دعوة بارزاني لـ”الكونفدرالية”.. بحث عن حل أم محاولة لـ”الاستقلال”

جاءت دعوة رئيس حكومة إقليم كردستان لتطبيق “الكونفدرالية” في العراق، لتعيد الحديث مجددا عن شكل…

جاءت دعوة رئيس حكومة إقليم كردستان لتطبيق “الكونفدرالية” في العراق، لتعيد الحديث مجددا عن شكل العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، وفيما وصف قانوني هذه الدعوة بـ”المخالفة للدستور” ومبطنة بهدف “الاستقلال”، قوبلت أيضا برفض من محافظة البصرة التي عادت مجددا الى المناداة بتحويلها الى إقليم تحت راية العراق.

وحول هذه الدعوة، يقول السياسي الكردي محمد زنكنة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “نظام الحكم في العراق منذ العام 1920 وحتى اللحظة لم يكن مرتبطا بنوعية النظام، بل مرتبط بمن يتولى الحكم، سواء في النظام الملكي أو الجمهوري، وهذه هي المشكلة مع الحكومة العراقية التي تأخذ عقلية الحاكم”.

وكان رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، أكد في حديث له من لندن قبل أيام، أن تطبيق نظام الكونفدرالية في العراق سيمنح المكونات قوة أكثر، مؤكدا أنه ينبغي أن يصب نظام الحكم في العراق بمصلحة المكونات، وأن يدير السكان الأصليون في العراق مناطقهم.

ويضيف زنكنة، أن “النظام المركزي مقيت، وهذا النظام أثبت فشله بعد تجربته، والنظام الفيدرالي جيد، لكن حتى هذه اللحظة لا يوجد ضمن جداول عمل مجلس النواب أي نقاش حول تشكيل المجلس الثاني من مجلس النواب وهو مجلس الأقاليم، وهذا بحد ذاته خرق كبير للدستور”.

ويؤكد أن “هناك رفضا لتشكيل أقاليم أخرى سواء البصرة أو نينوى وغيرها من قبل أصحاب الحكم في بغداد، لذلك فإن رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، طرح فكرة الكونفدرالية، كحل بديل من الممكن أن يضمن الحرية للأقاليم والمحافظات، ويمكن أن يحدث بعد تعديل الدستور”، مبينا أن “الفيدرالية اذا طبقت بكل تفاصيلها فهذا جيد، وإن لم تطبق فمن الأفضل اللجوء الى الكونفدرالية”.

والكونفدرالية هي اتحاد بين دولتين أو أكثر من الدول ذات الاستقلال التام بعد عقد معاهدة تحدد الأهداف المشتركة التي تسعى الدول الكونفدرالية لتحقيقها، ويتمتع كل عضو فيها بشخصية مستقلة عن الأخرى وتديرها هيئات مشتركة تتكون من ممثلين من الدول الأعضاء.

ويطلق على هذه الهيئات الجمعية العامة أو المؤتمر العام، وأعضاؤها يعبرون عن رأي الدول التي يمثلونها، وتصدر القرارات بالإجماع، وعلى خلاف النظام الفيدرالي فلكل دولة عضو في الاتحاد الكونفيدرالي حق ممارسة السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي الفعلي، وإعلان الحرب والسلم بشكل مستقل.

لكن الخبير القانوني عدنان الشريفي، يقول خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المطالبة تطبيق نظام الكونفدرالية، مخالف للدستور تماما، لأن الدستور ينص على فيدرالية الدولة، وذلك يعني وجود حكومة مركزية”.

ويصف الشريفي، تلك الدعوة بالقول “هي مطالبة مغلفة بالاستقلال”، موضحا أن “غياب الفيدرالية، يعني أن النظام يكون شبيها بالاتحاد الأوروبي الذي يضم دولا مستقلة عن بعضها، أي أن دولة كردستان ودولة العراق تشكلان اتحادا واحدا”.

ويبين أن “تطبيق الكونفدرالية، يعني إيقاف أية صلاحيات للحكومة العراقية على حكومة إقليم كردستان، كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي، فلكل دولة رئيس ومجلس وزراء وصلاحيات كاملة، ولكنها ترتبط بسياسة خارجية واحدة وهي الاتحاد الكونفدرالي، كما أنه من الممكن أن تكون لهم عملة موحدة”.

يذكر أن الرئيس السابق لإقليم كردستان العراق، أجرى استفتاء فاشلا للانفصال في العام 2017، شاملا بذلك مناطق الإقليم ومحافظة كركوك التي تم تنفيذ عملية عسكرية لاستعادتها من سيطرة أحزاب الإقليم بأمر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي.

ومنذ سنوات طويلة لم تصل بغداد وأربيل الى حلول بشأن المستحقات المالية العالقة بين الطرفين، وغالبا ما تؤدي الخلافات الى إيقاف صرف رواتب موظفي الإقليم من قبل بغداد، وذلك على خلفية عدم التزام الإقليم بالبنود التي ترد في قانون الموازنة العامة الاتحادية التي تنص على تسديده نسبة محددة من إيرادات النفط والمنافذ الحدودية.

وما يزال إقليم كردستان خاضعا للسلطة الاتحادية، حيث أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من التصدير دون العودة لبغداد، وهو ما أثار حفيظة الساسة الكرد وشنوا هجوما على بغداد والقضاء العراقي، وهو ما تناوله بارزاني أيضا في كلمته بالعاصمة لندن، حيث تطرق الى الأمر ووصفه بأنه “قرار سياسي”.

وبالتوجه الى البصرة، وهي المحافظة التي تطالب بأن تكون إقليما منذ سنوات طويلة، فإن النائب عنها زهرة البجاري، ترى خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الكونفدرالية هي دولة منفصلة وموحدة لمواطنيها بولاياتها وأقاليمها، كأنما دول مختلفة، ودعوة بارزاني بتطبيقها ليست غريبة، فهو سبق وأن دعا الى الانفصال ولم يحدث”.

وتتابع أن “الكونفدرالية لا يسمح الدستور العراقي بتطبيقها، لأن الدستور نص على الأقاليم أو المحافظات غير المرتبطة بإقليم، هي تحت راية العراق ولا يمكن أن تنفصل”، مضيفة “نحن كنواب عن البصرة نطالب تحت راية الدستور الذي هو الفيصل بيننا، بأن تكون المحافطة إقليما تحت راية العلم العراقي أشبه بإقليم كردستان، وليس الذهاب نحو الكونفدرالية، فهذا يعني انفصالا عن العراق، ونحن نطالب بالفيدرالية”.

وإذا لم تحصل محافظة البصرة على مخصصات البترودولار، ولم يصر إلى تنفيذ قانون البصرة العاصمة الاقتصادية للعراق وغيرها من الأمور، مثل تخصيص موارد مالية للتلوث البيئي، تواصل البجاري “سنرفع صوتنا ونطالب بالإقليم”.

يذكر أن مسألة إقليم البصرة طرحت للمرة الأولى منذ عام 2006، نظرا لامتلاك البصرة النفط والموانئ، ما دفع الساسة عن المحافظة الى اعتبارها أحق بمواردها، خاصة في ظل تردي البنى التحتية فيها وعدم منحها أي موارد مالية.

ووفقا للدستور، فإن المحافظات لها الحرية بتقديم طلب الانتقال من صفة محافظة إلى إقليم، بعد إجراء استفتاء شعبي من قبل مفوضية الانتخابات، على أن يوافق عليه أكثر من نصف الناخبين في المحافظة.

إقرأ أيضا