إشادة سعودية إيرانية باحتضان بغداد لمفاوضاتهما والعراق لا يستعجل النتائج

خيمت الضبابية على نتائج المفاوضات السعودية الإيرانية في بغداد، ففميا أبدى محلل سياسي إيراني تفاؤله…

خيمت الضبابية على نتائج المفاوضات السعودية الإيرانية في بغداد، ففميا أبدى محلل سياسي إيراني تفاؤله بمخرجاتها الإيجابية على البلدين وعموم المنطقة، عزا محلل سعودي المفاوضات إلى ضغوط دولية، واصفا طهران بـ”الكاذبة” و”المخادعة”، وفي الوقت الذي أشاد فيه الخبير بدور العراق في تحقيق تلك المفاوضات، استبعد محلل سياسي عراقي انعكاسها السريع على الوضع العراقي المتأزم.

ويقول المحلل السياسي الإيراني محمد صالح صدقيان، خلال اتصال هاتفي مع “العالم الجديد”، إن “الجلسة الخامسة من المفاوضات بين السعودية وإيران، عقدت برعاية الحكومة العراقية، وهذا الاجتماع وصفته إيران بأنه إيجابي جدا، خاصة وأنه جاء استجابة لشرط إيران، المتمثل بوضع جدول أعمال بشكل واضح للمواضيع التي ستبحث فيه، وهو ما تم فعلا”.

وكشفت صحيفة نور نيوز الإيرانية، عن عقد الجولة الخامسة من المفاوضات في العاصمة بغداد يوم أمس السبت، وأكدت أنه تم في هذه الجولة مناقشة التحديات الرئيسة في سبيل إحياء العلاقات بين البلدين، فيما بينت أن الاجتماع حضره مسؤولون كبار من الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ورئيس جهاز المخابرات السعودي.

ويضيف صدقيان، أن “الاجتماع أسفر عن تحديد الجولة السادسة من المفاوضات على مستوى وزراء الخارجية، في ظل تفاؤل بأن الجولة الخامسة قربت الأمل لإعادة العلاقات بين البلدين”، مؤكدا أن “الاجتماع تناول القضايا الأمنية في المنطقة الخليجية، وأيضا التطورات الأمنية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام”.

ويلفت إلى أن “أي تقارب بين إيران والسعودية وإعادة العلاقات سينعكس إيجابيا على كل الأزمات والتوترات في منطقة الشرق الأوسط، خاصة وأنه منذ سنوات توجد مناكفات أمنية وسياسية حصلت في المنطقة وتحديدا في العراق وسوريا ولبنان واليمن، جراء توتر العلاقة بين الرياض وطهران”.

وتم قطع العلاقات السعودية الإيرانية في كانون الثاني يناير 2016 بعد اقتحام السفارة السعودية في طهران إثر خلاف بشأن إعدام الرياض لرجل دين شيعي.

يشار الى أن أولى جولات الحوار السعودي الإيراني في العراق، انطلقت بعد ثلاثة أيام من عقد إيران حوارا مع واشنطن بطريقة غير مباشرة عبر الاتحاد الأوروبي في فيينا.

يذكر أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، أكد في وقت سابق أن السعودية دولة مهمة في المنطقة، وخلافاتنا يجب ألا تمنع العلاقات بين البلدين، معتبرا أن من ينتفع بهذه العلاقات هم شعوب المنطقة والبلدان.

وحول المفاوضات بين الرياض وطهران، أوضح زادة في تصريحه آنذاك، أن المفاوضات في بغداد حققت تقدما رغم أن نتائجها الملموسة كانت قليلة ومحدودة.

من جانبه، يرى المحلل السعودي أحمد آل إبراهيم، خلال اتصال هاتفي مع “العالم الجديد”، أن “الأزمات الكثيرة التي تمر بها المنطقة من متغيرات تحتاج الى تصفية للمشاكل، لذا كانت السعودية هي المبادرة في عملية السلام”.

ويردف آل إبراهيم، أن “الإيرانيين دائما يكذبون ويدسون السم في محادثاتهم، لذا لا يوجد تفاؤل كبير بهذه المحادثات، رغم أن السعودية تريد أن تصل الى مرحلة إنقاذ بعض المناطق المتغلغلة بها إيران، مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن، فهذه الدول هدمتها إيران”، مبينا أن “هذه المحادثات لا أمل فيها، وأن التقدم فيها، هو أسلوب تستخدمه إيران بسبب الضغوط الدولية التي تتعرض لها”.

ويشيد بـ”دور العراق في الوساطة، وأن بغداد قامت بدور ممتاز، واستطاعت أن تفعل ما لم تفعله دول كبيرة، ولكن بالنتيجة فإن الجانب الإيراني مخادع وليس محل ثقة”.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أيضا قال مؤخرا لمجلة “ذا أتلانتيك The Atlantic“، الأمريكية- أن الإيرانيين جيراننا، وسيبقون جيراننا للأبد، ليس بإمكاننا التخلص منهم، وليس بإمكانهم التخلص منا، لذا فإنه من الأفضل أن نحل الأمور، وأن نبحث عن سبل لنتمكن من التعايش.

 

وبشأن انعكاس هذه الجولة من المفاوضات على الوضع في العراق، يقول المحلل السياسي محمد نعناع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “من المبكر جدا الحديث عن تحولات كبيرة في العراق بمجرد حصول اتفاق سعودي إيراني، لأن التحالفات العراقية لا ترتبط فقط بإيران والسعودية، ولكن لها ارتباطات أخرى ولها تحولات داخلية، إذ أن الوزن الانتخابي الإيراني الذي يمثله الإطار التنسيقي أصبح أصغر بكثير من مراحل سابقة كانت إيران تفرض إرادتها عبره، وحتى الثقل الانتخابي السني لا تسيطر عليه السعودية بالكامل، فهناك تركيا التي لها تأثير كبير، وخاصة على تحالف السيادة (بقيادة الحلبوسي والخنجر)، وبالمقابل هناك حساسية بين تركيا والسعودية”.

ويستطرد نعناع، أن “التأثيرات لن تكون آنية على العراق، بل ستظهر في المراحل المقبلة، لأن الأولويات في الحوار هي للقضايا المتعلقة بالطرفين، وبعد ذلك تأتي ملفات المنطقة”، منوها إلى أن “الأولوية الأهم لإيران والسعودية، هي الاتفاقات المتبادلة بينهما كدولتين، ومن ثم تأتي بعد ذلك مسألة الملفات الإقليمية وهي وضع العراق واليمن وسوريا”.

وكان من المفترض أن تعقد هذه الجولة الخامسة من المفاوضات في آذار مارس الماضي، لكنها تم تعليقها دون بيان الأسباب، خاصة وأنها تزامنت في حينها مع حدثين، الأول إعدام السلطات السعودية لنحو 80 شخصا بتهمة الإرهاب، نصفهم من المكون الشيعي، والثاني توجيه إيران ضربة صاروخية لأربيل، بذريعة استهداف مقر للموساد الإسرائيلي.

يشار الى أن العراق، استضاف جولات سرية للحوار السعودي الإيراني على أرضه، منذ انطلاق أولى الجولات في 9 نيسان أبريل 2021، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرفاني، وتبع هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد الى طهران، ضمن إطار مفاوضات إيرانية مع الامارات، وذلك بحسب ما نقل مصدر عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد يوم 26 نيسان أبريل الماضي.

وبالتزامن مع هذه الجولة الخامسة، يعيش العراق حالة من الانسداد السياسي، حالت دون استكمال تمرير الرئاسات، بسبب تمسك التحالف الثلاثي الذي يضم التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، بأحقيته بتشكيل الحكومة، مقابل تمسك الإطار التنسيقي بمبدأ الأغلبية ورفضه الذهاب نحو المعارضة، نظرا لعدد مقاعد القليل مقارنة بما حصل عليه التيار الصدري من عدد مقاعد كبير، في الانتخابات المبكرة التي جرت العام الماضي.

إقرأ أيضا