مولات بغداد.. غسيل أموال وعشوائية بالتخطيط وإبراز للنزعة الاستهلاكية

شخّص خبراء اقتصاديون، سلبيات عديدة لظاهرة انتشار المراكز التجارية “المولات” في العاصمة بغداد، أبرزها زيادة…

شخّص خبراء اقتصاديون، سلبيات عديدة لظاهرة انتشار المراكز التجارية “المولات” في العاصمة بغداد، أبرزها زيادة النزعة الاستهلاكية والقضاء على المساحات الخضراء والتجاوز على التخطيط الأساس للعاصمة بغداد وزيادة الزخم المروري، وفيما عزوها إلى مساع لغسيل الأموال التي يصعب إخراجها إلى خارج البلاد بفعل الضوابط والعقوبات الدولية المفروضة على أصحابها من السياسيين والمتنفذين، أشاروا إلى توفيرها فرص عمل للشباب العاطل.

ويقول الخبير الاقتصادي منار العبيدي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الاستثمار في العراق اقتصر في معظمه على إنشاء المولات، وساعده في ذلك تحول تلك المولات إلى أماكن للترفيه، في ظل افتقار البلاد إلى مواقع من هذا النوع، ما حول المجتمع إلى مستهلك بالدرجة الأولى”.

وانتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة إنشاء مراكز تجارية “مولات” بشكل كبير في العاصمة بغداد، والمحافظات أيضا، وتحولت أغلب المناطق التجارية التي كانت تضم محال اعتيادية الى مناطق تعج بـ”المولات” المتراصفة جنبا الى جنب، وكل منها يتكون من طوابق متعددة.

وأدت هذه الظاهرة الى زخم مروري في هذه المناطق التجارية، وبات الحصول على موقف للسيارة الخاصة شيء صعب، فضلا عن انتشار بعضها قرب المناطق السكنية.    

ولم يستبعد العبيدي “استخدام هذه المولات في غسيل الأمول، لكن الأمر يحتاج إلى معطيات حقيقية”، منوها إلى أن “العراق يفتقر لإحصائية واضحة بعدد تلك المراكز التجارية المنتشرة في عموم البلاد، بالإضافة إلى تقييم لجدوى انتشارها، في ظل غياب المعايير العملية والمهنية لتسمية مول”.

وينوه إلى أن “الفائدة الاقتصادية الوحيدة من المولات، هي توفير عمل للشباب، كما ساهم في زيادة الناتج المحلي لقطاع الخدمات”.

وكانت “العالم الجديد”، قد كشفت العام الماضي، عن عائدية مركز تجاري كبير في منطقة الكاظمية لأحد السياسيين الكبار، وذلك بالتزامن مع قرب افتتاحه آنذاك.

الى ذلك، ترى عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار، النائب السابقة ندى شاكر جودت، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العشوائية وعدم التخطيط هي السمة الأساس لانتشار مراكز التسوق (المولات) في العراق، كونها داخل المدينة وقرب عيادات الأطباء، وبالتالي خلفت زخما مروريا كبيرا، كونها بنيت في أماكن خاطئة”.

وتشدد جودت، على أن “تكون مواقع المولات في أطراف المدن، لكي لا تؤثر على الحياة داخل المدينة، وهذا يحتاج إلى دراسة منطقية لعملية توزيع الأسواق، لكن سوء التخطيط يعود لعدم وجود أشخاص مختصين على رأس المسؤولية”، مبينة أن “المناطق الخضراء تحولت الى مولات، في حين كان من المفترض عدم التلاعب بالحدائق والمتنزهات وتحويلها الى كتلة كونكريتية، كونها متنفسا للمواطنين، وهذا ما ساهم بارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ”.

وتنوه إلى أن “انتشار هذه المولات، عبارة عن عملية هدم للنسيج الحضري للمدينة، حيث يدفع المواطن العراقي ثمن سوء التخطيط من ناحية الزخم واختفاء المناطق الخضراء، حيث يجب أن يكون للسلطة دور في إيقاف التجاوز الحاصل على تصميم المدينة للمناطق السكنية والزراعية والصناعية والترفيهية”. 

يذكر أن لجنة الاستثمار النيابية السابقة، أكدت هيمنة شخصيات وأحزاب وميليشيات على مشهد الاستثمار في البلاد، وأن من شأنه منع حصول الشركات الاستثمارية الرصينة على فرصة للدخول في مجال الاستثمار في البلاد.

جدير بالذكر، أن العراق يعاني من طقس سيئ وعواصف ترابية، ووفقا لخبراء في البيئة تحدثوا في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، فإن البلد بحاجة الى حزام أخضر يحد من العواصف الترابية، لكن بالمقابل فإن العاصمة بغداد باتت تفقد مساحاتها الخضراء. 

من جانبها، تربط الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بين “انتشار المولات ووجود الكثير من الأموال التي تنفق بهذه الطريقة لتستثمر دون جذب الأنظار لها”، عازية أسباب انتشار “المولات” بهذه الكثرة، إلى “تراكم الأموال في العراق، والتي لا يستطيع أصحابها إخراجها إلى خارج البلد بفعل القيود أو العقوبات الدولية المفروضة عليهم، وبالتالي فإنهم يتجهون لاستثمارها في المولات أو المجمعات السكنية”.

وتلاحظ سميسم، أن “أصحاب هذه الأموال يتم استثناؤهم من الضوابط التي يفرضها قانون الاستثمار”، منوهة إلى أن “بروز هذه الظاهرة يدعم النزعة الاستهلاكية أكثر من الادخارية”.

وإلى جانب “المولات”، بدأت تنتشر في بغداد ظاهرة الاستثمار في المجمعات السكنية، دون مراعاة لحل أزمة السكن في البلاد التي تفتقر الى 3 ملايين وحدة سكنية، بحسب إحصائية لوزارة التخطيط، حيث تباع الوحدات السكينة بأسعار باهظة، تتراوح في المتوسط بين 100 ألف إلى 400 ألف دولار.

وتنتشر تلك المجمعات داخل العاصمة، وبالتحديد في مناطق: العلاوي (أمام متنزه الزوراء)، والبياع، وشارع مطار المثنى، والسيدية، والكاظمية، وحي العدل، وسريع محمد القاسم، بالإضافة الى بسماية.

إقرأ أيضا