حكومة التصريف باقية والمستقلون لن يفكوا انسداد العملية السياسية

رجح خبراء ومحللون سياسيون، استمرار حكومة تصريف الأعمال حتى انتخاب برلمان جديد، كنتيجة طبيعية لحالة…

رجح خبراء ومحللون سياسيون، استمرار حكومة تصريف الأعمال حتى انتخاب برلمان جديد، كنتيجة طبيعية لحالة الانسداد السياسي المستحكم في العملية السياسية، متوقعين فشل مبادرات الفريقين المتنافسين (الإطار التنسيقي والتيار الصدري) بتشكيل حكومة جديدة لصالح طرف على حساب الآخر، رغم تنازلاتهما المغرية للنواب المستقلين.

ويقول المحلل السياسي غالب الدعمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المبادرات الحالية التي قدمت من الإطار التنسيقي والتيار الصدري تختلف عن سابقاتها، فالإطار اقترح منح بعض الوزارات للمستقلين مقابل حصوله على رئاسة الوزراء، فيما قرر التيار الصدري منح 12 وزارة يملكها للمستقلين مقابل الانضمام إلى مشروعه (الأغلبية السياسية)، فيما يخضع اختيار رئيس الوزراء عبر التفاهم داخل تحالف الأغلبية”. 

وكان الإطار التنسيقي أطلق يوم الأربعاء الماضي، مبادرة تضمنت نقاطا أبرزها دعوة المستقلين لتقديم مرشح لرئاسة الحكومة، وبعد ساعات، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عن مبادرة، دعا فيها المستقلين أيضا إلى تشكيل الحكومة خلال 15 يوما.

ويضيف الدعمي، أن “مبادرة الإطار هذه هي الأولى من نوعها، والهدف منها هو النجاح في ضم المستقلين، إلا أنهم حتى وفي حال نجاحهم بذلك، فإنهم لن يتمكنوا من تشكيل الثلثين”، متابعا أن “طرح المبادرات يعني أن الكل لم يستطع تشكيل أو تحقيق ما يريد لا الإطار ولا التيار، وبالتالي فإن هذه المبادرات قد كشفت عن حقيقة تتمثل بعجز جميع الأطراف عن تشكيل الحكومة”.

ويرجح “بقاء الوضع الحالي كما هو، باستمرار رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في شغل منصبيهما، فيما سينشط البرلمان قريبا بنشاطه التشريعي ويتجاوز قضية تشكيل الحكومة”.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أعلن الشهر الماضي، توقفه عن المشاركة بتشكيل الحكومة، ومنح الضوء الأخضر لتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، بالتفاوض مع الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة خلال 40 يوما، لكن تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، أصدرا في الأول من نيسان أبريل الماضي، بيانا مشتركا، ثمّنا فيه موقف الصدر ومبادرته نحو الإسراع في تشكيل حكومة قوية تعمل على معالجة الملفات المعقدة التي تواجه الشعب العراقي، وأكدا تمسكهما بالشراكة مع الكتلة الصدرية، لعدم إمكانية أن تولد حكومة قوية دون شراكتهم معا، مطالبين بتسمية مرشح الكتلة الصدرية لرئاسة الوزراء.

إلا أن الإطار التنسيقي أعلن في 12 نيسان أبريل الماضي، أنه غير معني مطلقا بتحديد مدد زمنية لا تنتج سوى إطالة أمد الانسداد السياسي، وأشار إلى أنه يسعى بكل جهده للوصول إلى تفاهمات واقعية مع القوى السياسية الأخرى، بعيدا عن التفرد أو الإقصاء وترتكز على عدم جعل المكون الأكبر أصغر المكونات وأضعفها.

في الأثناء، يبين رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه المبادرات تأتي في إطار الضغوط المتبادلة، خصوصا أن الإطار التنسيقي تعرض إلى إحراج شديد لأنه لم يتمكن خلال 40 يوما (من اعتزال الصدر) أن يخترق تحالف إنقاذ وطن، وبالمقابل أيضا لم يتمكن التيار الصدري من اختراق الإطار التنسيقي”.

ويردف الشمري، أن “هذه المبادرات هي محاولة للظهور بأن من يبادر هو الأقوى سياسيا، ومن جانب آخر إحراج للطرف الآخر على اعتبار أنه سبب الأزمة التي تعصف بالبلاد”، مؤكدا أن “هاتين المبادرتين كشفتا بما لا يقبل الشك أن الانغلاق ما زال حاضرا ولا وجود لتقارب بين الطرفين، رغم تصريحات الإطار التنسيقي بأن هناك انفراجة قريبة، لكن هذه المبادرات أسقطت مزاعم الانفراجة، وبالتالي فإن الوضع سيستمر حتى ما بعد مهلة زعيم التيار الصدري الجديدة، وعليه لا حل إلا بحل البرلمان الفاشل بكل المقاييس”.

وتأتي هذه التطورات بعد إخفاق مجلس النواب، وفي مرتين على التوالي، من خلال تحقيق نصاب الثلثين (220 نائبا) لانتخاب رئيس الجمهورية، وذلك نتيجة لمقاطعة نواب الإطار التنسيقي للجلسات وبعض المستقلين الذين انضموا له.

يشار إلى أن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، حليف الصدر في تحالف انقاذ وطن، زار إيران أواخر الشهر الماضي، والتقى فيها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وعدد كبير من المسؤولين الإيرانيين، بهدف حشد الدعم لتحالفه، ولكنه عاد خالي الوفاض، وفقا لمصادر سياسية مطلعة.

ووفقا لتلك المصادر، فإنها كشفت في حينها عن مجريات الزيارة، فإن الحلبوسي حين كان يجري أغلب لقاءاته الرسمية برفقة الوفد المرافق له، لكن بعد انتهاء اللقاء الرسمي يتم الانفراد بالحلبوسي من قبل المسؤولين الإيرانيين لاستيضاح موقفه من طهران ومسألة تحالفه مع الصدر بعيدا عن قادة الإطار التنسيقي.

من جانبه، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما طرح لا يمكن أن يوصف بالمبادرات، وإنما هي مناورات سياسية أقدم عليها قادة الإطار التنسيقي والتيار الصدري، والهدف منها التهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقهما وتبرير الإخفاق الذي جرى بسبب عدم قدرتهما على بتشكيل الحكومة”.

ويشير البيدر، إلى أن “الطرفين اتجها إلى تحميل المستقلين منة، وفي حال نجح أي طرف بتشكيل الحكومة مع المستقلين، فسيقول لهم نحن من أتينا بكم، وبالنتيجة سيتحكم هذا الطرف بالمشهد وليس المستقلون”، مؤكدا أن “المشهد يتجه إلى تكرار سيناريو عادل عبد لمهدي أو مصطفى الكاظمي، حيث هيمنت الأحزاب الكبيرة عليه، وبالتالي فإن المستقلين سيكونون مجرد وسيلة لحصول تلك الأحزاب على ما تريده”.   

يذكر أن رئيس الكتلة الصدري حسن العذاري ورئيس الهيئة السياسية في التيار الصدري أحمد المطيري، أصدرا بيانا مشتركا في 29 نيسان أبريل الماضي، أشارا فيه إلى عدم حدوث لقاء بين التيار الصدري والإطار التنسيقي طيلة الفترة الماضية، أي منذ إعلان زعيم التيار مقتدى الصدر لمهلة الـ40 يوما، وأكدا أن التيار مصر على موقفه بتشكيل حكومة اغلبية، كما نفوا وجود أي انشقاق في التحالف الثلاثي.

إقرأ أيضا