نقابة الصحفيين.. انتخابات في ظل اتهامات

مع إسدال الستار على الانتخابات الـ22 في تاريخ “نقابة الصحفيين العراقيين”، والثانية بعد تعديل قانونها…

مع إسدال الستار على الانتخابات الـ22 في تاريخ “نقابة الصحفيين العراقيين”، والثانية بعد تعديل قانونها في 2017، يتجدد الجدل حول جدوى عمل النقابة وشرعية التجديد لنقيبها الذي يحتفظ بموقعه منذ نحو 14 عاما، في ظل مقاطعة العديد من الصحفيين الذين يتهمونها بالفساد ومنح العضوية لأشخاص من خارج الوسط.

وبهذا الشأن، يقول الكاتب والصحفي عبد المنعم الأعسم في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “نتائج انتخابات نقابة الصحفيين كانت معروفة، فهي معدة سلفا ببقاء مؤيد اللامي في منصب النقيب مجددا، وهذا لا يمثل إرادة كل الصحفيين، وإنما هي إرادة مصنوعة، خاصة وأن اللامي أعد كتلة واسعة وكبيرة من الأتباع في بغداد والمحافظات، وهذه الكتلة وظيفتها الأساسية حمايته من المساءلة والحيلولة دون إيجاد إصلاح وتغيير جذري في مسار النقابة”.

وانطلقت أمس الجمعة، انتخابات نقابة الصحفيين، وشملت التنافس على منصب النقيب، الذي رشح له مؤيد اللامي إلى جانب 3 منافسين آخرين، بالاضافة إلى منصب نائب النقيب وعضوية المجلس ولجان المراقبة والانضباط، حيث قال نقيب الصحفيين مؤيد اللامي في كلمة له أثناء افتتاح فعاليات العملية الانتخابية، إن “العديد من القضايا تحققت للصحفيين وأكثر من 10 آلاف قطعة أرض وزعت للصحفيين”، لافتاً الى أن “هناك تلكؤاً في توزيع قطع الأراضي في بغداد بسبب عدم وجود المساحات المطلوبة، وتم توزيع وجبة واحدة لـ500 صحفي في بغداد، لكن الوجبات الأخرى توقفت”، مشددا على عدم “وجود مسجون صحفي، وأن مجلس القضاء الأعلى داعم للأسرة الصحفية ومساندة للحرية الصحفية، ووجه بأكثر من إعمام بأنه لا يجوز استدعاء الصحفيين إلا بعد إبلاغ نقابة الصحفيين”.

ولكن الأعسم، يشير إلى أن “النقابة وعلى مدار عقد من الزمن لم تقدم أي حل لقضيتين يعاني منها الصحفيون العراقيون دائما، أولها تتعلق بفرص العمل ومنع تسريح الصحفيين من المؤسسات التي يعملون فيها، والثانية الدفاع عن أصحاب الرأي من الصحفيين الذين يتعرضون للملاحقة والمحاكم والاغتيال”، متهما نقابة الصحفيين، بـ”تحولها إلى أداة للضغط ومعاقبة أصحاب الرأي”.

ويستطرد “هناك إجماع داخل الوسط الصحفي على أن النقابة أساءت في الفترة الماضية لهذا الصرح الكبير الذي شيده الجواهري وبنته كوكبة من الرواد الصحفيين النزيهين، مثل سجاد الغازي وشهاب التميمي وفايق بطي وغيرهم من العشرات من الاسماء اللامعة”.  

وتأسست نقابة الصحفيين العراقيين عام 1959، وكان أول نقيب لها هو الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري، ومن ثم تلاه محمد طه الفياض، فيصل حسون، عبد العزيز بركات، سعد قاسم حمودي، طه البصري، صباح ياسين، وشهاب التميمي ومن ثم مؤيد اللامي الذي شغل منصبه منذ عام 2007 ولغاية الآن.

وكان البرلمان العراقي، قد أٌقر في العام 2017، تعديلا على قانون النقابة المقر سنة 1969، وورد في المادة الخامسة منه “رفض انتخاب النقيب لأكثر من دورتين متتاليتين مدة الدورة أربع سنوات”.

وكانت آخر انتخابات جرت في النقابة مؤخرا، هي في العام 2018، وقد فاز بيها مؤيد اللامي أيضا بمنصب النقيب.

وحول قانونية تجديد انتخاب النقيب السابق، يوضح الإعلامي والقانوني حسام الحاج خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك تعديلا أجري على قانون النقابة داخل البرلمان، يمنح النقيب (مؤيد اللامي) حق الترشح لدورتين مقبلتين ما عدا الدورات التي قضاها في السابق”.

ويلفت الحاج، أن “هذا التعديل لم يكن قانونيا، ولو تم الطعن به في المحكمة الاتحادية فإنه سيقبل، ولكن لم يكن هناك اهتمام كبير بهذه المسألة”، مسترسلا بالقول إن “معظم القوانين التي تخص النقابات هي غير دستورية، ويمكن الطعن بها وإلزام البرلمان بتشريع قانون موحد”.

ويتابع “هناك اعتراض مسبق على عمل النقابات والاتحادات في العراق إجمالا، وخاصة من الناحية القانونية على اعتبار أن هناك فجوة قانونية هائلة تتعلق بوظائف ومهام وواجبات النقابات في النظام السابق ومهامها في النظام الحالي والذي يصطلح عليه بالدستوري”.

ويستطرد “النظام الدستوري قدم النقابات على أنها اتحادات تضم أصحاب مهن معينة يدافعون من خلالها عن حقوقهم بشكل جماعي، ضامنا تعدد النقابات وفقا للنظام الداخلي المكتوب لأي نقابة، فيما كان النظام السابق يريد من تلك النقابات أن تكون شرطيا على المهنة، وما بين هذه وتلك بقيت النقابات ضائعة، فمرة تتحول على نظامها الحالي، ومرة على نظامها السابق وتحاول أن تكون أداة بيد سياسي أو رئيس وزراء أو وزير من أجل تمرير قضايا معينة ولمصالح خاصة ضيقة بمجموعة من أعضاء النقابة أو من الصحفيين”.

ويتهم الحاج نقابة الصحفيين بـ”الغياب التام عن دورها المنتظر منها، فنحن الآن في أمس الحاجة إلى تنظيم العمل من الناحية القانونية، والضغط لتشريع قوانين تتعلق بالوصول إلى المعلومات وتنظيم العمل الصحفي”.

يشار إلى أن عشرات الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون العراقيون سنويا، وغالبا ما تصدر البيانات من الجمعيات المختصة بالدفاع عن حرية الصحافة، وتتضمن انتهاكات مختلفة، بدءا من مذكرات الاعتقال أو الملاحقة أو الاغتيال أو تكميم الأفواه والمطاردة بعد إبداء الرأي، لكن بالمقابل لا يوجد أي دور يذكر لنقابة الصحفيين في إيقاف تلك الانتهاكات، كما يرى العديد من الصحفيين.

وكانت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق قد وصفت نقابة الصحفيين بأنها كيان يرتمي في أحضان الحكومات، وأنها تغض الطرف عن الكثير من المظالم والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون. 

ومن وجهة نظر مغايرة، يرى الكاتب والصحفي حمزة مصطفى خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “النقيب مؤيد اللامي، قام بدور كبير في النقابة، خاصة وأنه مضى على وجوده فيها أربع دورات، أحدث خلالها تغييرا واضحا على مستوى العمل النقابي وطبيعة العمل الصحفي، سواء في بغداد أو فروع النقابة في المحافظات”.

ويشير مصطفى إلى “ظهور بعض المؤسسات التي سعت لتحل محلها، لكنها لم تستطع مواصلة الطريق وبقي نشاطها محدودا، فيما تطور عمل النقابة في مقابل ذلك”.

وبشأن الانتقادات الموجهة للنقيب مؤيد اللامي، يوضح، أنها “وجهة نظر قد تكون مقبولة، لكن أي شخصنة للموضوع، قد تأخذ النقاش حول الأمر إلى منحى آخر، وهذا غير موضوعي”.

ويخلص بالقول، إن “الآراء المختلفة بشأن انتخابات النقابة، تعبر عن حراك صحفي، ضمن أجواء من الديمقراطية”، مبينا أن “الحديث عن قانونية ترشح اللامي وبقائه في منصبه، أمر ليس من اختصاصنا، لكن لو كانت هناك مخالفة لما بقي في منصبه، لاسيما وأن العملية الانتخابية في النقابة أديرت من قبل قضاة، أجازوا المرشحين وراقبوا أداء العملية”.

يذكر أن مئات الصحفيين لم ينتموا للنقابة لأسباب مختلفة، بينها الإجراءات المعقدة والبيروقراطية التي أدت إلى عزوف الصحفيين عن التقديم للعضوية، في ظل اتهامات لها بمنح العضوية لأشخاص من خارج الوسط الصحفي، وقد تساءل عميد كلية الإعلام السابق هاشم حسن، في وقت سابق عن “كيفية وصول عدد أعضاء نقابة الصحفيين إلى 10 آلاف عضو، ومئات منهم لا يحترفون الصحافة لا من قريب ولا من بعيد إلا بالعلاقات الشخصية، ومنهم كسبة وآخرون يعملون بمحطات الوقود”.

إقرأ أيضا