بين شح المياه وانحسار الدعم الحكومي.. ما مستقبل الزراعة؟

عزت الجهات الرسمية المختصة، تراجع القطاع الزراعي في العراق، إلى غياب الدعم الحكومي وشح المياه،…

عزت الجهات الرسمية المختصة، تراجع القطاع الزراعي في العراق، إلى غياب الدعم الحكومي وشح المياه، ففيما كشفت وزارة الزراعة عن تراجع حاد بدعمها للفلاحين من ناحية الأسمدة والبذور واختفاء المبيدات واللقاحات بشكل تام، أكدت وزارة الموارد المائية من جانبها، أنها ما تزال تتفاوض مع دول المنبع للأنهر، بغية حصول البلد على حصصه المائية بشكل كامل.

ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “دعم الفلاحين هو الأساس في استدامة العملية الزراعية، إذ كان هناك دعم حكومي واضح للقطاع الزراعي في عامي 2019 و2020، وأدى إلى نتائج إيجابية جدا، وأصبحت هناك وفرة محلية واضحة في عام 2020”.

ويضيف النايف، أن “الدعم الحكومي رفع عن القطاع الزراعي، وأصبحت الوزارة بلا أموال، وبالتالي فإن ذلك انعكس على الإنتاج الزراعي، وسبب مشاكل في قطاع الدواجن لأنه تم رفع الدعم عن الأعلاف”، مشددا على “ضرورة إعادة هذا الدعم لكي تستمر العملية الزراعية”.

إلى جانب هذا فإن الأمر مرهون بموافقة وزارة الموارد المائية، إذ لا يمكن زراعة دونم واحد دون موافقتها، لذا يجب الحصول على المستحقات المائية وابتكار طرق حديثة للزراعة بهدف التقليل من المياه لأجل مواجهة شح المياه، كما يقول.

ويوضح أن “وزارة الزراعة كانت تدعم البذورة بنسبة 75 بالمائة، والآن قل الدعم إلى 35 بالمائة، وكذلك الأسمدة كانت تدعم بـ50 بالمائة، والآن لا توجد أسمدة من الأساس، واللقاحات البيطرية معدومة، فالخدمات التي تقدمها الدولة اليوم، ليست بالمستوى المطلوب، بسبب قلة الأموال والتخصيصات لوزارة الزراعة”.

ويشير الى أن “موازنة عام 2019 كانت جيدة، وفيها تم دعم القطاع الزراعي ووصلنا إلى الاكتفاء الذاتي ودعمنا الفلاحين بـ50 في المائة من منظومات الري واللقاحات والمستلزمات الأخرى، إضافة لإطفاء القروض التي على الفلاحين، لكننا اليوم ننتظر إقرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، حتى نبدأ بعملية النهوض بالقطاع الزراعي بسبب ما سيوفره من أموال”.

يذكر أن العراق ومنذ العام الماضي، قلص المساحات المزروعة الى 50 بالمائة بسبب شح المياه، ما أدى الى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي، كاما يعاني القطاع الزراعي من تدهور حاد، ووفقا لتقرير سابق لـ”العالم الجديد”، فإن محافظة ديالى فقدت غالبية أراضيها الزراعية، وشهدت هجرة كبيرة للفلاحين نحو المدينة.  

وسبق أن اشتكى الفلاحون وأصحاب حقول الدواجن من غياب الدعم الحكومي، ما أثر على إنتاجهم وأدى إلى رفع الأسعار، نتيجة لارتفاع أسعار الأعلاف والمواد الأزمة في السوق السوداء.

كما يعاني العراق من أزمة كبيرة في المياه، بسبب تقليل تركيا لإطلاقات نهري دجلة والفرات وقطع إيران لمنابع الأنهر الواصلة للعراق، ما أثر بشكل كبير على الخطة الزراعية، فضلا عن تأثيره على الأسماك، حيث ارتفع اللسان الملحي وأدى لنفوق كميات كبيرة في أحواض محافظة البصرة (550 كلم جنوبي البصرة)، مطلع شهر آب أغسطس 2021.

من جانبه، يعزو المتحدث باسم وزارة الموارد المائية علي راضي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أزمة المياه إلى أسباب “من بينها طبيعية تتعلق بالتغيرات المناخية، بالإضافة إلى توسع دول منبع الأنهر ببناء السدود والمشاريع الإروائية، وهذه تؤدي لاستهلاك كميات كبيرة من المياه، وبالتالي فإنها تؤثر سلبا على كميات المياه الواصلة للعراق”.

ويؤكد أن “العراق ووفقا لدراسة أعدتها الوزارة، فإنه سيفقد 11 مليار متر مكعب من المياه الواردة إليه للفترة بين 2014– 2035″، مبينا أن “الوزارة تعمل اليوم جاهدة للتفاوض مع دول المنبع بما يتعلق بضمان الحقوق المائية للعراق وتقاسم الضرر، خصوصا في فترات شح المياه، فضلا عن وضع خطط داخلية لإدارة الإطلاقات المائية من السدود والخزانات وتوزيعها بهدف المحافظة عهلى الخزين المائي”.

 

ويشير إلى أن “هناك محورا مهما تعمل به وزارة الموارد المائية مع وزارة الزراعة، وهو تطوير وسائل الري الحديثة، إذ يجب الاعتماد على هذه الوسائل لكي توفر لنا كميات من المياه، ويجب تحويل نظام الري من التقليدي الى الحديث للمحافظة على الموارد المائية”. 

يذكر أن بحيرة ساوة في محافظة المثنى، كانت آخر ضحايا الجفاف وأبرزها، حيث جفت بالكامل، الأمر الذي أُثار فزع الرأي العام في العراق، ووفقا لمدير بيئة المحافظة مثنى سوادي، فإنه قال في تصريح صحفي الأسبوع الماضي، أن هناك 3 عوامل رئيسة وراء الجفاف الذي أصاب البحيرة، منها التغير المناخي الذي أصاب العالم، والعراق من أكثر البلدان تأثرا به، وتغير الصفائح الزلزالية التي غيّرت المجرى الطبيعي لها تحت الأرض، فضلا عن قيام العشرات من الفلاحين وأصحاب المصانع والمعامل بإنشاء الآبار الارتوازية التي أسرفت في استخدام المياه الجوفية، ما أسهم في انخفاض الكميات الواصلة إليها بشكل كبير جدا.

يشار إلى أن وزارة الموارد المائية، كانت قد أعلنت في منتصف كانون الأول ديسمبر الماضي، عن توجهها لاستخدام الخزين المائي في السدود بسبب شح الإيرادات المائية، بعد انخفاض حاد بمناسيب المياه في العراق خلال الفترة الماضية بشكل كبير، ووفقا لبعض الصور، فإنها أظهرت انخفاضا حادا في مناسيب بحيرة سد دوكان بمحافظة السليمانية.

إلى ذلك، يوضح الخبير المائي عادل المختار خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مؤتمر  COP26المعني بتغير المناخ والتابع للأمم المتحدة، أعلن أن العراق هو خامس أكبر دولة متضررة من الجفاف العالمي، واليوم أصبح الوضع مقبلا على خطر كبير، وإذا كان الشتاء المقبل غير ممطر فسنصبح بوضع صعب جدا”.

جدير بالذكر أن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في غلاسكوCOP26 عقد في تشرين الأول أكتوبر 2021 وجمع 120 من قادة العالم وأكثر من 40,000 مشارك مسجل، بما في ذلك 22,274 مندوبا و14.124 مراقبا و3.886 من ممثلي وسائل الإعلام، ولمدة أسبوعين، للبحث عن حلول لأزمة التغير المناخي التي تضرب العالم.

ويوضح المختار، أن “موضوع التعويضات الحكومية للفلاحين، شائك ومعقد وخارج عن إرادة شخص أو جهة، فالأمر يتم برفع تقرير لوزارة الزراعة ومن ثم يتم اتخاذ قرار ورصد المبالغ، وهذه الأمور تأخذ سنوات حتى تتم”.

ويطالب بـ”وضع أسعار معتمدة أو تسعيرة معينة للمحاصيل حتى نستطيع أن نقيس عليها الضوابط والأسس، لكن مع الأسف فإن وزارة الزراعة لا تعمل بهذا الشكل، فهذا الأمر سيساعد على معرفة أسعار المنتج، وعلى أساسها يعمل الفلاح ويعرف ما له وما عليه”.

وكانت إيران قد قطعت المياه المتدفقة إلى سد دربندخان بالكامل، مطلع أيار مايو الماضي، ما أدى لأزمة كبيرة في حوض نهر ديالى الذي انخفضت مناسيبه بنسبة 75 بالمائة، وذلك بحسب تصريحات مسؤولين في المحافظة.

كما أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، من خلال سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل، عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق.

إقرأ أيضا