تقرير الخارجية الأمريكية.. هل يتسبب بطلاق بغداد وواشنطن؟

أثار تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، الذي رصد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في العراق، قلقا من…

أثار تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، الذي رصد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في العراق، قلقا من تحوله إلى وثيقة للإدانة، وسببا لأن تدير واشنطن ظهرها لبغداد ماليا وسياسيا، في حين قلل مراقبون من أثره، بسبب العلاقة المتشابكة و”المركبة” بين البلدين.

ويقول الباحث السياسي ورئيس مجلس إدارة المجلس الاستشاري العراقي فرهاد علاء الدين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “وزارة الخارجية الأمريكية تقدم تقارير سنوية عن كل بلد تتواجد فيه الولايات المتحدة، والجديد في التقرير الخاص بالعراق هو شمولية المواضيع والصراحة المباشرة لتسمية الأشياء بمسمياتها”. 

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية، نشرت مؤخرا تقريرا بشأن ارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان في العراق خلال عام 2021، وفيه اتهمت أجهزة الدولة بـ”القتل غير القانوني أو التعسفي، بما في ذلك القتل خارج نطاق القضاء على يد الحكومة، ووجود حالات اختفاء قسري لمواطنين من قبل الحكومة، وتوجهها نحو التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة”.

ويضيف علاء الدين، أن “التقرير انعكاس لما يحصل حول انتهاكات حقوق الإنسان في شتى المجالات، وجاء في التقرير أن واشنطن اعتمدت على وثائق وبراهين”، مبينا أن “التاثيرات السلبية لهذا التقرير متعددة الجوانب وقد تنعكس على السياسة الخارجية الأمريكية حول العراق والعلاقات المستقبلية، خصوصا بما يتعلق بتخصيص اموال للمشاريع والمساعدات التي تبلغ مليارات الدولارات سنويا”.   

ويؤكد أن “التقرير قد يصبح مصدرا مهما للمعلومات التي تدين العراق في المحافل الدولية وتسلط الضوء على قضايا انتهاك حقوق الإنسان في العراق ووضعها تحت المجهر في المستقبل، وادراج الدولة ضمن البلدان المنتهكة لحقوق الإنسان في الوقت التي يفترض أن يكون العراق دولة ديمقراطية”.   

كما تضمن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، أن “ظروف السجن قاسية ومهددة للحياة في العراق، ومعاقبة أفراد الأسرة على الجرائم التي يُزعم أن الفرد ارتكبها، فضلا عن التجنيد أو الاستخدام غير القانوني للأطفال كجنود من قبل قوات الحشد الشعبي، وفرض قيود خطيرة على حرية التعبير ووسائل الإعلام، بما في ذلك العنف أو التهديد بالعنف ضد الصحفيين، والاعتقالات غير المبررة والمحاكمات ضد الصحفيين والرقابة، إلى جانب قيود خطيرة على حرية الإنترنت والتدخل الجوهري في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات”.

وتطرق التقرير أيضا إلى وجود “قيود على حرية حركة المرأة، والإعادة القسرية للنازحين داخليا إلى مواقع واجهوا فيها تهديدات على حياتهم وحريتهم، ووجود فساد حكومي خطير، والافتقار إلى التحقيق والمساءلة عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهناك جرائم تنطوي على أعمال عنف تستهدف أفراد الأقليات العرقية”.

وختم التقرير بـ”اتخذت الحكومة، بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء، بعض الخطوات لتحديد المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان أو التصريح بذلك والتحقيق معهم ومقاضاتهم، ولكن نادرا ما تعاقبهم”.   

يذكر أن واشنطن أعلنت العام الماضي، أنها قدمت للعراق منذ عام 2014 ولغاية تموز 2021 أكثر من 3 مليارات دولار، كمساعدات إنسانية.

ويرتبط العراق مع واشنطن باتفاقية استراتيجية طويلة الأمد، تتضمن كافة الجوانب الأمنية والتعليمية والثقافية والإنسانية، وهي ذات المحاور التي نوقشت في جولات الحوار الأربع التي جمعت البلدين العام الماضي، وجرى تأكيد واشنطن على استمرارها بدعم العراقي في مختلف الصعد. 

ويعد ملف حقوق الإنسان في العراق، من الملفات الشائكة، ودائما ما تدين منظمة العفو الدولية بعض الممارسات في العراق، وخاصة ما جرى خلال تظاهرات تشرين الاول اكتوبر 2019، حيث استخدم العنف بشكل مفرط ضد المتظاهرين وأدى إلى اصابة نحو 26 ألف متظاهر ومقتل نحو 600 منهم.

الى ذلك، يبين المحلل السياسي صلاح الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الوضع العراقي من سيئ إلى أسوأ فيما يخص حقوق الإنسان، خاصة وأن العراق خسر عضويته في مجلس حقوق الإنسان الدولي، على ضوء أحداث تظاهرات تشرين وما فعله الذين يتحكمون بالبلد في حينها”.

ويشير إلى أن “الجانب الأمريكي أصدر تقريره المعتاد والروتيني، وهو عن واقع حقوق الإنسان في العالم، ودائما ما يتسبب بحدوث مشاكل مع دول حليفة للولايات المتحدة الأمريكية عند إثارة مثل هكذا ملفات”، مضيفا أن “ملف حقوق الإنسان بغض النظر عن مدى صدق الأمريكان، لكنه أحد أعمدة السياسة الخارجية الأمريكية التي تتعامل بها مع الدول، وهو إرث ممتد من صراعه مع الاتحاد السوفيتي”.

ويتابع أن “العلاقة الأمريكية العراقية هي مركبة، بالتالي لن تتأثر بهذا التقرير رغم قساوته، كما أن النظام الدولي يتعامل مع النظام العراقي الحالي على أنه أفضل ما موجود، وهو ما لاحظناه في تجاوبه مع الانتخابات رغم المقاطعة الشعبية، حيث أن الأمم المتحدة والدول الغربية صرفت ودفعت باتجاه أن تسير العملية الدمقراطية، لأن أهم عوامل شرعية هذا النظام هو الانتخابات، وهم حريصون على بقائه”.

يذكر أن العراق، خسر عضويته في مجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامّة للأمم المتحدة، عام 2019 على خلفية العنف الذي استخدم ضد المتظاهرين، لاسيما وأن العراق حصل على عضويته في المجلس عام 2017. 

جدير بالذكر، أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية يأتي بالتزامن مع أزمة سياسية كبيرة يشهدها العراق، تتمثل بعدم توصل القوى السياسية إلى حل بشأن تمرير رئاستي الجمهورية والحكومة، ويدور الصراع بين قطبين الاول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وكتل الإطار التنسيقي الشيعية، التي تعد مقربة من ايران.

ووفقا لإحصائية صادرة عن الأمم المتحدة في عام 2016، فإن هناك نحو 170 ألف عراقي قتلوا بسبب أعمال العنف منذ عام 2003 حتى ذلك التاريخ، وذلك حسب الأرقام المسجلة رسمياً في وزارة الصحة.

إقرأ أيضا