مختصون يحددون آليات تفعيل “الأمن الاقتصادي” لإيقاف الأسعار.. وتطبيقها مرهون بعلاقات التجار والسياسين

طالب مختصون بتفعيل “الأمن الاقتصادي”، وفرض السيطرة على المصارف التي تتعامل مع البنوك الدولية لتحويل…

طالب مختصون بتفعيل “الأمن الاقتصادي”، وفرض السيطرة على المصارف التي تتعامل مع البنوك الدولية لتحويل أموال المستوردين، بهدف تحديد أرباحهم، واصفين توجه الحكومة بإيكال مهمة مراقبة الأسعار الى الأجهزة الاستخبارية بـ”التخبط”، وسط إشارة إلى صعوبة الأمر بسبب العلاقات التي تربط بعض التجار بكتل سياسية، في ظل خضوع إجراءات المحاسبة الحالية وفق قانون المنافسة ومنع الاحتكار الذي تصل فيه أقصى عقوبة للسجن مدة 3 سنوات.

ويقول الخبير الاقتصادي ضياء المحسن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “موضوع إيكال الأمن الاقتصادي إلى أجهزة استخباراتية، تخبط بحد ذاته، لأن العنصر الاستخباري ليس من وظيفته مراقبة السوق، بل إن وظيفته أكبر من ذلك، وتتعلق بأمن الدولة، لكن السؤال كيف يمكن تفعيل الأمن الاقتصادي، فهو مهم جدا”.

ويضيف المحسن، أن “التاجر اليوم يمتلك عذرا لرفع الأسعار، وهو عدم مساعدة الدولة له، والمساعدة هنا ليست مساعدة مالية ومنحه المال دون مقابل، بل تعني أنه يجب على الحكومة السيطرة على الاستيرادات، وأن لا تكون عشوائية لكل من هب ودب، كما أن الاستيرادات يجب أن تكون عن طريق مصارف معترف بها، وهذه مشكلة، لأن النظام المصرفي الآن، بالكاد بدأ يتحرك بعد الحديث عن تخلص العراق من الفصل السابع، ولا توجد لدينا مصارف حكومية أو أهلية لديها تواصل مع البنوك الأجنبية الكبرى”.

ويستطرد “هناك ضرورة لتقييم المصارف الحكومية والأهلية، التي لديها تعاملات مع بنوك مراسلة (وسيطة)، والتي يستورد عن طريقها التاجر السلع والمنتجات لتكون تحت السيطرة في العراق، فعندما يستورد التاجر سلعا غذائية محددة أو كمالية بسعر معين، فيجب أن لا يضع عليها ما لا يزيد عن 10 بالمائة كأرباح، واذا زادت عن ذلك، فحينها يمكن معاقبته”. 

ويتابع أن “أصحاب محلات التجزئة (البيع المفرد) لا علاقة لهم بارتفاع الأسعار، لأن الأسعار يحددها التاجر الذي يستورد السلعة، فمثلا في منطقة جميلة يباع كيس الطحين بـ45 دولارا، وعندما يقوم بائع التجزئة هنا ببيعه، فإنه يضيف أجرة النقل وأمورا أخرى متعلقة بالوزن، إضافة الى ربحه، فوظيفته وسيط بين تاجر الجملة والمستهلك”.

ويؤكد أن “التجار الآن يرتبطون بأحزاب وكتل سياسية لها نفوذ داخل مجلس النواب، وبالتالي تمنع تمرير هكذا قوانين وإجراءات يمكن أن تساعد في تطبيق قانون الأمن الغذائي، كما أن هناك كتلا سياسية لديها لجان اقتصادية، وهذه كلها عوامل مؤثرة بشكل سلبي”.  

وتشهد السوق العراقية ارتفاعا كبيرا بأسعار المواد الغذائية، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، التي أدت الى رفع أسعار بعض مفردات المواد الغذائية عالميا، ومنها الزيت النباتي.

وكانت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، أعلنت أمس الأحد، استمرار جولاتها الميدانية لمتابعة المتلاعبين بالأسعار ومحتكري المواد الغذائية، وأنها قد اعتقلت 30 مخالفا. 

يشار إلى أن النائب الأول لرئيس مجلس النواب حاكم الزاملي، اجتمع في 7 آذار مارس الحالي، مع وكيل جهاز الأمن الوطني ووزير التجارة ومدير الأمن الاقتصادي في وزارة الداخلية لمناقشة أسباب ارتفاع المواد الغذائية في السوق، وأكد أن مجلس النواب يدعم توفير مفردات البطاقة التموينية للفقراء.

وأشار الزاملي في مؤتمره الصحفي آنذاك، إلى أنه ستكون هناك آليات رادعة للمتلاعبين بأسعار المواد الغذائية وبقوت المواطن، فهذا يعتبر استهدافا للبلاد، على حد تعبيره.

وبين فترة وأخرى تشهد السوق العراقية أزمة تؤدي الى ارتفاع الأسعار، أبرزها كانت مطلع العام الماضي بعد تغيير سعر صرف الدولار، وقبلها جرت أزمة أيضا خلال تفشي فيروس كورونا، حيث ارتفعت أسعار المستلزمات الطبية سواء المواد المعقمة او الأقنعة الواقية وبعض الأدوية لمستويات كبيرة جدا.

وكانت عضو لجنة الاقتصاد النائب ندى شاكر جودت، طالبت العام الماضي خلال حديثها مع “العالم الجديد”، بتفعيل الأمن الاقتصادي بأعلى مستوياته على أن لا يكون مؤسسة فاسدة مثل المؤسسات الأخرى.

من جانبه، يبين الخبير القانوني أحمد العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المحاكم، وخلال أزمة تفشي فيروس كورونا طبقت قانون المنافسة ومنع الاحتكار، حيث جرى ارتفاع كبير بأسعار الأدوات والمستلزمات الطبية، وكانت العقوبات المترتبة هي السجن لمدة سنة كاملة”.

ويوضح العبادي، أن “المحاسبة تكون وفق قانون المنافسة ومنع الاحتكار رقم 13 لسنة 2010، الذي يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 3 سنوات، لكن بالمقابل تتم المحاسبة حسب سعر البضاعة الموجودة بالسوق، فمن يرفع السعر عن المعتاد يشمل بالعقوبة، وذلك لعدم وجود سعر محدد من قبل وزارتي التجارة والزراعة لأغلب المواد، فالاعتماد يكون على السعر الحالي، من قبيل الزيت النباتي عندما يرفع الى سعر 10 آلاف دينار مثلا، فهذا يعتبر مخالفة ويشمل من تسبب بذلك بالعقوبة”. 

يشار إلى أن دول جوار العراق، تشهد تحديد أسعار المواد الغذائية سواء المستوردة أو الزراعية، من قبل الدولة، فيما يخضع القطاع الخاص الى عقوبات صارمة وغرامات كبيرة جدا في حال أقدمت أي سلسلة متاجر على رفع الأسعار، حيث تخضع جميعها لأجهزة رسمية مختصة ولا يمكن حدوث تلاعب بالأسعار، إلا في حالات الانهيار الاقتصادي أو حدوث اختلاف كبير بسعر صرف العملات مقابل الدولار.

إقرأ أيضا