بعد ارتفاع أسعار النفط وسداد التعويضات الكويتية.. ما مصير “الفائض المالي” بالموازنة؟

أثار الفائض المالي المتحقق هذا العام من زيادة أسعار النفط، وسداد الديون الكويتية، تساؤلات عدة،…

أثار الفائض المالي المتحقق هذا العام من زيادة أسعار النفط، وسداد الديون الكويتية، تساؤلات عدة، في ظل عدم إقرار الموازنة العامة للبلاد، كونها مرهونة بتشكيل حكومة جديدة، وسط مساع حكومية لتأسيس “صندوق سيادي” يسهم بادخار “الفائضات المالية” لسد أي عجز محتمل في موازنات الأعوام المقبلة.  

ويقول الخبير الاقتصادي ضياء المحسن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “لعدم إقرار الموازنة الاتحادية سلبيات كثيرة، خاصة في ظل ارتفاع أسعار النفط، فالكثير من الأمور ترتبط ارتباطا مباشرا بالموازنة، ومنها مستحقات المتعاقدين مع الجهات الحكومية والتعيينات والمشاريع الاستثمارية”.

ويضيف المحسن “في ظل عدم وجود حكومة كاملة الصلاحية، فلا يمكن أن تقر الموازنة، لكن توجد حالة واحدة، وهو طلب الحكومة الحالية من البرلمان منحها صلاحية تتعلق بإقرار الموازنة، وذلك بهدف الخروج من الحرج الحاصل الآن، لاسيما ونحن نقترب من انتهاء الربع الأول من العام، وهذا فيه مشكلة حقيقية”، مبينا أن “عدم وجود موازنة يتسبب بركود في اقتصاد السوق ومشاكل بالقطاع الخاص”.  

ويلفت “لدينا الآن نوعان من الفوائض، الأول أن مجلس الأمن الدولي كان يستقطع 5 بالمئة من الموازنة لسداد تعويضات دولة الكويت، والآن انتهى هذا الملف وأغلق، وبالتالي يجب أن يأخذ هذا الفائض بالحسبان وأين سيتم توظيفه، والأمر الآخر ما يتعلق بالفوائض النفطية المتحصلة من ارتفاع مبيعات النفط، حيث أن أوبك رفعت حصة العراق من المبيعات، إضافة الى فرق سعر النفط المحدد بالموازنة والسعر الذي يبيع العراق به حاليا، وعليه فعلى الحكومة توضيح مبررات توظيف هذه الأموال الفائضة”.     

ومنذ فترة، تشهد أسعار النفط ارتفاعا ملحوظا، حيث كسر حاجز الـ80 دولارا في البداية، ثم استمر بالارتفاع لغاية 104 دولارات، وذلك بالتزامن مع الاجتياح الروسي لدولة أوكرانيا قبل يومين، وهذه الأسعار لم يصلها النفط منذ 7 سنوات.  

ووفقا لمسودة موازنة 2022، التي أعدتها الحكومة الحالية قبل أن تتحول الى تصريف أعمال، فإن أسعار النفط تقدر بـ50 دولارا، بعد أن بلغت في موازنة العام الماضي 45 دولارا.

يذكر أن أسعار النفط شهدت تحسنا ملحوظا في العام الماضي، ما أدى الى الغاء العجز في الموازنة، وذلك بحسب تصريح المستشار المالي لرئيس الحكومة مظهر محمد صالح لـ”العالم الجديد” آنذاك.

وكان مجلس الأمن الدولي، قرر الثلاثاء الماضي، إغلاق ملف التعويضات العراقية للكويت، بعد تسديد العراق لكافة مبلغ التعويضات البالغة 52.4 مليار دولار، حيث كان يتم استقطاع 5 بالمائة من إيرادات النفط لتسديد منذ 32 عاما، والتي كانت تقدر يوميا بين 6 – 7 ملايين دولار، حسب اسعار النفط في السنوات السابقة.

وتعليقا على الأمر، يرد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الحكومة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بالقول إن “الزيادة في الإيرادات الكلية للبلاد أساسها النفط، وعندما تكون خارج حدود تمويل نفقات الموازنة العامة أو تفوق حدود التمويل المخطط، فإنها تخضع لأحكام المادة 19/ ثانيا من قانون الإدارة المالية النافذ رقم 6 لسنة 2019، والتي نصت على أنه: عند تجاوز الايرادات الفعلية التقديرات في قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية، وبعد تغطية العجز الفعلي إن وجد يتم توفير الفائض لاستخدامه في موازنات السنوات التالية في صندوق سيادي”.

ويشير صالح إلى أن “هذا يعني توليد احتياطيات رسمية تستخدم للإنفاق في السنوات المقبلة، عبر صندوق توفير سيادي يدار وفق أفضل الممارسات الدولية، والاستفادة من عوائد استثماره أو التصرف بها في تمويل موازنات السنوات المقبلة وتحقيق ما يسمى بالاستدامة المالية”.

ويردف أن “الأولوية ستذهب نحو استدامة تمويل المشروعات الاستثمارية التي تسهم في تنمية الدخل الوطني والازدهار الاقتصادي لبلادنا، وبعبارة أخرى: لو انتهت السنة المالية 2022 على سبيل المثال من دون إقرار الموازنة العامة والاعتماد بالإنفاق على نسبة 1/12 من النفقات الجارية الفعلية للعام الماضي، فإن الفائضات المالية ستذهب الى صندوق أو حساب احتياطي يمثل الثروة السيادية”.  

ويتابع أن “هناك تطورا اساسيا حصل في قانون الإدارة المالية الاتحادية النافذ الذي عدل في عام 2020، حيث سمح للمحافظات التي لم تستفد من حصتها من التخصيص للمشاريع الاستثمارية، أن تحتفظ بتلك التخصيصات في السنة التالية في حساب أمانات، لتتولى استئناف  الصرف على المشاريع الاستثمارية المقرة في السنة اللاحقة من دون توقف حتى في حال تأخر اقرار الموازنة”.  

يذكر أن العام 2020، مضى دون إقرار موازنة للبلد، نتيجة لتحول حكومة عادل عبدالمهدي لحكومة تصريف أعمال بعد تقديم استقالته على خلفية التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وسقط فيها قرابة 600 قتيل و26 الف جريح، بسبب استخدام القوات الامنية العنف ضدهم.

وفي المرحلة الحالية، ومنذ إجراء الانتخابات في تشرين الأول أكتوبر الماضي، يعيش البلد أزمة سياسية حادة، أدت الى تأخر تشكيل الرئاسات، ولم تمض سوى رئاسة البرلمان، فيما تأخر انتخاب رئيس الجمهورية، رغم اقتراب شهر آذار مارس، لاسيما وبحسب التوقيتات الدستورية، فإن رئيس الجمهورية أمامه 15 يوما بعد انتخابه لتكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، والأخير أمامه 30 يوما لتقديم كابينته الوزارية.

إقرأ أيضا