عجز مائي وشيك.. الموارد المائية تؤمن الموسم الحالي وخبراء يدعون لتفعيل الري الحديثة

دقت وزارة الموارد المائية ناقوس الخطر بعد إعلانها عن وقوع البلد على حافة العجز المائي،…

دقت وزارة الموارد المائية ناقوس الخطر بعد إعلانها عن وقوع البلد على حافة العجز المائي، لكنها في ذات الوقت بثت رسالة اطمئنان بتأكيدها على تأمين مياه الشرب والسقي للمزروعات البسيطة خلال الموسم الحالي، رغم انخفاض الخزين المائي للنصف، ونسب الأمطار إلى 30 بالمئة قياسا بالعام الماضي، يأتي هذا في ظل دعوات جادة بتفعيل عمل الشركات الحكومية المختصة بإنتاج منظومات الري الحديثة.

ويقول مستشار وزارة الموارد المائية عون ذياب خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الجفاف واضح وليس مخفيا، حيث أن أمطار هذا العام قليلة جدا، أي أن نسب تساقط الأمطار باتت شحيحة جدا، وقد قلت بواقع 30 بالمائة عن معدل العام الماضي”.

ويضيف ذياب، أن “الخزين المائي محدود جدا، واستخدمنا منه لإرواء المزروعات في الموسم الشتوي الماضي، لكننا سنكون هذا العام أمام تحديات وصعوبات جمة في مواجهة الاحتياجات المائية لكافة المستهلكين”، مطمئنا بالقول، إن “المياه الضرورية للشرب والاستخدامات البشرية وسقي البساتين والخضر متوفرة، لكن أكثر ما يقلق هو المحاصيل التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، وهي المحاصيل الصيفية”.

ويردف أن “القرار بشأن زراعة المحاصيل الصيفية لم يتخذ لغاية الآن، وهناك اجتماعات مشتركة مع وزارة الزراعة لتحديد المساحات التي ستزرع ضمن الخطة الصيفية المقبلة”، مبينا “حاولنا قدر الإمكان مع دول الجوار للوصول إلى حل بشأن تقاسم الضرر، وقسم منهم وخاصة تركيا أبدت بعض المرونة، ولكن للأسف لم يحدث لقاء مع الجانب الإيراني ما جعلنا بموقف صعب نسبيا”. 

ويشير إلى أنه “خلال فصل الصيف سوف تجبر تركيا على اطلاق المياه لغرض توليد الطاقة الكهربائية من السدود، وهذا حتما سيزيد كمية المياه التي تأتي إلى العراق، خاصة من سد اليسو، كما نتوقع أن تأتي واردات يمكن الاستفادة منها لتعزيز الخزين المائي في سد الموصل والمحافظة عليها، ومن ثم استخدامها بحسب الاحتياجات المائية”.

وبشأن نهر الفرات، يبين أن “سد الطبقة ما يزال تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وهي تتعامل مع الوضع المائي بشكل غير علمي وغير معروف بالنسبة لنا، فنحن نتعامل مع الجانب السوري الرسمي وليس مع هذه القوات، لذا فإنه يتطلب تدخلا من جهات عدة حتى يتم إطلاق كميات مياه مناسبة للنهر”.

ويكشف أن “معدل الخزين المائي حاليا هو أقل من نصف خزين العام الماضي في نفس هذا الوقت، ولكن لا يوجد هناك رقم محدد فموضوع الجفاف ليس موضوعا سهلا، فهو وفق هذا الخزين يمكن تأمين الاحتياجات الأساسية”.

وكانت بحيرة ساوة في محافظة المثنى، آخر ضحايا الجفاف وأبرزها، حيث جفت بالكامل، الأمر الذي أُثار فزع الرأي العام في العراق، ووفقا لمدير بيئة المحافظة مثنى سوادي، فإنه قال في تصريح صحفي الأسبوع الماضي، أن هناك 3 عوامل رئيسة وراء الجفاف الذي أصاب البحيرة، منها التغير المناخي الذي أصاب العالم، والعراق من أكثر البلدان تأثرا به، وتغير الصفائح الزلزالية التي غيّرت المجرى الطبيعي لها تحت الأرض، فضلا عن قيام العشرات من الفلاحين وأصحاب المصانع والمعامل بإنشاء الآبار الارتوازية التي أسرفت في استخدام المياه الجوفية، ما أسهم في انخفاض الكميات الواصلة إليها بشكل كبير جدا.

ومنذ أشهر عدة، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى النصف في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات لمساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى، حيث أعلن مسؤولين فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.

يشار إلى أن وزارة الموارد المائية، كانت قد أعلنت في منتصف كانون الأول ديسمبر الماضي، عن توجهها لاستخدام الخزين المائي في السدود بسبب شح الإيرادات المائية، بعد انخفاض حاد بمناسيب المياه في العراق خلال الفترة الماضية بشكل كبير، ووفقا لبعض الصور، فإنها أظهرت انخفاضا حادا في مناسيب بحيرة سد دوكان بمحافظة السليمانية.

يذكر أن إيران قطعت المياه المتدفقة إلى سد دربندخان بالكامل، مطلع أيار مايو الماضي، ما أدى لأزمة كبيرة في حوض نهر ديالى الذي انخفضت مناسيبه بنسبة 75 بالمائة، وذلك بحسب تصريحات مسؤولين في المحافظة.

كما أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، من خلال سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل، عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.

في الأثناء، يرى الخبير المائي عادل المختار خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق دخل بمرحلة الخطر، بعد أن كنا نحذر قبل سنوات من هذه المرحلة، خاصة وأن مستشار وزير الموارد المائية صرح مؤخرا أن الخزين الحالي أقل من نصف الخزين المائي للعام الماضي، وهذا مؤشر خطير”.

ويتابع أن “بحيرة ساوة جفت بالكامل، بالإضافة إلى العواصف الترابية التي سيمر بها العراق هذا العام ونضوح المياه الجوفية بسبب كثرة استخدامها، وكل هذه العوامل ستؤدي االى الجفاف وترفع معدلات التلوث، فالان وصلنا لمرحلة خخطيرة جدا، والسؤال ما هي الخطط للسيطرة على الامر”.

ويؤكد أن “معدلات البطالة سترتفع نتيجة لانهيار القطاع الزراعي، فالكثير من المزارعين سيتركون الريف ويتجهون للمدن، إضافة إلى انهيار قطاع الجاموس بسبب ارتفاع أسعار وشحة الأعلاف، ما دفع مربيها إلى ذبحها، فكيف ستعوض هذه الثروة الحيوانية”، موضحا أن “انهيار هذه القطاعات بصورة عامة مع عدم وجود حلول، بات لزاما تقديم أفعال وليس أقوال من المسؤولين، لأن الوقت أصبح حرجا جدا، فكل القطاعات انهارات سواء الأهوار أو الأسماك أو الدواجن والزراعة”.

ويلفت إلى أن “المنظمات الدولية تؤكد أن 100 الف دونم تخرج من الأراضي الزراعية وتذهب إلى  التصحر، فيما لا تزال الهيئة العامة للتصحر صامتة ولا تتدخل”، داعيا ألى “إنشاء خلية أزمة تضم جميع الخبراء لمناقشة ووضع الحلول لما يجري”.

ويلفت إلى أن “الخطة الزراعية للموسم الصيفي الحالي بحسب وزارة الموارد المائية، قد تناقصت بسبب انخفاض الخزين المائي، ما يعني أن الفلاحين لن يزرعوا الشلب هذا الموسم، كل هذا في ظل ارتفاع بأسعار الحنطة العالمية”.

ويستطرد المختار أن “هناك أزمة أخرى وتتمثل بمنظومات الري، فقد حذرنا سابقا من عدم وجودها، وكان هناك حديث عن اتفاق مع معامل تركية لإنتاجها، على الرغم من وجود شركة النعمان العراقية التي تم تدميرها”، مطالبا بـ”إعادة إحياء الشركة بالسرعة الممكنة، لأن الوضع المائي في خطر، خاصة إذا تكرر الجفاف في فصل الشتاء المقبل، لأننا سندخل حينها مرحلة الخطر بتوفير مياه الشرب أيضا”.

يذكر أن المنظمات المختصة بالأهوار، كشفت خلال الفترة الماضية عن انخفاض مناسيب المياه بشكل كبير، ما أثر على الحيوانات والكائنات البحرية والطيور المهاجرة.

يشار إلى أن “العالم الجديد” تناولت في وقت سابق مسالة الخزين المائي في العراق، وبحسب المختصين فإن الأرقام لا يمكن أن يعلن عنها، لأنها تدخل ضمن مفهوم الأمن القومي.

والى جانب المياه، فإن مربي الحيوانات باتوا يعانون من فقدان الدعم الحكومي، وخاصة الأعلاف التي ارتفعت أسعارها في السوق بشكل كبير، ما دفع العديد منهم إلى ذبح حيواناتهم.

إقرأ أيضا