ذي قار تغفو على “بركان”.. وقائدها الأمني في دائرة “الاتهام”

شهد المجلس الوزاري للأمن الوطني والذي انعقد في بغداد أمس الإثنين، برئاسة القائد العام للقوات…

شهد المجلس الوزاري للأمن الوطني والذي انعقد في بغداد أمس الإثنين، برئاسة القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، مشادة لفظية بسبب “تقصير” قائد عمليات سومر في التعامل مع النزاعات العشائرية داخل محافظة ذي قار، في ظل رواج تجارة السلاح والمخدرات.

ويقول مصدر مطلع على وقائع الاجتماع الأمني الذي عقد في بغداد برئاسة القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الكاظمي وخلال الاجتماع الذي حضره وزير الداخلية عثمان الغانمي حول الأوضاع في محافظة ذي قار، وبخ قائد عمليات سومر الفريق الركن سعد حربية بسبب تراخيه المفرط أمام استفحال سلطة العشائر داخل المحافظة على حساب سلطة القانون”.

ويردف المصدر، أن “الكاظمي كان ممتعضا من إدارة المحافظة أمنيا بعقلية العشائر والدخول بتفاوض مع القتلة والمطلوبين للقضاء، دون فرض قوة القانون على الجميع”، مبينا أن “ما جرى في ذي قار مؤخرا سيطيح بقادة أمنيين كبار، ومن المتوقع أن يكون حربية أول من يتم استبداله”.

وكان المجلس الوزاري للأمن الوطني، عقد أمس الإثنين اجتماعا برئاسة القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، أكد فيه الكاظمي وفقا لبيان رسمي، أن “هناك من يتجاوز على القانون باسم عشائرنا الكريمة وهو لا ينتمي لها”.

وبحسب فيديوات اطلعت عليها “العالم الجديد”، فإن قوات الجيش في المحافظة تتعامل مع النزاعات العشائرية والمطلوبين والذين يمتلكون السلاح، بآلية التفاوض وتحاول التوصل معهم الى حل أو “هدنة”، رغم أنها قوات رسمية مدججة بشتى أنواع الأسلحة:

إلى ذلك، يقول الخبير الأمني عماد علو خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار تعيين الفريق الركن سعد حربية قائدا لعمليات سومر، وهو شيخ عشيرة مسألة تخص رؤية رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، فهي تتبع نمط الأداء والتقارير السنوية، وهو الأقدر على تقييم المواقف”.

وتشهد محافظة ذي قار، نزاعات عشائرية كبيرة جدا، انتشرت خلال الفترة الماضية، وخاصة في الأقضية والنواحي المحيطة بمركز المدينة الناصرية، وكان آخرها النزاع الذي جرى الشهر الماضي، وأدى الى مقتل العميد علي جميل عبد خلف، وهو مدير استخبارات قيادة عمليات سومر، المسؤولة عن أمن المحافظة.

ويضيف علو، أن “زيادة نسبة النزاعات العشائرية في ذي قار، يعود سببها إلى غياب سلطة الدولة وضعف الأداء الأمني في تلك المناطق، إضافة الى انتشار ظواهر المخدرات والتعاطي، حيث ساهم باندفاع بعض العشائر بالمشاركة في هذه التجارة وبالتالي فهناك تنافس بين هذه العشائر في إطار تلك التجارة، فضلا عن رواج تجارة الأسلحة”.

ويؤكد أن “زيادة النزاعات يمكن أن نعزوها الى تدني الثقافة الاجتماعية والتعليم وانعدام فرص العمل، ولذلك فإن هذه الظواهر تنتشر عندما تتراجع الدولة والمجتمع لأن السمة العشائرية هي من تبرز”.

وقبل أيام، حاولت قوة أمنية القبض على قاتل العميد خلف، وطوقت منزل القاتل، لكنه واجه القوة الأمنية بالسلاح مع شقيقه، وبعدها اتخذ من طفل كدرع بشري لمنع اعتقاله، لكن في النهاية جرى اتفاق بينه وبين القوة الأمنية، يقضي بتسليم نفسه مقابل إسقاط مذكرة القبض بحق شقيقه، وهي 4 إرهاب، وبتهمة التسبب بنزاع عشائري.

ما جرى في حينها، أن المعتقل المدعو حكيم، أقتيد الى مركز الاحتجاز، وكانت بحوزته قنبلة “رمانة يدوية”، وقد فجرها داخل المعتقل ما تسبب بإصابة ضابط برأسه إصابة خطيرة أدت الى فقدانه عينه وجزءا من رأسه، ونقل على إثرها بشكل عاجل الى الأردن لغرض العلاج، يوم أمس الأول.

ومنذ سنوات ولغاية الآن لم تستطع الدولة السيطرة على النزاعات العشائرية في جنوبي العراق، رغم أن مجلس القضاء الأعلى شمل ما يسمى بـ”الدكة العشائرية” أي إطلاق النار على منزل شخص آخر لأسباب عشائرية بقانون الإرهاب، واعتقال المنفذين لها، إلا أن النزاعات والتصفيات الجسدية ما زالت مستمرة.

وحول هذا الأمر، يعلق الخبير الأمني عدنان الكناني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ضعف القانون يؤدي الى زيادة النزاعات العشائرية، وهذا عندما يشعر المواطن بعدم توفر حقوقه والتجاوز عليها، وفي نفس الوقت ليس لديه ثقة بالحكومة والأجهزة الأمنية، بالتالي يلجأ للعشيرة، فهناك عاملان أساسيان يؤديان الى زيادة النزاعات وهما الجهل وضعف القانون”.

ويضيف الكناني، أن “الحكومة تتحمل ما يجري، فلو كان هناك فرض لسيادة وقوة القانون لما لجأ المواطن للعشيرة لإنصافه، ولن يتجرأ أحد على حمل السلاح لترهيب الآخرين، وبالتالي فكما ذكرنا الجهل وغياب تطبيق القانون يؤديان الى ازدياد هذه المظاهر واللجوء للقوة”.

وحول طبيعة قرارات القائد العام للقوات المسلحة بتعيين قادة أمنيين يمثلون عشائر معينة بمناصب عليا في الجنوب، يوضح الكناني، أن “الكاظمي رجل مخابرات ولا خبرة سياسية له، وقراراته تشوبها الكثير من علامات الاستفهام، سواء على الصعيد الأمني أو غيره، وحقيقة لا تهمه ما سيحدث بعد اتخاذ أي قرار، بل كل ما يفكر به هو البقاء في الكرسي لدورة ثانية”.

فيما يذكر شاهد عيان من أهالي الناصرية، رافضا الكشف عن هويته، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قائد عمليات سومر (الفريق الركن سعد حربية) شخصية عشائرية ويتعامل مع القضية عشائريا وليس أمنيا، وبالتالي لا يفكر بعقلية رجل أمن على الرغم من أنه يتسلم منصبين مهمين، هما قائد الشرطة والعمليات، وهذا ما انعكس على إجراءاته التي لا علاقة لها بالأمن”، مستدركا “لكن تلك الإجراءات على الرغم من بعدها عن السياقات المسلكية إلا أن بعضها نجح في حل بعض النزاعات وإطفاء بؤر التوتر”.

ويستطرد بالقول، إن “حربية كان يؤكد لمرافقيه دائما بأنه لا ينفذ أية عملية أمنية كبيرة لاعتقال المتسببين بالنزاعات العشائرية في الغالب، خشية من أن يدخل في مأزق ويكون بمواجهة الناس”.

من جانبه، يرى الباحث الاجتماعي حسين البياتي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “كل ما يجري من نزاعات ومشاكل عشائرية يعود سببها الرئيس الى عدم تفعيل القانون بالشكل المطلوب أو ضعف تطبيقه، فلو طبق بشكل صارم وقوي فلن نشهد أي متاجرة بالسلاح والمخدرات، لا من عشيرة ولا من أي طرف آخر، وبالتالي لا تحدث نزاعات إطلاقا”.

ويشير إلى أن “الإنسان لو علم أن هناك قانونا يحكمه ويطبق عليه عند مخالفته، فإنه سيتعض، ولن يتجه لتجارة السلاح والمخدرات أو غيرها، وإضافة إلى هذا السبب، فإن قلة الوعي والثقافة هي برأس القائمة، خاصة وأنها تتفشى في المناطق الفقيرة أخلاقيا واجتماعيا وتربويا، فهذه المناطق تشهد انتشارا للجهل، لذا نشاهد انتشار هذه النزاعات العشائرية”.

يذكر أن محافظات الجنوب تشهد انتشارا كبيرا لتعاطي وتجارة المخدرات، ووفقا للمعلومات المتواردة فإن جهات متنفذة هي المسؤولة عن إدارة ملف المخدرات والسلاح، فضلا عن تورط بعض الشخصيات التي تدعي انتمائها لبعض العشائر.

إقرأ أيضا