الانسداد السياسي "المبكر" في البلاد.. أسباب ونتائج؟

الانسداد السياسي "المبكر" في البلاد.. أسباب ونتائج؟

بغداد - العالم الجديد

على غير العادة، بدأت خلافات القوى السياسية خلال هذه الدورة النيابية في وقت مبكر، فمنذ إعلان نتائج الانتخابات ولغاية الآن، يشهد البلد سلسلة من الأزمات، أرجعها خبراء في الشأن السياسي الى جملة من الأسباب، أبرزها غياب "الضابط" للوضع العراقي، حيث أكدوا أن قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني كان
...

على غير العادة، بدأت خلافات القوى السياسية خلال هذه الدورة النيابية في وقت مبكر، فمنذ إعلان نتائج الانتخابات ولغاية الآن، يشهد البلد سلسلة من الأزمات، أرجعها خبراء في الشأن السياسي الى جملة من الأسباب، أبرزها غياب "الضابط" للوضع العراقي، حيث أكدوا أن قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني كان يقوم بهذا الدور، وسط إشارة الى جذور الخلافات السياسية المستمرة.

 

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري خلال حديث لـ"العالم الجديد"، إن "هناك أسبابا عدة للصراع القائم بين القوى السياسية، الأول هو أن البيوتات السياسية أصبحت منقسمة فيما بينها، وهذا يشمل حتى الشيعة ونقصد الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية، وهناك من يدفع باتجاه حكومة أغلبية ومن يدفع باتجاه حكومة توافقية، وبالتالي فقد حدث تصادم رؤى ومصالح، وهو ما أدى الى تفجر الخلافات حول من سيمسك بالسلطة التنفيذية والحقائب الوزارية".

 

ويضيف الشمري، أن "السبب الثاني هو غياب ضابط الإيقاع السياسي، ففي الدورات السابقة كانت إيران، وتحديدا قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، حيث كان هو من يرسم حدود اللعب السياسي ويثبت الخارطة السياسية"، متابعا "أما ما يرتبط بالقوى الكردية، فإن محاولة الحزب الديمقراطي الكردستاني الهيمنة على إقليم كردستان بالكامل، هو ما أدى الى حدوث خلافات عديدة مع الاتحاد الوطني".

 

ويوضح أن "الخلافات بين القوى الكردية هي أعمق من الانتخابات، حيث بدأت منذ أزمة الاستفتاء والسيطرة على كركوك، ومن ثم انتخاب برهم صالح لرئاسة الجمهورية، وهذه كلها جذور دفعت الى هذا الصراع الكبير، إضافة الى تفاوت نتائج الانتخابات بين الحزبين الكرديين، فقد كانت أيضا سببا في هذا الاختلال بالعلاقة".

 

ويتابع أن "القوى السياسية، وإضافة الى ما ذكر، فهي تعيش حالة ارتباك ما بعد تظاهرات تشرين على مستوى المشهد السياسي، وقلق حول مستقبل وجودها، وهذه العوامل ألقت بظلالها على الأزمة الحالية، إضافة الى انخراط دول اقليمية في محاولة رسم أو تشكيل الحكومة المقبلة وفق رؤيتها، وهو أيضا سبب كبير يضاف لسلسلة الأسباب أعلاه، في هذه الخلافات المبكرة بين القوى السياسية".    

 

ومنذ إعلان نتائج الانتخابات في تشرين الأول أكتوبر الماضي، برزت الخلافات بشكل مباشر، حيث بدأت برفض كتل الإطار التنسيقي للنتائج، بعد فوز الكتلة الصدرية بـ73 مقعدا نيابيا، على حساب فوز تحالف الفتح، الغريم الاساسي للكتلة الصدرية بـ16 مقعدا.

 

واستمرت حدة الخلافات بالتصاعد، بعد أن تمسك زعيم التيار الصدري بأحقيته في تشكيل الحكومة، وسط رفضه التحالف مع الإطار التنسيقي، لكن الصدر كان قد اشترط في الفترة الأخيرة، قبول التحالف معه من دون وجود زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

 

الأزمة السياسية الحالية، لم تقتصر على المكون الشيعي، بل شهدت الأحزاب الكردية أزمة كبيرة حول منصب رئيس الجمهورية، وقد دخل كل حزب منهما (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) بمرشح خاص به للمنافسة على المنصب، بعد عدم توصلهما لصيغة توافقية، خاصة وأن الحزب الديمقراطي تمسك بأحقيته بالمنصب بعد أن كان من حصة الاتحاد الوطني منذ عام 2003.

 

هذه الأزمة السياسية، دفعت بالقياديين والزعماء الى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال الرسائل السياسية، حيث كانت التغريدات المتبادلة على موقع تويتر، هي السمة الأبرز لهذا الصراع، فكل زعيم يطرح رأيه وموقفه من الطرف الآخر عبر التغريدات، ولعل أبرز من استخدم تويتر هما الصدر والمالكي. 

 

الى ذلك، يبين المحلل السياسي يونس الكعبي خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "هذه الدورة النيابية تختلف عن سابقاتها، بسبب أن الكتل السياسية لديها توجهات مختلفة عن السابق، إذ هناك توجهات نحو حكومة الأغلبية التي تبنتها الكتلة الصدرية، في وقت تعودنا منذ 2003 أن تكون المسألة توافقية تضمن حصص كل كتلة سياسية فائزة حسب تمثيلها النيابي".

 

ويبين أن "البعض يريد تشكيل حكومة أغلبية وطنية عبر مشاركة مكونات محددة، وباقي الكتل يراد لها أن تكون في خانة المعارضة، وهذا الموضوع هو أساس الصراع المبكر، لأن ما يحصل هو محاولة تحويل بعض الكتل الى المعارضة رغما عنها".

 

ويؤكد أن "الخلافات اليوم على أشدها من خلال التغريدات والتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل زعماء الكتل، والآراء باتت تطرح بحدة، لذلك نشب الصراع مبكرا في هذه الدورة الانتخابية".       

 

ومن ملامح هذا الصراع السياسي، هو التوجه للمحكمة الاتحادية بشكل مستمر من قبل بعض الكتل السياسية، حيث تقدم طعنا تلو الطعن في أغلب الخطوات التي اتخذت لغاية الآن، في طريق المضي بتشكيل الرئاسات الثلاث، وكان آخرها الطعن بمسألة فتح باب الترشيح مرة ثانية لرئاسة الجمهورية، بعد فشل الجلسة الأولى للانتخاب. 

 

وقد قررت المحكمة الاتحادية يوم أمس الأول، تأجيل البت في الطعن المقدم حول هذه القضية الى 1 آذار مارس المقبل، ما أدى تمديد فترة حسم الرئاسات.

 

 

 

أخبار ذات صلة