السرطان في العراق.. مرض يتفشى وحكومة تتجاهل

القفزات النوعية في أعداد المصابين بمرض السرطان في العراق، يقابلها عجز عن تأمين الأجهزة اللازمة…

القفزات النوعية في أعداد المصابين بمرض السرطان في العراق، يقابلها عجز عن تأمين الأجهزة اللازمة والعلاجات المطلوبة، فضلا عن مراكز التأهيل والشفاء المفقودة، الأمر الذي يشعر المصابين بالخذلان والإحباط، لاسيما مع انعدام وسائل الراحة داخل المستشفيات الحكومية التي تُلجئهم الى الأهلية والخاصة أو التطبب خارج البلاد.

يشرح أحمد الجعيفري، المصاب بمرض سرطان الجلد منذ 15 عاما، معاناته لـ”العالم الجديد”، بالقول إنه “شعور محبط وإحساس بالخذلان بسبب تجاهل الحكومة لنا”.

الأمر الذي جعله يلجأ لتحمل تكاليف علاجه، كما يوضح الجعفيري، قائلا “كنت قد توجهت الى الحكومة لتحمل تكاليف علاجي، لكن تم إخباري بأنها غير قادرة على ذلك، فشعرت في لحظتها بخذلان كبير”.

ويؤكد “لا توجد رعاية خاصة لمرضى السرطان في العراق، فأغلب الأدوية غير متوفرة، ولا توجد مساعدة من الحكومة”.

الجعفيري، ترك العراق واتجه الى تركيا لإجراء عملية، لكن قصته لم تكن الوحيدة، فهناك آلاف المرضى يحملون نفس المعاناة، ومنهم هدى علي، التي تؤكد تلقيها العلاج الكيمياوي في مستشفى خاص داخل البلاد، لكن الجرعة الثانية منه تسببت لها بضرر في الذراع، نتيجة لتسرب العلاج الكيمياوي الى اليد، ما جعلها تعاني كثيرا”.

وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة سيف البدر، أعلن العام الماضي، أن المعدل السنوي للإصابة بمرض السرطان في العراق يبلغ 2500 حالة إصابة، بينها 20 بالمائة إصابات بسرطان الثدي، وقد حصدت البصرة أعلى نسب الإصابة بالسرطان بين عامَي 2015 و2017، فقد تراوحت بين 400 و500 إصابة شهرياً، لكنها ارتفعت بنسبة تصل إلى 200 بالمائة تقريباً خلال 2018.

وتكمل علي حديثها لـ”العالم الجديد”، قائلة إن “العلاج متوفر، لكن أعداد المرضى كبير، وهذا يسبب مشكلة بالحصول عليه في الوقت المناسب، وكما هو معلوم فإن مريض السرطان تمر عليه كل لحظة من حياته بصعوبة”.

وتستطرد “بحسب تجربتي، فإن هناك حالات صعبة متقدمة من المرض تستلزم توفير الأجهزة الحديثة والبروتوكولات الحديثة المعتمدة في العلاج، وهذا كله من واجب وزارة الصحة”، مبينة “من السلبيات الموجودة هي تعطل الأجهزة في بعض الأحيان، ما يسبب إرباكا بالمواعيد المحددة للعلاج، وكذلك هناك علاجات لا أعرف بالضبط إذا ما تنتهي الكمية بسرعة أو غير متوفرة أصلا، فيضطر أصحابها إلى اللجوء للمذاخر الأهلية أو حتى تلقي العلاج في خارج البلد”.

من جانبه، يعزو الطبيب الاختصاص بجراحة الأورام معن محمد، أسباب ارتفاع عدد مرضى السرطان، الى “تلوث الهواء، نتيجة زيادة السكان ووسائل النقل التي تنتج مواد كيمياوية، وتلوث الماء والطعام أيضا، وهي يعتبر أحد الأسباب بالإضافة للعامل الوراثي”.

ويلفت محمد في حديثه لـ”العالم الجديد”، إلى أن “الأورام هي مرض ينتج بسبب النمو غير الطبيعي والسريع للخلايا، بحيث يفقد الجسم القدرة على التحكم في النمو وموت الخلايا”.

وبشأن وجود رقم محدد للمصابين بالسرطان، يبين “لا أستطيع أن أعطي رقما محددا لعدد المرضى، بسبب اختلاف أنواع الأورام، إلا إن الأعداد كبيرة جداً”.

وكان ديوان الرقابة المالية أصدر في تشرين الثاني نوفمبر عام 2018، تقريرا لتقويم أداء سياسة وزارة الصحة والبيىة حول توفير المستلزمات الضرورية للكشف المبكر عن الأمراض السرطانية، وقد وردت فيه إشارة إلى ارتفاع في معدّلات الإصابة بالسرطان نظراً إلى عدم توفر المتطلبات الكافية للكشف المبكر عنه والحدّ منه.

كما أشار التقرير الى أنّ من بين أبرز المشاكل التي تتسبب في زيادة عدد المصابين بالمرض قلّة عدد الكوادر الطبية والأجهزة المتخصصة، بالإضافة إلى عدم امتلاك الوزارة رؤية واضحة لتحديد المتطلبات التي تستوجبها الخدمة العامة في هذا المجال.

ويشير الطبيب معن محمد، إلى أن “أغلب المرضى يفضلون المستشفيات الأهلية على الحكومة، بسبب الفندقة، بمعنى أن المريض في المستشفيات الحكومية لا يكون له خصوصية، فهو يتشارك في غرفة النوم والحمام مع عدد من المرضى، ولديه عدد محدد من الزيارات ويجب أن ينتظر الدور في موعد العمليات”.

فيما تكشف طيبة محمد، وهي معاونة طبية، عن “شحة الأجهزة في المستشفيات الحكومية، وأنها لا تسد حاجة المرضى”.

وتتابع في حديثها لـ”العالم الجديد”، أن “نسبة كبيرة جدا من المرضى، أو أكثر من نصفهم، يجب أن يراجعوا مستشفيات أهلية أو يتجهون للعلاج خارج البلد”.

إقرأ أيضا