الاستثمار في العراق.. حلم بعيد المنال

حدد مختصون في الشأن الاقتصادي، عوامل عدة تمنع ازدهار الاستثمار في العراق، وحولته الى بيئة…

حدد مختصون في الشأن الاقتصادي، عوامل عدة تمنع ازدهار الاستثمار في العراق، وحولته الى بيئة طاردة، أبرزها شيوع الفساد والبيروقراطية والتهديدات الأمنية، فضلا عن العيوب التشريعية التي يحتويها قانون الاستثمار.

ويقول الخبير الاقتصادي باسم انطوان خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الاستثمارات الموجودة الآن في العراق ليست استثمارات إنتاجية أو زراعية أو صناعية أو سياحية بالشكل الذي يعول عليها، فأغلبها منصب على مراكز التسوق التي تبنى على قطع أراض مميزة وتمتلئ بسلع استهلاكية مستوردة، ولا توجد فيها بضاعة عراقية مصنعة في الداخل، وهذا ما  يساعد على خروج رؤوس الأموال إلى خارج البلد”.

ويضيف انطوان، أن “قانون الاستثمار جيد وهناك تطبيقات لقسم من فقراته، ولكن بشكل عام ما زالت بيئة الاستثمار غير جاذبة، بل طاردة إلى حد ما، بسبب البيروقراطية وَالابتزاز والضغوط التي يعاني منها المستثمر وتؤدي إلى هروبه بعد فترة قصيرة من محاولاته بدء نشاطه داخل العراق”.

ويردف أن “المستثمر الجيد الذي ينطلق من دراسات جدوى بعيدة المدى، لا يجد له بيئة مناسبة في العراق، أما المستثمر غير النزيه والذي يعتمد على التلاعب والدعم من بعض الأجهزة الفاسدة، فإنه يلقى الترحاب، وهذا خطر كبير يواجهه البلد”. 

يشار إلى أن مجلس الوزراء، استضاف أمس الثلاثاء، رئيسة الهيئة الوطنية للاستثمار سها نجار، لمناقشة واقع الاستثمار والعمل على تحسين البيئة الاستثمارية في عموم العراق، وبما يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية.

وكان العراق أقر عام 2006 قانون الاستثمار بالرقم 13، ويتمثل في تأسيس الهيئة الوطنية للاستثمار، وتتفرع منها هيئات في جميع المحافظات العراقية، وتعنى بجلب الاستثمارات المحلية والدولية من أجل تحسين واقع البلاد الخدمي والبنى التحتية وخلق فرص عمل.

يشار إلى أن النائب السابق واللجنة القانونية النيابية رشيد العزاوي، أكد في حديث صحفي خلال الدورة النيابية السابقة، أن قانون الاستثمار تعترضه العديد من العراقيل، أولها تضاربه مع قوانين استثمار أخرى في وزارات الدولة، رغم أن قانون الاستثمار (13) له الأولوية وفق تشريعه، فضلا عن أنه لا يحمي أموال المستثمر (العراقي والأجنبي) ويطالب بكشف الذمة المالية للمستثمر.

وكانت المشاكل التي رافقت توقيع الحكومة لعقد إنشاء ميناء الفاو الكبير، من أبرز الحوادث بشأن الاستثمار في البلد، حيث جرى ضغط كبير على الشركة الكورية، وصل مرحلة العثور على جثة مديرها في العراق، وقد قيل في حينها أنه انتحر، دون معرفة السبب الحقيقي لوفاته.

إلى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي ملاذ الامين خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك معوقات متعددة بشأن الاستثمار، فقانون الاستثمار نفسه يحتوي على معوق، كونه لا يسمح للمستثمر بتملك الأرض، في وقت يجب على الجهة المستثمرة، أن تمتلك الأرض التي تستثمر عليها لمدة بين 15- 25 عاما، لكي تتمكن من استرجاع أموال استثمارها”.

ويستطرد الأمين، أن “هناك معوقات أخرى، مثل الأمنية، إضافة الى السوق العراقي المتخلخل من الناحية السياسية”، مبينا أن “العراق يحتوي على إمكانيات هائلة للاستثمار، ولكن المعوقات الأمنية والسياسية والقانونية تمنع ذلك”.

ويشدد على “ضرورة تفعيل قانون الاستثمار والانتقال به إلى شكل آخر جاذب للمستثمرين وضامن لرأس المال، لذلك نجد أن أكثر الشركات الاستثمارية تتخوف من القدوم إلى العراق رغم أنه سوق رائج، وأن أي مشروع استثماري يقام فيه هو مشروع مربح، لكن ما يقف أمامه هي المعوقات أعلاه”.

يذكر ان لجنة الاستثمار النيابية السابقة، أكدت هيمنة شخصيات وأحزاب وميليشيات على مشهد الاستثمار في البلاد، وأن من شأنه منع حصول الشركات الاستثمارية الرصينة على فرصة للدخول في مجال الاستثمار في البلاد. 

وتسعى دول مثل فرنسا والصين، الى الاستثمار في العراق، عبر الزج بشركاتها في مختلف المجالات، وهذا الأمر عادة ما يكون أحد أبرز محاور النقاشات التي تجرى خلال الزيارات الرسمية، وخاصة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي شدد عليه خلال زياراته للعراق. 

إقرأ أيضا