فتح حسابات في “كريدي سويس”، مضيفا أربعة حسابات أخرى باسمه بين عامي 2001 و2005.

فضيحة الغاز الكبرى

أصبح اسم سالم في مصر مرتبطاً بصفقة  كبيرة أبرمت عام 2005 لبيع الغاز الطبيعي لإسرائيل، من خلال شركة يملكها تسمى غاز شرق المتوسط EMG.

وبموجب العقد، ستعمل شركة غاز شرق المتوسط EMG، التي أنشأت قبل خمس سنوات، كوسيط، حيث ستشتري الغاز الطبيعي المصري من وكالة حكومية ثم تبيعه لإسرائيل. وتبين لاحقاً أن الأسعار- 0.75 دولار إلى 1.25 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية بيعت بسعر 2.25 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية- أقل بكثير من أسعار السوق.

حقق سالم أرباحاً كبيرة ببيع ربع أسهم شركة EMG مقابل نصف مليار دولار للمستثمرين، بمن فيهم الملياردير الأميركي سام زيل، عام 2007. لكن في العام التالي قضت محكمة مصرية أنه تم التلاعب بالأسعار وأنه يتعين على الحكومة التوقف عن تصدير الغاز.  ومرة أخرى، كان اسم سالم بارزاً في التغطية الصحافية الدولية، ومرة أخرى، كما تظهر البيانات المصرفية، فتح حسابا آخر في “كريدي سويس” بعد عامين.

وقد أحيلت القضية مرة أخرى إلى المحكمة في موجة محاكمات الفساد التي أعقبت انتفاضة الربيع العربي عام 2011، إذ اتهم خمسة مسؤولين متورطين في الصفقة بالتلاعب بالأسعار وتبديد الأموال العامة. لكن تمت تبرئتهم جميعاً بناء على شهادات من كبار المسؤولين بأن الاتفاق أبرم لدعم عملية السلام وجلب التمويلات للعمليات الاستخباراتية لمصلحة “الأمن القومي” في مصر.

كما أشار الحكم إلى تفصيل آخر: باع سالم خمس فيلات في شرم الشيخ لمبارك وأبنائه بأسعار أقل بكثير من أسعار السوق مقابل منحه أراضي لتطوير منتجعات سياحية في جنوب سيناء. مع ذلك، تم إسقاط تهمة الرشوة بسبب انتهاء فترة التقادم.

 ولم يؤثر أي من هذه التعاملات على ما يبدو في قدرة سالم على الاستفادة من حساباته في “كريدي سويس”. وكما ستظهر الوثائق التي تم الحصول عليها في وقت لاحق، استمر في استخدام الحسابات لنقل الأموال، حتى بعد احتجاجات الربيع العربي، التي هدفت جزئياً إلى وضع حد للفساد الذي أصبح هو رمزاً قوياً له.

تحويل الأصول إلى الخارج

في كانون الأول/ ديسمبر 2010، ومع احتدام الاحتجاجات في تونس وتكهن المحللين بما إذا كانت الاضطرابات قد تضرب مصر، بدأ سالم في تصفية بعض أصوله في الخارج.

في إحدى الصفقات الكبرى، باع مركزاً تجارياً فاخراً في ضواحي العاصمة الرومانية بوخارست، وممتلكات أخرى مقابل 9 ملايين يورو. وكان المشترون أعضاء في عائلة سيوبراغا.

كان سالم قد اشترى العقار عام 2002. وأشارت رسالة من “كريدي سويس” موجهة إلى غرفة التجارة الرومانية إلى أن شركة سالم كانت عميلته منذ سنوات وأن علاقتهما تمت “بطريقة لا تشوبها شائبة”.

وتظهر وثائق من عملية البيع عام 2010 أن سالم حول الأموال إلى شركته الرومانية باستخدام حساب “كريدي سويس”. وتظهر البيانات المصرفية لـ”أسرار سويسرية” أن أشخاصاً آخرين متورطين في الصفقة استخدموا أيضاً حسابات في البنك.

تم إدراج أحد مالكي العقارات في رومانيا مع سالم، وهو شريك تجاري قديم يدعى عبد الحميد أحمد حمدي، في ثلاثة حسابات، بما في ذلك حساب مشترك مع سالم. تمت مشاركة أحد حسابات حمدي مع مالك آخر للعقار، وهو أيمن سعد محمود حمدي، والذي كان يملك أيضاً حسابين في “كريدي سويس”.

على الجانب الروماني، فتحت، نيكوليت هيرمينا سيوبراغا، وهي من المشترين، حساباً في بنك “كريدي سويس” عام 2002، وهو العام الذي اشترى فيه سالم العقار الروماني للمرة الأولى. وسيبلغ رصيد الحساب الأقصى أكثر من ستة ملايين فرنك سويسري في عام 2013.

تضمن أحد الحسابات التي تم الكشف عنها من خلال تحقيق “أسرار سويسرية عدداً كبيراً من شركاء الأعمال المعروفين وأقارب حسين سالم- على رغم عدم وجود اسم سالم نفسه.

من بين الآخرين، شملت الحسابات هذه الأسماء:

عبد الحميد أحمد حمدي، شريك تجاري منذ فترة طويلة.

محمد فتوح، صهر سالم  وشريكه التجاري.

حاتم حسن إبراهيم الشيخ، ضابط شرطة كان اسمه مرتبطاً بقضية فساد بعد عام 2011 تتعلق بصفقة أرض عام 2006.

أيمن سعد محمود حمدي، شريك تجاري آخر.

لم يتضح الغرض من هذا الحساب، الذي افتتح في أيار/ مايو 2006 وبلغ رصيده الأقصى نحو 865000 فرنك سويسري في تموز/يوليو 2009.]

بعد وقت قصير من إبرام اتفاق رومانيا، اجتاحت اضطرابات الربيع العربي مصر. هرب سالم من البلاد، وشق طريقه إلى إسبانيا، بعدما توقف في جنيف بحسب ما ورد.

بعد استقالة مبارك، فتحت السلطات المصرية تحقيقات في ثروة سالم. وأصدر الإنتربول مذكرة توقيف بحقه في أيار 2011. وفي حزيران/ يونيو، ألقت السلطات الإسبانية القبض عليه بتهمة غسل الأموال.

بينما كانت الاحتجاجات تسير في مصر، تظهر مذكرة التوقيف الإسبانية أنه في يومي 24 و26 كانون الثاني/ يناير 2011 حولت عائلة سالم ما قيمته 3.5 مليون يورو من مصر إلى حساب في بنك “كريدي سويس”.

عام 2011، أدرجت المنظمات السويسرية اسم سالم ضمن الأفراد المرتبطين بنظام مبارك الذين جمدت أصولهم في البلاد على ذمة التحقيقات. وفي ذلك العام، أدانت محكمة مصرية سالم غيابياً وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات وغرامات تزيد على 4 مليارات دولار بتهمة التربح وغسل الأموال.

لكن المحاسبة لم تدم. عام 2016 عقد سالم صفقة مع السلطات المصرية لدفع نحو 5.7 مليار جنيه مصري للدولة- نحو 640 مليون دولار في ذلك الوقت- وهو ما يعادل ظاهرياً أكثر من ثلاثة أرباع ثروته الإجمالية. وفي المقابل، أسقطت التهم الموجهة إليه. وتم رفع تجميد أصوله السويسرية بعد فترة وجيزة.

وبحسب سالم، فقد نفذ صفقة المصالحة لأنه أراد “الموت في مصر”. ولكن على رغم أنه لم يعد يواجه أي تحديات قانونية تمنعه من القيام بذلك، إلا أنه بقي في إسبانيا. في آب/ أغسطس 2019، توفي في قصره في مدريد.

إقرأ أيضا