زيارة الأسد للإمارات.. تقارب عربي غربي أم ضوء إيراني؟

اختلفت رؤى المحللين السياسيين، بشأن التقارب السوري الإماراتي الأخير، ففيما رأى بعضهم أنه يندرج ضمن…

اختلفت رؤى المحللين السياسيين، بشأن التقارب السوري الإماراتي الأخير، ففيما رأى بعضهم أنه يندرج ضمن مشروع “الشام الجديد”، الذي يهدف الى سحب العراق وسوريا من منطقة النفوذ الإيراني وإلحاقهما بالمحور “العربي” القريب من الولايات المتحدة والغرب، لم يستبعد آخر أن يكون هذا التقارب بوساطة إيرانية نظرا لعلاقتها المستمرة مع دول الخليج، شريطة “عدم المساس” بنفوذها في سوريا، وفي كلتا الحالتين طالب المحللون الحكومة باستثمار هذه الفرصة لصالح العراق بأي شكل من الأشكال.

 

ويقول المحلل السياسي غالب الدعمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك خارطة جديدة للمنطقة العربية، ضمن مشروع الشام الجديد، تهدف الى سحب سوريا من المحور الإيراني، والذي يعد جزءا من المحور الصيني الروسي وإلحاقها بالمحور العربي الأمريكي”.

 

ويضيف الدعمي، أن “هذا سيلقي بظلاله على العراق الذي من المفترض أن يدخل ضمن هذا المحور، بمعنى أن السياسة الأمريكية الجديدة لا تعتمد على السلاح، بل الدبلوماسية الناعمة التي تستخدمها الآن، وهذا التحرك ليس وليد اليوم، بل بدأ منذ أكثر من سنتين والكل يعلم أن الإمارات هي المركز المتقدم للسياسات الأمريكية بالمنطقة، وسحب سوريا معناه قطع الطريق أمام المحور الذي تريد تطبيقه إيران وروسيا والصين بربط العراق وسوريا ولبنان ضمن مسار واحد، وسحب سوريا هو مقدمة لسحب العراق”.

 

ويتابع أن “العلاقة السورية الإيرانية منذ بدء الحرب العراقية الإيرانية وحتى اليوم، تتصف بالثبات، ما يشعر إيران بالاطمئنان الى حلفها الستراتيجي مع سوريا”، مستدركا “لكن التغيير واضح الآن في محور العلاقات السورية العربية، بمعنى أن المطلوب من سوريا خفض مستوى علاقتها مع إيران، وهذا قد يثير قلق الأخيرة”.

 

ويؤكد أن “هناك ردات فعل إيرانية حدثت على أرض الواقع، حيث بدأت الحكومة السورية منذ أكثر من 6 أشهر بتقييد حركة الفصائل التابعة لإيران فيها، وهذا مؤشر على وجود تحول بالعلاقات الإيرانية السورية، ولكن ليس من السهولة القول أن العلاقة ستشهد تغييرا مفاجئا وسريعا، ولكن سيتم تحديدها سواء سياسيا واقتصاديا وحتى أمنيا”.

 

وكان الرئيس السوري بشار الأسد، زار الإمارات، الجمعة الماضية، وهي الزيارة الأولى له لدولة عربية منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011.

 

واستقبل كل من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، الحاكم الفعلي للإمارات، وحاكم دبي محمد بن راشد، الرئيس السوري لبحث “العلاقات الأخوية” بين البلدين وجهود “ترسيخ الأمن والاستقرار والسلم في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط”، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الإماراتية.

 

وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة قالت في بيان مشترك، الثلاثاء الماضي، إنها “لا تدعم جهود تطبيع العلاقات مع الأسد”.

 

وفيما يخص مشروع “الشام الجديد”، فقد كان الكاظمي قد زار واشنطن في آب أغسطس 2020، والتقى خلالها الرئيس الأمريكي في حينها دونالد ترامب، وبدأ معه مشروع “الشام الجديد”، وقد حمل الكاظمي رؤية المشروع، وأجرى فور عودته زيارة سريعة الى العاصمة الأردنية عمان، والتقى فيها العاهل الاردني عبد الله بن الحسين والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

 

وكان الرئيس السوري بشار الأسد استقبل في تشرين الثاني نوفمبر 2021، وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتكثيف الجهود لاستكشاف آفاق جديدة لهذا التعاون، وخصوصا في القطاعات الحيوية من أجل تعزيز الشراكات الاستثمارية في هذه القطاعات، وفقا للبيان الذي صدر في حينها من الرئاسة السورية.

 

وتعتبر سوريا امتدادا لدول تضم أنصارا لإيران وتشمل العراق ولبنان واليمن أيضا، في ما بات يعرف بين أولئك الأنصار، بـ”محور المقاومة” الذي يهدف لوصول طهران برا الى البحر الأبيض المتوسط، كما قال لـ”العالم الجديد”، محللون سياسيون في وقت سابق.

 

من جهته، يرى المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “معظم الأنظمة العربية تعمل لخدمة الكرسي ولا تفكر بشعوبها ولا تفكر بسياسات معينة تطبقها، فمتى ما توجب الأمر أن يتواجد هذا الرئيس في موقف معين، فهو يكون متواجدا، سواء كان بالضد من موقف أو معه، فكل الأمور تجري بناء على فترة إقامته كرئيس للبلاد”.

 

ويردف البيدر، أن “هذا الأمر يندرج ضمن مفهوم البراغماتية، وهو ما يطبقه الرئيس السوري بشار الأسد، والذي استدعى قوات عراقية وإيرانية للقتال إلى جانبه وقاطع دولا وجامل دولا أخرى، والآن يزور الإمارات”، مبينا أنه “يفترض على العراق أن يستثمر هذا التقارب السوري الاماراتي، لكنه كدولة ومنذ العام 2003 لم يكن هو صانع القرار الخاص به، ودائما ما يتلقى التعليمات سواء أمريكية أو إيرانية في التعامل مع محيطه، ولذلك لا توجد هنالك قدرة على استثمار هذا التقارب وتعزيزه بما يخدم المصالح المشتركة سواء للخليج أو العراق أو سوريا”.

 

ويؤكد أن “العراق دائما ما يضيع هكذا فرصا، خاصة وأن هنالك علاقة طيبة للحكومة العراقية مع الطرفين (السوري والاماراتي) يفترض أن يتكئ عليها، لا سيما وأن هنالك موقعا جيوسياسيا للعراق يجبر الآخرين على أن تكون علاقتهم حسنة به، وأن تمرر من خلال المناطق العراقية بعض القضايا التجارية”، مبينا أن “الموقف الإيراني أيا كان في العلاقات التي  ترسمها سوريا فنظام الأسد نظام براغماتي يذهب حيث تتواجد مصالحه، ولا أعتقد أنه سوف ينفذ القرارات التي تدفعه باتجهها إيران”.

 

ويستطرد “من جانب آخر ربما جاء هذا التقارب بوساطة إيرانية، لاسيما وأن  إيران لديها أفضل العلاقات مع دول الخليج رغم أنها مرت بأزمات، لكنها ضلت محافظة على نوع العلاقة، وأيا كانت الرغبة السورية في إقامة أفضل العلاقات، فإن إيران لا تمانع ما دامت تلك العلاقات غير مبنية على إبعاد المصالح والنفوذ الإيراني داخل سوريا”.

 

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعربت عن “خيبة أملها وانزعاجها العميقين” من دعوة الأسد، لزيارة الإمارات، وفق ما قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، الذي وصف الدعوة بـ”المحاولة المكشوفة لإضفاء الشرعية عليه وهو مسؤول عن مقتل ومعاناة عدد لا يحصى من السوريين وتشريد أكثر من نصف السكان السوريين والاعتقال التعسفي واختفاء أكثر من 150 ألف سوري من الرجال والنساء والأطفال”.

 

كما أكد برايس، أن الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات عن سوريا أو تتخلى عنها ولا تدعم إعادة إعمارها حتى يتم إحراز تقدم لا رجوع عنه نحو حل سياسي وهو ما لم نشهده بعد، معربا عن اعتقاده بأن الاستقرار في سوريا والمنطقة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عملية سياسية تمثل إرادة جميع السوريين.

إقرأ أيضا