خبراء يقللون من طرح زيدان.. لا حل إلا بالحل

في ظل الانسداد السياسي الحالي، واستنفاد كافة الحلول القانونية والدستورية، قلل خبراء قانونيون من الحل…

في ظل الانسداد السياسي الحالي، واستنفاد كافة الحلول القانونية والدستورية، قلل خبراء قانونيون من الحل الذي اقترحه رئيس مجلس القضاء الأعلى بخصوص إجراء تعديلات دستورية، كونها بعيدة عن اختصاصه، لأن العمل على تلك التعديلات والبت بها هو من اختصاص المحكمة الاتحادية، مؤكدين أن الحل الوحيد للأزمة الراهنة، هو حل مجلس النواب لنفسه في حال عدم تفاهم الكتل السياسية فيما بينها وتكرار الفشل بانتخاب رئيس الجمهورية.

ويقول الخبير القانوني عدنان الشريفي إن “من يقوم بتعديل الدستور هو البرلمان، فهو صاحب السلطة الأولى والأخيرة في إصدار التعديلات الدستورية، وبعض التعديلات تكتفي بقرار من البرلمان وبعضها تتطلب موافقة الثلثين وبعضها تتطلب شرط الاتفاق بين ثلاث محافظات من الأقليم وبعضها تتطلب الاستفتاء“.

ويضيف الشريفي، أن “ما طرحه رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان يعبر فيه عن وجهة نظر شخصية، كما انه تدخل في عمل المحكمة الاتحادية، فهي المختصة بالدستور وليس القضاء، بالتالي لا يمكن الأخذ بما طرح زيدان، فهو رأي كأي رأي يصدر من باحث قانوني“.

ويلفت إلى أن “موضوع المدد الدستورية، ووفقا للدستور، فأن أغلب المختصين متفقين على أنه المدد الواردة في فترة انتخاب رئيس الجمهورية هي مدد تنظيمية وليست مدد حكمية، بدليل أن الدستور لم يضع جزاء للمخالفة، أي لو كان الدستور وضع المدة حتمية أو حكمية لكان شرع أن يتم انتخاب رئيس جمهورية خلال فترة معينة وبعكسه يتخذ إجراء معين، وهذا غير موجود الآن، وبالتالي فهي مدة  تنظيمية وليست حكمية“.

وبشأن وجود حل للأزمة الراهنة، يؤكد الشريفي أن “أي حل دستوري لا يوجد، وإنما الحل الوحيد هو أن مجلس النواب يحل نفسه، لأننا أمام انسداد دستوري قبل أن يكون سياسي، لذا إما أن يحل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة او يتخذ الفرقاء السياسيين قرارات صالحة ويتفقون على الرئاسات“.

وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، نشر يوم أمس مقالا، أكد فيه أن الواقع السياسي يشهد مخالفة صريحة لقاعدة دستورية منصوص عليها في المادة (72/ثانيا/ب)، بتحديد مدة استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته إلى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد.. ورغم أن المحكمة الاتحادية العليا اجتهدت لإيجاد مخرج لهذه المخالفة الدستورية عندما أجازت استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته لحين انتخاب رئيس جديد بموجب القرار الصادر بتاريخ (13/2/2022) إلا أن هذا الاجتهاد لا يكفي لمعالجة الاستمرار في مخالفة الدستور الى أجل غير مسمى بسبب شرط أغلبية الثلثين.

وأكمل في مقاله: لذا نرى تعديل النص الدستوري الوارد في المادة (64/اولا) بأن يكون حل مجلس النواب بقرار من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية على أن لا يكون اثناء مدة استجواب رئيس الوزراء وبذلك يتحقق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بأن يكون جزاء مخالفة القاعدة الدستورية بقرار من السلطة التشريعية في حال مخالفتها من قبل السلطة التنفيذية بسحب الثقة عنها، والعكس صحيح يكون الجزاء بقرار من السلطة التنفيذية (رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية مجتمعين) في حال مخالفة القاعدة الدستورية من قبل مجلس النواب عن طريق حل المجلس بدون شرط موافقة مجلس النواب.

وكان مجلس النواب، أخفق الأربعاء الماضي، وللمرة الثانية خلال أسبوع واحد، في تحقيق نصاب الثلثين (220 نائبا) لانتخاب رئيس الجمهورية، وذلك نتيجة لمقاطعة نواب الإطار التنسيقي للجلسات وبعض المستقلين الذين انضموا له.

وتأتي جلسات البرلمان الأخيرة لانتخاب رئيس الجمهورية، بعد إخفاقه بعقد الجلسة الأولى بعد 30 من الجلسة الأولى له،  والتي شهدت في حينها مقاطعة من الكتل السياسية

وما تزال الأزمة السياسية قائمة، وخاصة بين التحالف الثلاثي “انقاذ وطن” وبين الإطار التنسيقي، بل تعمقت الأزمة في ظل إصرار جميع الأطراف على مواقفها دون تقديم أي تنازل لتحقيق نصاب الثلثين.

إلى ذلك، يبين الخبير القانوني ماجد مجباس أن “هناك صعوبة بإجراء تعديلات دستورية في الوقت الراهن، نظرا لوجود حكومة تصريف أعمال واستحقاق جديد لرئاسة الجمهورية“. 

ويشير إلى أن “هناك نصوص نظمت موضوع التعديلات الدستورية، والتعديلات تحتاج إلى مسائل ليست فقط قانونية وإنما مسائل فنية ولوجستية، لأنها لا تكون إلا بعد الاستفتاء والتصويت عليها من قبل الشعب العراقي، واذا تم رفضها من قبل مواطني ثلاث محافظات فلن تطبق“.

ويتابع أن “ما طرحه رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وتحديدا ما يتعلق بمسألة إمكانية حل البرلمان، فهذه الإمكانية التي تحدث عنها هي التي نص عليها الدستور، فالدستور نص أنه يجيز حل البرلمان بطلب من رئيس الوزراء وبموافقة من رئيس الجمهورية والتصويت بالاغلبية المطلقة من قبل أعضاء مجلس النواب، اذا فان زيدان ردد ما هو موجود في الدستور“.

ويؤكد أن “بعض الجهات السياسية تلوح الآن بحل البرلمان، ولكن مدى جدية الكتل السياسية بإجراء هذا الموضوع غير حقيقي، لأن هذه الكتل لها استحقاقات بموجب هذه الانتخابات وأنها لن تجازف بها، وكذلك فان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات غير مستعدة لا لوجستيا ولا فنيا لإجراء انتخابات أخرى مبكرة“.

وبشأن وجود حل قانوني للأزمة الراهنة، يوضح مجباس أن “المدد الدستورية هي مدد تنظيمية، ومخالفتها لا تؤدي إلى سقوط الحق، بمعنى أنه في حال مخالفة مدة 30 يوما لانتخاب رئيس الجمهورية، لا يصار إلى سقوط الحق بانتخاب الرئيس، والمحكمة الاتحادية لم تحدد عدد هذه المدد مرة او مرتين او اكثر، بالتالي من الممكن أن تكون 10 مرات“.

ويلفت إلى أن “الحل الوحيد أمام الكتل هو الاستمرار بعقد جلسات الانتخاب، أو تقديم القليل من التنازل عن العناد السياسي وإجراء تفاهمات فيما بينها، وإذا لم يصلوا إلى حل فسنبقى أمام حكومة مشلولة وتعطيل لتمرير رئيس جمهورية جديد، وهو استحقاق دستوري“.

إقرأ أيضا