ماذا دار بمكالمة الصدر والمالكي.. ومن سيعلن الكتلة الأكبر؟

تضاربت المعلومات حول نتائج “التقارب” بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وزعيم ائتلاف دولة القانون…

تضاربت المعلومات حول نتائج “التقارب” بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ففيما كشف مصدر سياسي مطلع، عن فحوى الاتصال بينهما، أكد أن الاتصال لم يحسم الأزمة السياسية بين التيار والإطار التنسيقي، نتيجة إصرار الأخير على تسمية الكتلة الأكبر كشرط متقدم على تمرير أي رئيس حكومة مقبل، يحاول الصدر تكرار سيناريو 2018 من خلال القفز على تشكيل الكتلة الأكبر، في ظل تأكيدات على عدم تأثر “التحالف الثلاثي”، بأي تقارب آخر.

ويقول مصدر مطلع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مكالمة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، تضمنت عرضا قدمه الصدر، وهو تسمية رئيس وزراء توافقي، دون الإعلان عن الكتلة الأكبر، طارحا اسم جعفر الصدر، وهو نجل مؤسس حزب الدعوة الإسلامية، باعتباره مقبولا من كافة الكتل الشيعية”.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد اتصل بزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أمس الأول الخميس، لأول مرة بعد قطيعة دامت لسنوات، وناقشا مستجدات الوضع السياسي وكيفية إيجاد الحلول، وذلك وفقا لمدير مكتب المالكي هشام الركابي.

ويضيف المصدر، أن “المالكي بدوره، اتصل بالصدر مجددا، وتحدث معه لنصف ساعة، وأبلغه بضرورة الانضواء أولا في تحالف شيعي واحد يشكل الكتلة الأكبر في البرلمان، ومن ثم مناقشة المرشح لتولي رئاسة الحكومة المقبلة”، مبينا أن “المكالمة لم تثمر عن حلول للانسداد السياسي الذي يشكل الخلاف بين الزعيمين أحد أسبابه، نظرا للخلاف المستحكم بين الصدر وقوى الإطار التنسيقي (ومنها كتلة المالكي) حول المرحلة المقبلة”.

ويردف أن “الصدر وعقب تسلمه رفض الإطار لأي خطوة قبل إعلان الكتلة الأكبر، دعا لاجتماع طارئ لقادة التحالف الثلاثي في النجف، قد يعقد اليوم، ويخرج بقرارات مهمة ومفاجئة، ربما يكون من بينها الإعلان عن الكتلة الأكبر أو المرشح لرئاسة الحكومة”، موضحا أن “اتصال الصدر بالمالكي، اعتراف غير مباشر بالوزن الانتخابي للأخير، ومحاولة لإقناع قوى الإطار التنسيقي بالقفز على تسمية الكتلة الأكبر، والاتفاق على رئيس وزراء جديد، في تكرار لسيناريو انتخابات 2018 التي أتت بعادل عبدالمهدي رئيسا للحكومة”.

ويعزو أسباب تجنب الصدر الانضمام للإطار التنسيقي في كتلة أكبر، الى “خشيته من فرض قوى الإطار، شروطا تعجيزية قبل تشكيل الحكومة، وفي الطرف المقابل، تخشى قوى الإطار من الموافقة على تنصيب رئيس للحكومة قبل أية ضمانات تحد من فرض الصدر سيطرته بشكل غير مباشر على الكابينة الحكومية”.

ويأتي هذا الاتصال في ظل خلاف كبير بين الصدر والمالكي، خاصة بعد أن أعلن الصدر عبر كلمة متلفزة في كانون الثاني يناير الماضي، أنه اشترط على قادة الإطار التنسيقي إبعاد المالكي في حال أرادوا التحالف معه.

يشار إلى أن الصراع الحالي بين التحالف الثلاثي والإطار التنسيقي، يتمثل بكيفية تمرير رئيس الجمهورية، حيث يجب أن يتحقق نصاب الجلسة والتصويت بثلثي عدد مقاعد مجلس النواب، والذي يبلغ 220 نائبا، وهو ما لم يحققه أي طرف لغاية الآن.

ووفقا لقرار المحكمة الاتحادية، فإن الكتلة الأكبر يجب أن تسلم الى رئيس الجمهورية في جلسة انتخابه، والذي بدوره ينتظر 15 يوما لتكليف مرشحها بتشكيل الحكومة.

ومن وجهة نظر مغايرة، يقلل النائب عن تحالف الفتح المنضوي في الإطار التنسيقي، علي الجمالي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، من الحديث عن فشل التواصل بين الصدر والمالكي، بالقول “لا نستبعد أي اتفاق بين الاطار والتيار في الأيام القريبة، والبدء بالتفاوض ككتلة واحدة بعنوان المكون الشيعي”.

ويشير الجمالي، الى أن “الإطار التنسيقي سيجتمع اليوم، لمناقشة العديد من الأمور، ومنها التقارب الجديد مع الصدر، بالإضافة الى مسألة ترشيح جعفر الصدر لرئاسة الحكومة”، مقللا من قدرة الأخير على “إدارة دولة بهذا الوضع المعقد، حتى وإن امتلك تاريخا يستند على اسم عائلته”.

ويلفت إلى أن “المهم الآن هو الاتفاق على تسمية الكتلة الأكبر ورئيس الجمهورية، وتوصل الكرد لحل بشأن هذا المنصب”، مؤكدا أن “الإطار التنسيقي مع تهدئة الأمور والاتجاه إلى عملية سياسية رصينة داخل المكونات”.

يذكر أن رئيس تحالف الفتح هادي العامري، أكد في كلمة له مطلع الشهر الماضي، أن ذهاب الكرد والسنة مع نصف الشيعة هو مؤامرة وليس أغلبية، معلنا عدم التحالف مع أي جهة دون طرف معين من الإطار، وذلك بعد رد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي على الصدر، وتأكيده أنه غير معتاد على “عدم الرد على من يتجاوز ويشخصن الخلافات السياسية الوطنية.. وأن ردي عليهم في الميدان السياسي والأمني”.

من جانب آخر، يعرب عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأي تقارب بين الصدر وقادة الإطار التنسيقي، مؤكدا أن “الحزب الديمقراطي ورئيسه مسعود بارزاني سعيا لتقارب الكتل الشيعية، وسبق وأن أرسل الأخير وفدا للصدر، بهدف إقناعه بمشاركة جميع الكتل في الكابينة الوزارية الجديدة، وما جرى الآن من تقارب هو استجابة لما طرحناه سابقا”.

 

ويؤكد سلام “عدم وجود أي تعارض بين دخول الإطار التنسيقي بتحالف مع الصدر، والتحالف الثلاثي، فالأخير سيبقى قائما ولن يتأثر بالتقارب الجديد، فما يهمنا هو تحقيق الإصلاح ومكافحة الفساد، وهو جوهر ما يسعى له التحالف الثلاثي”.

يذكر أن كلا من رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، وصلوا في كانون الثاني يناير الماضي، الى النجف والتقوا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في حدث بارز أثار ردود أفعال عديدة.

ونشر الحلبوسي خلال وجوده في النجف، تغريدة أكد فيها أن الحكومة المقبلة ستكون بعيدة عن التدخلات الخارجية، خاتما تغريدته بالجملة الشهيرة للصدر “لا شرقية ولا غربية”.

وعقب انتهاء الاجتماع نشر الصدر تغريدة قال فيها “اوقفوا الارهاب والعنف ضد الشعب والشركاء، فلازلنا مع تشكيل حكومة أغلبية وطنية ونرحب بالحوار مع المعارضة الوطنية”، هذا بعد أن أعلن زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني أن اللقاء جاء بمبادرة منه، وأعرب عن أمله بأن يخرج الاجتماع بنتائج إيجابية.

من جانبه، يعلق رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اتصال الصدر بالمالكي، جاء نتيجة لإدراك الصدر بأن عدم التوافق لن ينتج حكومة سواء كانت أغلبية وطنية او توافقية”.

ويرى الشمري، أن “الاتصال بمثابة نصف خطوة للأمام، خصوصا وأن الإطار التنسيقي سيجتمع بعد الاتصال، وهذا يبين أن هناك خارطة مصالح جديدة قد تختلف عن طبيعة الاشتراطات السابقة”، لافتا الى أن “هناك محاولة من قبل الصدر بعدم التسبب بأي انغلاق سياسي”.

وفيما يخص التفاهم حول رئاسة الحكومة المقبلة، يؤكد أن “من المبكر الذهاب إلى أن هذا الاتصال حسم الأزمة، خصوصا وان عقدة اسم رئيس الوزراء ما تزال مستمرة خاصة داخل البيت السياسي الشيعي، لكن هذا الاتصال بالمجمل يمثل منعطفا كبيرا جدا في المفاوضات”.

يذكر أن الإطار التنسيقي أعلن سابقا عبر تصريحات لقياديين فيه، أن عدم إشراكهم في الكتلة الأكبر، ستترتب عليه عرقلة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ووصفوا أنفسهم بـ”الثلث المعطل” الذي سيتحكم بمجريات جلسة الانتخاب.

ووفقا للدستور، فإن الكتلة الأكبر هي صاحبة أكثر عدد من المقاعد داخل قبة البرلمان، فيما يلمح قادة في الإطار إلى أنهم الكتلة “الشيعية الأكبر”، باعتبار أن منصب رئيس الحكومة من حصة المكون الشيعي، وفقا للعرف السياسي القائم منذ عام 2005.

إقرأ أيضا