العواصف الترابية تزداد.. ومختصون يتحمسون لدعوات التشجير

أرجع مختصون أسباب العواصف الترابية الى شح المياه الذي تسبب بخفض المساحات الزراعية، وتحويلها الى…

أرجع مختصون أسباب العواصف الترابية الى شح المياه الذي تسبب بخفض المساحات الزراعية، وتحويلها الى تربة جافة، بالإضافة الى التجربف الذي طال البساتين في البلد وحولها لمراكز تجارية بموافقة الحكومات المتعاقبة، مؤكدين أهمية الاستجابة لدعوات التشجير التي قد تخفف هبوب العواصف وإثارة الأتربة.

ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العراق مر بظروف صعبة متعاقبة، حيث تراجعت أعداد الأشجار فيه إلى مستوى غير مسبوق، فقطاع النخيل مثلا انخفض من 30 مليون الى 10 ملايين فقط، ورغم أننا تمكنّا من خلال خطط عديدة، رفعه إلى 18 مليون نخلة”.

وشهد العراق منذ الشهر الماضي موجة من العواصف الترابية التي غزت الأجواء بشكل غير معتاد، واستمرت إلى شهر أيار مايو الجاري، متسببة بآلاف من حالات الاختناق، فيما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من التوصيات بزراعة الأشجار وإنشاء الأحزمة الخضراء في جميع المحافظات.

ويوضح النايف أن “الأشجار والنخيل تشكل مصدات طبيعية مهمة للرياح، لكنها غير قادرة على صد العواصف الغبارية، بل تقلل من تأثيرها”، مردفا أن “العراق اليوم بيئة جرداء، وأكثر الأراضي فيه تفتقر إلى الطبقة الأولى، وهي الغطاء النباتي، وهذا بسبب شح المياه وتقليص الخطة الزراعية التي حولت الكثير من الأراضي الى مجرد أتربة تحملها العواصف”.

ويتابع أن “ذلك دق جرس الإنذار، لذا يجب أن نعيد النظر في عملية تشجير البلاد وعملية تنشيط الغطاء النباتي والحصول على مستحقاتنا المائية وتأهيل النظام الإروائي، وهذا يتطلب تعاون كل الوزارات لتشجير العراق والقضاء على العشوائيات داخل المدن واستعادة المناطق الخضراء، التي تم الاستيلاء عليها”.

وكان العراق قد أبلغ السعودية، صاحبة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر أمس الأحد، بأنه لن يتمكن من توفير كميات المياه اللازمة للمشاركة في المشروع التي تكفلت به لزراعة نحو ستة ملايين دونم من أراضي محافظات الأنبار والنجف والمثنى.

ويشير إلى أن “من حق كل مواطن أن تكون له بيئة صالحة وأوكسجين ومساحة خضراء، واذا انعدمت هذه المساحة أصبح المواطن يطرح ثنائي أوكسيد الكاربون دون أن يستنشق الأوكسجين الشافي للراحة النفسية”.       

يذكر أن العراق ومنذ العام الماضي، قلص المساحات المزروعة الى 50 بالمائة بسبب شح المياه، ما أدى الى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي وتقليص المساحات الخضراء.

ويعاني البلد منذ فترة من عواصف ترابية، أدت الى مئات الاصابات بالاختناق، وغالبا ما تطال المدن الوسطى والجنوبية.

يشار الى أن العاصمة بغداد كانت محاطة ببساتين نخيل كبيرة، وخاصة قي منطقة الدورة جنوبا، لكن جرى تجريفها منذ سنوات عدة دون معرفة الاسباب الحقيقية لذلك.

جدير بالذكر، ان مبادرات إنشاء الحزام الأخضر، بدأت في سبعينيات القرن الماضي، كجزء من حملة قامت بها الدول العربية وبمساعدة منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في مرحلتها الأولى، يعمل كمصد للرمال الصحراوية التي تجتاح المدن والأراضي الزراعية، فضلاً عن عمله للحد من الرياح الصحراوية نحو المدن، لكن المشروع توقف بسبب الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، ومن ثم حرب الخليج، والخلاف العراقي الخليجي.

الى ذلك، يبين الخبير البيئي حمزة رمضان خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق خسر الملايين من النخيل والاشجار بكافة انواعها ونباتات اخرى، بسبب مسائل سياسية والحروب والإهمال الحكومي من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، إضافة الى وجود جانب آخر وهو التعمد، حتى تباع هذه الاراضي بملايين الدولارات وتتحول الى مجمعات تجارية استهلاكية”.

ويشير رمضان، إلى أن “هناك أيادي خفية تشتري هذه الأراضي، فليس من المعقول أن يأتي شخص اعتيادي ويشتري أرضا بملايين الدولار، فما يجري هو تسجيل هذه الأراضي بأسماء أناس معينين وبعد 50 أو 60 عاما يظهر لها مالك، وبالتالي فهي مسألة سياسية بحتة، فمن لديه الجرأة ليذهب ويجرد بساتين منطقة الدورة في بغداد أو غيرها”.

ويتابع أن “العواصف الرملية هي نتيجة فقدان العراق لأغلب أراضيه، فالعواصف تكسر قشرة الأرض وتؤدي إلى هشاشه التربة، ويتم حمل الأتربة خلال أية حركة هواء بسرعة 30 كلم/ ساعة وليس 70 أو 80 كلم”.

ويبين أن “ضياع الأراضي العراقية، أثرت أيضا على الزراعة، وهذا تأثير متعمد من الحكومات، حتى يبقى القطاع الزراعي مهمل، ويبقى البلد معتمد على إيران وتركيا وتحويله حديقة خلفية لمنتجات هذين البلدين”.

وتعاني أغلب مدن العراق في الوقت الحالي من فقدان الأراضي الخضراء لأسباب عدة، من بينها تحويلها الى أراض سكنية أو هجرها بسبب الجفاف ونزوح الفلاحين الى المدن، فضلا عن عدم البدء بإنشاء مساحات خضراء جديدة في المناطق الصحراوية التي تحد المدن.

إقرأ أيضا