لماذا تزامن تغيير سفيري الولايات المتحدة وإيران في العراق؟

التزامن بين تغيير سفيري الولايات المتحدة وإيران في بغداد، ووصول المفاوضات حول الملف النووي بين…

التزامن بين تغيير سفيري الولايات المتحدة وإيران في بغداد، ووصول المفاوضات حول الملف النووي بين الدولتين إلى نقطة حاسمة، أثار أسئلة حول إمكانية تغيير سياسة كلا الدولتين، في ظل مشهد سياسي انتقالي في العراق، لكن مختصين رأوا أن الأمر لن ينطوي على أي تغيير، في ظل حاجة طهران لسفير يجيد التواصل مع قادة الفصائل والمسؤولين العراقيين، واستمرار واشنطن في الحفاظ على “شريك” في بغداد.

ويقول الباحث السياسي والمختص بالشأن الإيراني مشتاق الحلو خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “فيلق القدس الإيراني واجه مشكلة في العراق بعد تسلم إسماعيل قاآني لمهامه، وتمثلت بعدم معرفته بالساحة العراقية بشكل كبير، وفقدانه لشبكة علاقات مع قادة الفصائل الموالية لإيران وعدم معرفته باللغة العربية”.

ويضيف الحلو، أن “قاآني أيضا لم يجد شريكا عراقيا يذلل له هذه الصعاب كما كان يفعل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الراحل أبو مهدي المهندس مع القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني، وهذه المشكلة هي ذاتها التي عانى منها السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي، لهذا ارتبك أداء إيران في العراق حتى اضطرت مؤخرا لتعيين السفير الإيراني الأسبق حسن دانایی‌ فر مبعوثا خاصا لشؤون العراق”.

ويشير إلى أنه “كان من المتوقع أن يتم استبدال السفير بآخر يحسن العربية، ويتمكن من بناء علاقات مباشرة مع قادة الفصائل، لأن التواصل المباشر يختلف عن التواصل عبر مترجم”، لافتا إلى أن “سفير إيران الجديد محمد كاظم آل صادق، يشبه أسلافه في العراق، من حيث الانتماء لفيلق القدس، وهو وإن كان أصله يعود لمدينة تنكابن التابعة لمحافظة مازندران في شمال إيران، إلا أنه مولود في النجف ونشأ فيها، ولهذا هو يتكلم اللهجة العراقية”.

 

ويستطرد أن “آل صادق، شغل في السنوات الأخيرة منصب نائب السفير مسجدي ومن خلال هذا المنصب طوّر علاقته بالأطراف الشيعية المؤثرة على الساحة السياسية، والمتوقع من آل صادق نظرا لنشأته النجفية بناء شبكة علاقات مؤثرة أفضل من سلفه، كما أن من المتوقع أن يلعب دورا أهم في عملية تشكيل الحكومة الجارية حاليا”. 

وكانت وزارة الخارجية أعلنت في 11 نيسان أبريل الحالي، عن تعيين محمد كاظم آل صادق سفيرا جديدا لإيران لدى العراق، بعد انتهاء مهام السفير إيرج مسجدي.

ونشأ آل صادق في مدينة النجف، ويجيد اللغة العربية بل واللهجة النجفية تحديدا، وهو شقيق الشاعر الراحل الشیخ محمد رضا آل صادق، الذي كان يدرّس اللغة العربية في حوزة النجف، وبعد انتقاله عام 1983 الى مدينة قم الإيرانية نشط في أوساط الايرانيين المبعدين من العراق، والى جانب الشعر ترجم بعض الكتب من الفارسية للعربية، وتوفي هناك في العام 1994. 

ويأتي تغيير السفير الإيراني، بالتزامن مع انتهاء مهام السفير الأمريكي في العراق ماثيو تولر، وتعيين ألينا رومانوسكي، بدلا منه، والتي كانت تشغل سفيرة أمريكا في الكويت.

وتتزامن أيضا هذه التغييرات، مع أزمة سياسية يعيشها العراق حول تشكيل الحكومة، حيث لم تصل الأطراف السياسية الفاعلة الى حل للاتفاق حول شكل الحكومة، وخاصة الطرفين الرئيسيين التيار الصدري والإطار التنسيقي.

وتعد أمريكا وإيران، من أبرز الدول صاحبة التأثير على القرار العراقي، وخاصة تشكيل الحكومة، كما يرتبط العراق مع هاتين الدولتين بمشتركات عديدة، على كافة المستويات والصعد.

الى ذلك، يبين الأكاديمي والباحث السياسي المقيم في واشنطن عقيل عباس، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تغيير السفراء هو إجراء دوري، وخاصة لدى الولايات المتحدة، فهو لا يخضع لحسابات أخرى، بل إن السفير يقضي مدته التي تمتد 3 أو 4 سنوات، ثم يتم تغييره، وهذا ما جرى في العراق، حيث ستأتي السفيرة ألينا رومانوسكي بعد أن أنهت دورها بالكويت، وكلفت بمهام السفير في العراق، والأمر لا علاقة له بتغيير إيران لسفيرها”.

ويؤكد عباس، أن “مسألة الملف النووي الإيراني، فلا علاقة له أيضا بالسفراء أو بالعراق، فالملف النووي متوقف على نقطة واحدة، وهي طلب إيران رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب بعد وضعه من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهذا الأمر توجد بشأنه معارضة من بعض الدول العربية، وأن واشنطن من جانبها ما زالت تدرس هذه النقطة، وفي حال تم التوصل لحل فإنه سيتم التوقيع مباشرة على الاتفاق النووي”.

ويتابع أن “السياسة الأمريكية لن تتغير في العراق بسبب تغيير السفير، فهو ليس صانع سياسة، بل منفذ لها”، مبينا أن “السياسة الأمريكية لن تتغير في العراق، فهي تستثمر في الدولة، ومهمة واشنطن في الوقت الحاضر هي تقوية الدولة والمؤسسات حتى تتصدى للمجاميع المسلحة والإرهابية والتهديدات الداخلية والخارجية، لتبحث عن شريك داخل الدولة، وعندما كان عادل عبدالمهدي رئيسا للوزراء، قالت واشنطن إنه ليس لديها شريك بالعراق، والان جرى العكس مع مصطفى الكاظمي”.

ويستطرد أن “أمريكا تريد حليفا في العراق، حتى لا يكون هناك مجال للنفوذ الإيراني وأن لا يكون العراق جزءا من محور المقاومة، بالإضافة إلى أنها تريد أن تضمن عدم فقدان العراق لجزء من أراضيه، لصالح داعش، لذا فإن وجودها في سوريا أيضا هو لهذا السبب”.

ويلفت إلى أن “السفيرة الجديدة، تحظى حاليا بإجازة طويلة، وستنتهي في نهاية شهر آيار (مايو) المقبل، وبعدها من المحتمل أن تدخل دورة لغة لمدة 6 أسابيع، وإذا كانت قد دخلتها سابقا، فستدخلها لمدة أسبوع، إذ على كل سفير أن يدخل دورة لغة قبل الذهاب للبلد الذي يمارس مهامه به، وبالتالي فمن المحتمل أن تباشر عملها في شهر حزيران (يونيو) المقبل”.

يذكر أن العراق، ختم في العام الماضي، جولات الحوار الستراتيجي مع أمريكا، والتي تضمنت تأكيد واشنطن على دعم بغداد في مجالات الأمن والتعليم والثقافة والتسليح وغيرها من المجالات الأخرى.

كما يرتبط العراق مع أمريكا، باتفاقية الإطار الستراتيجي، التي ما تزال فعالة لغاية الآن، والتي تم توقيعها في العام 2009 في عهد رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي. 

وما تزال القوات الأمريكية لغاية الآن في العراق، بحسب إعلان واشنطن، رغم إعلان العراق عن انسحابها في 31 كانون الأول ديسمبر الماضي.

إقرأ أيضا